أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - أحلام نجيب محفوظ مضامين متجددة للتجربة الإنسانية














المزيد.....

أحلام نجيب محفوظ مضامين متجددة للتجربة الإنسانية


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 09:19
المحور: الادب والفن
    


أشار جمال الغيطاني في حديثه عن نجيب محفوظ إلى أنه أصبح تجسيداً حياً للحكمة ، وأرى أن الحكمة هنا تقاوم جمود الماضي وتطرح في ( الأحلام – دار الشروق بمصر) تجربة مضمونية جديدة للوجود الإنساني ، فوعي هذا الأديب الكبير مازال يواكب الطفرات الثقافية ، ويؤكد حضوره بكتابة جديدة ، وليس هذا الأمر جديداً على نجيب محفوظ ، فقد واكب تاريخه الواقعية بأشكالها التاريخية والنقدية ثم الوجودية والعبث على الأخص .
إن ( أحلام محفوظ ) تكتب اللاوعي بلغة نصية لا واعية ، فاللاوعي هنا يتطور وفق شكله الوجودي فى النص والواقع على حد سواء . إنه يبدل أساسيات السرد مثل(المنظور) و ( الرؤية ) و ( الخطاب ) لينتج حكمة جديدة دون وعظ أو إحساس زائف بمركزية الذات . الراوي عنده – إذن –يقدم تجربته كظاهرة تحور تلقينا الحضاري و الثقافي للنص ، فأطياف الموتى وملوك مصر القديمة لها أثر مدرك فى الواقع دون أن تنفصل عن تجربة الحلم .
وبهذا الصدد يرى ( كارل يونج ) أن اللاوعي الجماعي يسعى لاستبدال العلاقات الواعية نفسها ، فأرواح موتي البدائيين تمثل تجليات للمركبات اللاواعية ، وتماثل في تكوينها استمرار صورة ( الأهل ) عقب موتهم فى ( لاوعي ) الطفل فى مجتمعنا المدني ، ويؤكد ( يونج ) أن ما يحرك ( اللاوعي ) ذهنية غريزية لاواعية تقترب من الصور الفنية ( راجع – يونغ / جدلية الأنا واللاوعي – ت / نبيل محسن / دار الحوار بسوريا سنة 1997 صـ 97 وما بعدها ) ،ولكن نصوص ( محفوظ ) تحور هذه الطاقة الغريزية ، وترتفع بها إلى مستوي الحكمة ، وهى هنا ممزوجة بالفن ، أعني فنية الوجود واللاوعي في تكوين واحد يناظر توجهات ( ما بعد الحداثة ) ، فالحلم فيها يتخلي عن مرجعياته فى اتجاه إنتاجي عند ( لاكان ) أو يصبح الواقع حلميا عند ( جان بودريلار ) وأستطيع أن أدلل من واقع نصوص الأحلام على ذلك / كالآتي :
فى الحلم (1) يؤول الراوي واقعه وذاته وفق إلحاح الجوع عليه ، ولكن التجسيد الإبداعي للموضوع أو ( المطعم ) يحول حركة الوعي إلى ظاهرة لاواعية ، من خلال تحولاته التكوينية فالخرابة الكبيرة تستبدل المطعم الفخم كأنها تمثل دوره من جديد ، أو تجسد وجهه الآخر ، أما صديق البطل ، وهو دليله إلى الغابة التي يحاول أن يبلغها السارد ، يراوده الاختفاء والعدم ، كأنه طيف يؤكد وجود آثار اللاوعي فى الواقع نفسه ، إذ إن هذا الواقع تفترضه عملية ( السرد ) ، إن غياب الصديق معناه غياب الوساطة والطرق التقليدية في الفهم ، كما يعني أن للراوي المادة الافتراضية أو الطيفية نفسها في الوجود والإدراك معاً . أو أنه يسائل ثوابت تجربته الإنسانية الماضية في حضور مستمر جديد حتى فيما يخص الغرائز .
هكذا يضيق الشارع بمدلوله فى الحلم ( 5 ) فيعيد تمثيل ذاته فى مسرحية جديدة بأن يصير سيركاً للألعاب ، يمتلئ بالمهرجين والحيوانات ، ثم بروز ( البلياتشو ) فى المشهد ، كأنه إدراك السارد للعالم ، مثلما ظهر عبث القرد من قبل فى ( ثرثرة فوق النيل ) فهل كان هذا الوجه إعلانا للذة التحول واللعب فى الواقع ؟ أم أنه يعارض انتظام حركة التاريخ ويفتتها إلى وقائع جزئية ؟ أم أنه يصنع الهامش وهو العلاقات والمضامين اللاواعية فى موقع التاريخ ؟
وفى الحلم ( 6 ) يستحضر الراوي صور الموتى ، وكأنها داخل الموقف والأداء السردي الحاضر ، أو أنها تكمل ما لم تقم به صورتها فى ( الدنيا ) من خلال مشهد شبيه بالأول ، فالشيخ محرم المتوفى ، وهو أستاذ للبطل – يكمل دروسه ويصحح له مشاهير المشايخ أخطاءه فى الحلم أو الجانب الهامشي من الإدراك إن الصورة هنا تقوم تراتبية الزمن والمنطق من داخلهما .
ويعاد اكتشاف التاريخ فى الحلم ( 9 ) بتأثيره الوجودي الآتي فى البطل وأصحابه ، فاستحضار أحدهم للملكة الفرعونية التى أغرقت من قتلوا زوجها يستعدي – فى النص – هطول المطر وانعدام الخلاص إلا بالطير إلى الفضاء ، وكأن واقع البطل له منطق التداعي النصي فى وجوده نفسه إلى درجته تحويل الصورة للأخرى التى تليها إلى مسرحة ناقصة لها ، فهل كان المطر سحرياً ؟ أم أنه لذة التدمير التى انفصلت عن بنيتها التاريخية ؟
وتصل هذه الحركة القصصية الى قمتها عند محفوظ فى الحلم ( 25 ) إذ يتجسد خيط من التراب فى سقف غرفة البطل ، كان قد سمع به فى قصة بوليسية حكاها أحد أصدقائه منذ قليل على المقهي . أهذا يعني أننا نحاكي ما هو سردي تمثيلي بالأساس ؟
أم أن الرواية هى قصة وعينا بالتاريخ والوجود ؟ أم أننا نخرج من أخر السرد والرواية لأنها أصبحت واقعاً نعيشه ؟
إنها التجربة المضمونية الجديدة لمحفوظ ، ومواكبته لما وصل إليه الوعي الإنساني بالتناقض وكسر النزعة الأحادية فى الفن والفكر على حد سواء . هذا الوعي يتطور فى الحلم ( 41 ) إلى تمثيل حركة الاختلاف عير انتشار الفئات الهامشية التى تقاوم شمولية الجنس البشري ، فالبطل فى سيرك يحوي ما يمثل حضارات وفئات لها خصوصية ، فبعضها يستدعي الأسطورة فى الواقع ، والآخر يجسد من يغني أو يسب أو يهتف وكأن اللحظة الراهنة مزيج من تجاور الصور فى سيرك كبير .

محمد سمير عبد السلام
قاص وباحث بالدكتوراه فى النقد الأدبي المعاصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماليات الإبداع تواكب طفرات البيولوجيا
- فرجينيا وولف صوت إبداعي متفرد
- حضور ديريدا
- حول العالم في ثمانين يوما الوجه الجمالي للحقيقة الروائية
- فوكوياما بين تحديات و مخاطر الديمقراطية الجديدة


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - أحلام نجيب محفوظ مضامين متجددة للتجربة الإنسانية