أحييّنا الشعائر .. ولم نُحيّ أمرهم!

أكرم السياب

الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 13:08
المحور: كتابات ساخرة
    

أحييّنا الشعائر .. ولم نُحيّ أمرهم!
أكرم السياب
المتضرعون أمام أبواب الأضرحة، في أوقات الزيارة، وأثناء تأدية الشعائر، وخصوصا في آخرها وهي استشهاد أمير المؤمنين علي (ع). طالبين التوسل إليهم عند الله، وإتيان الفرج. بينهم وبين الأئمة (ع) عملية انتفاء مصلحة فقط. فنحن المحتاجون إليهم، وليس هم. لكن وبكل وقاحة حين نأخذ حاجتنا ولا نرد مكسورين، تنتهي بيننا هذه الصلة. هذه النفس الطماعة التي تريد الحصول على كل شي، ما إن انتهت لذتها حتى عادت لفسوقها، وكأن أضرحتهم (ع) مكانا لطلب الحاجة فقط.
بعد انتهائك من الطقوس والعزاء، ومسح سيل الدموع من على جفنيك، بعد ما أفرغت كل طلباتك الدنيوية، أمام شباك الضريح، واحمرار صدرك من (اللطم)؛ أكيد سوف تفكر مليا في طريقة عودتك الى المنزل. هل ستأخذ الطريق ذو 20 كيلومتراً سيراً على الأقدام؟ أم ستجد " ستوتة" تنقلك إلى مكان قريب من سيارات الأجرة؟ بل هذه المرة سوف أجهدك، وأتركك تسير حتى ترى إننا لم نحّي الشعائر ولا أمرهم.
لم نُحّي الأمر، ونحن وأنت ترى طوابير المتسولين، الذي ينهلون عليك بثيابهم الرثة، بمجرد إخراجك للمحفظة وأنت تشتري مثلاً "باكيت جكاير". سترى المرأة الأرملة وأطفالها، وسترى اليتيم الذي يلتمس الضياع، وهو يتخذ الرصيف فراشاً له. ترى أن العدالة الاجتماعية قد نسيناها في درج الإكسسوارات!.
لم نُحّي الأمر؛ ونحن نرى شرطياً تتصاعد من حوله نداءات "أجه قاسم أبو شوارب"! ثم بدأ الباعة المتجولون بالفرار، وهم يحمون أنفسهم من عصاه الغليظة، ثم داس بضاعة متكـــونة مــن " قراصات شعر ومحابس حديد للزينة"، ثم ركلها ولحق بالآخرين. جرمهم المشهود هو افتراشهم الأرض، بحثا عن لقمة العيش. ستعرف حينها أن المعيشة في العراق صعبة جدا، لكن الموت والإرهاب مجاناً.
لم نُحيّ الأمر؛ وستعرفها حين تقف أمام المحال التجارية، لتشتري "صوغه" معتاد عليها كل ما مررت في المدينة، وتتفاجئ وقتها عندما تجد السعر ضعفين، معللا ذلك انه " موسم زيارة"!! لم نُحيّ الشعائر؛ وأنت ترى ملايين الجموع، تجر بأجسامهم المهدودة لمشي عشرات الكيلومترات بحثاً عن مواصلات، بينما تتصاعد الأتربة عليهم من إطار عجلة مضللة لسماحته، التي تدخل لباب الحرم، خوفاً على صحته من السير الطويل.
(رَحِم الله من أحيا أمرنا) لم يقصد بها الإمام الصادق(ع)، التودد لكم، لكي تُحيّوا مآتمهم وتنصبون العزاء، كل على مستواه الاجتماعي طبعاً. إحياء الأمر ليس بـ" تمن ماش وروبة" وإنما إحياء النهج والمضي على ما تركوه من سنة شريفة، فلو كان فينا علي او الحسين او الصادق (عليهم السلام) بنهجهم وعملهم، لما أصبحنا هكذا نهرب من " قاسم أبو شوارب" ولم نرفع الأسعار ولن يكن فينا سائل ومحتاج ولا ولا ولا .

#أكرم_السياب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات