أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي فؤاد - الشرق والغرب














المزيد.....

الشرق والغرب


سامي فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 23:19
المحور: المجتمع المدني
    


لا اعلم لماذا ألحت علي هذه اللوحة رغم مرور سنوات تقترب من العشرين ، وهي صورة دينية رأيتها تحت زجاج مكتب لصديق و الغرابة ليست في الصورة التي لم تخلو من الإبداع الفني ولكن في عبارة أعلي الصورة تعني باللغة العربية " إذا كنت تؤمن " ولقد رأيت الكثير من الصور مثلها إلا في وجود تلك العبارة . اذكرها الآن وسط أحداث القتل والتصفية من أجل اختلاف الإيمان والمعتقد وأتصور رقة مشاعر من أنتج هذه اللوحة بعبارتها وكأنه يستأذن من لا يؤمن بأن عليه أن يتناولها فقط من الناحية الفنية وانه لم يقصد أن يخدش عيناك بهذه اللوحة التي تجسد احدي حالات الشد والجذب بين العقل والمنطق من ناحية والعاطفة الإيمانية من ناحية أخري ، فالكثير من الإيمان والموروثات الدينية قد لا تخضع للتفسير المنطقي أو الاستنتاج العلمي . وتبقي حالات القبول والرفض تختلف بين معتقد ومعتقد بل وبين طائفة وطائفة داخل المعتقد الواحد ويتحول قياسنا العقلي إلي نسبي ومعطل عند قياس ما نعتقد ومطلق وفعال مع ما يعتقد الأخر وهنا وإن كنا نؤمن بإعمال العقل فليس لنا أن ننكر أن الإنسان يظل في حاجة لتلك الروحانيات التي لا تخضع للتفسير العلمي والعقلي ، فعملياً كان أهالي الحي البسطاء بحاجة إلي الطبيب لأن زيت القنديل أضر بعيونهم ولكن نفسياً وعاطفياً لن يتقبلوا إهانه الطبيب للقنديل ليمثل الطبيب هنا الصراع بين ما أتي به من الغرب حيث العقل والعلم والتخلي عن الروحانيات ، والشرق حيث الموروثات والمفاهيم والروحانيات " قنديل أم هاشم يحي حقي " . وفي تلميح أراه هكذا حتى لو ليس هذا ما يقصده الروائي أن الإنسان ممثلاً في أهل الحي لا يتخلوا بتلك السهولة عن مورثاتهم اللامنطقية حتى وهي تفقدهم إبصارهم وقد يمثل الإبصار هنا التجسيد للمادة والملموس الذي جسدها العلم والعقل المتجرد من الروحانية والقيم الموروثة ، فكان الحل أن يعالج الطبيب بالعلم والعاطفة الموروثة وقد يري البعض أن هذه دعوة لأن نكون بين بين أو ردة علي الحضارة ولكن الأمر أبسط من هذا بكثير وليست دعوة للردة بقدر أن ما يجذب المجتمعات لتلك الردة هو التطرف للعقل وإنكار حاجة الإنسان لتلك الحالات الروحانية التي قد تبث فيه أمل لا يبثه العلم وتعطي راحة وسلام لا يعطيه العقل وحده . وانظر قليلاً نحو الغرب حيث المادية والعقلانية ستجد من عاد ينجذب هناك إلي عالم الميتافيزيقا والروحانيات والبحث عن سكان كواكب أخري وفضائيين وأشباح وهذا ليس إلا دليل أن الإنسان لا يستطيع بالملموس المادي الاستغناء عن اللا ملموس واللامنظور بل ستجد في تفاصيل حياة البعض وإيمانه بٌمدعي من ينتحر ومعه عائلته هرباً من يوم القيامة الذي حدده لهم هذا المدعي وهنا إن كانت فتاة الشرق فقدت بصرها بزيت القنديل ، فهناك من أبناء الغرب من فقدوا حياتهم لمعتقد خاطئ أيضا ، والشرق الغارق في طوفان الصراعات العقائدية والمذهبية وحولته مفاهيمه الخاطئة من أن يتحول المعتقد أو الدين لسر من أسرار سعادته لسبب شقائه والغرب الغارق في المادة والعقل أصبح ليس ببعيد عن هذا الشقاء فقد حوله جموده العقلي وتصوره أن تحقيقه لرفاهية مواطنيه وإعلاء قيم الإنسانية فقط لاستهلاكه المحلي دون إن يراعي ذلك في مستعمراته الجديدة وأسواقه الذي يمثلها الشرق فكان محرضاً تارة ومدبراً للسيناريوهات تارة مؤيداً بما يحمله الشرق من بيئة خصبة للخصومات والنزاعات من أجل الهوية والموروث جاهلاً أنه كثيراً ما يحدث خروج عن النص وأنه ليس بمنآي عن ما يحدث في الشرق فأن كان اليوم مصدراً لمراهقيه الذين باتوا يعتنقوا أفكار أشد الجماعات تطرفاً فأنه بعد قليل سيعاني منهم بداخل مجتمعه لأن التطرف المادي نهايته المحتومة هذا التطرف لأي معتقد أو مفهوم . وكأن علي الإنسان الشقاء بكل أحواله التطرف المادي يقتله، والتطرف الديني أيضاً يقتله. إذاً فليبدأ الحل من عندنا فإن كان علينا أن نظفر بما لدي الغرب من علم وتكنولوجيا فعلينا إن نسايره في عصره الذي يعيشه فليس من المنطقي أن ننعم بها ونحن نعيش في عصورهم الوسطي بصراعنا الطائفي والمذهبي ، وعلينا وعلي حكامنا أن نظفر بإكبارهم لنا واحترامهم لنا اجتماعيا وسياسياً ، وعلي الغرب أيضاً إن يخلع قناع الإنسان العصري الذي يرتدي وينظر لوجهه سيجد إنسان وحشي بدائي يقتل بصورة حضارية ويقنص باستخدام التكنولوجيا ، يمنح الدواء بيد والسلاح بيد آخري ، وبقي علي كل مؤمن أن يعي أن إيمانه يعنيه هو ولا يعني عداء إيمان الآخر أو كفره، أن يحترم أصحاب الإيمان والموروث أصحاب العقل ، وان لا يحتقر أصحاب العقل أصحاب الأيمان لأنه في يوم ليس بعيد سيقف أهل الشرق والغرب في محاولة أن يتحد اللا منطق مع المنطق والتكنولوجيا لبناء الفلك هرباً من الطوفان ولكن هيهات فتجار الدم والسلاح والحرب يؤججوا الصراع ولن ينجو احد من الطوفان .



#سامي_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفسك معانا
- الغنوة الأخيرة
- يا وابور قولي رايح علي فين
- هل الضمير هو العقل ؟
- قبل القتال
- همسات قصص قصيرة
- علامات علي الطريق
- شر البلية ما يضحك
- الأشقاء والشقاء
- النسيج الوطني الواحد : هل مزقه البلطجي حمام الكموني أم غيره ...


المزيد.....




- اعتقال 3 أشخاص بعد اكتشاف مخبأ أسلحة في مرآب سيارات في شمال ...
- إصابات.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس
- شهداء وجرحى باستهدف خيام النازحين برفح ولجان توزيع المساعدات ...
- غزة: كابوس المجاعة لن يطرد إلا بالمساعدات
- الأمم المتحدة: مكافحة الإرهاب تتطلب القضاء على الفقر أولا
- غزة تحولت اليوم إلى معرض لجرائم الحرب الحديثة في العالم
- لماذا ترفض إسرائيل عودة النازحين إلى شمال القطاع؟
- تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات ل ...
- كابوس المجاعة في غزة -يناشد- وصول المساعدات جوا وبرا وبحرا
- فيديو خاص حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي فؤاد - الشرق والغرب