أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة اكنفر - مسرح مابعد الدراما وإستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية .















المزيد.....

مسرح مابعد الدراما وإستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية .


فاطمة اكنفر

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


إن إعتناق المسرح نسق ما بعد الدراما بما ينطوي عليه من أنماط فرجوية مغايرة وتعابيرات متنوعة، سيقود إلى ميلاد مسرح جديد يعيد النظر في مستويات الفعل والتلقي ومكونات الخشبة والجسد، وفي هذا الصدد لا ينبغي عد مفهوم ما بعد الدراما نفيا للمسرح الدرامي الذي يظل حاضرا في الأشكال الجديدة التي تتبلور إنطلاقا من بنيته العامة، إنه مسرح لا يمثل "إقصاء مطلقا للنصوص الدرامية، بل تفكيكا للتقليد الارسطي الذي وضع تراتبية في سيرورة صناعة الفرجة، وعلى راسها النص الدرامي"
وبالتالي إذا أردنا الوقوف على تعريف محدد لما بعد الدراما، نجد أنه مصطلح عصي على التعريف ويتسم بالمرونة، ويرجع عدم تحديد هذا المفهوم - في رأينا- أساسا إلى طبيعة المصطلح الذي يحمل نوعا من الضبابية مما يجعله يثير العديد من التساؤلات منها: هل ما بعد الدراما يمثل إنفصالا عن مكونات الداما أم إستمرارية لها، أم أنه مزيج من الإتصال والإنفصال معا؟
يؤكد خالد أمين في هذا السياق، أن "بادئة "الما بعد" الملحقة بالدراما معرضة لنفس سوء الفهم الذي تعرضت له "الما بعد" الملحقة ب "الحداثة". لهذا يجب التاكيد على أن بادئة "ما بعد" لاتعني اطلاقا تصنيفا مرحليا يأتي بعد الدراما، أو نسيانا للماضي الدرامي، أو الغاءه نهائيا، بقدر ماهي استيعاب وتجاوز الدراما في ذات الوقت"
يعد هانس تيس ليمان أول من وضع تصورا منهجيا وإجرائيا لمفهوم (ما بعد الدراما) ووقف على نشأته بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال طرح مفهوم ومجال محددين لهذا المسرح، نظرا لتنوع ووفرة الأعمال المسرحية التي تضع أشكال الدراما موضع تساؤل.
لقد جنح مسرح ما بعد الدراما إلى "خلق مشاهد وصور وإيحاءات وتعبيرات بصرية تخاطب العين أولا، وفي ظل هذا النزوع تحول الممثل من عنصر محوري في الدراما، إلى مجرد أداة من بين الأدوات الأخرى تستمد وجودها من آلات وأجهزة وتقنيات سمعية وبصرية متعددة ومعقدة في طرق اشتغالها، ولقد تم تقويض مفهوم الممثل ليحل محله مفهوم الجسد الذي أصبح أرضية ومختبرا"
إن مقاربة خالد أمين لشعريات ما بعد الدراما تخضع لمراجعة جذرية وتقويم شامل وهنا نستحضر مقولة بريخت إذا اعترفنا بأن العالم الحديث لم يعد قادرا على الإنخراط في الأشكال الدرامية الموجودة فما هذا إلا لأن هذه الأشكال الدرامية لم تعد تتلاءم مع عالمنا، ومقولة التجاوز هذه أراد من خلالها بريخت تقويض نظرية الدراما الأرسطية والإعلان عن نظرية التغريب، لكن وبنفس المنطق يمكننا تطبيق مقولة بريخت أيضا على مسرحه الملحمي/الجدلي. يقول خالد أمين في سياق تحليله لمنهج الناقد بيتر سوندي، "لقد اعتبر المنهج المسرحي الملحمي البريشتي أهم إنفلات جمالي من التقاليد الدرامية التي هيمنت على الساحة المسرحية الغربية إلى حدود منتصف القرن العشرين، والحال أنه من وجهة نظر مسرح ما بعد الدراما، تعتبر إبتكارات بريشت جزءا لا يتجزأ من التقليد الدرامي رغم انفلاتها منه".
كما يرى محمد سيف في هذا السياق أن مسرح اللامعقول والمسرح الملحمي رغم إنفلاتهما من الجمالي وإنقلابهما على التقاليد المسرحية، ظلا يحتويان ويعتمدان على العوالم التخييلية والوهمية، التي قطعها كليا مسرح ما بعد الدراما ، وعليه فإن مفهوم المسرح ظل مقيدا على المستوى المفاهيمي وعلى مستوى البنيات والآليات لكونه مبنيا على التقاطب بين الدراما الأرسطية من جهة والتوجه الملحمي من جهة أخرى.
إن مسرح ما بعد الدراما يقوم في عمقه على تحويل الفضاء المسرحي إلى استمرار للواقع، كما يرتكز على موقف وينبني على قاعدة اختراق المفاهيم والمقولات الدرامية التقليدية، ويتأسس على التشذر والتشظي كما يتأسس على وسائل التعبير المتنوعة والمتعددة، التي تدفع المتلقين إلى الغرق في بحر علاماته ورموزه الجسدية والإيحائية.
يرى حسن لمنيعي أن مسرح ما بعد الدراما لا يسعى "إلى تحقيق شمولية التركيب الجمالي، إنما يتطلع إلى إضفاء طابع تشذري لهذا التركيب: الشيء الذي يخول له اكتشاف عالم جديد للفرجة، وحضورا متجددا للفنانين، وأفقا واسعا لتطوير مكونات مسرح ارتكز دوما على الدراما". ويروم تجسيد الملفوظ الما بعد الدرامي بالصورة والرقص والموسيقى، والإنارة، وإبتكار الفضاءات الحركية البسيطة والمركبة التي تتيح للممثل الابتعاد عن الأداء السكوني، وإستثمار جسده وموهبته في الإرتجال، كما تدفع الجمهور/ المتلقي إلى ممارسة قراءة متعددة للإنجاز المسرحي وإلى تفكيك عناصره.
يحدد الناقد حسن لمنيعي بعض مواصفات مسرح ما بعد الدراما فيما يلي:
- لا ينبغي عده نفيا للمسرح الدرامي الذي يظل حاضرا في الاشكال الجديدة التي تتبلور انطلاقا من بنيته العامة.
- إنه مسرح لا يهتم بالصراعات بقدر ما يهتم بوسائل التعبير وتنوعها.
- لا يرتكز مسرح ما بعد الدراما على "مبدأ "الحدث" و"الحكاية" fable. وانما يقدم "موقفا" او حالة، كما ان الفضاء يعد عنصرا فاعلا لا محايدا. ومن تم فان سينوغرافيا تكتسي اهمية مادام النص لم يعد الدعامة الاساسية للانجاز المسرحي".
- يتموقع مسرح ما بعد الدراما كمسرح ملموس في فضاء وزمن يحتفيان بحضور الممثل، وليس إطارا يولد الإيهام بالحدث الدرامي، مادام الجسد (الما بعد الدرامي) هو جسد الحركة يرفض دوره كدال، ويكتفي بحضوره الذاتي مما يجعل الممثل هو سبب ونتيجة حضور المتفرج، أي أن هناك حضورا متبادلا بينهما.
وبالتالي يكشف مسرح ما بعد الدراما عن علاقة المسرح بالتغييرات التي عرفها العالم في القرن العشرين، وخاصة التحول التاريخي من ثقافة النصية إلى ثقافة الصوت والصورة عبر الوسائل الثقافية، حيث تناولت دراسة هانس تيس ليمان بانوراما مسرح ما بعد الدراما، المثمثلة في (العرض والمشاهدين، نص، فضاء، زمان، جسد، وسائل الإعلام...).
لا يفوت الناقد خالد أمين أن يشير إلى أن مسرح ما بعد الدراما لا يشكل في حد ذاته نظرية جديدة في المسرح، لأنه لايزال موضع نقاش في الأوساط الأوروبية وخاصة الأنجليزية والألمانية منها. فحتى هانس تيس ليمان، صاحب هذه التسمية، لم يعرضها على شكل نظرية جديدة في المسرح، وإنما نظر إليها باعتبارها مجموعة من الخصائص ميزت الإبداع المسرحي الأوروبي والألماني بخاصة على امتداد العقدين الأخيرين من القرن العشرين.
المراجع:
خالد أمين، المسرح ودراسات الفرجة، منشورات المركز الدولى لدراسات الفرجة، ط.1، طنجة، 2011.
خالد أمين واخرون، مسرح ما بعد الدراما، المركز الدولي لدراسات الفرجة، ط.1، مارس، 2012.
حسن يوسفي، المسرح والفرجات، منشورات وزارة الثقافة، 2009.
برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ترجمة: جميل نصيف، دار الحرية للطباعة منشورات وزارة الاعلام، 1973.



#فاطمة_اكنفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة اكنفر - مسرح مابعد الدراما وإستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية .