أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير الغزي - الاغتراب في قصة (قبس)














المزيد.....

الاغتراب في قصة (قبس)


أثير الغزي

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 02:40
المحور: الادب والفن
    


قراءة في النص الفائز الثاني في مسابقة البيت الثقافي في ذي قار للقصة القصيرة جداً
المسابقة رقم(12)

بقلم: أثير الغزي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبس/ للقاص يوسف أبو سارة
بين قضبان السَّجن المظلم ورائحة العذاب؛ ترك وصيته لولده: بني أطلق سراح البلبل الصغير، وحطم ذلك القفص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تُعتبر مسألة الحرية والتحرر من المسائل المهمة التي شغلت بال الإنسان منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، وستظل هذه المسألة الشغل الشاغل للانسان في الوقت الحاضر وعاملاً من أخطر عوامل اغترابه في العصر الحديث، في ظل معاناته من قمع الأفكار والحريات في مختلف المجالات وخاصةً السياسية والاجتماعية منها.
ومن الطبيعي أن تحفل أعمال أدبية بمعالجة موضوع الحرية والتحرر، ونحن لا نعاني إذ ما قلنا إن السبب الرئيس في اغتراب الإنسان المعاصر هي معاناته من تقيد الحريات وخاصةً في بلداننا العربية!

وقصة "قبس" للقاص (يوسف أبو سارة) هي محاولة لطيفة لمعالجة مشكلة الحرية والنداء بها، وذلك بدءاً من العنوان (قبس)
فالقَبَسُ كما ورد في المعاجم اللغوية هو: النَّارُ ، أَو : شُعلةٌ من نار تُؤخذ على طرف عودٍ أو قضيبٍ من الشَّمع ؛ للإنارة أو غيرها

وهنا لابد للإشارة بأن الكاتب رجع للموروث القرآني لعتبة النص اذكر قصة موسى حين قال لأهله في مسيره من "مدين" إلى "مصر" قال تعالى: ﴿-;---;--أو آتيكم بشهاب قبس﴾-;---;-- [النمل/7]، والقبس والاقتباس: طلب ذلك، ثم يستعار لطلب العلم والهداية. وقال تعالى في آية أخرى: ﴿-;---;--انظرونا نقتبس من نوركم﴾-;---;-- [الحديد/13]. وأقبسته نارا أو علما: أعطيته، والقبيس: فحل سريع الإلقاح تشبيها بالنار في السرعة.

ونحن إنما نحاول هنا أن نقف على طبيعة هذه المعالجة ومدى نجاحها عن طريق تفحصنا لاختيار العنوان، نجد أن القاص قد نجح في توظيف العتبة لما تحمله من دلالات موحية بين أجزاء النص، وديناميكية هذه الأجزاء وما صاغته هذه العلاقات من بنى.

وإذا كنا نستطيع التعرف على قصة ما، من خلال بعض عباراتها، فإن قصة (قبس) تطل برأسها منذ السطر الأول للسرد القصصي معلنة أن القصة ليست سوى قصة اغتراب، هذا هو ظاهرة القصة، وهذه هي قشرتها الخارجية وعلينا أن نقف على باطن القصة، خلال رصدنا لثنائية القصة أو جدليتها.

ولكي نقف على (ظاهرة الاغتراب) التي تختفي تحت النص القصصي الظاهر، لابد من سبر غور النص للوصول للبنية العميقة، ذلك أن فهم الحكاية كما يقول بارت: (لا يكون فقط بمتابعة تسلسل الخبر، وإنما أيضاً على الاعتراف بطرقة قائمة فيه، وإسقاط الترابطات الافقية للخيط القصصي على محور عمودي
وإن قراءة النص لا تكون بالمرور من كلمة إلى أخرى، إنما أيضاً بالمرور من مستوى إلى آخر)، وبدون هذه البنى الأصلية والعميقة، سيكون تماسك النص كما يقول "ديجك" سطحياً وخطياً فحسب.

يقول السرد القصصي إن سجنا مظلما مولع برائحة العذاب، يرفل السجين في غياهبه، وبما وراء النفس البشرية من احساس للموقف من غربة قد يحدث أمر لتمثيل الحالة وبخاصة لدى رؤية الكاتب وما يعيشه من نوبات من المشاعر اتجاه من يقبعون داخل مطامير السجون وما يشعرون به من (ضيق وعذاب)
ولكي نقف على هذه الظاهرة علينا أن نقدم عرضاً للقصة رغم اتفاقنا مع تودوروف في مقولته (بأن أي عرض يهدف إلى تقديم ما يقوله العمل الفني لا يمكنه من تحقيق ذلك إلا باعادة كامات النص الأدبي وترتيبها)
وبما أن النص هو قصة قصيرة جداً، فإن القاص (يوسف) يبدأ السرد القصصي من نقطة تقع بالقرب من نهاية القصة، هي النقطة التي تبلغ فيها الأحداث قمة الأزمة ( بين قضبان السَّجن المظلم ورائحة العذاب) ثم لا يسير بنا السرد القصصي إلا نحو النهاية.

ونعود لنعرف أن (ظاهرة الاغتراب) التي يصاب بها السجين، لا تخوض في سمعه ومعاناته فقط، بل عمل على صدها ودحرها في الآخر، مهما كان ذلك الآخر، والذي رمز له بمعالج دلالي جميل ورائع ( البلبل، والقفص)، ومادام أن هذا الصراع الداخلي الذي اجتمع على قيد ذهنية السجين، حاول القاص أن يجد المنفذ في رصد زمنية السرد من حيث سرعته التي تدفع بالحدث إلى الأمام لتظهر المفارقة بين الواقع الداخلي (السّجن) وبين الواقع الخارجي (قفص البلبل) وكلاهما يفتقد الحرّيّة ويعيش الاغتراب، فالسجين الذي تضيقُ به زنزانته يرى فيما لم يره غيره، ولأن القاص جمع جمعا رائعا بين الشعور المختفي المتواري عن الأنظار لشخصية السجين وإظهار ذلك الشعور والأحساس العارم بوصيته الذي تسبب لها (البلبل) ولعلها من باب الرمز، يجد ما يبحث عنه من الإحساس بفك القيد وتجنب الشعور بالعزلة والوحدة في غياهب السجن، ذلك لأن ثمة من يحفز الكاتب لمخيلته لالتقاط تلك الصورة، ليستيقظ المتلقي على قفلة مدهشة، ولولا هذا التضاد في الموقف لكانت القصة التي لا تتعدى سطرا ونصف فقيرة من حيث المبنى والمعنى، فالمفارقة التي انتهت بخاتمة بارعة أغنت النّص ومنحته الكثير من العمق.. شكراً للقاص (يوسف أبو سارة) ولمزيد من الإبداع.



#أثير_الغزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسق الانفعالي قراءة تحليلية في نص (طُفُولَةٌ) للقاصة صفية ...
- قراءة سيكلوجية تحليلية في نص (جليل) للقاص كامل التميمي
- قراءة تأويلية في نص (بيدي) للقاص محمد فائق البرغوثي
- قراءة سيميوطيقية تأويلية في نص (سقوط) للقاصة منتهى العيداني
- قراءة في نص الكاتب مالك صالح الموسوي الذي جاء تحت عنوان -تضح ...


المزيد.....




- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير الغزي - الاغتراب في قصة (قبس)