أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - امل الطائي - اغتيال الطفولة















المزيد.....

اغتيال الطفولة


امل الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 4844 - 2015 / 6 / 21 - 10:01
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    



الطفولة ذلك العالم الجميل الذي نحن له بين الفينة والأخرى , الملئ بالإسرار والجمال حتى قيل " الطفولة تعني البراءة والنقاء والتلقائية في التعبير والتصرفات التي تضحكنا أحيانا وتقلقنا في أحيان أخرى" .

ومنها نستشف أو نحاول فك رموز شخصية هذا الطفل والتنبؤ بما سيكون عليه في المستقبل ,ونبني على ذلك ملاحظاتنا للبدء ببناء اللبنات الأساسية لشخصية هذا الطفل, وفي كل لحظة وفي كل خطوة تدعوا الأمهات والإباء إن تتوافر لفلذات أكبادهم فرص مواتية من العيش الرغيد والسعيد ولا يتوانون عن بذل قصارى جهدهم لأجل ذلك.

ويمكننا القول انه يكاد لا يخلو بيت من وجود طفل أو لنقل مجموعة أطفال في مراحل عمرية مختلفة و متباينة في الاتجاهات والطموح , والاهم من ذلك التباين هو كيف يقضي الطفل وقته في اللعب وأي الألعاب باتت تمتعه ؟ .
نحن ندرك إن لكل وقت وزمن ألعابه المفضلة وكلما زاد تطور المجتمعات تغيرت الأنماط في اختيار الطفل لألعابه .

ولو استعرضنا التطورات الهائلة التي حصلت في القرن الماضي والانفجار الذي حصل في المعلوماتية وتقانة الكومبيوتر وانعكاساتها على لعب الأطفال, أدركنا مدى التغير الحاصل في اختيار الطفل لألعابه وانعكاس ذلك على بناء شخصيته وصيرورته.

نسمع بين الآونة و الأخرى إن الطفولة في هذا الجيل أو ذاك فقدت مصداقيتها وان لدى الأطفال نضج مبكر وعادة الأمهات يشتكين من ذلك ونسمع الكثير من العبارات الدارجة التي تدل على ذلك سواء في البيت أو في المدرسة مثل عبارة ( أطفال لو شياطين ) .

سابقا كنا ننظر للطفل على انه الملاك الطاهر أو هكذا يخيل لنا, إما ألان فالموضوع مختلف جملة وتفصيل.

كان الأطفال أو اغلبهم في منتصف القرن الماضي ودودين أكثر واجتماعيين أكثر,
حيث يقضوا أوقاتهم باللعب كمجموعات في العاب متوارثة وشعبية ويغلب عليهم طابع الطيبة والبراءة موجودة نستطيع إن نستشفها بشكل او بآخر او بمعنى أدق كان الطفل ودود.

ولكن تدريجيا ومع الانفجار الهائل الذي حصل في تقانة الكومبيوتر وتطوير الألعاب الالكترونية التي صممت خصيصا للأطفال اختلف الوضع تماما أصبح الطفل عدائي أكثر وشرس .

أصبح الطفل ينظر للعالم ( بعيون مربعه ) دلالة على قضاء جل وقته مشاهدة أفلام الألعاب المتحركة أو ما نسميه (بأفلام كارتون) و قضاء الوقت المتبقي في العاب الاكشن من خلال اللعب بما يسمى ب ( ألبلي ستبشن) Play station
إن ابتعاد الطفل عن مجتمع الطفولة وتفضيله لقضاء جل وقته إمام شاشات التلفاز والحاسوب احدث انقلاب في عالم الطفولة إن لم نقل كارثة تشبه الكوارث البيئية التي تجتاح مكان ما من إرجاء المعمورة وتلقي بظلالها الثقيلة على الضحايا.

قد يكون التشبيه عنيف نوعا ما ولكن هذه هي الحقيقة التي بدأت تعاني منها الأسر والمدارس على حد سواء وتكاد تكون هذه مشكلة عامة لجميع المجتمعات المتطورة والنامية.

وبدأت هذه الألعاب تسلخ الطفل عن مجتمعه وتسرق طفولته إمام مرأى ومسمع الجميع , ويقف الوالدان عاجزان أمام حل هذه المشكلة وواقعان بين مطرقة التطور والتكنولوجيا وبين سندان طلبات الطفل وتلبيتها كي لا يشعر الطفل انه أقل من أقرانه.

فيضطر الوالدان لتلبية رغبات الطفل دون إن يمعنوا النظر فيما ستؤول له الأمور خصوصا بعد انتشار أجهزة الهاتف المحمول بكل أنواعها وبرامجها وتطبيقاتها وهذا موضوع يستحق البحث والتمحيص سأتناوله في بحث لاحق.

إن الدراسات الحديثة أثبتت ان انغماس الطفل في الجلوس إمام شاشات التلفاز والحاسوب والهاتف المحمول عدد ساعات أكثر كلما كان أكثر عدائية وابتعد أكثر عن مجرى الطفولة ويميل إلى العزلة والتفرد وعدم الانخراط في الألعاب الجماعية ومن ثم يكون أكثر إهمالا لواجباته المدرسية ويميل لاستخدام العنف أكثر في علاقاته بذويه او أقرانه.

ومن ناحية أخرى نلاحظ إن الألعاب الالكترونية نمطية وتكرر نفسها وفي ذات الوقت يركز الطفل بحواسه على متابعتها بتركيز كبير كي يجاري هذه اللعبة أو تلك , قد يشترك طفلان في انجاز اللعبة كل واحد يمثل فريق أو يمثل نفسه.

ولكن استغراق الطفل في انجاز الشوط وتحقيق الفوز يستهلك الكثير من طاقته الذهنية والبصرية كما إن الاستخدام المبكر لأصابع اليد ومفصل الرسغ لتصويب الهدف يسهم في تدمير المفاصل او ما نسميه بالتلف المبكر للمفاصل ناهيك عن وضعية الجلوس التي تكون خاطئة في اغلب الأحيان وتؤدي إلى عواقب جسيمة لصحة العظام و تمفصلاتها.

ونلاحظ ان الكثير من الأمهات وحتى الكوادر المتعلمة منهن يسمحون لأطفالهم باللعب ولفترات طويلة بتلك الأجهزة لإلهاء الطفل وبالتالي يكون لديهن فسحة من الوقت لانجاز الإعمال البيتية أو إعمال أخرى كي لا يضايقهم الطفل ويتركونه مستغرق ولساعات طويلة في مشاهدة الأفلام او هذه الألعاب ,
ولو تدرك الأمهات الضرر المترتب على صحة أطفالهم من جراء ذلك لما جازفوا بصحة أطفالهم مقابل ساعات قليلة لانجاز مهام أخرى.

أنهم لا يدركون إن بعملهم هذا يغتالون طفولة أبنائهم بكل ما تحويه كلمة اغتيال من معنى وان الطفل سينشأ عدائي ويغرز لدية حب العنف من خلال كثرة المشاهد اليومية المتكررة بهذه الألعاب وان شخصية الطفل ستكون بعيدة عن الواقع وعند ذلك سيحاول الطفل تقليد هذه الشخصيات بشكل او بأخر وهذا شئ مجبول عليه الطفل .
سينشأ الطفل على حب هذا الفارس او ذاك او حب بطل الفضاء فلان او فلان ويكون له قدوة وهنا الطامة الكبرى هو يتعلق بشخصية وهمية مبرمجة ذات قوى خارقة لا يجاريها احد في السرعة والانطلاق ووو.

بينما المفروض إن يكون للطفل قدوة من مجتمعه من واقعه ان يستلهم فكر فلان او فلان من عباقرة هذا القرن ان يتأثر بأشخاص حقيقيين ناضلوا لأجل ان يرتقوا بالعلم والمجتمع ان يدرس سيرة حياتهم ويحللها بدلا من الاستغراق في مجاراة لعبة غبية صممت للقضاء على مواهب لطفل واستغلال حواسه واستهلاكها.

وبعد إن يدمن الطفل على استخدام هذه الألعاب يبدأ الوالدان بالتذمر من تدني المستوى الدراسي والتعليمي للطفل وعدم إبداء المساعدة أو الانخراط في العمل الجماعي وانزواء الطفل في قالب معين وتفرده وأنانيته , هذه بعض المضار الناتجة عن استغراق الطفل في ممارسة هذه الألعاب وأحيانا يصل لمرحلة الانطواء الكلي أو الإعياء الحاد لامتناع الطفل حتى عن الأكل أو الشرب وجل همه إن ينجز أو يفوز بالشوط كي يرتقي إلى المستوى الثاني .
إن القائمين على تطوير هذه الأجهزة و الألعاب هم مجرمون من طراز آخر هم لايقتلوا أطفالنا بالقنابل أو الرصاص او الكيماوي هم يغتالون طفولتهم في عقر دارنا!!!

هذه صرخة نطلقها لتنبيه أولياء الأمور للانتباه !!
لا تجعلوهم يسرقوا طفولة أبنائنا , دعونا نتصدى لهم من خلال توفير جو ملائم ونظيف يستمتع فيه الأطفال بقضاء أوقات في الاندماج بالمجتمع ومع الأطفال فنخصص لهم وقت مثلا للسباحة ووقت آخر لكرة القدم أو التنزه أو قراءة قصة أو حتى اللعب بالرمل وتكوين نماذج منه أو الطين الاصطناعي.

وتخصيص وقت أخر للرسم أو الخط أو سماع الموسيقى أو الرقص كل هذه النشاطات تبعد الطفل عن الاستغراق في مشاهدة ما يجعل عيونه مربعة وتنمي شخصية الطفل وتجعلنا نكتشف مواهبه ومواطن الضعف والقوة في كينونة شخصيته.

ولا بأس ان يتخلل ذلك مشاهدة أفلام كارتون لوقت محدد وان يساهم الوالدان باختيار القنوات الرصينة وتشفير القنوات الأخرى .

وخلق جو من الوئام والتناغم الاجتماعي وتعليم الطفل على المبادرة بالسؤال وخلق روح الإبداع وحب الفن والمشاركة وتعويده على الحوار بشكل هادئ وموضوعي وإقناعه بما هو أفضل حتى وان استغرق منا ذلك وقت طويل لان المجتمعات لن ترقى إلا بالإنشاء الصحيح للأطفال ودعم الطفولة.





المهندسة أمل كاظم الطائي
21 حزيران 2015




#امل_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - امل الطائي - اغتيال الطفولة