حسام جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 22:36
المحور:
الادب والفن
عندما كنت في سن العاشره من عمري (الذي لا يتجاوز الان الثامنه عشر ) جلب ابي الى البيت كتاب جديد كتاب اصفر الورق . طبعته قديمه ولكنها جديده بافكارها كتاب اسمه ( الرجل و الجنس ) وضع ابي الكتاب في المكتبه التي تم انشاءها في بيتنا حيث كان الاطفال في الحي يلعبون وانا ارسم و أقرا كتبا كبيره على عقلي الصغير لان ابي قال لي : عندما تقرا تستطيع كسر حواجز الجهل .
اخذت الكتاب الجديد بالنسبه لمكتبتنا الادبيه وبدأت اقرا . قرأت القصص و الظلم الاقتصادي و السياسي و القهري ضد المرأه والرجل وانا لا اعرف هذا الربط الغريب الذي تربطه الكاتبه بين الاقتصاد و الجنس و السياسه و الطب و الادب معا في هذا الكتاب .
في ذلك السن الصغير توقف عقلي امام العديد من المصطلحات التي لا اعرفها ولم اسمع بها فذهبت لابي لاقول له : ماذا تعني العاده السريه ؟ وما هي الانحرافات الجنسيه ؟
- فرد ابي: من اين قرأت هذة العبارات ؟
- انها في كتاب الرجل والجنس .
-اين وجدت ذلك الكتاب ؟
-في المكتبه مع الكتب الجديده .
-اعطني الكتاب وساشرح لك .
فاعطيته الكتاب فقال لي : العاده السريه تغيرات نفسيه تحصل داخل جسم الانسان الكبير ولكنك صغير الان عندما تكبر تعرف اكثر . اما الانحرافات هي كل شيء ضد الواقع او ضد المجتمع .
لقد سمعت امي كل ما دار بيني وبين ابي من نقاش فتدخلت من حيث لا ادري وقالت : من اين تعلمت هذا ؟ وصفعتني كف . و قالت لابي : كيف تاتي بمثل هذة الكتب الى المنزل لقد تحول ابني الى فاجر صغير .
لقد صودر الكتاب ومنع من القراءه داخل منزلنا الذي يقع في مجتمع يكرة الكلام عن الجنس من الناحيه الاجتماعيه ويخاف من وضع الحقائق . حاولت منع بيع الكتاب ولكن ابي أخفاه عني وتم بيعه مع حريتي التي صودرت معه .
لم اعرف كيف احصل على الكتاب ولكن ظل اسم الكاتبه يراودني . بعد بضعه سنوات اخذت اقرا جميع الكتب وبدأت افكر في الخوف اذا علمت امي بانني اقرا كتب لاشخاص اكبر مني سنا .قرأت ( المرأه و الجنس ) و ( الاله يقدم استقالته ) ( موت الرجل الوحيد على الارض ) وغيرها الكثير .
لقد انفتح دماغي على امور متناقضه يفرضها المجتمع الابوي الطبقي الديني كما تقول الكاتبه ليفرق بها بين البشر بين ذكر وانثى بين اعلى وادنى بين اقوى و اضعف بدأت افكر في كسر العبوديه في زمن الارهاب و التطرف الديني فالطفوله كانت سنوات مزعجه ذبح و دمار كنت طفلا ولكن لم اصرخ مع صراخ الاطفال و هم يسمعون اصوات القنابل اقوى من اصواتهم لاني كنت مؤمن بان الازمه ستمر و الكتب ستحقق غايتها .
انفتح دماغي على العالم و ايقنت انني كنت في عالم اخر . كيف لا ارى هذة التناقضات وهذة الاصوات ؟ لانني كنت جبانا لا اتكلم بها اخاف من اسرتي اخاف من اصدقائي و من الارهاب اخاف ان اقتل لان امي قالت لي : سوف تقتل اذا تكلمت او قدمت نقدا عن الدين .
خفت من كلام امي وذهبت لابي وقلت له : هل الله وضع الطائفيه ؟ وقال لهم اقتلوا في سبيلي كل من يخالفكم .
فقال ابي : لا البشر هم من يفعلون ذلك و يلصقون التهمه بالله .
ومن هذا اليوم بدأت اكتب عن كل ما اراه عن كل ما قرأته عن كل الافكار والاحلام عن الحب و السلام خبئت جميع الكراسات في دولاب كتبي المدرسيه .
وبعد ان تشجعت واصبحت لي اراده كتبت مقالتي الاولى للنشر وكانت تحت رقابه ابي فحذف منها الكثير من العبارات و الجمل لتصبح ملائمه للمجتمع. فنشرت في جريده من جرائد العراق الذي لم تكن مدينتي تقرأ فيه الا الاناشيد الدينيه وكيف يتم اسكات الكتابه و الكلام الحر بقوة القتل .
كان عمري خمسه عشر عاما حينها . اخذت انشر عدة مقالات تحت اشراف ابي فهو لم يوافق على البعض من مقالاتي و لا على افكاري فأخذها وقال لي ساذهب بها للجريده لكي يتم نشرها ولكنه وضعها في درج مكتبه واخفاها وعندما اقول له : اين نشرت؟ يقول لي ابحث عنها في موقع الجريده على النت لعلهم نشروها . ولكنني عثرت على مقالاتي بالصدفه في مكتبه فايقنت انه بدأ يحارب افكاري كرهت الخداع وكل شيء بدأت ابكي
- قلت له : لماذا لم تنشرها ؟
- انها ضد المجتمع .
- اجبته بعصبيه : عن اي مجتمع تتكلم هل هو الخوف ام القتل ام النار لماذا اسكت ؟ اريد ان اكتب اريد ان ارفض .......... انا ارفض هذة الثوابت .
- مجتمعنا لا يتقبل رأي معارض له فالقتل هو الحل الوحيد لاسكات صوت افكارك .
لقد كرهت الخوف و نحن نستسلم له كيف يمكن ان يسقط ك (سقوط الامام ) في الروايه .
بدأت ابحث عن الكاتبه في مواقع النت لعلي اجد عندها حل لكسر الخوف الذي انتابني و فرض علي .
لقد رايتها في التلفاز تتكلم في برنامج حر اغلقت امي القناة وقالت لي : هذة كافره انها في النار كيف لم تغطي شعرها ؟ كيف يظهر شعرها الابيض امام الناس ؟ لم اجب على امي فتركتها ودخلت غرفتي .
لقد كانت كتبها المتنفس الوحيد لحريتي وافكاري فتعلمت منها كيف احب جميع الناس بالرغم من اختلافهم و كيف احب الكتابه من اجل تحقيق العدل . فانا لست كاتبا مشهورا ولكن احببت الكتابه و رفضت واقعي المشين .
وهنا كانت البدايه ف ( تعلمت الحب ) وكتبت افكاري كما قالتها الكاتبه في ( الاغنيه الدائريه ) وكما جمعت ( تؤام السلطه و الجنس ) لكي تحقق ( لحظه صدق ) وتعيد ترميم ( الصوره الممزقه ) لكي لا تكون هناك ( امرأه عند نقطة الصفر ) او ( امرأتان في امرأه ) ف ( الانثى هي الاصل ) ولكن ( كسر الحدود ) يحتاج الى قوة ارادة وليس ( حب في زمن النفط ) فكانت لها ( معركه جديده في قضيه المرأه )لان المرأه ( كانت هي الاضعف ) ف ( الحاكم بأمر الله ) وضعها في ( جنات و ابليس ) فكانت المرأه تعرى من جهه وتغطى من جهه اخرى فكشفت الكاتبه ( الوجه العاري للمرأه العربيه ) في كافة المجالات و جمعتها كلها في رواية ( الروايه ) و ازالت التناقضات في ( اوراق حياتي ) .
قد يسأل البعض لماذا تكتب هذة المقاله ؟
فاجيبهم لكي اشكر من علمتني الحب وكسر الثوابت فلا توجد ثوابت امام عقلي .
فشكرا يا مبدعه شكرا ( د. نوال السعداوي ).
#حسام_جاسم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟