أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سومر جباوي - وكان الله هناك














المزيد.....

وكان الله هناك


سومر جباوي

الحوار المتمدن-العدد: 1340 - 2005 / 10 / 7 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


هذه ليست قصة الله…
هذه قصتك أنتي…
أنتي أيتها المسافرة في غياهب الزمن…
لا تدرين ماذا يخبىء لك الله…
وملائكته ورسله….




حلا…
سيكون هذا إسمك، ولا تغضبي فهو إسم جميل

المكان…
قرية نائية شاءت لها الأقدار أن تغفو على أقصى طرف قي ثوب الوطن المترامي الأطراف

الزمان
فقط خمسة دقائق منذ أن رن جرس مدرستك الصدىء…

العلامة الفارقة
فتاة ترتدي بذلة الفتوة، تحمل كتباً تغطي بها ما برز من صدرها، وهذا التحول الفسيولوجي الذي لم يكن في حسبانها

القصة من أولها
خطوات… خطوات في طريق مستقيم… وأقصر طريق بين نقطتين الخط المستقيم. النقطة الأولى، مدرسة القرية الوحيدة ذات السقف التوتيائي، والنقطة الثانية دارك حيث ينتظرك أب هرم وأم مسكينة… تعلمت في أكاديمية هذه الدار البسيطة أولى قواعد الهندسة الرياضية… لا شيء كالخط المستقيم… أما المثلث ونصف الدائرة وشيه المنحرف، فهي أشكال منحرفة لا يصح لفتاة مثلك أن تتعرف عليها…
وتبقى خطواتك في الطريق الموحلة هي ما يجب أن تعرفيه دائماً… واحد إثنان، ثلاثمئة وسبعة وستون خطوة هي تماماً المسافة بين النقطتين، ثلاثمائة وتسعة وتسعون في بعض الأوقات المنتظمة من الشهر… فأنتي فتاة.
خطوات.. خطوات.. وخطوات… وينتهي الطرق حيث تقف أمك العجوز على باب الدار تنتظر عودتك، وستزم شفتيها حين تراك كما تفعل دائماً، وتدخل إلى الدار… خطوات..خطوات.. وخطوات، ويلوح الدكان الأبيض الجديد، خطوات وخطوات، ويصبح بإمكانك أن تري الأشياء الجميلة في واجهته، أشياء من الشام…خطوتين فقط وهأنتي على باب الدكان…أظن يا فتاتي أنك خرجت عن السراط المستقيم… ويطير الخبر في كل مكان…
"مرحباً"… قلتيها بخجل طفولي بريء…
يرفع شاب أسمر وسيم هو كل ما قدرت لك الأقدار أن تريه داخل هذا المحل..
"أهلاً" يرد ببرود ولامبالة، ويعود لينظر في صحيفة سمراء…
"هل لديك علكة؟"
يمد يده تحت الطاولة، يخرج علبة صفراء صغيرة… يضعها على الطاولة ودون أن ينظر إلى وجهك..
"خمس ليرات"…
تضعين النقود وتخرجين…إلى خطك المستقيم..
خطوات… خطوات… وخطوات… وتسألين نفسك لماذا لم ينظر إلى وجهي…هل هو خجول…
خطوتين فقط، ويبرز سقف دارك من أسفل الطريق… ولكنها ليست الطريق… ودارك ليست تلك الدار… حشد من الناس واقفين أمام الدار… عمك أبو جاسم، وعمتاك نجلا وفاطمة، ولفيف من الحضور تعرفينهم ولا تعرفينهم… خطوة خطوتين… وتسمر عيناك إلى ذاك الرأس الأشيب الواقف في شرفة دارك، متمنطقاً حزام الرصاص، حاملاً بندقية الصيد التي اعتدت أن تريها في مضافتك… مضافة دارك…
خطوة ، خطوتين، ثلاثة… وتسمعين أحدهم يصرخ هذه هي ال….. ويتناثر باقي الكلام في الهواء… إذن يا فتاتي وبصريح العبارة هذا الحشد في إنتظارك… تقبضين على العلبة الصفراء، وتشدين الخطا إلى آخر الطريق…
خطوة خطوتين ثلاثة… ويدوي صوت قوي كقصف الرعد… ويهتز جسدك النحيل ولكن قدماك مازالتا تسيران إلى آخر الطريق… تهتز قدميك قليلاً ولكنك تتابعين السير وأنتي تقبضين على العلبة الصفراء… لحظات ويقصف الرعد من جديد… وتهوين على ركبتيك…رأسك ينحني إلى الأسفل… تشاهدين نقاط الدم تتجمع أمام عينيكي… واحدة اثنتان ثلاثة… تتجمع النقاط اللامعة في مرح طفولي… تتدافع امام ناظريك، كما تتدافع حبات التفاح الأحمر في القرية عند القطاف… ترفعين يدك والعلبة الصفراء في مرمى نظر الرأس الأشيب… ثم تهوي العلبة من يدك… صداع غريب…صوت شلال هادر وقوي آت من بعيد.. نقطة بيضاء… تتسع وتتسع…أصوات غمغمات من البشر، ربما زغاريد…لحظات ويتحول كل شيء إلى لاشيء…
لكنك ما زلت هناك، ستبقين مسجاةً على بعد خمسة عشر خطوة من النهاية، هي تماماً عدد سنوات التي شاءت لك الأقدار أن تعيشيها… ستبقين مسجاةً دون أي مقاومة، كما كنت تسلكين طريقك المستقيم دون أي مقاومة… زغاريد كثيرة.. دمعتين في عيني أمك العجوز هي كل ما استطاعت فعله…وكان هناك، عمك، وعمتاك… والرأس الأشيب والدك… وكان هناك الجيران وأقاربك الأقربون والأبعدون… ولفيف من الحضور، وكان الخلق كلهم..
وكان الله…معلقاً هناك



#سومر_جباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((المجدليات))


المزيد.....




- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سومر جباوي - وكان الله هناك