أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد التاج - لنرفض التطرف و لنستفد من عبر الآخرين














المزيد.....

لنرفض التطرف و لنستفد من عبر الآخرين


خالد التاج
(Khalid Ettaj)


الحوار المتمدن-العدد: 4856 - 2015 / 7 / 4 - 14:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمام الوضع الدرامي الذي أصبح يتسيد المشهد بعالمنا العربي والذي وصل ذروته بعد ما سمي يوما بالربيع العربي و الذي ما فتئ أن تم تحويل مساره و شكله إلى خريف تبخرت معه آمال و طموحات من حلم يوما بالديمقراطية و حقوق الإنسان و الكرامة، إذ سرعان ما تحول الحلم إلى كابوس ، والطموح إلى خيبة أمل ، و الاستقرار إلى الفوضى والتشرد والنزوح ، والكرامة إلى ازدراء و الحياة الكريمة المفعمة بالأمل إلى القتل الجنوني والوحشي ، والحرية إلى استبداد و دكتاتورية متغولة بشكل أكثر بشاعة مما كانت عليه الأمور قبل سنة 2011، والوحدة إلى الفرقة الطائفية والعرقية، والتسامح إلى تصفية للحسابات والضغينة و قتل باسم الإله والدين ، والدين السمح من ذلك براء، والعقل إلى اللاعقل والذي بلغ حدودا لا يمكن أن تطاق، حيث أصبحت رائحة الموت تفوح في كل مكان،و الأشلاء منتشرة هنا و هناك، وتغييب لمنطق الحكمة و الحوار والتعايش السلمي بين الإخوة و الأقرباء، وغياب أو تغييب الحكماء و ذوي الرصانة عن تدبير الخلافات ولملمة الأوضاع و جمع الشمل.
هذا المشهد القاتم والجو الكئيب الذي يرخي بظلاله على أقطار و مجتمعات عدة والتي طالما عرفت كيف تحقق العيش المشترك و الحفاظ على تماسك نسيجها المجتمعي و بين مختلف مكوناتها وفئاتها الاجتماعية بل وطوائفها على مدى قرون من الزمن. إن هذه الحالة المأساوية تجعل المرء يتساءل لما نحن على هذا الحال من دون الأمم ولماذا في المنطقة العربية بالذات ؟ ولماذا تستثنى مناطق أخرى من العالم على الرغم من وجود العديد من الأسباب الوجيهة لذلك ...وهل أن إرثنا الثقافي والتاريخي هو المسؤول عن هذا الوضع المتردي أم أن هناك عوامل أخرى دخيلة هي المؤثرة؟
لن نغوص كثيرا في الأسباب الكامنة نظرا لتعقيدها وتشعبها، وأيا كانت الأسباب فإن هذا الوضع و الحالة الهستيرية السائدة سواء أكانت بفعل فاعل أو نتاج طبيعي لحالة الانفلات التي عمت أجزاء كبيرة من المنطقة العربية سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، والتي كانت آخر فصولها جريمة منتجع مدينة سوسة في تونس، فإنه لابد من الإقرار أن هذه الحالة المأساوية التي يعيشها العرب اليوم ليست استثناء في التاريخ العربي والإسلامي على الرغم من خطورتها، إذ أن تدبير النزاعات و الخلافات بين مكوناتها وفرقاءها لطالما تم بلغة السيف والدماء و القتل باسم الدين أو باسم القبيلة أو المذهب أو الإدعاء بالامتلاك الحصري للحقيقة المطلقة حتى مع أكثر الأشخاص "ورعا وتقوى" سواء مع الدولة الأموية أو العباسية أو الفاطمية أو الصفوية وغيرها،أو حبا وشغفا في السلطة و النفوذ وهذه ليست المرة الأولى التي يتسيد فيها العنف المشهد كما أن جذورها وأسبابها ليست وليدة اليوم فقط.
غير أن هذه المعطيات و العوامل الذاتية حتى و إن بدت كثيرة و متشعبة و مرتبطة ارتباطا وثيقا في بعض الأحيان ببنية العقل العربي كما أشار إلى ذلك المفكر العربي محمد عابد الجابري أو بنمط تفكيره وسلوكياته، فإنها لا تنفي وجود مخططات وعوامل خارجية تعبث بالأمن والاستقرار بدولها وكياناتها ويمكن أن نضرب مثلا في هذا السياق بنظرية صراع الحضارات التي أطلقها و تبناها صامويل هنتجنتون samuel huntington وما حملته في طياتها من إعادة لتشكيل العالم وفق مفهوم جديد يكون الشرق الأوسط مركزه ونواته تماما كما كان في الماضي أو نظرية الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد التي تبنتها إدارة بوش السابقة وما واكب هذه النظرية من أعمال عدوانية على الأرض لازالت آثارها بادية لحد الآن بغية تكريس الواقع الجديد المخطط له والذي يذهب إلى حد إعادة تشكيل المنطقة العربية وفق سايكسبيكو جديد كما ذهبت إلى ذلك بعض الآراء النقدية.
على الرغم من ذلك وبعيدا عن نظرية المآمرة فإن المرحلة تتطلب نقدا ذاتيا موضوعيا ووقوفا متأنيا عند الحالة وتشخيصا دقيقا لها وإعمالا للعقل ونبذا لكل مظاهر التطرف والإرهاب أيا كان شكله ولونه وخلفيته الإيديولوجية، سواء أكان باسم الدين أو باسم الحداثة أو باسم المذهب والعرق، وقد تبث لنا بالملموس أن هذه النزعات قد أثبت محدوديتها ولم نجني من وراءها سوى الخراب والتدمير ، ولا ضير في استلهام تجارب الآخرين في تدبير نزاعاتهم و تدارك هفواتهم و لنا في الحرب العالمية الثانية أكبر دليل على ذلك، حيث بلغ ضحاياها أكثر من 60 مليونا من القتلى في صفوف الدول المشاركة فيها علاوة على الجرحى والمعاقين و ما أفرزته من تقسيم و تغييرات جيوستراتيجية وديمغرافية واقتصادية كبيرة ، وعلى الرغم من كل هذه الأهوال التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنسانية ، رأينا كيف أن دولا كانت محورية في الحرب وتعرضت لتدمير شبه كامل قد تمكنت من النهوض من كبوتها وانبعثت من الركام كما انبعث طائر الفينيق الأسطوري بل وتبوأت مصاف الدول العملاقة والمتقدمة اقتصاديا (نموذج ألمانيا واليابان) وقد تم كل ذلك في وقت وجيز وأصبحت نموذجا يمكن الإحتداء به ،بل ومنها من أسهم في بناء كيان اقتصادي وسياسي من حجم الإتحاد الأوروبي ولعب دورا محوريا في توسيعه وضمان استمراريته على الرغم من التحديات والصعوبات وأحيانا التناقضات .
كل هذا قد حدث بفضل الاستفادة من التجارب القاسية والمتراكمة لهذه الدول و التي خلصت إلى أن مبادئ كالعيش المشترك واحترام حقوق الإنسان والإيمان بالتعددية و الاختلاف والتدبير السلمي للنزاعات والإيمان بالمصالح المشتركة و تجنب الأحكام المسبقة ونبذ العنف والكراهية هي الكفيلة بتحقيق الرخاء و التقدم.
نتمنى من شعوبنا و وحكماءهم الأخذ بالدروس والعبر التي انبثقت عن صراعات الغير كي يتم وضع حد لهذا النزيف الذي أصبح يقض مضجع كل إنسان عربي ويشعره بالغبن على الرغم من امتلاكه لكافة مقومات النهضة و الرقي .



#خالد_التاج (هاشتاغ)       Khalid_Ettaj#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إفلاس اليونان والتداعيات المحتملة على البناء الأوربي:


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد التاج - لنرفض التطرف و لنستفد من عبر الآخرين