أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عثمان تاموسيت - دور الجماعات البشرية في تثمين الدريات المحلية الخاصة بصناعة الخزف بآسفي















المزيد.....

دور الجماعات البشرية في تثمين الدريات المحلية الخاصة بصناعة الخزف بآسفي


عثمان تاموسيت

الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 00:02
المحور: الصناعة والزراعة
    


يعتبر الخزف فنا ضاربا في التاريخ ويعكس تراث أي دولة، وهو في الوقت الحاضر يلعب دورا بارزا في النسيج الاجتماعي والاقتصادي لبعض المدن المغربية نذكر منها على الخصوص مدينة آسفي التي يساهم بدرجة كبيرة في إنعاش نشاط السياحي المتواضع ويوفر الآلاف من مناصب الشغل الدائمة والمؤقتة لعدد مهم من ساكنة المدينة. لكن هذا الدور يظل رهينا بثمين الدريات المحلية المرتبطة بصناعة الخزف سواء من طرف الحرفيين أو مؤسسات الدولة.
• تاريخ الفخار في آسفي:
ليس هناك تاريخ محدد لظهور صناعة الخزف بآسفي ولكن بعض الشقوف التي تم العثور عليها بمغارة الگرعاني الواقعة شمال المدينة بحوالي 30 كلم قرب رأس البدوزة تؤكد أن هذه الصناعة قديمة بالمنطقة تعود لأكثر من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد أي إلى العهد الفينيقي، وما ميز هذه الصناعة خلال تلك الفترة أن المصنوعات الخزفية كانت بالبساطة بما كان لم تشهد لا زخرفة ولا استخداما للألوان التي لم يتم إدخالهما إلا بعد حلول الأندلسيين خصوصا الغرناطيين بالعديد من المدن المغربية ومنها آسفي خلال القرنين 15 و16 الميلاديين حيث أضفوا لمسة فنية جديدة على المصنوعات الخزفية.
أن صناعة الخزف بمدينة آسفي صناعة متجذرة يرجع وجودها إلى عوامل طبيعية، فأرض المدينة ونواحيها، خصوصا واد الشعبة الذي يخترقها، غنية بتربة طينية وصلصالية ومن طبقات صخرية يكونها طين أحمر يحتوي على كمية مهمة من أوكسيد الحديد مما يجعله لينا سهل الاستعمال وخال من الشوائب مقارنة ببعض الأطيان الأخرى المنتشرة بالمغرب كالطين الذي يستخدمه الخزفيون في مدينة فاس أو بمنطقة الحشالفة بمنطقة دكالة.
و ساعد كذلك على تجدر صناعة الخزف بالمدينة غنى منطقتها بالأسماك واحتضانها ميناء طبيعيا معد لرسو المراكب والسفن التجارية مما حتم على التجار وضع بضائعهم، خاصة المواد الغذائية منها، في أوعية من فخار حماية لها من التلف.
• الدريات المحلية في صناعة الخزف بمدينة آسفي:
لقد ترسخت لدى الفئات الاجتماعية المتعاطية لصناعة الخزف درايات مرتبطة بهذه الصناعة ورثتها جيلا عن جيل تختلف إلى حد ما عن بعض الدرايات لدى الخزفيين في مناطق أخرى من المغرب. وهكذا يقوم الخزفي في مرحلة أولى بجلب الطين الأحمر من بعض مناطق المدينة أو ضواحيها القريبة مبللا ثم يتركه تحت أشعة الشمس حتى يجف تمهيدا لدقه حتى يصير بإحجام صغيرة توضع فيما بعد في صهريج مملوء بالماء يسمى محليا "الجابية"( ) مدة يوم كامل حتى يتعرض للذوبان ثم يخرج من الصهريج ويعرض لأشعة الشمس مرة أخرى حتى يجف من الماء.
بعد ذلك يتم المرور إلى مرحلة ثانية وهي عجن الطين بالأرجل كثلة واحدة حتى يلين ويصير سلسا ويترك يوما أو يومين ليمتص مياهه ثم يقسم إلى أجزاء توضع على اللولب أو ما يسمى بـ "التوني"، وهو عبارة عن أداة يتم تحريكها غالبا بالرجل اليمنى في اتجاه دائري من اليمين إلى اليسار لتشكيل قطع العجين ويستعين الخزفي بأداة أخرى صغيرة مصنوعة من الحديد ذات انحراف بـ 90 درجة عند مستوى الرأس تستخدم لصقل قطعة العجين وإفراغ القاع من الطين. وهكذا يتم صنع أشكال مختلفة من الأواني الفخارية توضع في أشعة الشمس حتى تجف من الماء وتتماسك وتزداد صلابتها ثم تنقل إلى مكان بعيد عن الشمس مدة يوم أو يومين وتعاد إلى اللولب لوضع اللمسات الأخيرة بغية التخفيف من وزنها.
بعد هذه المرحلة تحال المصنوعات على معلم آخر يسمى "الصباغ" الذي يقوم بطلائها بالطين الأبيض ووضعها من جديد تحت أشعة الشمس نحو ثلاثة أيام حتى يجف ثم تدخل إلى أفران تقليدية تعتمد على نبات الرتم الذي يجلب من المناطق القريبة وبعد إخراجها من الفرن تقدم إلى معلمين بغية العمل على زخرفتها وطلائها بمادة تعطيها البريق واللمعان ثم تدخل من جديد إلى الفرن وتخرج لامعة قابلة للتسويق. لكن السؤال المطروح كيف يمكن تثمين هذه الدرايات المحلية في صناعة الخزف ؟
• دور الجماعات البشرية في تثمين الدرايات المحلية الخاصة بصناعة الخزف بآسفي:
إن تثمين الخزف بآسفي ليس أمرا جديد بل يجد جذورا له في الماضي من خلال إبداع زخرفة جديدة وإدخال أشكال جديدة تستجيب لحاجيات السوق خاصة في مجال البناء، فمع حلول الأندلسيين بالمدينة تنوعت المنتجات الخزفية وشملت إلى جانب الأواني المنزلية المزهريات والقرمود و الآجور والزليج.
وفي فترة الحماية، حلت بمدينة آسفي سنة 1918 شخصية طبعت صناعة الخزف ببصمات بارزة هي شخصية "بوجمعة العملي"( ) الذي أشرف على تأسيس ورشة للخزف بالمدينة تحولت سنة 1921 بأمر من المقيم العام الفرنسي بالمغرب المارشال ليوطي إلى أول مدرسة للخزف بالمغرب وأوكلت إليه مهمة إدارتها والقيام بأعمال تكوين جيل جديد من الخزفيين الشباب تلقوا مبادئ صناعة الخزف و أبدعت أشكالا جديدة نسبت إلى هذه الشخصية الجزائرية حاكت خزف الفارسيين والمورسكيين والصينيين واليابانيين و استمر تأثيرها إلى ما بعد الاستقلال إلى حدود سنة 1971.
ما تزال مظاهر تثمين الدرايات الخاصة بصناعة الخزف حاضرة بعد استقلال المغرب وفي الوقت الحاضر من خلال:
-;---;-- إدخال بعض مظاهر التجديد دون المساس بالطريقة التقليدية التي يصنع بها الخزف ولا تنقص من قيمته، ومن هذه المظاهر استبدال أغلب أفران طهي الطين بأخرى عصرية تشتغل بالغاز أو الطاقة الشمسية من اجل الحفاظ على البيئة وتقليص مدة الطهي إلى سبع أو ثماني ساعات تحت درجة حرارية في حدود 950 ̊-;---;-- ، وكذا استخدام الكهرباء عوض الأرجل في تحريك اللولب، واستعمال ألوان جديدة عوض الاقتصار عن اللونين الأبيض والأزرق اللذان ميزا خزف المدينة منذ بداية القرن 20.
-;---;-- تكوين وتدريب الشباب في صناعة الخزف خصوصا الذين تشد انتباههم هذه الحرفة مع تدعيم دورة المرأة وهو الأمر الذي يظهر جليا عبر إنشاء المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بآسفي التي تهتم بتخصص صناعة الخزف.
-;---;-- المشاركة في بعض الملتقيات والمعارض الدولية الخاصة بالخزف كملتقى سويسرا الذي تعرض فيه القطع الخزفية للعديد من المتبارين في العالم.
-;---;-- تأسيس تعاونيات تهدف إلى تجميع حرفيي صناعة الخزف وضمان تسويق منتوجاتهم، وقد تأسست 10 تعاونيات للخزف بمدينة آسفي في الفترة المتراوحة بين 2002 و2007 ضمت حوالي 130 حرفيا( )، ومن أهم هذه التعاونيات تعاونية الشعبة والملتقى.
-;---;-- إقامة المتحف الوطني للخزن بآسفي سنة 1990 بدار السلطان الذي خصص الجزء الأكبر من مساحته للتحف الخزفية بآسفي خصوصا خزفيات المعلم بوجمعة العلمي من أجل شذ أنظار السائح لخزف المدينة.
وعلى الرغم من كل هذه الجهود المبذولة بغية تثمين صناعة الخزف بآسفي، فإن هذا التثمين لن يكون له معنى إلا إذا تمت العناية والاهتمام بحاملي هذه الدرايات من خلال تقديم الدعم الحرفيين في صناعة الخزف وتقديم تسهيلات ضريبية وتحسين دخلهم الفردي مع مساعدتهم على ولوج الخدمات العمومية كالصحة وتحسين أنظمة التقاعد لضمان العيش الكريم وضمان استدامة هذه الصناعة ووقف النزيف الذي أضحت تعرفه بسبب تخلي الخزفيين عنها واللجوء إلى قطاعات أخرى كالفلاحة أو الصيد البحري.
خلاصات:
تعرف مدينة آسفي بمدينة الخزف بفضل الدريات التي تناقلتها الجماعات البشرية المستقرة بالمنطقة ووفرة المادة الخام، إلا أن هذه الجماعات عملت وما زالت تعمل على تطوير وتثمين الدريات الخاصة بالخزف عبر إدخال تقنيات جديدة واتخاذ مجموعة من التدابير التي تعطي عناية كبيرة لحامليها وتمكينهم من العيش الكريم والولوج إلى الخدمات الاجتماعية للرفع من المستوى السوسيو اقتصادي والثقافي لشريحة مهمة من حامليها.



#عثمان_تاموسيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عثمان تاموسيت - دور الجماعات البشرية في تثمين الدريات المحلية الخاصة بصناعة الخزف بآسفي