سعودحسين
الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تركيا و لعب الأدوار
سعود حسين
ما قامت به تركيا من دعم لوجستي للمعارضة السورية جعل منها رقما صعبا ومهما لحل المعادلة السورية، فمنذ اندلاع الثورة السورية فتحت تركيا ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين الهاربين من المناطق الساخنة جراءالحرب الدائرة بين اطراف الصراع وتقديها تسهيلات للاجئين عملا بقوانين الحماية المؤقتة المتفق عليها دوليا لتترك من خلالها بصمة عند السوريين كبادرة حسن نية تجاه الجار السوري، وليكون في ذات الوقت تسويقا لدور تركيا وسياستها برئاسة رجب طيب اردوغان وحزبه الحاكم "حزب العدالة والتنمية"لتصبح تركيا بمثابة وصي على سوريا ومعارضتها المقربة من تركيا كجماعة الاخوان المسلمين وغيرها من تيارات المعارضة السورية التي ترى في ترى في تقاربها مع السياسية التركية ما يتجاوز المصالح المشتركة الى درجة وحدة الحال وتطابق الاهداف المبتغى اليها في مستقبل سوريا وعلى الصعيد الاقليمي.
ويالتالي وجه الرئيس التركي اردوغان العديد من التهديدات الى النظام السوري بانه لن يسمح بتكرار مجزرة حماة مرة اخرى، وعلى العكس من ذلك فقد ارتكب النظام السوري ابشع المجازر مستخدما اسلحة محرمة دوليا في ذلك، واستخدم السلاح الكيماوي ضد مواطنيه المدنيين، في حين لم يات الرئيس التركي باي حركة تجاة ممارسات النظام، من حيث تبين ان تلك الخطابات كانت مجرد دعاية سياسية لتركيا موجها للامة الاسلامية، ودعاية سياسية للحزب الحاكم موجها ضد الاحزاب المنافسة له في السياسة الداخلية التركية. في الوقت ذاتة اتهمت العديد من الجهات الدولية والحقوقية تركيا عدة مرات بعدم ضبط حدودها في وجه ارهابي الدولة الاسلامية، بل وتقديمها التسهيلات لعبورهم الى مناطق سيطرة التنظيم في الطرف السوري من الحدود وارتكابة المجازر بحق المدنيين أيضا !.
ولكن بعد الهزائم الاخيرة لتنظيم الدولة في معظم المناطق الحدودية من الشمال السوري وهزيمتة على يد القوات المشتركة لفصائل الجيش الحر والقوات الكوردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي تغيرت نبرة السياسيين الترك لتصبح أكثر حدة، و حركت على اثرها قواتها العسكرية استعدادا لدخول الاراضي السورية وحاولتفي الوقت ذاتهتأجيج الشارع التركي لكسب تاييده بحجة الخطر الذي يشكلة الكرد على الامن القومي التركي اذا ما اسس الكورد كيانا خاص بهم عبر الادارة الذاتية في المناطق الكردية في سوريا.
وحقيقة الأمر ان الادارة الذاتية موجودة منذ قرابة الثلاثة سنوات في جميع المناطق الكوردية الشمالية والمحاذية للحدود السورية التركية، وطوال هذه المدة لم تتخذ الحكومة التركية اي اجراء حيال ذالك، مما يوضح ان الحكومة التركية تسعى لتصدير ازمتها الداخلية بعد الخسارة التي مني بها الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، امام حزب الشعوب الديمقراطية بقيادة صلاح الدين دميرتاش وعجزة حتى الان تشكيل حكومة بمفرده على غرار حكوماته السابقة التي حكمت قرابة عقد من الزمن.
من جهة اخرى فإن ردود الفعل تجاه التصريحات والتحركات العسكرية كانت سلبية لحد ما، فلم تلاقي اشارات ايجابية من الجهات التي تتحكم في القرار السوري ( واشنطن – موسكو )، بل وحتى ان طهران ذهبت ابعد من ذلك لتهدد بالرد العسكري في حال تدخل تركيا في سوريا عسكريا، مما يوضح ان المجتمع الدولي غير راضي عن الدور التركي الذي تلعبه في الملف السوري، فانتقلت تركيا الى اللعب على ورقة خلق فتنة طائفية بين الكرد والعرب في المناطق الحدودية، وخاصة ماروجت له وبشكل حثيث لدى المعارضة السورية ان الوجود الكردي يشكل خطورة على سوريا، ليلقى هذا الطرح استجابة بين اوساط المعارضة السورية واعلامها نظرا للدور التركي المؤثر على المعارضة السورية، ولتاخذ بالتالي بمضمون ذلك الخطاب التركي بدلا مما كان تنادي به المعارضة السياسية السورية خلال الاربع أعوام الماضية من العيش المشترك ونبذ الطائفية، ليكون الان السلم الاهلي-على الصعيد الاجتماعي وبين اطياف المجتمع انفسهم- هشا بدرجة اكبر وقابلا للانهيار في ايه لحظة، فهل ستتحمل تركيا نتائج كارثية كهذه ام انها تريد فقط تصدير ازمتها الداخلية فقط وتحويل سوريا الى منطقة انتداب ليكون السوريين مرة اخرى هم الضحايا لرغبة اردوغان وحزبه في تحقيق دور لا ينافسهم احد فيه في المنطقة.
*كاتب كردي سوري
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟