أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حكومة المنع والقمع والتجريم .














المزيد.....

حكومة المنع والقمع والتجريم .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 4829 - 2015 / 6 / 6 - 15:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من حق المغاربة أن تكون لهم حكومة تغار على كرامتهم وتذود عن شرفهم وتصون سيادة وطنهم . ولتعلم الحكومة المغربية ، أن كرامة المواطنين لن تمسها الأعمال الفنية أو الأدبية مهما كانت وضيعة ؛ بل إن كرامة الوطن والمواطنين تجسدها ظروفهم المعيشية ومستوياتهم المعرفية وحرياتهم الفردية والجماعية . فأين حكومة المغرب من كرامة مواطنيه ؟ كل التقارير الصادرة عن جهات رسمية أو مدنية تتفق على ارتفاع نسبة البطالة واتساع دائرة الفقر والتهميش واستفحال نسب الإجرام وارتفاع نسبة المديونية إلى مستويات جد خطيرة (83 في المائة من الناتج الداخلي الخام ) . أما
على مستوى الحريات والحقوق السياسية ، فإن الهيئات الحقوقية الدولية والوطنية تسجل التراجع الخطير وعودة سياسة القمع بأبشع صوره . فلا تكاد تخلو مظاهرة أو احتجاج من تدخل أمني عنيف في حق المحتجين . أما بخصوص الحقوق الاجتماعية ، فإن الحكومة مصرة على الإجهاز على كل المكاسب الاجتماعية ، فضلا عن تجميد الأجور والترقيات والتوظيف . ولم تكتف الحكومة بالخراب الاجتماعي عبر إلغاء صندوق المقاصة ورفع الدعم عن الوقود ، بل جاءت بمشروع القانون الجنائي أشبه في تطرفه بقوانين الطالبان/الدواعش . ويوما بعد يوم ، يتضح للمواطنين الذين انطلت عليهم
شعارات الحزب الذي يرأس الحكومة ، خاصة تلك المتعلقة بتخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد ، أن الفساد السياسي والإداري عمّ كل القطاعات ومناحي الحياة . وعوض أن تتصدى الحكومة ، بكل جرأة ومسئولية لأسباب الخراب ، لجأت ككل الحكومات الفاشلة إلى أساليب إشغال المواطنين بمعارك جانبية ووهمية حتى تستطيع تمرير قوانين الدعوشة التي تمكّنها من فرض الهيمنة على الدولة والمجتمع معا . لهذا جاءت مسودة المشروع توسع دائرة التجريم وتشدد العقوبات ، كما لو أن المجتمع مواطنوه منحرفون . وبنزعة الهيمنة وميول الوصاية ، قررت الحكومة مصادرة الحق في
التعبير ، أيا كانت أساليب التعبير ، بحجة حماية الأخلاق وصيانة كرامة الشعب . هكذا ، وبنفس النزوع والمبررات ، أقالت الحكومة الدكتور الشرايبي ، ليس لخطأ مهني أو فساد إداري ، لكن "ذنبه" الوحيد أنه كشف عن مخاطر ظاهرة الإجهاض السري وحجم ضحاياها . وها قد كررت الحكومة فعلتها ، وبنفس التعلات ، بمنع فيلم "الزين لي فيك" من العرض بالقاعات السينمائية ؛ ليس لأن الفيلم فبرك ظاهرة البغاء ، بل لأنه كشف عنها وعن بعض تفاصيلها . ومنع أي عمل فني أو أدبي ليس بالأمر الهين ولا يمكن السكوت عنه أو تجاهله ، لأنه يمس بمبدأ إنساني سامي وحده يعطي للوجود
الإنساني معناه وأبعاده وتجلياته . وكل مصادرة له هي مصادرة لإنسانية الإنسان . فقرار المنع يضرب الأساس الذي يقوم عليه الدستور والبناء الديمقراطي للدولة التي ناضل وضحى المغاربة من أجلها . إذ لا ديمقراطية بدون المبادئ الإنسانية ولا ديمقراطيين بدون الاستعداد للدفاع عن حق الآخر في التعبير ، مهما اختلف معهم في الرأي . والساكتون عن المنع اليوم أو المتواطئون معه سيكونون غدا ضحيته ، حينها لن ينفع الندم ولن يكون لهم حق الاحتجاج ؛ ذلك مسلسل المنع إذا نجح في الانطلاق فلن نعرف مداه ومنتهاه .
من غباء الحكومة ، إذن ، أنها تعتقد امتلاك القدرة والقوة على فرض الوصاية على العقول والضمائر وتنميط الفكر والسلوك والذوق . ستمنع الحكومة عرض الفيلم في القاعات المهجورة ، لكن المواقع الإلكترونية أقوى من الحكومة . والفيلم إياه ، لم يخلق واقعا ولم ينسج أحداثا ووقائع من فراغ ، بل أزال جزءا من الغطاء عن الواقع المجتمعي ، وفتح ثقبا نرى منه ما يعتمل فيه من ظواهر. وأولى بالحكومة أن تعالج واقع المواطنين لا أن تمنعهم من نقده والكشف عنه . فإن منعت الحكومة عرض الفيلم ، فإنها لن تستطيع إغلاق المواخير وبيوت الدعارة الرخيصة والراقية ، كما لن
تستطيع منع الاغتصاب والإجهاض والبيدوفيليا ؛ وهي ظواهر تنخر المجتمع ويمارسها من يصطفون في جوقة المحرضين ضد مخرج الفيلم.
لتعلم الحكومة أن المغاربة يحتلون المراتب المتقدمة ضمن الشعوب الأكثر بحثا وسباحة في المواقع الإباحية .
خلاصة القول ، إن الحكومة مسئولة مسئولية مباشرة عن أميرين خطيرين هما :
الأول : مصادرتها للحريات والحقوق التي ينص عليها الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب . وبهذا الفعل المصادم للدستور ، تعطي الحكومة القدوة السيئة لأعداء الحرية والديمقراطية لمواصلة عدائهم .
الثاني : سكوتها على دعوات التحريض وفتاوى الكراهية والتكفير ضد مخرج الفيلم وكل التيار الحداثي. وقد اتخذت هذه الدعاوى والفتاوى أبعادا خطيرة في التهييج والتحريض على العنف حين اتخذت من منابر المساجد وسائل دعايتها . ومن شأن تواتر مثل هذه الفتوى أن تجر المغرب إلى فتن تقضي على الانسجام والأمن .
ألا أيها المانعون المتعصبون ، ارحموا المغرب وكفوا عن المزيد من تسويد ملفاته الحقوقية والاجتماعية والتنموية ؛إن كان عن المراتب المتأخرة فقد صارت حكرا على المغرب ، أما عن السمعة والهوية ، فالحكومة أول المشوهين والمهددين



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإجهاض واقع لن يرفعه قانون التجريم .
- أين المغرب من مخاطر الإرهاب ؟
- خطاب إلى المعارضة البرلمانية .
- وزراء الحب والسرير والشكولاطة
- تبا لحكومة يهمها الحياء العام ولا يهمها نهب المال العام .
- مشروع القانون الجنائي مدخل لدعوشة المغرب.
- الإجهاض وضرورة تشريعه .
- هل الإسلاميون إنسانيون ؟
- أنا -إجهاضي- وهذه أدلتي.
- مدى قناعة الوزيرة الحقاوي بأهداف بيجين +20 ؟
- حين تهدد الجمعيات النسائية بمقاضاة الحكومة أمميا .
- -فقاتلوا أولياء الشيطان- يادكتور الريسوني.
- للبرلمان حرمته يا رئيس الحكومة .
- الاستثمار في الإنسان أولى من الاستثمار في الدين .
- هل الأوربيون جادون في الحرب على الإرهاب؟
- لماذا التضامن مع -شارلي إيبدو- ؟
- هل سيلتزم المغرب بتوصيات مؤتمر الإسكندرية ؟
- الدواعش بيننا ويسيرون أمورنا .
- هكذا استغاثت إيمان الغريس
- الريسوني أشد عداء وتبخيسا للمرأة .


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حكومة المنع والقمع والتجريم .