|
القوى الكامنة ، القادرة على تغيير المسار
نعيم الشهب
الحوار المتمدن-العدد: 4827 - 2015 / 6 / 4 - 15:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يقتصر الحفل التأبيني الحاشد ، الذي أقيم في الحادي والثلاثين من أيار المنصرم ، في عمان ، بمناسبة مرور اربعين يوما على رحيل القائد الشيوعي العريق الدكتور يعقوب زيادين ، على المعاني العميقة التي حملها هذا الحفل ، وفي مقدمتها الدرس البليغ عن وفاء الشعب لأبنائه المخلصين الذين نذروا حياتهم ، بلا تحفظ ، برغم صنوف المعاناة والحرمان ، لخدمة قضاياه الوطنية والاجتماعية.. هذا المعنى الذي انعكس بوضوح ساطع في الطيف العريض والمتنوع الذي شارك في هذا الحفل المهيب ؛ بل ولا يقل أهمية عن ذلك ما أشار اليه هذا الحفل من امكانات التلاقي والتحالف بين الطبقات والفئات الاجتماعية الوطنية التي مثل هذا الطيف صورة مصغرة عنها ، للتصدي وبنجاح ، للمؤامرات الامبريالية – الصهيونية – الرجعية التي تجتاح المنطقة وتستهدف الانسان العربي وأوطانه وحضارته وتاريخه ، بدون استثناء. بمعنى آخر، فان أهم ما ميّز هذا الحضور المتنوع والكلمات التي ألقيت في الحفل المذكور ، هو القاسم المشترك المتمثل بالاعتراف بالآخر. مثلا ، كان من بين المتكلمين في هذا الحفل المهندس المعروف ليث شبيلات والذي يمكن اعتباره ممثلا لتيار ديني – قومي في الأردن . كانت تربطه بالفقيد زيادين علاقات صداقة وثقة متبادلة ليست شخصية بمقدار ما هي سياسية – وطنية ؛ أساسها الاعتراف بالآخر والاستعداد للعمل المشترك ، لصالح الشعب والوطن، رغم الخلاف الأيديولوجي الشاسع بين زيادين الشيوعي – الأممي والشبيلات الديني - القومي . ان المحنة الكبرى التي تواجهها شعوب المنطقة اليوم ، والتي تتسبب في مقتل المئات يوميا ودمار مريع ، ليس للبنى التحتية والمؤسسات الاقتصادية وحسب وانما تطال كذلك رموز وتراث حضاراتنا العريقة التي يجري هدمها وسرقتها على مرأى من العالم كله. واذا كان الغرب الامبريالي ، المتكالب على منطقتنا وخيراتها قد توصل الى الاستنتاج ، بعد حروبه الفاشلة في منطقتنا ، وتحوّل لمواصلة سعيه لاخضاع شعوبنا عن طريق الحروب بالوكالة ، فان أداته الرئيسية في هذا المسعى هي القوى الدينية المنغلقة ، كالوهابية والاخوانية ، التي ترفض الاعتراف بالآخر، وتعتبر الحقيقة حكرا مطلقا عليها وعلى طروحاتها المتعصبة ، حتى داخل الدين الاسلامي نفسه . واذا كان الجمهور الأساسي من سكان منطقتنا هو جمهور مؤمن ، فان ما تقوم به ، اليوم، هذه القوى الظلامية باسم الاسلام هو تشويه مريع لهذا الدين يستدعي التصدي الحازم ودون تردد لهذه القوى وتعرية اهدافها الحقيقية وايقافها عند حدها. وبالمقابل : يراهن التحالف الغربي – الاسرائيلي على استمرار وتصعيد هذه الحروب بالوكالة ، ويعمل بوسائل مختلفة على تغذيتها لتحقيق مجموعة من أهدافه ، منها: أ – تحويل شعوب المنطقة عن الأهداف السياسية والاجتماعية التي تحركت عشرات الملايين من أجل تحقيقها في الحراك الشعبي الذي بدأ في العام 2011 ، والتي أمكن اجهاضه مؤقتا لافتقاده القيادة الثورية المطلوبة .. هذه الأهداف التي يشكل تحقيقها ضربة قاتلة للنفوذ والهيمنة الامبريالية – الاسرائيلية في المنطقة ؛ ب – استنزاف المنطقة وشعوبها ، بالقتل والتدمير بلا حدود، وتمزيق النسيج الوطني والقومي لصالح الولاءات والنعرات الطائفية والاقليمية والاثنية المتزمتة والمنغلقة ، وعلى أساس ذلك اعادة تقسيم المنطقة من جديد الى دويلات صغيرة ومتنافرة ، ترسي حالة دائمة من الانغلاق والعداء المتبادل، مقابل الاعتماد على الغرب الامبريالي لحمايتها ككيانات صغيرة وضعيفة ؛ وكل هذا يصب لصالح اسرائيل وتعزيز هيمنتها في المنطقة كوكيل لهذا الغرب الامبريالي ؛ ج – ترويج سوق السلاح الغربي ولا سيما الأميركي ، وكلما طال الاقتتال والتدمير ازدهرت تجارة الموت هذه . ان القاسم المشترك الذي جمع زيادين والشبيلات يبرهن على امكانية حقيقية لبناء جبهة عريضة على المستوى القطري وعلى المستوى القومي ، تتصدى بنجاح لهجمة الحروب بالوكالة الامبريالية – الاسرائيلية ، على أيدي داعش والنصرة واخواتهما. لكن تحقيق هذه الامكانية مشروط بتوفر القيادة التنظيمية – السياسية المطلوبة . فهل الأحزاب الثورية واليسارية القائمة مهيأة ، بعد طول تأخر، لهذا الدور التاريخي الذي غدا ضرورة تاريخية لا تحتمل المزيد من المماطلة البالغة الكلفة في كل يوم وكل ساعة؟ .
#نعيم_الشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيادين .. رمز الرجولة والصمود
المزيد.....
-
تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه
...
-
قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر
...
-
-تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ
...
-
البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا
...
-
اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر
...
-
-النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
-
شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة
...
-
بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
-
الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|