البغدادي ولورنس العرب من جديد

جوان رمو

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يبدو أنّ التاريخ الأسود أصبح السمة الملازمة للعـرب ، وسيبقى جاثماً على صدورهم مدى الحياة ، فها هو " لورنس العرب " يطلّ عليهم من جديد ، ليعيد رسم خريطة المشرق العربي بدويلات وحدود اصطناعية جديدة ، ولكن هذه المرة " لورنس " ليس دخيلاً كما سبق بل هو من بني جلدتهم ، إنّه " ابراهيم عواد البدري " المعروف بـ أبو بكر البغدادي ، والذي يزعم بأنّه يريد تأسيس دولة اسلامية على غرار كذبة " لورنس " الذي أوهم العرب وقتئذ بأنّه جاء ليساعد العرب في تكوين دولة عربية موحدة .
ومختصر سيرته تقول : بإنّ لورنس اندمج في قبائل شبه الجزيرة العربية ، ولعب دوراً بارزاً في تمويلها وتأليبها على الجيش التركي آنذاك في سياق الحرب العالمية الأولى ، مخادعاً العرب بترديد بعض آيات القرآن الكريم حيناً ووعدهم بتأسيس دولة عربية موحدة أحياناً أخرى .
وهذا ما يفعله " البغدادي " اليوم تماماً مع القبائل العربية في كلّ من العراق وسورية ، ولا يخفى على المتابع كيف أنّ داعش جعلت الطوائف والقوميات في كلا البلدين في صراع دائم مع بعضها البعض ، مقسّمة البلاد إلى دويلات صغيرة متناحرة فيما بينها ، وأنّ دولة " البغدادي " المزعومة ما هي إلّا سراب وأداة لتقسيم البلاد وترسيم حدود جديدة وفق خريطة الشرق الأوسط الجديد .
وبمتابعة بسيطة لتحركات داعش يظهر جلياً للعيان دور الاستخبارات الامريكية – الايرانية في توجيهها ودعمها لوجستياً وعسكرياً ، فضلاً عن قيادة داعش العسكرية المشبوهة والتي تمت تهريبها واطلاق سراحها من سجن أبو غريب - الذائع الصيت - بأوامر ايرانية ، وبالتنسيق مع ذراعها الأيمن في العراق " نوري المالكي " ، ومن هؤلاء الذين تم تهريبهم واستلموا زمام القيادة في داعش على سبيل المثال لا الحصر ، المقدم في جهاز الاستخبارات الدفاع الجوي العراقي " علي أسود الجبوري " والملقب بـ أبو أيمن العراقي ، والعقيد الركن عاصي العبيدي قائد كتيبة الضفادع البشرية في الحرس الجمهوري العراقي ، وغيرهم الكثير ممن هم بقيادة ابراهيم عواد البدري " البغدادي " أحجار شطرنج تحركهم يد الاستخبارات الامريكية – الايرانية على أنقاض المشرق العربي المكلوم ، ليزيدوا الشرق الأوسط شرخاً وتفسخاً .
ولكن هل وضع " البغدادي " في حسبانه بأنّ نهاية كل متآمر وخيمة ؟ وهل وضع نهاية " لورنس العرب " نصب عينيه ؟ حيث تخلّى عنه مستخدموه وألقوا به جانباً عندما أصبحوا في غنى عن خدماته ، ليس هذا فحسب بل وداسوه كما يدوس المدخن عقب لفافته بعد الانتهاء منها .
" فالسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اعتبر بنفسه "

#جوان_رمو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات