تامر عماد سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 4847 - 2015 / 6 / 24 - 13:02
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الثورة ...
كلمة كبيرة الوصف صعبة التنفيذ , لا يمكن لأي شعب في العالم التحرر من تبعيته للإحتلال و عنجهيته و هيمنة الرأسمالية القذرة على مقدرات الشعوب سوى بالثورات , و لكن المؤلم صراحةً أن المتتبع للمسيرة النضالية للشعب الفلسطيني يجدها زاخرة بالمواقف البطولية و الإنتفاضات و الثورات الشعبية في وجه الإنتداب البريطاني سابقاً و الإحتلال الصهيوني حالياً .
لكن و بعد مرور قرابة العشرون عاماً على إتفاقية العار , إتفاقية إوسلو المشؤومة التي لم تجلب لشعبنا الفلسطيني سوى الويلات و التبعية الإقتصادية المقرونة بشكلٍ أساسي بإتفاقية باريس الإقتصادية التي توجب إقتران و تبعية الإقتصاد الفلسطيني بإقتصاد ما يسمى ب " دولة إسرائيل " , و بعد مرور ما يقارب التسع سنوات على حكم حركة المقاومة الإسلامية "حماس "و تفردها بالحكم بعد إنقلاب عسكري دموي قامت به في قطاع غزة و إنفراد السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بحكم الضفة الغربية مما رسخ سياسة الإنقسام الغاشم بين أبناء الوطن الواحد و الشعب الواحد , في ظل تقاعس اليسار الفلسطيني و تشتته و إبتعاده عن أدبيات الثورة و أوجاع البروليتاريا و الجماهير و قضية الوطن .
إن الموضوع المحوري في مقالتي هذه أن الشعب الفلسطيني أصبح بليداً , غير مبالياً بما يقوم به طرفي الإنقسام سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة , فالمتأمل لأحوال شعبنا يستغرب حقاً أن الحياة ممكن في ظل تلك الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ تسمة سنوات بالذات ,ففي مرحلة حكم و سيطرة حركة "حماس " على قطاع غزة نشطت الإعتقالات السياسية , و و تجارة المخدرات و رواج مخدر " الأترامادول " و غيره بين الشباب , و تفشي البطالة و إرتفاع معدل الجريمة , و لكننا لا نريد في نفس الوقت أن نكون متحيزين لجهة السلطة و ما تقوم به في الضفة الغربية من إعتقالات سياسية أيضاً للطلبة و مناصري حركة حماس و كل من يقوم بمقاومة الإحتلال بأي شكل كان , و التنسيق الأمني الذي لا يخدم الشعب الفلسطيني عشر ما يخدم الكيان الصهيوني المسخ و إبتعاد قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية عن خيار الثورة و الكفاح المسلح و الذهاب لطاولات المفاوضات العقيمة المتعطلة منذ أكثر من عشرون عاما ً!
و ما يزيد الطين بلة و يؤلم حقاً هو الصمت , نعم الصمت ! الصمت الذي يخرق كل أبعاد المنطق و العقل , الصمت الصارخ الذي نراه يخيم على مخيماتنا , شبابنا , شيوخنا , نسائنا , و كل من هو بصفة " مواطن فلسطيني " , الئين وجدوا إنفسهم تحت مطرقة الإحتلال الصهيوني و حروبه المتكرر و حصاره , و سندان الإنقسام و رواسبه من قوانين و مسلكيات و ظواهر غريبة عن شعبنا الفلسطيني و من أغرب و أكبر الأمثلة على ذلك ضريبة التكافل ! التي فرضتها حكومة قطاع غزة ممثلة بحركة حماس متعاونةَ مع ما يسمى ب حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء رامي الحمد لله , هذا القانون الذي فرض ليس في المكان المناسب و هو " قطاع غزة " المحاصر و المثقل بهمومه الإقتصادية و بالبطالة , و ليس بالوقت المناسب و خاصة بعد الخروج من حرب ثالثة إودت بقرابة الألفين شهيد و عشرة آلاف مصاب , في ظل تعثر و شلل في عملية الإعمار للبيوت المهدمة و تشرد السكان و المواطنين في مدارس وكالة الغوث و تشغيل اللآجئين حتى يومنا هذا .
أين أنتم يا شعب الجبارين ؟ أين الشعب الفلسطيني الذي علم العالم كله معنى الثورة و الإنتفاضة في وجه كل محتل و ظالم ؟ هل أصبحنا من ذاك النوع من الشعوب التي تتبع سياسة " الكابونة " ؟ هل أصبحنا من تلك الشعوب التي تصبح رمزاً للسكوت و الخنوع على الظلم و الحصار و الأمراض و الحروب و البطالة ؟ أين نظرتنا لمستقبلٍ أفضل ؟ أين الطاقات الشبابية الكامنة ؟ إلى متى سنبقى ساكتين على هئا الوضع المخزي الغير محتمل , فعلاً لقد أصبحنا بلداء !
و كما قال الرفيق الدكتور جورج حبش , " ثوروا فلن تخسروا سوى القيد و الخيمة " .. علينا نحن الآن أن نقول " ثوروا فلن تخسروا سوى الحصار و الإنقسام " .
نريد أن نسمعها لتلك القيادات الصماء , التي أدارت ظهورها لمعاناة شعبها و ذهبت للمفاوضات , التي إستباحت دماء الشعب و نهشت لحومهم حين جاعت و تسلقت للوصول للمناصب , كفى ! نعم كفى و ألف كفى !!
كفاكم ظلما ً, كفاكم بيعاً للوطن , كفاكم نهبا ًو سرقة , كفاكم تمثيلاً للوطنية و الشرف !
و يا شعبنا الفلسطيني البطل , توحدوا ثوروا على الطغيان و الطبقة الرأسمالية الحاكمة لكم , فأنتم أبناء الطبقة , أنتم الشرفاء و الثوار , و أنتم من يجب أن يصنع و يتخذ القرار .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟