أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - الأستاذ المسعودي محمادي ,المغرب, - في الحاجة لتحرير القانوني من سلطة الديني














المزيد.....

في الحاجة لتحرير القانوني من سلطة الديني


الأستاذ المسعودي محمادي ,المغرب,

الحوار المتمدن-العدد: 4859 - 2015 / 7 / 7 - 20:47
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


في الحاجة لتحرير القانوني من سلطة الديني


" من المستحيل أن ندعو مجتمعا يسعى قبل كل شيء إلى أن ينظم وأن يعمل وفقا لوحي إلهي، أو لذات قومية، بأنه حديث"
آلان تورين، نقد الحداثة




لقد ساد الاعتقاد لزمن طويل بأن قداسة القانون تنبع من مصدره الإلهي، ففي محاورة القوانين يسأل سقرط "كريتيا" لمن ينسب قانونكم ، لله أم للبشر؟ فيجيبه الكريتي لماذا، إنه ينسب إلى إله بدون شك، هذا الشعور السائد هو ما أكسب القانون هالة كبرى و قدسية لا يسمح بانتهاكها ،وسيشكل إيمان الإغريق بوجود نظام عقلاني للكون، تحكمه قوانين يمكن ادراكها بالبحث العقلاني، براديغم جديد في تطور القاعدة القانونية ،ليتم الكشف عن الغموض الأخلاقي الذي كان سائدا ،حين تم تكريس المبدأ القائل بأن نظامي العالم الطبيعي و الأخلاقي أقيما على أسس عقلانية، أو أن اللوغوس البشري أسهم في طبيعة الكون العقلانية، و بذلك فهو قادر على فهمها.
و هنا نجد أنفسنا أمام تصورين مختلفين فيما يتعلق بمصدر القانون، أحدها يرتكز على السلطة البشرية وحدها، و الآخر يدعي الأصل الإلهي أو الطبيعي ، و بتاريخ طويل و متغير ، كان لزاما انتظار القرن التاسع عشر حيث الأمر الإلهي الذي كان قد كلف الانسان بأن يكون سيد الكون بلغ مداه المنطقي ، وهو طرد الإله ذاته، و احتكار الانسان صفة الذات المشرعة ، في عالم يسيره بنفسه، و قد تشكلت الأشياء على صورته، و بالرغم من المآخذات التي اعتبرت أن هذه العلمنة الكاملة للذات قد تفقدها توازنها الوجداني ،غير أن هده الذات القانونية مهدت لبروز براديغم جديد يكرس الايمان بكائن بشري قادر على بناء نفسه بنفسه، يعيش في عالم لا يخضع فيه كل إنسان إلا للحدود التي يحددها لنفسه بكل حرية ،و هذا ما يبرر رفض كل الحدود المفروضة من السماء.
يبقى التعريف الذي قدمه مونتسكيو في كتابه الشهير روح القوانين ذا أهمية خاصة حيث يعرف القوانين قائلا " إن القوانين في دلالتها الأكثر شيوعا هي العلاقات اللازمة المشتقة من طبيعة الأشياء ،وبناء على هذا المنطق، فإن لكل الكائنات قوانينها الخاصة بها ." يستنتج من قول صاحب روح الشرائع أن لكل شيء قوانينه، فللعالم المادي و الحيواني قوانينه ، و كما للألوهية قوانين فللإنسان أيضا قوانينه، و أن هده الأنواع الثلاثة تملك أمرا مشتركا، هو فكرة العلاقة اللازمة، و بعبارة أخرى فإن القانون يشير إلى مبدأ السببية ، كمبدأ كوني يلتقي فيه ما هو متعالي مع الطبيعة الفزيائية و البيولوجية و البشرية، و بالتالي فإن فهم القانون كمبدأ سببية يحيلنا إلى استنتاج مونتسكيو بأن القانون بصفة عامة هو المنطق الانساني ، طالما أنه يسير كل شعوب العالم.
إن تصور القانون بهذه الطريقة و القطيعة مع المصدر الديني للقانون هو الذي يميز فعلا الفكر الغربي ، الذي انتقل من الحالة الميتافيزيقية إلى ما هو وضعي.
كما أن الأصل الديني المشترك بين القوانين البشرية و قوانين الطبيعة يبرز أيضا بشكل واضح من المنظور التاريخي لا من المنظور المعرفي فقط، حيث أن فكرة الطبيعة لم تأخد قيمة علمية إلا عبر مراحل عن طريق التدرج ،و ذلك عند تراجع تعاليم الكنيسة أمام الثورة العلمية التي تم تفجيرها مه بداية عصر الأنوار كذلك الأمر بالنسبة للقوانين البشرية التي أصبحت ذات صبغة وضعية مع تراجع دور السلطة الدينية أمام السلطة الزمنية،و كان يجب انتظار حدث عظيم كالثورة الفرنسية حتى يتحرر القانون و العلم من المرجعية الدينية ، كي تتشكل "النظرية الكفرية" التي صاغها غروتيوس التي تقول " من حقوقي افتراض غياب الله كمشرع للإنسان" لتبدأ مرحلة براديغم جديد هو سيطرة الإنسان على القوانين ،متجسدة في الوضعانية القانونية ، أو كما يقول يانوفسكي ،كون أن الوضعانية القانونية تجسدت في ابتكار قوانين بشرية على شاكلة قوانين الطبيعة تكون مفصولة عن المرجعية الميتافيزيقية ،و تعمل على إحداث تنظيم في العالم الخارجي ، كما أنها تخضع العلاقات القائمة بين الناس، و علاقة الناس بالطبيعة إلى امبراطورية الموضوعية ، ودلك عندما يتم تصور القانون البشري كقاعدة عامة و مجردة يفرض على الجميع بما في ذلك دولة القانون.
كما أن قوة القوانين تزداد عندما يتم تصورها كعناصر جسم منطقي يربط بعضها البعض، و بهذا فإن فصل القانون عن الدين و ربطه بالعلم ، يكون قد حرر الرغبة التي تسكن الإنسان في الابداع و الخلق، و بتعبير أوغست كونت فإن اختفاء المصدر الخارق للطبيعة من شأنه تخليص القانون من اللاهوت و سيادة القوانين المستوحاة من دراسة الطبيعة.
إن الوضعانية القانونية كبراديغم جديد في الفكر القانوني ، تجد مرجعيتها في تأسيس قوانين المجتمع على العلم بدل الدين ،ليصبح الخير الأسمى بتعبير كانط هو الوحدة بين الفضيلة و السعادة ، أي بين القانون الوضعي و الفرد ،غير أن نصوصنا القانونية المسكونة بنزعة دينية ،هي الآن في أشد الحاجة إلى التخلص من طابعها المتحكم في في الحياة الخاصة الحميمية للأفراد و نمط لباسهم و تفكيرهم، لأن اخضاع الناس لقوانين من هذا النوع سوف يجعلهم حسب كافكا يقضون حياتهم يترقبون من دون جدوى أن تفتح أمامهم أبواب العدالة و الحرية.
إن تحطيم المقدس يعين حتما على كسر الديني و طرده من القضاء العمومي، و يحرر الذات المجسدة في الدين من سلطة القاعدة الدينية المتجاوزة تاريخيا.



#الأستاذ_المسعودي_محمادي_,المغرب, (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة كانتقام


المزيد.....




- الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا بقيمة 15 ...
- اليونيسف: مقتل ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة -الأونروا- بقيمة ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- بن غفير يدعو لإعدام المعتقلين الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ ال ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- المواجهات تعود لمدينة الفاشر رغم اكتظاظها بالنازحين
- شهادات مروّعة عن عمليات التنكيل بالأسرى داخل سجون الاحتلال
- دهسه متعمدا.. حكم بالإعدام على قاتل الشاب بدر في المغرب
- التعاون الإسلامي تؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف جرائم الحرب بح ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - الأستاذ المسعودي محمادي ,المغرب, - في الحاجة لتحرير القانوني من سلطة الديني