طيف غسان
الحوار المتمدن-العدد: 1338 - 2005 / 10 / 5 - 12:22
المحور:
الادب والفن
( احتفالية لمراسم الدفن )
هي : بإصرار , يملئها بموجات زائفة من القوة, تأملت عبوسه أثناء الحديث .
هو : يعلم جيدا أن عبوسه له تأثير . على خلاف ما يمكن أن يتوقعه المشاهد . فهي تزداد لهفة بعزوفه عنها . لكنه مع ذلك لا يفعله تعمدا . فقد أصبح العبوس مكونا هاما من سلوكه
هي : رغم توقع سلوكه المنزوي ,و العنيف في آن . انتابتها رغبة جارفة في الاقتراب . لم تحتاج إلى ردع رغباتها نحوه . لأن عجرفته الأخيرة , وصراخه المدوي تكفلا بالأمر . لن تعود أبدا . هذا كل شيء .
هو : في اندهاش من تماسكها ,تسائل في نفسه , أين أتت بمظاهر القوة ؟ لابد أن هناك آخر . ما بالها لم تعد تذرف الدموع . أو تحوم حوله كقط .
هي : مرت أيام . كيف يستطيع أن يتذكر غضبه منها . ويظل بنفس قوة حدوثه الآني . هي نفسها قد تستيقظ في الصباح , فتنسى أنه أهانها . وقد تبتسم لإطلالة عينيه بإحساس طازج باللهفة . ثم ومع نبرات صوته الطاردة . تتذكر أنه مازال في فترات الحرب ,غير المعلنة . والتي قد لا يهدف منها سوى غضب طفولي .
هو : لم تعد تهدهده كما السابق . وبذلك لا يكتمل المشهد أبدا . كما يحلو له . لم تعد تتح له فرصة الصعود على خشبة المسرح , والانتقال بين جنباتها كبطل . تعلو أصداء نبرات غضبه . أصبحت أذكى من أن تتركه يدير المشهد . أمسكت في يدها بخيوط اللعبة . تنسج مشهدا جديدا ,لم يتدرب على تنفيذه . كأن تتجاهل بزوغ انفعالاته الأولى . أو تجري فورا من أمامه . تلامس أنفها شاشة الكمبيوتر . ولا تنبس بلفظة . ورغم أنه يستمر في الأمر .كما هو مقدر له منذ الأبد . وكأن غيابها لم يؤثر على سير الأحداث . إلا أن الأداء الفردي لا يمتع .
الأخرى تجيد حفظ المشهد .مشهد الغضب. وتؤديه بمهارة خبيرة . تتلذذ بالتكرار . حتى توشك على تكرار الأمر بدقته الزمنية . وبجمله . وبعدد التأوهات المتخللة لدموعها الهادرة . وبنفس مرات الإلحاح على الإتصال بالهاتف , وهي تعلم جيدا أنه قريب , يتسمع للجرس , ولا ينتوي الرد .
هي :تجعلها فترات خصامه في راحة ما . ربما لأنه لا يجهدها بالأوامر . ويتركها تفعل ما تشاء . أو لأن مراقبته لها تكاد تختفي . لكن شيء ما يسري بداخلها . يمتد بخيوط متشابكة . ما بين القلب والشفتين , وأماكنها السرية الأخرى . شيء ما يجري داخلها له .
ردوده المقتضبة , ونظراته غير المهتمة . وسخريته , التي تتمثل في رسم شفتيه, الرقيقتين ,في حركة طفولية. تتجاهل في البدء . وتعود لتنغمس في فعل أي شيء. لكن يستفزها حفاظه على نفس الثبات في الفعل . وكأنه بالفعل لا يهتم . وكأنه, منذ أيام ,لم يكن ذلك الغارق فيها .
المنفى شوك . يمتد لينغرس في أعماقها . تصبح غير قادرة على إقصاء وجهه . تنظر في عينيه .
هو : يبدو عليها بعض التأثر . عادت تلح كالأطفال . وتتعلل ببعض الأشياء لتطيل الحديث .
هي : عندما يستشعر اقترابها . يزداد انزوائه .لن تتركه يتوهم عودتها .إنه فقط بعض حنين التعود عليه . وبعض أثار ممارسات لم تجف دمائها . ولم يبلى نقشها من الذاكرة . لن تنكر أن لمساته رقيقة . وان شبقيته تثيرها.
هو : هي مثل كل النساء . تختلف فقط في عنادها . وسلاطة لسانها .وتهورها الذي لا يحتمل . لم يعد يقبل بتجاوزاتها . دوما ما تنسى الفروقات الكثيرة . ولا تخجل من تبادل السباب معه . ستعود . فهي تفعل ذلك سريعا . تعود مستكينة , ومطيعة . لكن لفترة وجيزة . لن يستسلم لإغواء جسدها . ولن تؤثر فيه مداعباتها الملحة .
هي : لم يعد يلتهم جسدها بعينيه . ولا ينظر حتى لها . كما يشاء . ستكون علاقتهم رسمية . كما مقدر لها أن تكون . هناك مساحات كثيرة للتلاقي . غير التلاحم الجسدي .والأوهام الكاذبة بالتوحد . والفجاجة في توصيف ما يحدث . عند المطالبة بتعريف محدد له . لن تجدي الأعذار في ذهنها , والتعاطف الإنساني, في فهم نهمه الشبقي . ولن تنفع الأفكار الفلسفية المتعالية في تخفيف ألم ذاتها .
هو : فقط لو تقبلت الأمر كما هو . لو لم تلح في التنظير حول التعريفات والتوصيفات . واستمتعت بما يحدث من معايشة لتفاصيله – كما هي – واحتواءه . دون مطالبة بمزيد . دون محاسبة لا معنى لها . ودون فرض شروط .
هي : ماذا لو كان لها . تعشق كل شيء فيه . حتى لحظات انفعاله القصوي . وصراخه القاسي .
هو : جسدها الفتي يشعره برجولته . شغفها اليومي على الالتصاق . والقبلات الخاطفة . حتى في أكثر اللحظات حرجا .
هي : تماسكه يعني أنها لم تعد تشغل مساحة ما . وربما لم تكن تشغلها قبلا.
هو : بدأت تطيل وقفاتها . يعلم جيدا أن هذه الحالة تنتابها , عند وصولها لبدايات الشبق . هذه الفكرة , وحدها , كفيلة بإشعال الدماء في جسده . لا يمنع عينيه من الالتصاق بشفتيها . رغم جدة الحديث . يلتهم ملامحها . لو ظلت هكذا واقفة , لن يستطيع منع نفسه من ارتشاف نهديها المتماسكين . أو تحسس مؤخرتها اللعينة التي تفرض وجودها رغما , و بطنها التي تظهر كقبة لدنة ,لا سبيل للفرار من تلمسها.
هي : تصبح كالطفل , الذي تتجاهله أمه . تبتكر أشياءا كثيرة . تبدو جادة ظاهريا . لا يصمد طويلا . خاصة عندما تواجهه . تاركة عينيها ,طويلا , في عينيه . فعل لا إرادي . لا تستطيع أبدا أن تمنع نفسها منه . هو فقط ما يتكرر في المشهد . ربما لأنه ضروري . كبداية للتحول . و إلا لما أصبح المشهد إغواءا – كما هو مذكور أنفا - تعرف أن الفعل مجديا . عندما يبدأ في تأمل ملامح وجهها . هذه إشارة البدء . يصبح عليها – كما هو مقدر لمشهدها- أن تغادر الغرفة فورا . حتى لو اضطرت لقطع الحديث . تهرب مسرعة . كطفلة تختبيء ممن يطاردها مداعبا .
هو : يجعله هروبها أكثر انفعالا . يناديها . مستمتعا بمراوغتها . ورفضها للمجيء . وهي تخطو نحوه خطوات بطيئة . يبدأ بالهجوم . حان دوره الآن . تعلو وجهه ابتسامة المناور .
هي : تتراوح خطواتها ما بين الداخل والخارج . تفضل تبادل هذا الحديث . وهي تنذر بالهروب .
هو : أنا عارفك كويس . أنا باشم ريحة شبقك.
هي : مش حقيقي .
هو : أنا باعرف أول ما تحسي بالحالة .
هي : أنا مش في الحالة . وما بيقتش باحسك خالص .
هو : يطيل النظر إلى نهديها . لتهرب مرة أخرى .
- تعالي .. تعالي .
هي : لاء . أنا ماشية .
هو : يجري ورائها . ويدفعها في صدره .
هي : يعلو صخبها مبتسمة . وتنفلت .
هو : يجلس أمامها .
-خلاص . إحنا فعلا مش في علاقة .
هي : ما بقيتش باحس بيك .
تعلم جيدا أنها تكذب . فقط لتقوي قلبها .
هو : يبدأ في الهجوم المكثف . مدعما ذلك بأسلحة مدمرة . تتمثل في ذكر تفاصيل التلاحم .وتوصيف إحساسه بها .
-أنت الوحيدة اللي متعتني لحد الجنون .
تعزز من هجومه إغماضة عينيها . وهمهمتها . يعلم جيدا أنه في الطريق الصحيح .
هي : لا تقاوم دقة قلبها العنيفة . والإغماضة المفاجئة . تكرر داخلها أنها لن تستسلم. فهذا مشهدها .لن تسمح له بتملكه . فقط بعض المراوغة تمتعها . تنظر في عينيه في تحدي .
هو : عمري ما كنت اعرف أني هالاقي واحدة تشبهني . ساعات كتير باحس انك مني .
هي : تبدأ دفاعاتها في الانهيار . تتلمس الإمدادات من ذكريات القسوة .
- كلام متكرر ما بقاش يأثر فيا .
تتصارع داخلها الانفعالات . الندم على تحريك الكامن .الخوف من عواقب الاستسلام ,غير المشروط. الرغبة في أن تندس في صدره . وهي لا تعبأ بوخز الإهانة من قبول أنصاف الحقائق .
هو : يجعله الانفعال, بحضورها الأنثوي, ينكر بعض الأشياء . مثل أنها طفلة , لا تجيد احتواءه – في غير لحظات الالتحام – وأن جنونه بها يشتعل , فقط , في لحظات ما قبل ذروة الشبق .
هي : تتجاهل كل المشاهد الأخرى . لتكرس داخلها المشهد , الذي أوجد لنفسه مكانا داخلها , بتكراره , ربما بتنويعات هائلة . لكن تكراره ضمان كاف لحقيقيته .
مرة يسرع بتناول جسدها . مع بعض الإنفلاتات منها .والتي تتحول إلى ركلات , لا تنجح في فك جسدها . وتستسلم, في النهاية , لشبقه , الذي يسري داخلها كالنار . ومرة يطول الأمر في مراوغات كلامية , تتخللها لمسات مداعبه لخده ,أو لشعره , أو قبلة خاطفة تجري بعدها في المكان . ومرة تصبح جادة . فتتركه في شبقه وترحل . ومرة يصبح جادا , ولا تنفع معه كل المحاولات . فتسير حائرة مجروحة . خائفة من نهاية لا تختارها هي .
هو :يوازن ما بين الانقضاض عليها .وما بين استرضائها . مرات الانقضاض غير ممتعة . لأنها قد تنتهي بكارثة . عندما تصر على الرفض .ويتحول الأمر إلى مشاجرة . أو تستسلم لشبقه . وعندما تفيق تحمله أسباب فشل كل العاشقين .
استرضائها آمن . لأنه يضمن فنائها في إمتاعه . وممارستها لألاعيب جسدية تدهشه . كأن ترقص أثناء المضاجعة . أو تتحرك زاحفة في مشهد تمثيلي . يندمج فيه, فيطاردها بلهفة , في أرجاء الغرفة . أو تتلوى كثعبان مرن , وتلتف حول جسده . ليتوهم للحظات أنه خلق بها . أو تنشد بتأوهاتها نغمات تغرقه في نصف وعي .
هي : تستبطن انفعالاتها . لتنتصر لأكثر الانفعالات حضورا . لم يعد الندم ذا وزن . كذلك الخوف من استحالة التحرر منه خبا . تصاعدت , فقط ,الرغبة الملحة في تجرع لذة أبدية معه . ربما تستحق ما يستتبعها من آلالام ..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟