|
المغرب: هل الاقتصاد بخير؟
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:10
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لا زال الاقتصاد المغربي يعاني من جملة من الاختلالات البنيوية و ما زال يفتقد إلى حد الآن، و رغم تأزم الأزمات إلى رؤية واضحة المقاصد و محددة المعالم للتعاطي مع المعضلات الكثيرة التي تعيشها البلاد منذ مدة خلت. بل هناك لخبطة حتى بخصوص أولوية الأولويات و التي اهتمت بها الحكومة دون غيرها على حساب كل الباقي، ألا و هي إشكالية التوازنات ، إذ حتى في هذا لمجال اتضح الفشل، رغم كل ما يروج له من خطابات ايجابية مئة في المئة في هذا المضمار عكسا على ما هو عليه الواقع فعلا و هذا أمر يدعو إلى التساؤل بخصوص مصداقية خطاب الحكومة المغربية في هذا المجال. فالأكيد، بشهادة كل الأرقام الحقيقية و ليس المسوقة في التصريحات الرسمية، أن التوازنات لم يتم تحقيقها و أن المديونية الداخلية تفاقمت إلى درجة أنها أضحت تؤثر سلبا على الموارد المتاحة للاستثمار. و لا زال و سيظل ثقل ميزانية التسيير (بفعل الرواتب الظيظانيكية و الامتيازات غير المنتجة و التبدير في البهرجة و المظهر) و أداء مستحقات، يجثم على عنق الميزانية العامة للدولة على حساب ميزانية الاستثمار. فكيف و الحالة هذه يمكن تحقيق ما يتم الترويج له من إعطاء دفعة قوية للاستثمار و انجاز المرافق الاجتماعية قصد تلبية الحاجيات الحيوية و الأساسية لأوسع فئات الشعب المغربي.
فلا سبيل الآن أنان المغرب إلا ترشيد فعلي و ليس كلامي لميزانية التسيير قصد الاهتمام أكثر بتقوية النسيج الانتاجي و تفعيل المزيد من آليات إنتاج الثروات المضافة. و لن يتم هذا إلا من خلال تعزيز نسيج المقاولات الصغرى و المتوسطة و ليس غير الخوصصة التي تذهب مداخيلها مهب الرياح دون استثمارات فعلية منتجة. و كان الأولى أن تستثر تلك المداخيل في تنمية الموارد البشرية عوض تفريقها كالكعكة هنا و هناك.
لقد اتضح للجميع الآن أن المرض العضال الذي أنهك الاقتصاد الوطني المغربي هو مرض سوء استخدام موارد البلاد الطبيعية و المادية و البشرية، و هو مرض عضال لأن سوء الاستخدام لم يكن خطأ أو نتيجة لخطة أو رؤية غير سديدة، و إنما كان مقصودا من أجل خدمة مصالح كمشة لا تكاد تبين. لقد أنهك هذا المرض العضال جسم الاقتصاد الوطني. و عندما فرضت عليه الخوصصة و إلغاء الدعم و فتح الأسواق على مصراعيها الأجنبية على الرأسمال الخارجي و الاستثمارات الأجنبية و تحرير التجارة وجد نفسه قد أنهكه المرض العضال و بدا منهكا، و تبين بجلاء أن المغرب أضاع، بفعل فاعلين معلومين و معروفين، أكثر من موعد تاريخي لتقوية الصناعة الوطنية ، و بذلك أجهضت مختلف فرص التنمية المستقلة القائمة على قاعدة الاعتماد على الذات. و هكذا وصل المغرب إلى حالة مزرية تتميز بالأساس بتعميق الشروخ الاجتماعية و اتساع دوائر التهميش و فضاءات الفقر في صفوف أوسع فئات الشعب المغربي و استفحال الثراء الفاحش و البذخ غير المبرر إطلاقا و بجميع المقاييس. فهناك ما يفوق 8 ملايين من الفقراء أغلبيتهم تحت عتبة الفقر المطلق. أما البطالة فأضحت تنهك أكثر من جيل، و قد همت الأغلبية الساحقة لجيل بكامله، و هي تفوق نسبة 20 في المئة في العالم القروي و 18 في المئة في الحواضر. و الحقيقة أن الواقع يشير بأن النسب هي أكثر من ذلك باعتبار أننا نعتبر ماسح الأحذية غير عاطل و كذلك بائع السجائر بالتقسيط و ماسح زجاج السيارات عند الإشارات الضوئية بالمدن و اللواتي يمارسن الدعارة و غيرها من المهن المهمشة التي لا تدر على على ممتهنيها ما يمكن أن بسدون به رمقهم بانتظام...فهؤلاء يعتبرون بالمغرب غير عاطلين رغبة في التخفيف من نسبة البطالة و هذا عن غلم و لغرض في نفس يعقوب. و الغريب في الأمر و عسير الفهم حقا، هو ما يتعلق بصندوق المقاصة الذي تستفيد منه أصلا الفئات الميسورة أكثر و قبل الفئات الفقيرة علما أنه مرصود أصلا لصالحها، و هذا أمر يندى له الجبين. فالأولون لذلك فكل السياسات و المخططات المرتبطة بهذا الميدان لم تعط نتيجة بل على العكس من أوضاع أوسع فئات الشعب المغربي و هذا أمر مازال يحوم حوله التعتيم.
و عموما فإن الاقتصاد المغربي عجز، عمليا و فعليا، عن توفير الحد الأدنى من الدخل و الخدمات الاجتماعية للتصدي لأدنى متطلبات الحياة الكريمة. و الغريب في الأمر هو عندما تأكد هذا العجز، و زادت حدته كان جواب الدولة هو تخليها التدريجي، لكن بوتيرة سريعة عن أدوارها الاجتماعية و التوزيعية، و هذا من شأنها لا محالة أن يعرض البلاد الانفجارات اجتماعية طال الزمن أم قصر، لاسيما و أن الشباب المغربي أضحى على يقين أنه محكوم عليه ببطالة ممنهجة مزمنة.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديموقراطية في العالم العربي في نظر الدكتور المهدي المنجرة
-
الحصيلة الرسمية لأداء الحكومة المغربية
-
الصحة و المغادرة الطوعية بالمغرب
-
هل مازالت الخطوط الحمراء قائمة بالمغرب؟
-
المغرب: ضعف جادبية الاستثمارات
-
مجموعة -أونا- تبحث على جزء من كعكة اتصالات المغرب
-
جيل من المغاربة لم يعش شبابه...مآله التهميش والاقصاء
-
فضيحة خيرية الدار البيضاء ...نقطة أفاضت الكأس
-
جهة الغرب الشراردة بني حسن ما العمل للخروج من النفق؟؟
-
مهمة الديمقراطيين الأولى بالمغرب
-
تداعيات حرية الاعتقاد بالمغرب
-
حالة البطالة بالمغرب
-
قراءة مكشوفة في عقلية شارون
-
لا تنمية و لا ديمقراطية بدون إدارة نزيهة
-
محنة حاملي الشهادات العليا المعطلون
-
أسباب تهميش رجال الغد بمغرب اليوم
-
قوة الصين المتنامية
-
النسيج المغربي يتحين الفرصة
-
ماذا عن الإرهاب...؟
-
بصراحة أحدثكم... صمت الحياة رغم الزحام و الضجيج
المزيد.....
-
محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة
...
-
النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
-
وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
-
هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
-
سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم
...
-
يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية
...
-
أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
-
اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد
...
-
الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق
...
-
ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|