أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر يحي احمد - نشاط الجماعات الاسلامية المسلحة ونظرية الاحتواء بوكو حرام نموزج















المزيد.....



نشاط الجماعات الاسلامية المسلحة ونظرية الاحتواء بوكو حرام نموزج


عمر يحي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4849 - 2015 / 6 / 26 - 00:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمثل نظرية الإحتواء من أبرز النظريات التي ظهرت في الأونة الأخيرة ويبدو إن هذه النظرية ذات طابع أمريكي كانت تهدف إلي إحتواء المد السوفيتي وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وأصبحت تستخدم في مجالات العلاقات الدولية من قبل كثير من الدول والأطراف خصوصاً في ما يتعلق بإحتواء العوامل التي تؤثر علي الأمن والإستقرار ، الإطار العام لنظرية الإحتواء يقوم علي إفتراض إحتواء الخلاف بصورة تقلل من إحتمال حدوث حرب عسكرية أو مواجهة مباشرة بين الأطراف ، تربط كثير من الدراسات بين إحتواء الحركات المسلحة وبين ما يطلق عليه مصطلح الإرهاب ، علي هذا الاساس ظهرت عدد من المفاهيم والمصطلحات مثل إحتواء الإرهاب والحركات الإسلامية وأعمال العنف .
تعاني منطقة غرب أفريقيا من ضعف وغياب للأمن والإستقرار بسبب مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية مما نشئ عن هذه الأوضاع عدد من الحركات السياسية والعقائدية المسلحة ، يجئ هذا البحث كأداة ربط بين الاطار العام لنظرية الإحتواء و تطبيقه علي الصراع في غرب افريقيا ، يأخذ السمنار دراسة جماعة بوكو حرام كدراسة حالة .
مفهوم الإرهاب وإشكالية المصطلح :

كلمة الإرهاب مشتقة من الفعل (رهِب): بالكسر، يرهب، رهبة. ورهباً -بالضم، ورهباً بالتحريك بمعنى أخاف وترهّب غيره: إذا توعّده، وأرهبه ورهّبه: أخافه وفزعه. ورهب الشيء رهباً ورهباً، ورهبه: خافه ، وقد حاولت المنظمات الدولية كالأمم المتحدة تحديد مفهوم الفعل الإرهابي من منطلق أن (الإرهاب) هو شكل من أشكال العنف المنظم، بحيث أصبح هناك اتفاق عالمي على كثير من صور الأعمال الإرهابية مثل الاغتيال والتعذيب واختطاف الرهائن واحتجازهم وبث القنابل والعبوات المتفجرة واختطاف وسائل النقل كالسيارات والأتوبيسات والطائرات أو تفجيرها، وتلغيم الرسائل وإرسالها إلى الأهداف التي خطط الإرهابيون للإضرار بها... إلخ .
وفي قاموس أكسفورد نجد أن كلمة (Terrorist) "الإرهابي" هو الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية، والاسم (Terrorism) بمعنى "الإرهاب" يقصد به "استخدام العنف والتخويف أو الإرعاب - قتل وتفجير-، وبخاصة في أغراض سياسية" ، وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (C.I.A.) قد تبنت في عام (1980م)، تعريفًا ينص على أن "الإرهاب هو التهديد باستعمال العنف أو استعمال العنف لأغراض سياسية من قبل أفراد أو جماعات، سواء تعمل لصالح سلطة حكومية قائمة أو تعمل ضدها، وعندما يكون القصد من تلك الأعمال إحداث صدمة، أو فزع، أو ذهول، أو رُعْب لدى المجموعة المُستهدفَة والتي تكون عادة أوسع من دائرة ضحايا العمل الإرهابي المباشر. وقد شمل الإرهاب جماعات تسعى إلى قلب أنظمة حكم محددة، وتصحيح مظالم محددة، سواء كانت مظالم قومية أو لجماعات معينة، أو بهدف تدمير نظام دولي كغاية مقصودة لذاتها .

يتضح إن الإرهاب يرتكز علي المعطيات الأتية :
1- إن معنى الإرهاب هو إيجاد الخوف والفزع والرعب والاضطراب لدى الآخرين، وهو المعنى اللغوي والقرآني للمصطلح.
2- أن يقع الخوف والفزع والرعب والاضطراب على بريء لم يرتكب جرماً يستوجب إيقاع فعل مادي أو نفسي يثير عنده الحالات الآنف ذكرها، باعتبار أن الإرهاب أمراً مذموماً.
3- تحديد نوع القائمين بالإرهاب ومع أن الناس يتكلمون أحيانا عن إرهاب الدولة إلا أن هنالك شبه إجماع على أن المقصود بالإرهاب في المعنى الاصطلاحي هو ما تقوم به منظمات وجماعات لا حكومات، بل لا بد أن يشمل الحكومات والأفراد.
4- تحديد الغرض منه وهو كونه وسيلة لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو دينية أو اقتصادية...
نقل معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية تعريف الإرهاب بأنه: بث الرعب الذي يثير الرعب في الجسم والعقل، أي الطريقة التي تحاول بها جماعة منظمة أو حزب أن يحقق أهدافه عن طريق استخدام العنف.
هذا المصطلح وإلى الآن لم يتحدد مفهومه بل تشن الحملة ضده بدون تحديد واضح المعالم لما هو الإرهاب ومن هو الإرهابي؟ ومتى يكون إرهابيا؟ وكيف يكون هذا الشخص أو تلك الجماعة أو الدولة أو الدول إرهابية؟. كل هذا لم يتحدد دوليا.
فإن محاربة المصطلح وشن الحملات المتتابعة على أعلى المستويات الإعلامية والأمنية والدولية عليه مع عدم معرفة حدوده تعد حربا على مجهول وهذا من شأنه أن يوقع في إشكالات كثيرة منها: أن نعادي أطرافا على أنهم إرهابيون وليسوا كذلك وهذا ظاهر فيمن يحارب ويقاوم لأجل أن يخلص بلاده من المحتل مثلًا.
وأيضا من الإشكالات أن يترك أطرافاً هم أشد عنفا وعداوة وإفسادا فلا يقاومون ولا ينكر فعلهم لأن هذا المصطلح لم يطلق عليهم وإن كان منطبقا عليهم ، ومن التعاريف المهمة أيضًا تعريف مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، حيث عرّفا الإرهاب في الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عن المجلس المذكور عام 1998م، عرّفاه بأنه: (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به، أيًا كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق، أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو اختلاسها، أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر .
يتضح من خلال إستعراض بعض تعريف ومفاهيم الإرهاب ثلاثة نتائج أساسية:
1. لا يوجد تعريف محدد وواضح لمفهوم الإرهاب .
2. كل طرف من الأطراف المعنية يعرف الإرهاب حسب وجه نظره الخاصة التي ترتبط بمصالحه.
3. مصطلح الإرهاب مصطلح سياسي إستراتيجي يرتبط بعنصر المصالح لدي الأطراف سواءً كاموا افراد دول جماعات منظمات .
خلفية عامة عن غرب أفريقيا
غرب إفريقيا هي منطقة معقدة للغاية تتجاذبها الوفرة وضيق العيش، لقد كانت هذه المنطقة في الماضي تتكون من 16 دولة هي: بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وكوت ديفوار وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو. وباستثناء موريتانيا، بقية الدول هي أعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي تم تشكيلها في العام 1975، وتضم هذه المنطقة مجموعة متنوعة من الدول من حيث حجم مساحتها وتاريخها الاستعماري، وقوتها الاقتصادية، وتماسكها الداخلي، وعلاقاتها الخارجية. ثمانٌ من هذه الدول ناطقة باللغة الفرنسية، وخمسٌ باللغة الإنجليزية، واثنتان بالبرتغالية .
تختلف الدول الأعضاء في هذه المنطقة أيضا من حيث حجم السكان ومستويات التنمية ومراحل بناء الدولة وطبيعة الموارد المتوفرة لديها. وتواجه هذه الدول، وإن بمستويات مختلفة، تحديات في الأمن والحكم والتنمية. وتوصف غالبية دول غرب إفريقيا بأنها بشكل عام فقيرة على الرغم من أنها يمكن أن تكون غنية من حيث وفرة وتنوع الموارد الطبيعية ، تحتوي منطقة غرب إفريقيا على حوالي 32 في المائة من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في إفريقيا، وتمتلك نيجيريا أكبر الاحتياطيات المؤكدة في المنطقة، وقد قدر الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول مجتمعة في عام 2011 بـ 565 مليار دولار. ومع ذلك، يُخفي هذا الأداء الكلي بعضَ الفوارق فعلى سبيل المثال يشكل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في نيجيريا أكثر من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه المجموعة في حين أن النيجر تعيش إلى حد كبير على المساعدات.
الواقع السياسي في غرب أفريقيا :
خضت منطقة غرب أفريقيا للإستعمار الأوروبي ومن ثم نالت إستقلالها وبالرغم أن دول غرب إفريقيا نالت استقلالها السياسي قبل أي منطقة أخرى في إفريقيا المستعمرة، فإنها فشلت في تحقيق درجة عالية من الاستقرار السياسي بسبب ضعف وفساد أو حتى فشل الأنظمة الحاكمة، إضافة إلى الصراعات وضعف مراقبة الحدود البينية، بالاضافة إلي عوامل أخرى ساهمت في هذه الوضعية, وقد كشفت دراسة أعدت عام 2009 أنه ما بين 1958 و2008 حظيت غرب إفريقيا بأكبر عدد من الانقلابات في إفريقيا عموما, ولا يقتصر ذلك على معدل الانقلابات خلال كل عقد من الزمن وإنما أيضا بشكل عام إذ مثلت الانقلابات في هذه المنطقة 44.4 في المائة من جميع انقلابات إفريقيا وضمن الدول الخمس عشرة, وحدهما الرأس الأخضر والسنغال لم تشهدا انقلابا عسكريا خلال كل هذه الفترة، ومن الجدير ذكره أن الانقلابات وغيرها من أشكال عجز الأنظمة الحاكمة الأخرى غالبا ما تعجل بدخول البلد مرحلة عدم استقرار سياسي تستغله بعض الجماعات الإرهابية لتحقيق مآربها في المنطقة، وما تجربة مالي الأخيرة ببعيدة عن الأذهان في هذا الصدد.
وعلاوة على ذلك، ثمة تفاوت كبير بين دول هذه المجموعة من حيث مستوى التحول الديمقراطي الذي حققته كل منها، فمن دول بدأت مرحلة توطيد ديمقراطيتها مثل غانا ونيجيريا والسنغال إلى أخرى تعيش فترة ما بعد الصراع المسلح الذي عصف بها ردحا من الزمن مثل ليبيريا وسيراليون إلى فئة ثالثة تعيش في ظل أنظمة حكم هشة مثل النيجر وغينيا، وأخيرا تلك التي تحولت إلى ما يعرف بـ"دولة مخدرات" وهو ما تجسد بالفعل في دولة غينيا بيساو. وعموما، لدى كل هذه الدول سمة مشتركة متمثلة في وجود طبقات متعددة من انعدام الأمن، تفاقمها الصراعات والجريمة على المستويين المحلي والوطني، وفي كثير من الأحيان عبر الحدود من خلال تشعبات إقليمية وتتميز المنطقة عن غيرها بكونها تواجه تحديات أمنية متعددة الأبعاد ومتعددة الأوجه. فالتهديدات التي تشمل الإرهاب وتهريب المخدرات وتزويد السفن بالنفط المسروق والقرصنة والاتجار بالأسلحة اتخذت بعدا مقلقا في الآونة الأخيرة ونتيجة لذلك، برز الإرهاب والجريمة العابرة للحدود كتهديدات هائلة لأمن الناس واكتسبت هذه التهديدات الآن أهمية فريدة على المستويات القِطرية والإقليمية والدولية.
الإرهاب في غرب أفريقيا
تزايدت التجليات الإرهابية بسبب أنشطة عدد من الجماعات تشمل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يعمل على نطاق واسع في منطقة الصحراء والساحل، وأنشطة حركة الدعوة والجهاد في غرب إفريقيا وأنصار الدين المتمركزين في شمال مالي، بالإضافة إلى ما تقوم به حركتا بوكو حرام و"أنصارو" في شمال نيجيريا، هذا فضلا عن خلايا إرهابية نائمة وشبكات أخرى. وتفاقم تعقيد المشهد الأمني بسبب زيادة نشاط الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تدور في فلك الإرهاب في غرب إفريقيا بل وتغذيه ،. فتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى أو غرب أفريقيا جاء امتدادا للجماعة السلفية للدعوة والقتال التى انشقت عن الجماعة الإسلامية المسلحة فى عام 1997 بزعامة حسان حطاب وجاء هذا الانشقاق اعتراضا على استهداف الجماعة الإسلامية المسلحة للمدنيين وتركزت أعمال الجماعة السلفية فى البداية على المواقع العسكرية، ولكن منذ عام 2003 وفى أعقاب الاحتلال الأمريكى للعراق تحولت للقيام بأعمال خطف الأجانب إلى جانب ضرب المواقع العسكرية واتخذت أعمالها أبعادا إقليمية بعد ان أصبح عناصرها يجوبون فى الصحراء الكبرى وأجزاء واسعة واستمرت على هذا النحو إلى أن أعلنت فى يناير 2007 انضمامها إلى تنظيم القاعدة وغيرت اسمها إلى تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى.
يبدو إن التهديد الإرهابي للأمن والاستقرار والتنمية ليس جديدا على إفريقيا بشكل عام. ومع ذلك، مضت بضع سنوات بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة قبل أن تتبوأ مسألة هشاشة غرب إفريقيا في مواجهة الإرهاب المحلي والعابر للحدود مكانا مركزيا في المناقشات السياسية والأكاديمية. وعلى الرغم من أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تتخذ من الجزائر منطلقا لها لم تضع أول قدم لها في شمال مالي إلا في العام 2003 عندما بدأت إقامة علاقات مع السكان المحليين (من خلال الزواج وحماية طرق التهريب)، فإن دول غرب إفريقيا كان يسودها نوع من النكران الجماعي للهشاشة المتنامية لهذه المنطقة أمام تحدي الإرهاب المحلي والعابر للحدود. واعتبارا من العام 2006، على سبيل المثال، ظل النقاش يتركز حول ما إذا كان الإرهاب حقيقة ماثلة في غرب إفريقيا، أو تهديدا متفاقما أو متخيلا. وبعد سنوات قليلة من ذلك تغير الوضع بشكل كبير. والواقع أن تزايد عدد الهجمات الإرهابية، وتعدد الجماعات التي تنفذها في غرب إفريقيا والصلات والعلاقات المتنامية بين هذه الجماعات حولت تهديد الإرهاب من ظاهرة في طور التصور أو التبرعم إلى تحد أمني حقيقي في غرب إفريقيا ، يتجلى هذا التحدي في الأساس في العمليات التي شنها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في بعض بلدان إفريقيا الغربية وكذلك التكتيكات والأسلحة والنظرة الأيديولوجية التي مد بها هذا التنظيم جماعات مثل أنصار الدين و"أنصارو" وبوكو حرام وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وحركات أخرى تضم خلايا إرهابية أخرى .
وقد شهدت بلدان غرب إفريقيا مثل النيجر ونيجيريا ومالي وموريتانيا تفشيا أو تصعيدا لهجمات إرهابية جديدة. كما أن مجموعات، كانت تعتبر جماعات محلية، مثل بوكو حرام والتوحيد والجهاد، شنت بنجاح هجمات عابرة للحدود أو ضربت أهدافا دولية، مما غير بشكل جذري وصفها وتحديد هويتها وساهمت مناقشة موجزة حول أنشطة هذه الجماعات في بعض دول غرب إفريقيا في رسم صورة ظلية للظاهرة الإرهابية التي بدأت معالمها تتضح أكثر فأكثر في شبه المنطقة.
فإن اعتبار أنشطة القاعدة بغرب أفريقيا المحور الأساسي للحديث عن الإرهاب في غرب إفريقيا، نظرا لأهميتها، وهذا التنظيم عادة ما ينظر إليه بوصفه وليد أزمة الجزائر في العام 1992. فإلغاء السلطات العسكرية في الجزائر نتائج الانتخابات التي جرت تلك السنة حرم جبهة الإنقاذ الإسلامية من فوز محتمل مما تسبب في نشوب صراع داخلي دموي ظل يعصف بالجزائر لسنوات عديدة. وهكذا فإن القادة المستقبليين لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي أو غرب أفريقيا هم من أسس في البداية الجماعة الإسلامية المسلحة ثم تركوها ليؤسسوا الجماعة السلفية للدعوة والجهاد. وفي سبتمبر 2006، أعلنت الجماعة السلفية انتماءها رسميا لتنظيم القاعدة وفي يناير 2007 غيرت اسمها ليصبح: تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي. ومنذ ذلك التحول وهذا التنظيم يقدم الدعم اللوجستي لغيره من الجهاديين والجماعات الإرهابية النائمة التي تعمل في غرب إفريقيا, وقد حافظ في الوقت ذاته على علاقاته مع الجماعات الإجرامية المنظمة المتورطة في أنشطة التهريب في المنطقة.
نشاط الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا :
تشمل نشاطات القاعدة بالمغرب الإسلامي والخلايا النائمة التابعة لها في غرب إفريقيا الاختطاف وقتل السياح الغربيين وعمال الإغاثة والجنود وكذلك الهجمات على أهداف حكومية وحواجز أمنية وبعثات دبلوماسية أجنبية كما هي الحال في موريتانيا. ففي يوليو 2011، على سبيل المثال، هاجمت القاعدة بالمغرب الإسلامي قاعدة عسكرية في باسكنو، قرب مدينة النعمة جنوب شرق موريتانيا. وقد شنت العديد من هذه الهجمات، كما شجع هذا التنظيم الإسلاميين في مالي على شن هجمات جريئة, وبعد انجراف مالي إلى عدم الاستقرار على أثر انقلاب مارس 2012 وما نجم عنه من فراغ في السلطة تمكن الطوارق ممثلون في الحركة الوطنية لتحرير أزواد وبدعم من خليط من القوى الإسلامية -أنصار الدين وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا –تمكنوا- من السيطرة على ما يناهز ثلثي البلاد، ومنذ ذلك الحين شنت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا هجمات جريئة.
يعتقد أن هذه الحركة التي هي فرع من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تتمتع بعلاقات جيدة مع الصحراويين وجبهة البوليساريو، والواقع أنها نمت وتطورت منذ أكتوبر2011 الذي كان بداية نشاطها الفعلي وقامت بتنفيذ بعض الهجمات المميتة كما تمكنت من السيطرة على مدينة كونا في شمال مالي, وكانت هذه الجماعة قد أعلنت أولى عملياتها المسلحة عبر الفيديو يوم 12 ديسمبر 2011، موضحة أن هدفها المقصود هو نشر الجهاد في غرب إفريقيا، وفي شريط الفيديو المذكور أثبتت تقاربها الأيديولوجي مع شخصيات من أمثال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ومؤسس وزعيم حركة طالبان الملا عمر لكنها ركزت أكثر على شخصيات تاريخية من أصل غرب إفريقي مدعية أن عناصرها " أحفاد أيديولوجيون " لعثمان دان فوديو والشيخ أحمدو لبو والحاج عمر تال ، وقد أعلنت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا مسؤوليتها عن بعض العمليات بما في ذلك اختطاف سبعة دبلوماسيين جزائريين يوم 5 أبريل 2012 من مدينة غاو بمالي وهجوم في 23 مارس 2012 على قاعدة لقوات الدرك الوطني الجزائري بتمنراست وهجوم في 29 يونيو 2012 على قاعدة لقوات الدرك الوطني الجزائري في ورقلة.
وابتداء من 11 يناير 2013 بدأت فرنسا تنشر قواتها في إطار ما أطلقت عليه "عملية سرفال" أو "عملية القط المتوحش" لوقف تقدم الجماعات الإسلامية التي تشمل أنصار الدين وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي كانت –جميعها- مصممة على غزو باماكو، وردا على هذا التحرك أعادت هذه المجموعات ترتيب إستراتيجيتها عبر انتهاج طريقتين رئيسيتين، تمثلت أولاهما في تراجعها إلى المنطقة الجبلية في شمال مالي والذوبان في السكان المحليين، أما الاستراتيجية الثانية فكانت انتهاج تكتيكات إرهابية معروفة لدى الإرهابيين من قبيل نصب الكمائن والتفجيرات الانتحارية وهجمات حرب العصابات.
وما أثار القلق بشكل خاص هو إدراج هذه الحركة للتفجيرات الانتحارية كجزء من حملتها الجديدة ضد التدخل الفرنسي. ففي 8 فبراير 2013، شهدت مالي الهجوم الانتحاري الأول في البلاد عندما فجر مهاجم نفسه في مدينة غاو التي تعتبر إحدى المدن الرئيسية في مالي، وفي ذلك الهجوم أقدم شاب من الطوارق يرتدي زي ضابط من هيئة شبه عسكرية ويركب دراجة نارية على تفجير حزامه الناسف عند نقطة تفتيش للجيش المالي مما أدى الى إصابة جندي. بعد ذلك بيومين، هز هجوم انتحاري آخر نقطة تفتيش عسكرية عند مدخل المدينة، وفي حادث آخر يوم 21 مارس 2013 هاجم انتحاري نقطة تفتيش عسكرية قرب مطار تمبكتو. ويقدر المراقبون أن مالي شهدت ما بين 9 فبراير/ و22 مايو/ أيار 2013 مالي اثني عشر هجوما انتحاريا في مدن تمبكتو وغاو وكيدال وميناكا وغوسي وهي مناطق كانت تحت سيطرة الإسلاميين قبل التدخل الفرنسي.
ووسعت أيضا حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا هجماتها لتشمل الدول المجاورة وهددت بمهاجمة البلدان الإفريقية التي ساهمت بقوات في الهجوم الذي قادته فرنسا, وفي يوم 23 مايو عام 2013، على سبيل المثال أقدم انتحاريون تحت إمرة هذه الحركة على تفجير سيارتين ملغومتين في وقت واحد في النيجر، واحدة داخل معسكر للجيش النيجري في مدينة أغاديز وأخرى في منجم لليورانيوم تابع للفرنسيين في بلدة أرليت النائية مما أدى لمقتل ما لا يقل عن 26، معظمهم من الجنود النيجريين ومَثل الهجوم أحد تجليات وفاء الحركة المذكورة بتهديدها بمهاجمة الدول التي كانت تساهم بقوات في الجيش الذي قادته فرنسا لطرد الجماعات الإسلامية من مدن شمال مالي.
وقد أضاف صعود جماعة أنصار المسلمين "أنصارو" لفترة قصيرة بعدا آخر إلى مشهد الإرهاب الذي تكشف في غرب إفريقيا. ويعتقد أن حركة "أنصارو ، التي يترجم اسمها تقريبا بــ "طلائع حماية المسلمين في إفريقيا السوداء" تأسست في يناير من العام 2012 في شمال نيجيريا. لكن وجودها لم يبرز للعلن إلا في شهر يونيو 2012، عندما بث من قال إنه زعيمها واسمه أبو أسامة الأنصاري، شريط فيديو أعلن فيه إنشاء الفرع وحدد فيه منهجه، ويعتقد رجال الأمن والخبراء أن اسم أبو أسامة الأنصاري "هو اسم مستعار لخالد برناوي، وهو زعيم سابق من بوكو حرام يعتقد أنه تدرب على يد القاعدة بالمغرب الإسلامي في الجزائر في منتصف العقد الأول من القرن الحالي ويشتبه في أنه قد شارك في سلسلة من عمليات الاختطاف التي قادتها القاعدة بالمغرب الإسلامي في النيجر.
وعلى الرغم من أن حركة "أنصارو" أقل شهرة من بوكو حرام، فإن طبيعة وملامح أهدافها فضلا عن نواياها المعلنة تجعل منها حركة جديرة باهتمام الأمن الغربي وعملاء الاستخبارات، فمنذ نشأتها تبنت "أنصارو" عدة عمليات إرهابية مثل الهجوم المسلح في نوفمبر 2012 على منشأة للاحتجاز في أبوجا وخطف مواطن فرنسي(فرانسيس كولومب) في ديسمبر 2012 وهو يعمل لدى "فرنيي" في ولاية كاتسينا، وفي يناير 2013 نصبت كمائن لجنود نيجيريين كانوا متجهين إلى مالي وذلك في ولاية كوجي وخطفت سبعة موظفين أجانب في فبراير 2013 في ولاية بوتشي وكل ذلك في نيجيريا.
ومثل إعدام الأجانب السبعة المختطفين يوم 9 مارس 2013 أبشع عملية تقوم بها هذه الجماعة منذ إعلانها عن تأسيسها، وفي 4 يونيو 2013 قررت الحكومة النيجيرية حظر الجماعاتين الإرهابيتين الإسلاميتين، بوكو حرام و"أنصارو"، ونشرت قرارا يعتبر أنشطة هاتين الجماعتين غير شرعية وأعمالا إرهابية وتمت الموافقة على هذا التشريع ونشر تحت بند(الوقاية من) الإرهاب(أمر الحظر) مرسوم 2013، من قبل الرئيس جوناثان وفقا للقسم الثاني من قانون الوقاية من الإرهاب 2011 ، وعلاوة على التهديدات التي تشكلها تنظيمات القاعدة بالمغرب الإسلامي و"أنصارو" وأنصار الدين وبوكو حرام وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وغيرها من الخلايا الإرهابية النائمة في غرب إفريقيا، يمثل التسلل التدريجي للقاعدة في شبه الجزيرة العربية وحزب الله في غرب إفريقيا قلقا جديدا ولا شك أن اعتقال نيجيريين وما تكشف عن قبولهما آلاف الدولارات من القاعدة في جزيرة العرب لتجنيد إرهابيين محتملين من نيجيريا يدل على أن فرع تنظيم القاعدة الأكثر عدوانية يسعى إلى تعزيز وجوده في غرب إفريقيا وكذلك فإن الكشافة الإرهابيين يساعدون حزب الله، المنظمة الإرهابية المتمركزة في لبنان- والمشهورة باستهداف المصالح الإسرائيلية والغربية في جميع أنحاء العالم- على جمع التبرعات وتجنيد العناصر في بلدان غرب إفريقيا مثل سيراليون والسنغال وساحل العاج وغامبيا.
الخلفية العامة لنيجيريا والأهمية الإستراتيجية

تقع نيجيريا في غرب أفريقيا وهي أكبر دولة في أفريقيا من حيث تعداد السكان، تبلغ 154 مليون نسمة من موارد الدولة النفط الخام والكاسافا. العملة النيجيريّة هي النايرا للبلد حدود مع كل من بنين في الغرب، تشاد والكاميرون في الشرق، النيجر في الشمال وخليج غينيا في الجنوب. عاصمة نيجريا هي أبوجا منذ عام 1991 وكانت لاجوس العاصمة السابقة. الاسم الرسمي للبلاد هو جمهورية نيجيريا الإتحادية. تبلغ مساحة نيجيريا نحو 923,768كم²، ويمكن تقسيمها إلى عشر مناطق هي:1- سهول سكوتو 2- حوض تشاد 3- السهول الشمالية العالية 4- هضبة جوس 5- حوض نهر النيجر - بنيو 6- المرتفعات الغربية 7- المرتفعات الشرقية 8- السهول الجنوبية الغربية 9- الأراضي المنخفضة الجنوبية الشرقية 10- دلتا النيجرتغطي السهول مايقرب من 20% من المساحة الكلية لنيجيريا ويصل ارتفاع معظم السهول إلى 762م فوق سطح البحر. وتشكل السهول الشمالية العالية، المنبع لعدد من فروع نهر النيجر كأنهار، الكونجولا والسكوتو والكواندا. وهي تتدفق بهدوء عبر السهول، وتشكل شلالات جميلة، وقد تهوي إلى الأخاديد العميقة في بعض أجزاء المنطقة.
الواقع الإقتصادي في نيجيريا
تعد نيجيريا من أهم الدول الأفريقية المنتجة للنفط وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتحتل المرتبة الثامنة في قائمة أهم الدول المصدرة للنفط على المستوى العالمي. وبحسب تقديرات أوبك لعام 2001 يبلغ حجم الاحتياطي النفطي في نيجيريا ما بين 27 إلى 31.5 مليار برميل، في حين يبلغ حجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي 4.5 تريليونات قدم مكعب. تستهلك نيجيريا من بترولها ما بين 200 إلى 275 ألف برميل فقط يوميا، وتصدر إلى العالم الخارجي 2.26 مليون برميل يوميا. وتعتبر الولايات المتحدة أهم مستورد للنفط النيجيري. كذلك تصدر نيجيريا يوميا 7.83 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي إلى العالم الخارجي على هيئة غاز مسال. وتتركز معظم حقول النفط النيجيرية في منطقة دلتا النيجر جنوب ووسط البلاد. كما يمثل النفط النيجيري 20% من الناتج المحلي الإجمالي، و95% من إجمالي حجم تجارتها مع العالم الخارجي، و65% من مدخولات ميزانية الدولة.
الموارد الطبيعية
تتمتع نيجيريا بموارد طبيعية متنوعة، وأكثر من نصف أراضي نيجيريا صالح للزراعة والرعي، ولكن المساحة المستغلة بالفعل في زراعة المحاصيل، لاتتجاوز 15% من المساحة الكلية للقطر، بينما تغطي الغابات مايقرب من ثلث مساحة نيجيريا. وتوفر البحيرات والأنهار كميات كبيرة من الأسماك. يحتل النفط المركز الأول من بين الموارد الطبيعية في نيجيريا، من حيث الدخل القومي. وتوجد حقول نفط واسعة في جنوبي نيجيريا، بالإضافة إلى بعض الحقول البحرية في خليج غينيا. كذلك توجد في هضبة جوس بأواسط نيجيريا مناجم مهمة للقصدير، والكولمبيت، وهو معدن يستخدم في إنتاج أنواع معينة من الفولاذ، وتشمل الموارد الطبيعية الأخرى المهمة في نيجيريا: الفحم الحجري، وخام الحديد والرصاص، والحجر الجيري، والغاز الطبيعي والزنك. العمال النيجيريون يقومون بتكديس أكياس الفول السوداني في شكل كومة هرمية، استعدادًا لشحنها للأسواق. وتعد نيجيريا من أهم الدول المنتجة للفول السوداني في العالم.
الزراعة
تحتل نيجيريا مركزاً متقدمـًا بين الدول الكبرى المنتجة للكاكاو، وزيت النخيل، ولب النخيل، والفول السوداني والمطاط. ومن المنتجات الأخرى المهمة في نيجيريا: الفاصوليا، والمنيهوت، والذرة الشامية، والقطن، والذرة البيضاء، والأرز، والدخن، واليام، كما يربـي المزارعون في كل أنحاء نيجيريا المعز، والدواجن، والأغنام. أما الأبقار فتربى أساسا في شمالي البلاد، بينما يقوم صيادو الأسماك بصيد الروبيان، بالإضافة إلى مختلف أنواع الأسماك، والأحياء البحرية الأخرى الصالحة للطعام. يبلغ متوسط مساحة المزرعة الواحدة في نيجيريا هكتاراً واحداً. ويستخدم معظم المزارعين أدوات ووسائل قديمة في الزراعة، ولكن الحكومة تنفذ برامج لتوزيع الأسمدة، والمبيدات الحشرية، وأنواع جديدة من البذور على المزارعين.

نشأة جماعة بوكو حرام و أهدافها
بوكو حرام هى جماعة إسلامية نيجيرية مسلحة، وتعنى بوكو حرام بلغة الهاوسا (تحريم التعليم الغربى). وقد تأسست الجماعة عام 2002م على يد محمد يوسف، وهو شاب نيجيرى ترك التعليم فى سن مبكرة، وحصل على قدر من التعليم الدينى غير النظامى. وقد تشكلت جماعة بوكو حرام فى الأصل من مجموعة من الطلاب، تخلوا عن الدراسة, وأقامت الجماعة قاعدة لها فى قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقى نيجيريا على الحدود مع النيجر.
منذ عام 2004م إلي 2009، وقعت مواجهات بين الجماعة والشرطة والجيش، شملت عدة ولايات شمالية، راح ضحيتها مئات أو آلاف من الضحايا من المدنيين، وانتهت بإعلان الحكومة النيجيرية أنها قتلت جميع أفراد جماعة بوكو حرام، بمن فيهم زعيم الجماعة محمد يوسف.
غير أن هذا لم يشكل نهاية الجماعة، حيث ينسب إليها سلسلة من التفجيرات والهجمات التى شهدتها المناطق الشمالية الشرقية من نيجيريا فى الفترة من 2010 إلى 2011. وأهم هذه التفجيرات سوق أبوجا فى ديسمبر 2010، وتفجير مركز الشرطة فى مايدوكورى فى يناير 2011، وتفجير مكتب للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة فى مايدوكورى فى أبريل 2011، وتفجير مقر الأمم المتحدة فى أبوجا فى أغسطس 2011.
أما بالنسبة لاهداف بوكو حرام، فإنها ترتكز حول عدد من الأصول الفكرية، أهمها :
1. العمل على تأسيس دولة إسلامية فى نيجيريا بالقوة المسلحة .
2. الدعوة إلى التطبيق الفورى للشريعة الإسلامية فى جميع الولايات النيجيرية، وليس تطبيق الشريعة فى الـولايات الاثنتى عشرة الشمالية .
3. ترفض بشدة التعليم الغربى والثقافة الغربية، وتدعو إلى تغيير نظام التعليم فى نيجيريا, بالإضافة إلى أن بوكو حرام لا تختلط كثيرا بالمجتمعات الموجودة فيها، وتفضل الانعزالية بصفة عامة. وبشكل عام، فإن فكر جماعة بوكو حرام هو فكر أقرب إلى التكفير.
أسباب تنامي جماعة بوكو حرام
هناك عدد من العوامل أدت إلى تنامى جماعة بوكو حرام وزيادة نشاطها منها :
1. سياسات الحكومات العسكرية والمدنية المتعاقبة فى نيجيريا، والتى تستخدم العنف المفرط تجاه الحركات السياسية المناوئة لها، خاصة جماعة بوكو حرام، التى استطاعت أن تكسب العديد من الأنصار فى أوساط الشباب
2. تعاطف بعض المسلمين معها بسبب عمليات القتل البشعة والخارجة على القانون، والتى ارتكبتها الشرطة النيجيرية فى حق أعضاء جماعة بوكو حرام، مما خلق نوعا من التعاطف تجاه الجماعة، وتقديم يد العون والمساندة لها.
3. كما يلعب البعد العرقى دورا كبيرا فى تنامى جماعة بوكو حرام، حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين، هما الهاوسا فى شمال البلاد، وأغلبهم مسلمون، وقبيلة الإيبو، وغالبية أفرادها مسيحيون، وكثيرا ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين.
4. تطرح جماعة بوكو حرام نفسها كمدافع عن الإسلام والمسلمين ضد المسيحيين، مما يعطى نوعا من التعاطف من بسطاء المسلمين تجاه الجماعة.
5. تردى الوضع الاقتصادى، وانتشار البطالة والفساد الموجود فى النخبة السياسية، وانضمام بعض الشباب إلى جماعة بوكو حرام. ومما زاد الأمر سوءا استخدام بعض السياسيين الانقسامات العرقية والطائفية من أجل الوصول للسلطة، وذلك عن طريق إثارة الاضطرابات العرقية والدينية، مما يعطى الفرصة للتيارات الدينية المتطرفة كى تنشط بقوة، على أساس أنها تدافع عن دينها وعقيدتها.

تداعيات بوكو حرام على الأمن النيجيري

لقد أثارت العمليات القوية التى تقوم بها جماعة بوكو حرام فى نيجيريا قلق الكثيرين، وعلى رأسهم الحكومة النيجيرية، ودول الجوار، إضافة إلى الدول صاحبة المصالح الاقتصادية والنفطية فى نيجيريا, وذلك بسبب الخوف من حدوث تحالف مستقبلى بين حركة الإصلاح بدلتا النيجر وجماعة بوكو حرام فى الشمال، مما يؤدى إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية فى مناطق إنتاج النفط، حيث إن نيجيريا تمتلك أكثر من 2.6% من احتياطيات النفط العالمية، وهو ما دفع المراقبين للتعبير عن خوفهم من أن تتحول المنطقة إلى معقل للجماعات المسلحة، مشيرين إلى أن الفساد والفقر المستشرى فى غرب إفريقيا يوفران تربة خصبة للإرهاب.
التصريح الأخير لزعيم بوكو حرام بأن الجماعة التحقت بالقاعدة أثار المخاوف من أن تصبح المنطقة مأوى للتيارات الجهادية العابرة للقارات، مثل القاعدة بكل صورها ونماذجها، بحيث تصبح المنطقة أفغانستان جديدة تأوى إليها كل التيارات الجهادية، وتصبح قاعدة لتهديد الأنظمة والدول المحيطة بالمنطقة ، ومن أهم التداعيات الخطيرة لجماعة بوكو حرام على الوضع الداخلى فى نيجيريا مايلي :

1. إختلال الأمن القومي النيجيري
2. نشر الفكر المتطرف فى أوساط المسلمين
3. التدهور الإقتصادي وتدمير الممتلكات والبنية التحتية
4. محاولة فرض الإسلام بالقوة فى مجتمع يعانى أصلا المشاكل العرقية والطائفية،
5. يهدد السلام الاجتماعى بأكمله فى نيجيريا.
6. كما أن الفكر المتطرف الذى تنتهجة جماعة بوكو حرام يمكن أن يخلق جيلا من الشباب يفهم الإسلام والجهاد بصورة خاطئة، كما تفهمه جماعة بوكو حرام، مما يضر بالإسلام ويسئ إليه، ويشوه صورته السمحة، خاصة فى نيجيريا



مؤشرات تهديد بوكو حرام للأمن القومي النيجيري

1. في ولاية يوبه، ووردت تقارير تفيد باستخدام المقاتلين درجات نارية محملة بالوقود وأقواس مزودة بأسهم سامة للهجوم على مقر للشرطة.
2. قامت الجماعة بمهاجمة ولاية بورنو النيجيرية، مما أسفر عن مقتل أربع أشخاص
3. سهلت بوكوحرام في فرار 700 من المعتقلين في سجن ولاية باتوشي
4. نسب للجماعة مسؤولياتها عن تفجيرات سوق أبوجا، بعدما ألقت الشرطة القبض على 92 من أعضائها
5. اغتيل أحد المرشحين لمنصب حكومي، مع شقيقه وأربعة من ضباط الشرطة
6. أحبطت الشرطة محاولة تفجير في مسيرة انتخابية في مايدوگوري، بولاية بورنو
7. تم تفجير مركز للشرطة في مايدوگوري. في 15 أبريل، فجر مكتب للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة في مايدوگوري، وأطلق الرصاص على عدة الأشخاص في حوادث منفصلة في نفس اليوم. واشتبهت السلطات في بوكو حرام.
8. وضعت بوكو حرام شروط لتحقيق السلام والسماح لأعضاء الجماعة باستعادة مسجدهم في مايدوگوري، عاصمة ولاية بورنو
9. رفضت بوكو حرام عرض للعفو قدمه الحاكم المنتخب لولاية بورنو، كاشيم شتيما
10. في يوليو 2009 بدأت الشرطة النيجرية في التحري عن الجماعة، بعد تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها. تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي، مما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيري وقدر عدد الضحايا بحوالي 150 قتيل

أثرة جماعة بوكو حرام علي الأمن الإقليمي

تدخلت بريطانيا مع دول المغرب العربي وتعهدت بالمساعدة في التصدي للخطر المتزايد من حلفاء تنظيم القاعدة في المنطقة، ونفوذ بريطانيا في موريتانيا والمغرب والجزائر عادة ما يفوقه نفوذ فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، وأبرزت انتفاضات الربيع العربي والحرب الليبية وصعود تنظيم القاعدة هناك الاهمية الاستراتيجية لهذه الدول، وقال وليام هيج وزير الخارجية البريطاني "نعتقد أننا يجب أن نكثف تعاوننا واتصالنا مع دول هذه المنطقة"، وسعت موريتانيا الى تصعيد القتال ضد تنظيم القاعدة المحلي بعد موجة من الهجمات على جيشها والوافدين الغربيين.
وتعطلت جهود الامن الاقليمي مع دول مجاورة مثل مالي والجزائر بسبب عدم وجود تعاون بين القوات المسلحة الوطنية التي بدأت الان العمل في دوريات مشتركة تحت ضغط من الغرب و القلق من امتداد نفوذ تنظيم القاعدة جنوبا من خلال منطقة الصحراء الافريقية و ان هناك مخاوف من أن يمتد نفوذ تنظيم القاعدة ليصل الى دكل المنطقة حيث اعلنت جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة مسؤوليتها عن تفجير مكتب الامم المتحدة في اغسطس 2010م.
يتضح أن أهم تداعيات بوكو حرام علي الأمن الإقليمي يتلخص في الاتي :

1. لن تقتصر تلك التداعيات على الداخل فقط بل قد تطول الدول صاحبة المصالح الاقتصادية فى نيجيريا,
2. الخوف من حدوث تحالف مستقبلى بين حركة الإصلاح بدلتا النيجر وجماعة بوكو حرام فى الشمال,
3. عدم استقرار الأوضاع الأمنية فى مناطق إنتاج النفط , حيث إن نيجيريا تمتلك أكثر من 6.2 في المئة من احتياطيات النفط العالمية
4. الخوف من أن تتحول المنطقة إلى معقل للجماعات المسلحة حيث أن الفساد والفقر المستشرى فى غرب أفريقيا يوفران تربة خصبة للإرهاب, وهو ما تسبب بدوره في تقلص السوق الاستثمارية
5. تدخلات خارجية بحجة المساعدة في القضاء على الجماعات الجهادية
العلاقة بين بوكو حرام وتنظيم القاعدة
تعد جماعة بوكو حرام النيجيرية أحد نماذج القاعدة المنتشرة حاليا فى مناطق متعددة من العالم. ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاث صور للقاعدة هى:
- القاعدة الأم (المركزية): وهى التى أسسها أسامة بن لادن عام 1998 تحت مسمى الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين.
- الصورة الثانية هى أفرع القاعدة: وهى التى نشأت بأمر مباشر من أسامة بن لادن، ولها مثال وحيد هو تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، والذى يرفع شعار أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.
- الصورة الثالثة هى نماذج القاعدة: وهى الأكثر انتشارا أو شيوعا فى العالم، حيث إن هذه النماذج ليس لها أى علاقة تنظيمية بالقاعدة الأم، وإنما ترتبط بتنظيم القاعدة أيديولوجيا وفكريا فقط، وتستلهم الفكر الجهادى من القاعدة، وترى فى زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن زعيما روحيا لها. ومن أشهر الأمثلة لهذه النماذج فى إفريقيا تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، وحركة شباب المجاهدين بالصومال، وكذلك جماعة بوكو حرام النيجيرية، التى أعلنت أخيرا عن التحاقها بتنظيم القاعدة, مع العلم بأنه ليست هناك علاقة أو اتصال بين الاثنتين.
يبدو أن نماذج القاعدة غالبا، بما فيها جماعة بوكو حرام، تهدف من مثل هذا الإعلان إلى محاولة كسب التعاطف والتأييد من المسلمين العاديين بصفة عامة، والجهاديين بصفة خاصة، نظرا للمكانة الخاصة التى يتمتع بها تنظيم القاعدة فى أوساط المسلمين، والذى دائما ما يطرح نفسه على أنه مدافع عن الإسلام والمسلمين ضد اليهود والصليبيين المعتدين، وبالتالى تتمكن جماعة بوكو حرام من الحصول على الدعم المالى والمادى من المسلمين الموجودين فى هذه المناطق، والذين عانوا لسنوات من الاحتلال، ويرون فيه مثالا للصليبيين الذين تتحدث عنهم القاعدة، وبالتالى يساعدون ويدعمون أمثال هذه الجماعات.
من ناحية أخرى، فإن القاعدة الأم لا تنفى مثل هذه البيانات من التحاق هذه الجماعات بها، وذلك لكى تثبت لأعدائها أن لها قواعد وأتباعا فى مناطق مختلفة من العالم، وأنها صاحبة أذرع طويلة تستطيع أن تضرب بها أعداءها فى مناطق متعددة من العالم.
الجهود المبزولة لإحتواء جماعة بوكو حرام
بذلت دول غرب إفريقيا ونيجيريا جهودا لاحتواء الحركات الإرهابية قبل ظهور جماعة بوكو حرام في شكل تكامل إقليمي خصوصا في سعيها لتجسيد مقاربة جماعية تهدف لتحقيق السلام والأمن والتنمية في المنطقة، فقد ألهمتها حتمية التصدي للتحديات الأمنية اعتماد عدة آليات وأدوات إقليمية لتعزيز الأمن والتنمية والحكم الرشيد وإدارة الصراعات في المنطقة. وتشمل الأدوات التي تهدف إلى التصدي الجماعي لهذه التحديات بروتوكول عدم الاعتداء (1978) والمساعدة المتبادلة في الدفاع (1981)، والبروتوكول المتعلق بآلية منع الصراعات وإدارتها وحلها وحفظ السلام والأمن (1999) والبروتوكول المتعلق بالديمقراطية والحكم الرشيد (ديسمبر/ كانون الأول 2001) واتفاقية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) المتعلقة بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وذخائرها والمواد الأخرى ذات الصلة (يونيو 2006) وإطار منع نشوب الصراعات الذي اتفقت عليه مجموعة ايكواس .
ومن أهم تلك الاتفاقيات الخاصة بالتعامل مع الإرهاب ما تم مؤخرا من اعتماد إعلان سياسي وموقف مشترك ضد الإرهاب، يرسم استراتيجية لمكافحة الإرهاب إقليميا وخطة تنفيذية لمساعدة الدول الأعضاء على مكافحة الإرهاب ، وتهدف الاستراتيجية المذكورة إلى تسهيل تنفيذ الآليات الإقليمية والقارية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب وتوفير إطار عملي مشترك للعمل على مستوى المجتمعات لاجتثاث الإرهاب وما يصاحبه من أعمال، ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تعزز التنسيق فيما بين الدول الأعضاء، وتعزز القدرات الوطنية والإقليمية لكشف وردع واعتراض ومنع الإرهاب، وتعزيز مقاربة العدالة الجنائية، والقيام بما يلزم للوقاية من التطرف الديني ومكافحته وتنسيق وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب
وقد صممت هذه الآليات وغيرها من الأدوات الإقليمية والوطنية الأخرى لمنع وردع واحتواء الأنشطة الإرهابية وأنشطة الجريمة العابرة للحدود في المنطقة، وعلى الرغم من كل الإجراءات والتدابير المذكورة آنفا، فإن الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للقارات ما فتئا ينموان ويعزز بعضهما بعضا في كل أرجاء المنطقة.
تعتبر نيجيريا الفاعل الرئيس في مجال مكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا باعتبار ثقلها الديموجرافي والسياسي والاقتصادي، وما تشهده من عوامل عدم استقرار تتداخل في صنعها العديد من الاعتبارات، وما تملكه من خبرة في مكافحة الإرهاب. وكما تشير التشريعات فى نيجيريا، يقصد بالعمل الإرهابي" العمل الذي ربما يسبب ضرراً خطيراً لبلد ما ،أو لمنظمة دولية يقصد منه ، أو يمكن بشكل منطقي اعتبار القصد منه
إجبار حكومة أو منظمة دولية بدون وجه حق على القيام أو الامتناع عن القيام بعمل ما، تخويف السكان بدرجة خطيرة ، زعزعة النظم السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية الأساسية لبلد أو لمنظمة دولية ، أو تدمير هذه النظم بشكل خطير، التأثير بصورة أو بأخرى على هذه الحكومة ،أو المنظمة الدولية عن طريق التخويف أو الإكراه، يشمل أو يسبب حسب الحالة : هجمات تهدد حياة شخص وقد تسفر عن أذى بدني خطير أو تفضي إلى الموت، هجمات تهدد السلامة البدنية لشخص ما ، اختطاف أحد الأشخاص ، تدمير مرفق حكومي أو عام ، أو نظام للمواصلات ، أو أحد مرافق الهياكل الأساسية ، بما في ذلك نظام الاتصالات ، أو منصة ثابتة بالجرف القاري ، أو مكان عام أو ممتلكات خاصة ، مما يمكن أن يهدد الأرواح البشرية ،أو يسفر عن خسائر اقتصادية ضخمة، الاستيلاء على طائرة أو سفينة أو وسيلة أخرى من وسائل النقل العام أو نقل البضائع ، واستخدام وسيلة النقل هذه في أي من الأغراض المذكورة في الفقرة الفرعية "4" ، صناعة أسلحة أو متفجرات أو أسلحة نووية أوبيولوجية أو كيميائية ، أو امتلاكها أو حيازتها أو نقلها أو توريدها أو استخدامها وكذلك إجراء البحوث في مجال الأسلحة البيولوجية أو الكيمائية وتطويرها دون سند قانوني، إعاقة أو تعطيل إمدادات المياه، أو الطاقة أو أي موارد طبيعية أساسية أخرى، بما يحدث تهديداً للأرواح البشرية ، إطلاق مواد خطرة ، أو إحداث حرائق أو انفجارات أو فيضانات أساسية أخرى ، بما يحدث تهديداً للأرواح البشرية أيضا ، بث أو نشر معلومات أو مواد إعلامية بأي صورة أو طريقة سواء كانت حقيقية أو زائفة بقصد التسبب في نشر الذعر، أو إثارة العنف ، أو تخويف حكومة أو مجموعة من الأشخاص أو شخص ما .
معوقات إحتواء جماعة بوكو حرام

1. تزايد وتعقد البيئة الأفريقية بصورة عامة
تعانى القارة الافريقية العديد من المشاكل الاقتصادية والصراعات العرقية الإثنية، وكذلك الصراعات المسلحة بين الدول بعضها بعضا، نظرا للمشاكل التى خلفها الاحتلال فى القارة الإفريقية، بعد زوال مثل هذه البيئة، التى يسهل فيها انتشار العنف المسلح بشتى صورة وأطيافه، حيث تستغل التيارات السياسية والدينية هذه المشكلات من أجل إيجاد مكان لها وجماعة بوكو حرام قد استغلت مثل هذه الأوضاع، وأوجدت لنفسها مكانا فى نيجيريا، وكذلك فعل تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، وكذلك حركة شباب المجاهدين فى الصومال. فالمؤشرات الأولية تقول إن إفريقيا تربة يمكن أن تنمو فيها التيارات الإسلامية الجهادية، خاصة فى المناطق التى توجد بها صراعات دينية.

2. إنتشار أفكار ونمازج تنظيم القاعدة
أن تنظيم القاعدة أصبح الآن ملهماً لأى جماعة إسلامية عنيفة تريد أن تحقق أهدافها بالقوة المسلحة، مما قد يسهل انتشار مثل هذه النماذج فى إفريقيا، مع ملاحظة أن الفكر القاعدى أصبح يعانى التراجع فى الآونة الأخيرة، وذلك بسبب المراجعات الفكرية للتيارات الجهادية الأهم فى العالم الإسلامى، مثل مراجعات الجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد فى مصر، وكذلك مراجعات الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة فى ليبيا، وغيرها من التيارات الجهادية التى تراجعت عن الفكر الجهادى لما فيه من أخطاء فادحة. بالرغم من الضربات التى تعرض لها تنظيم القاعدة الأم، والتى أدت إلى ضعفه بدرجة كبيرة جدا، حتى إن قادة القاعدة أصبح كل ما يستطيعون فعله هو الاختفاء والهروب، خوفا من القبض عليهم ثم جاءت الثورات السلمية العربية فى كل من تونس ومصر لكى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك فشل الفكر الجهادى والقاعدى، حيث إن هذه الثورات السلمية نجحت فى وقت وجيز، وحققت بأقل التكاليف ما فشلت فيه التيارات الجهادية على مدى ثلاثين عاما، وهو ما أسقط بعض الأنظمة السياسية العربية. كل هذه الأمور لم تؤدي إلى تراجع الفكر الجهادى بصفة عامة، والفكر القاعدى بصفة خاصة.

يستثنى من ذلك نماذج القاعدة، التى هى عبارة عن مجموعات مسلحة، ليس لديها فكر راسخ أو رؤية محددة، وإنما هى تستلهم المبادئ العامة للفكر الجهادى، وتعزل نفسها عن الآخرين، وليس لديها أى نية أو رغبة فى الحوار مع الآخرين لمناقشة أفكارهم التى يرون، بسبب جهلهم، أنها حق مطلق، ونص مقدس لا يمكن الاقتراب منه.

3. ضعف التنمية في غرب أفريقيا
إن أعمال العنف قابل للانتشار والزيادة في نيجيريا ، ما دام هناك الفقر، والبطالة، والفساد، وعدم وجود عدالة فى التوزيع، وعدم قيام رجال الدين الاسلامى بمهامهم على الوجه الأكمل، إضافة إلى الانتهاكات الصارخة التى تقوم بها حكومات بعض الدول الإفريقية تجاه مواطنيها ومعارضيها ،
4. فشل كثير من المفاوضات وتراجع الاطراف
إن إعلان الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان بأن حكومته لا تعقد أي مفاوضات مع جماعة بوكو حرام المتشددة ليؤكد على عمق الأزمة التي تعيشها البلاد خاصة بعد سلسلة العمليات التي قامت بها الجماعة داخل الأراضي النيجيرية ووقوع اشتباكات عنيفة بينها وبين قوات الأمن في شمال البلاد أسفرت عن سقوط أعداد متزايدة من الضحايا. الرئيس جوناثان قد أعلن عدم وجود أية مفاوضات أو حوار بين حكومته وجماعة بوكو حرام المتشددة لأنه لا يمكن التفاوض مع مجموعة "بلا وجه".

رغم إعلان كل من الحكومة النيجيرية وجماعة بوكو حرام استعدادهما للدخول في مفاوضات لوقف العنف وإحلال السلام في البلاد غير أن هذه الجهود باءت بالفشل بعد رفض الجماعة وقف إطلاق النار وتصعيدها المستمر لأعمال العنف التي تستهدف بالأساس عناصر الأمن والمسؤولين الحكوميين وأماكن العبادة المسيحية.، كانت العديد من الجهات قد عارضت منذ البداية عقد مفاوضات مع بوكو حرام , من أبرزها ( الجمعية المسيحية بنيجيريا ), حيث رأت تلك الجهات أنه لا جدوى من فتح باب حوار مع جماعة بوكو حرام بسبب استحالة تحقيق مطالبها والتي من أبرزها فرض الشريعة الإسلامية على جميع أنحاء البلاد بما فيها المناطق ذي الغالبية المسيحية , بالإضافة إلى عدم وجود زعيم ممثل للجماعة أو متحدث باسمها.
إن استمرار الوضع على هذا النحو سيزيد من تفاقم الأوضاع على الساحة النيجيرية فجماعة بوكو حرام قد عادت بقوة إلى ساحة الأحداث من خلال تصعيد ملحوظ في عملياتها أثار قلق الكثيرين , فانتشار العنف واستمرار الهجمات والاضطرابات في البلاد يؤثر سلبيا على استقرار الوضع الداخلي في نيجيريا.

مما زاد الأمور سوءا هو إعلان الجماعة أنها قد التحقت بتنظيم القاعدة وأنها "تعتزم شن سلسلة من التفجيرات فى شمال البلاد وجنوبها , مما سيجعل نيجيريا مستعصية على الحكم" وذلك وفق لما ورد على لسان سانى عومارو , زعيم الجماعة بالنيابة. وقد أثار هذا الإعلان مخاوف عديدة من انتشار نماذج القاعدة فى أفريقيا بشكل قد يهدد أمن واستقرار المنطقة لاسيما أن القارة تعانى بالأساس من الصراعات الدينية والعرقية والطائفية.
إن الجرأة المتزايدة لحركة بوكو حرام النيجيرية هي إحدى التطورات العديدة التي جعلت من غرب إفريقيا منطقة قلق متزايد من الإرهاب، وقد لفتت هذه الحركة انتباه العالم لها في أعقاب تمردها على الحكومة النيجيرية في يوليو 2009، وصعد أعضاء بوكو حرام من هجماتهم التي تستهدف أساسا الأمن والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. كما استهدفت المدنيين والبنية التحتية والزعماء الدينيين والسياسيين ومراكز العبادة والأسواق والمدارس العامة والمستشفيات ومؤسسات التعليم العالي ومقرات المؤسسات الإعلامية وأهداف مدنية أخرى. وقد تطورت تكتيكاتها من مواجهات مفتوحة سيئة التخطيط مع قوات أمن الدولة إلى الاستخدام المتزايد للعبوات الناسفة والاغتيالات المستهدفة والكمائن وإطلاق النار من السيارات المسرعة والتفجيرات الانتحارية.
وتشير التقديرات إلى أنه في ما بين يونيو 2011 وأبريل/ 2013 شنت هذه الحركة ما لا يقل عن 30 هجوما انتحاريا في شمال نيجيريا، كان أغلبها في ولاية بورنو وتشير التقديرات إلى أن هجمات بوكو حرام أدت إلى مقتل أكثر من ستة آلاف شخص منذ 2009، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن تدخل قوات الأمن. ومثل تفجير مقر الأمم المتحدة في أبوجا الذي أسفر عن مقتل 23 شخصا في 26 أغسطس 2011، دليلا دامغا على أن الجماعة تسعى إلى تدويل أعمالها الإرهابية .
خلاصة
إن هنالك ثمة مجموعة من العوامل والاسباب تحول دون إحتواء الحركات التي توصف بإنها إرهابية في منطقة غرب أفريقيا بصورة عامة و دولة نيجيريا بصفة خاصة فاذا كانت نظرية الإحتواء تفترض مبدأ إحتواء الخلافات قبل أن تنتشر وتتحول إلي صراع مسلح فقد تحولت الحركات في نيجيريا من حركة دعوية إلي حركة مسلحة ذات أهداف كبيرة مما يوحي بفشل حل الصراع من منظور نظرية الإحتواء وذلك لان أهداف ومطالب جماعة بوكو حرام تقوم علي مطالب عقائدية لايمكن إحتواءها .



#عمر_يحي_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية الحرب النفسية الامريكية تجاه العراق
- دكتور الترابي دراسة من منظور علم النفس السياسي
- الصوفية و الفكر السياسي الإسلامي
- الفكر السياسي الإسلامي بين اليوتوبيا و الديسيتوبيا


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر يحي احمد - نشاط الجماعات الاسلامية المسلحة ونظرية الاحتواء بوكو حرام نموزج