أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بلال المراكشي - ماكيافل والنظم العربية















المزيد.....

ماكيافل والنظم العربية


بلال المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 18:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ولد المفكر السياسي "نيكولا ماكيافل" في مدينة فلورانسا بايطاليا سنة 1469 م وتوفي في نفس المدينة سنة 1527، حيث أنتج كتابه الشهير "الأمير" ليحمل بين دفتيه جملة من النظريات والتصورات السياسية التي كان لها وقع كبير في تغيير أو قل في قلب المفاهيم والنظريات السياسية القديمة، حيث عد كتابه هذا من ضمن الكتب التي غيرت مجرى العالم بلغة النقاد والمؤرخين للفكر السياسي. و يتموضع "ماكيافل" ضمن لحظة الفترة الحديثة من تاريخ الحضارة الغربية، وهذا يعني مما يعنيه )كما أسلفت التأكيد( قطيعته النهائية مع الفلسفات والتصورات السياسية القديمة كما لدى "أفلاطون" و"أرسطو" وغيره من المدارس والمذاهب و الملل والنحل، منتجا بذلك تصورا سياسيا جديدا ومنهجا منافيا ومغايرا لما كان سائدا في عقول وأفهام المفكرين والفلاسفة القدماء حول طبيعة وجوهر السياسة بصفة أعم، والطريقة المثلى في الحصول على الحكم والوصول إلى السلطة وكيفية تدبير العمل السياسي بصفة أخص. والباعث الرئيسي في انتخابي انجاز مقال حول "ماكيافل والنظم العربية" يكمن في ذلك النقاش الأخوي الذي دار بيني وبين أستاذي المحترم "صلاح الدين الزربوح" حول "ماكيافل" بالذات، مقترحا علي بعد انتهاء النقاش انجاز مقال حول هذا الأخير، وبه تم الانجاز. ومدار حديثنا في هذا المقال يدور حول الكشف عن النظرية السياسية لماكيافل ومدى تأثير هذه النظرية )الماكيافلية ( على النظم العربية.
لم يكن "ماكيافل" منظرا فقط بل كان رجل سياسيا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، حيث كان فاعلا بشكل قوي في الأحداث السياسية المضطربة التي كانت تمر بها ايطاليا في عصره. حيث عرف "ماكيافل" بذلك المبدأ الشهير الذي مفاده : الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت هذه الغاية منافية للدين وخائنة للقيم والأخلاق، مادامت هناك غاية مسطرة ينبغي تحقيقها والوصول إليها بجميع أنواع الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة. وهذا ما دفع "ماكيافل" إلى الجهر بدعوته للانسلاخ من كل ماله علاقة بالدين والأخلاق في مجال السياسية، لأن زواج السياسة بالأخلاق زواج باطل وشاذ، لأن كل له مجاله الخاص منافي للمجال الأخر، كالاستحالة الجمع بين النقيضين بالمنطق الأرسطي. فالدين يقوم على المبادئ والثوابت عكس السياسة التي تقوم في جوهرها على المصالح والمنافع. فالسياسة كالطبيعة إن لم تتحرك ماتت. فلم تعد السياسة من منظور "ماكيافل" مجالا يحكمه الإلهي بل أصبح مجالا خاضع لسلطة الأمير السياسي وأهوائه ومصالحه. مما جعل تصور "ماكيافل" مستقل عن كل التوجيهات الدينية والتحديدات الأخلاقية في التدابير السياسية.
فغاية الدولة ليست تحقيق الفضيلة والسعادة والحكمة كما هو عند أفلاطون وأرسطو، بل غاية الدولة الجوهرية تكمن أساسا في التسلط والإكراه، لهذا حث "ماكيافل" الأمير على أن تكون سلوكياته وأفعاله قائمة على القوة والخديعة لا الأخلاق والفضيلة، فعلى الأمير أن يكون ماكرا كالثعلب قويا كالأسد لأن الطبيعة البشرية بالذات ماكرة وفاسدة، وهنا نشير إلى تشابه تصور "ماكيافل" مع "توماس هوبز" في عنصر الطبيعة الإنسانية حيث اعتبر "هوبز" أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان. فسياسة الأمير ينبغي لها أن تكون قائمة على القوة والترهيب أكثر من الرأفة واللين، لأن الحق الوحيد الذي يمتلكه الحاكم هو حق القوة. وفي هذا السياق يذهب "ماكيافل" إلى القول في كتاب الأمير "لا ريب في أن الإنسان الذي يريد امتهان الطيبة والخير في كل شيء يصاب بالحزن والأسى عندما يرى نفسه محاطا بهذا العدد الكبير من الناس الذين لا خير فيهم. ولذا، فمن الضروري لكل أمير يرغب في الحفاظ على نفسه أن يتعلم كيف يبتعد عن الطيبة والخير، وأن يستخدم هذه المعرفة أولا يستخدمها وفقا لضرورات الحالات التي يواجهها".
فحتى الوعود التي يمنحها الحاكم لشعبه إن كانت ستضر بمصالحه ومنافعه، فانه يجوز من منظور "ماكيافل" مخالفتها و عدم الوفاء بها. )وهنا نطلب من القارئ إسقاط هذا المبدأ على حكام و ساسة العرب( لهذا دعا "ماكيافل" إلى نوع من ازدواجية شخصية الحاكم، ومرد هذا كون الأمير موجب عليه أن يظهر بمظهر الرحمة والتواضع والتدين، وكذلك بمظهر القوة والعنف والقسوة، فلجوء الحاكم إلى التمظهر بهذه الصفات يكمن أساسا عند اقتضاء الحاجة والضرورة والمواقف. وحتى الدين في حد ذاته يجب على الأمير أن يتظاهر باعتناقه ولو اعتقد ببطلانه مادام يحقق مصالحه ويخضع شعبه لطاعته والخضوع له والسيطرة عليهم. فقيام الدولة كسلطة وسيادة رهين بامتلاك حق القوة لأنه هذه هي الوسيلة الحقيقية لحفاظ الحاكم على عرشه وسلطته. لهذا رأى "ماكيافل" أن الدولة لا بد لها أن تتشخصن في شخصية الأمير، حيث أن الدولة والأمير بمثابة كيانين متلازمين يستحيل الفصل بينهما، وهذا التصور يعد بمثابة تمهيد لولادة الأنظمة الديكتاتورية التي عرفها التاريخ سواء منها الغربية أو العربية، والتي خرجت من رحم الفكر الماكيافلي.
تعد السطور السالفة بمثابة اختزال لتصورات السياسية ل"ماكيافل" ، وبقي لنا الآن أن نعمل على ربط هذه التصورات بالمشهد السياسي العربي أو لنقل بالنظم العربية. حيث يقال أن كتاب الأمير يعد إنجيل حكام الغرب، ويعد "ماكيافل" أطروحة "موسوليني" للدكتوراه، وينقل أيضا عن "هتلر" و"لينين" و"ستالين" على أنهم كانوا يضعون كتاب الأمير على مقربة من رؤوسهم ليقرؤه كل ليلة. وفي السياق نفسه يمكننا اعتبار كتاب الأمير قران حكام العرب. فبدون أدنى شك سيخلص معي القارئ بعد معرفته وكشفه لخبايا التصور السياسي الماكيافلي إلى نتيجة مؤداها أن علاقة حكام العرب بكتاب الأمير علاقة جد قوية ومتينة والتي تتجلى بشكل بارز إلى يومنا هذا، حيث أننا يمكننا أن نترجم به بشكل مباشر ما تقوم به الأنظمة العربية منذ أربعة قرون الى اليوم، من قمع واستبداد وقتل واغتيال وإعدامات بالجملة ...ويمكن أيضا التفسير به المشهد السياسي العربي والشهوات السياسية المفرطة التي تعرفها بعض الأحزاب التي كتب لها بشكل أو بأخر تولي زمام السلطة. وأختم هذا المقال بفصل في كتاب كلام في السياسة لمحمد حسنين هيكل عنونه ب "الحسن الثاني قرأ الأمير أميرا وطبقه ملكا".



#بلال_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكيافل والنظم العربية


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بلال المراكشي - ماكيافل والنظم العربية