أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عثمان - في تحويل الفضيحة إلى فتح رباني - ملاحظات حول ما جرى في جنوب أفريقيا















المزيد.....

في تحويل الفضيحة إلى فتح رباني - ملاحظات حول ما جرى في جنوب أفريقيا


أحمد عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 13:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
تحاول حكومة المؤتمر الوطني عبر مصادرة الرأي الآخر و الإنفراد بأجهزة الإعلام المسيرة بواسطة التضليل و الرقابة من جهاز الأمن، أن تبيع الوهم لجماهير الشعب السوداني، و لكنها تفشل لسوء إدارتها لآليات عصف العقول. و ما تقوم به في خصوص ما جرى في جنوب أفريقيا لرئيسها، هو أصدق مثال على ما نقول. فبالرغم من أن الرئيس قد مر بفترة عصيبة أهدرت هيبته و أنزلت مرتبته من رئيس يشارك في قمة أفريقية إلى ممنوع من السفر لحين الفصل في طلب القبض عليه، والبون بين الوضعين شاسع ، وهذا أمر واضح لكل ذي عينين و لا يمكن إخفاؤه. وهو وحده يؤكد مدى الفضيحة التي حدثت للحكومة ، دون الأخذ في الإعتبار و اقعة الهروب الكبير و إهانة القضاء في الدولة المضيفة.
(2)
و قبل كل شئ، أكدت الإجراءات التي تم إتخاذها أمام محكمة بريتوريا في مواجهة الرئيس البشير، أن أوامر التوقيف أو القبض الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الرئيس، معتبرة و فاعلة ، بدلالة أن القضاء الوطني في دولة بحجم جنوب أفريقيا قد أصدر قراراً بمنع سفر الرئيس البشير إستناداً إليها لحين إتخاذ قراره بتنفيذها من عدمه. أي أنها شكلت أساساً لإجراءات قضائية في مواجهة الرئيس البشير أدت إلى صدور قرار بمنعه من السفر. و لا يقول قائل أن منع السفر من الممكن أن يصدر حتى في حالة المنازعات المدنية لإضعاف أهمية القرار، وذلك لأن القرار صدر في إجراءات جنائية أولاً، ولأن المهم أن الأوامر المذكورة كانت أساس صدوره. و هذا يعني ببساطة أن الحكومة السودانية تكذب حين تقول أنها هزمت المحكمة الجنائية الدولية، و تذهب عريضاً في المبالغة حين تقول أنها دفنتها.
يضاف إلى ذلك أن إجراءات نظر طلب صدور أمر بالقبض على الرئيس البشير و تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية مازالت قائمة أمام المحكمة ببريتوريا، وهذا يعني أن القضاء الوطني بجنوب أفريقيا من الممكن أن يصدر أمراً بالقبض على البشير في حال و طأت أقدامه تراب تلك البلاد أو تواجد فيها. و إن حدث ذلك سوف تكون هذه أول مرة في التاريخ يصدر قضاء وطني أمراً بإلقاء القبض على رئيس دولة أخرى و هو على رأس عمله، مما يعني فعلياً أن أوامر القبض في مواجهة الرئيس البشير ملزمة وواجبة التنفيذ. و صدور أمر المنع مع الإستمرار في الإجراءات و مطالبة حكومة البلد المضيف من قبل المحكمة بأن توضح كيف سمح للبشير بالسفر بالمخالفة لأمر المحكمة، يؤكد بأن المحكمة الجنائية الدولية لم تكن في تاريخها قريبة من القبض على مجرمها الهارب مثلما كانت في جنوب أفريقيا. أي أنه على عكس ما تشنف به حكومة السودان آذان الناس من أن البشير انتصر على المحكمة المذكورة، أوشكت المحكمة أن تضعه في طائرة و تحمله إلى مقرها.
(3)
ما جرى بجنوب أفريقيا يظهر ضعفاً واضحاً في تقدير الحكومة السودانية لتعقيدات وضع رئيسها المطارد جنائياً، فهي تضع بثقلها خلف العوامل الأمنية السياسية، و تتناسى الجانب القانوني تماماً. إذ أنه من الواضح أن سفر رئيسها للقمة قد تم التعويل فيه على قرار القمة الأفريقية بعدم تسليم الرؤساء للمحكمة المعنية وعدم التعاون معها، وعلى ماصدر من الوزير المختص بجنوب أفريقيا من حصانة منحت للوفود المشاركة في القمة نشرت في الجريدة الرسمية. و لكنه اعتمد أكثر على ما هو خلف هذه الأدوات ، من تواطؤ مجرمي أفريقيا الذين يرأسون بلدانها المنكوبة على عدم حدوث سابقة قبض و تسليم تجعلهم عرضة لمثل هكذا إجراءات، وعلى إلتزام جنوب أفريقيا بهذه الأدوات. و تم تناسي أن أي إجراءات قضائية سوف تضع هذه الأدوات في مواجهة القانون الذي تم بموجبه المصادقة على ميثاق روما و انضمام جنوب أفريقيا للمحكمة الجنائية الدولية، و قرار مجلس الأمن بالرقم 1593 و الذي أسقط الحصانة عن الرئيس البشير و طالب حكومة السودان بالتعاون التام و تقديم المساعدة المطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية.
(4)
عند التعارض بين الحصانة المعطاة للرئيس البشير بموجب قرار الوزير المختص بجنوب أفريقيا و قرار القمة الأفريقية بعدم التسليم مع قرار مجلس الأمن الذي نزع الحصانة و ميثاق روما الذي أصبح جزءاً اصيلاً من قوانين دولة جنوب أفريقيا، يصبح الأمر على أقل تقدير خاضعاً لسلطة القضاء التقديرية أي جانب يريد أن يغلب. أي أن حكومة السودان قد وضعت رئيسها تحت سلطة محاكم جنوب أفريقيا و عرضته لخطر القبض عليه فيما إذا قررت هذه المحاكم أن تغلب ميثاق روما و قرار مجلس الأمن المذكور. و إذا أخذنا في الإعتبار أن هنالك حديثاً واسعاً حول أن قرار الوزير المعني الذي أعطى الرئيس الحصانة و المبني على إتفاق مع الإتحاد الأفريقي مخالفاً لدستور جنوب أفريقيا، يصبح الأرجح هو أن تأخذ المحكمة المختصة بواجبات جنوب أفريقيا و قرار مجلس الأمن ذو الصلة و أن تأمر بإلقاء القبض على الرئيس البشير. أي أن القراءة القانونية لوضع الرئيس ترجح أن يتم القبض عليه بدولة جنوب أفريقيا، وهي القراءة التي كان يجب التعويل عليها بدلاً من تغليب الإعتبارات الأمنية والسياسية. وذلك ببساطة لأن الرئيس البشير يواجه في المقام الأول أزمة قانونية لها أبعاد سياسية، مما يحتم الإنتباه للتعقيدات القانونية أولاً عند التفكير في سفره. و لكن الحكومة السودانية آثرت منذ البداية إدارة معركتها مع المحكمة الجنائية الدولية على أساس أنها معركة سياسية لأنها تعلم أن خسارتها حتمية إن هي أدارتها على أساس قانوني من حيث الموضوع. و هذا لا يعفيها بالطبع من النظر إلى الجانب القانوني من ناحية إجرائية فيما يتعلق بسفر رئيسها و أوامر التوقيف و القبض الصادرة في مواجهته. و هذا يعني أن الحكومة التي زينت للرئيس السفر للقمة قد فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة مخاطر هذا السفر الذي تحول إلى أزمة لم تنجح في تجاوزها إلا بخسائر واضحة و كبيرة سوف نعرض لها لاحقاً، فأين الفتح الرباني هنا؟
(5)
سفر الرئيس البشير عائداً من جنوب أفريقيا أو هروبه كما تسميه الصحافة العالمية، هو رسالة عدم إحترام واضحة لقضاء جنوب أفريقيا، وتجاهل للنظام القضائي في ذلك البلد الذي كفل له الدستور السلطة في إتخاذ الإجراءات القضائية في إستقلال تام، و أوجب على السلطة التنفيذية تنفيذ قراراته. و هذه إهانة مباشرة لشعب جنوب أفريقيا العظيم صاحب الضيافة و مصدر الدستور المذكور. أما مساعدة السلطة التنفيذية الرئيس البشير على المغادرة بالمخالفة لأمر المحكمة إن ثبت - وهو مازال قيد التحقيق – فإنه يعني أن السلطة التنفيذية قد خالفت الدستور بمساعدتها للرئيس البشير على المغادرة و عدم تنفيذ أمر المحكمة. وهي حتى هذه اللحظة تحاول تفادي الحرج الذي أوقعها فيه البشير بالقول أن إسمه لم يكن ضمن المغادرين بالطائرة الرئاسة ، أي أنه هرب و غادر من البلاد بصورة غير مشروعة. وفي كل الأحوال ، مغادرة الرئيس البشير جنوب أفريقيا برغم وجود أمر قضائي بعدم المغادرة في مواجهته، أمر مهين لشعب جنوب أفريقيا المضيف ، وجالب للحرج للحكومة التي إستضافته، فهل هذا هو الفتح الرباني الذي تحدثنا عنه حكومة السودان؟
مفاد ما تقدم هو أن سفر الرئيس البشير للقمة الأفريقية كان قراراً خاطئاً نتجت عنه فضيحة كاملة الدسم و فشل مدوٍ لحكومته في حال النظر إليه نظرة موضوعية تحتكم إلى القوانين و العلاقات الدبلوماسية بين الدول كما يعرفها العالم. و أن أي محاولة لتصويرها بأنها نجاح لمجرد نجاح الرئيس في الهروب من الإجراءات القضائية، هي محاولة أكثر من فاشلة.



#أحمد_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في السودان (إنتخابات الإستمرارية لا إنتخابات الشرعية الديمقر ...
- النظام السوداني ( تحول إستراتيجي أم تموضع تكتيكي؟)
- لماذا انتشر الإسلام السياسي؟
- دلالات إيجابية في السياسة السودانية!!
- الحوار تحت أسنة رماح الجنجويد !
- عقبات في سبيل تأسيس أحزاب سياسية سودانية جديدة
- جنوب السودان - مضمون النزاع وآفاق الحلول
- الأخوان المسلمون والفشل الإستراتيجي
- سيناريو الخراب المحتمل -إتهام جديد لحزب الله!-
- ما لاتريد الحركة الشعبية أن تراه!
- ماذا لو
- نورونا ياهداكم الله ! أو في الإستفتاء و دعوى الكونفيدرالية ! ...
- الى الصحفي سردش
- إتفاق الدوحة الإطاري (مزالق وسقوف)
- السودان ونذر التفكك (مخاطر الإنفصال على دولتي الجنوب والشمال ...
- إستفتاء سويسرا (أفول المآذن أم سقوط حرية المعتقد؟)
- نرجوكم…….. قاطعوها يرحمكم الله
- المعارضة السودانية (إرتباك الأداء وإضعاف الحجج)
- خطوات محسوبة ضمن تداعيات مذكرة توقيف البشير
- تأجيل الإنتخابات أولى تداعيات مذكرة توقيف البشير


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عثمان - في تحويل الفضيحة إلى فتح رباني - ملاحظات حول ما جرى في جنوب أفريقيا