بين القيمة والحقيقة، النزاهة و الفساد الغير مقصود !

عزيز بولطباق

الحوار المتمدن-العدد: 4849 - 2015 / 6 / 26 - 00:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الفلسفة و العلم ولزمن طويل كانا متعاونين في اكتشاف القيمة والحقيقة، وكان الموضوع منطقيا كأن يكملا بعضهما..لم يكن للفلسفة ان تجيب بحقيقة ما بدقة فكان العلم يفعل، ولم يكن للعلم تقدير القيمة حتى تفعلها الفلسفة .
ذات يوم حينما دخلت مصطلحات جديدة يروج لها أكثر من إشهار سيارات المارسيدس كـ : النسبية، الحداثة وما بعدها، التنوير، الشمولية، المادية ...الخ، دخلت تلك المصطلحات و فرضت قسرا على الفلسفة أن تتأخر و يتوقف إنتاجها ليحل العلم مكانها فانفصلت القيمة عن الحقيقة تماما، فرأينا محاولات لا تنتهي لتفسير العقل والضمير والنفس والإدراك بطريقة كيميائية أو تشريحية بيولوجية، وربما كان من أهم التجارب أيامها محاولة الجراح "ويلدر بانفيلد" اكتشاف العضو المسؤول عن الإدراك ليكتشف أخيرا أنه شيء خارج كيمياء الدماغ تماما، الموضوع لم يتوقف عند تجربة ويلدر أو غيره و لا تزال لليوم محاولات كثيرة لتفسير السلوك الإنساني..طغى على هذا الأخير الاحتكار المادي في التفسير.
لا يشكك في نزاهة العلم والعلماء إلا منظر ساخط لا يفهم ضرورة النزاهة في اكتشاف الحقيقة ، الحقيقة مستحيلة بدون نزاهة ونحن نرى الحقائق اليوم تملأ اوراق البحوث العلمية و نسعد بذلك ونفخر، لكن من جهة أخرى نرى نزاهة العلم والعلماء تفرض بشكل خاطئ عدم استعمال القيمة، فالحقيقة العلمية حقيقة لكنها لا تقترب من القيمة إطلاقا، كمثال.. يعلم الكل ان المعادن تتمدد بالحرارة(حقيقة) لكن ماذا لو طبقنا هذه الحقيقة على طفل صغير و عرضناه للنار؟ النتيجة (الحقيقة) أن الطفل أيضا يتمدد بالحرارة.. سيخرج احدهم ليقول أن هذه تجربة مشؤومة شريرة لأنها ستقتل طفلا(القيمة)، لكن العلم والعلماء يناقشان الحقيقة وهي تمدد الطفل بالحرارة فنلاحظ هنا غياب (القيمة)، فمع العلم المادي لا وجود للقيمة..هي الحقيقة فقط، والاستجابة التي تفسر الاشمئزاز من شر التجربة التي تعارض الحقيقة العلمية لا مكان لها في البحث العلمي، ومنه فانفصال الحقيقة عن القيمة يؤدي إلى فساد ولو كان غير مقصود.
تجربة التوائم في زمن النازية حينما كانوا يعرضون طفلا للتجميد و يدرسون تأثيرها على توأمه كانت لها نتيجة فعلا وهي وجود تأثر بنمط معين، تجربة فرنسا مثلا في تفجير قنابل ذرية في صحراء الجزائر كانت لملاحظة تأثيرها على الانواع خاصة البشري وكانت لها نتائجها... التجارب كثيرة ووجدت النتيجة العلمية و كانت تتعرض للحقيقة فقط.
لا يمكن أن نؤمن بالقيمة فقط دون الحقيقة، لا يمكن أن نؤمن بالحقيقة فقط دون القيمة، وبينهما يقع الإنسان في دوامة بين قيمته العلمية و حقيقته الفلسفية

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل