أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس عبد الوهاب أمين - الهاشميون بين البقاء والانهيار















المزيد.....

الهاشميون بين البقاء والانهيار


فارس عبد الوهاب أمين

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الهاشميون بين البقاء والانهيار

فارس عبدالوهاب أمين
بغداد [email protected]

بعد انهيار الدولة العثمانية وتشظي حدودها وضعت بريطانيا وفرنسا اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم الغنيمة العثمانية بينهما، وكان العراق والاردن من حصة البريطانيين الذين اخذوا يفكرون في شكل النظام الذي يحكم هذين البلدين الجارين، ورغم تقدم الانكليز في صناعة شكل الانظمة السياسية لكن وحسب اعتقادي انهم لجأوا الى نظرية المفكر الاسلامي جمال الدين الافغاني الذي تحدث عن الشكل الامثل لحكم البلدان العربية التي تخلصت من قيود العثمانيين والتي راى ان تكون السلطة بيد حاكم يكون متفرد بالسلطة هو وعائلته لكنه في ذات الوقت يكون عادلاً وواعياً ومخلصاً لشعبه وبلده واطلق عليه مصطلح (المستبد المستنير) فقررت الحكومة البريطانية تأسيس نظامين ملكيين في كلا البلدين واختارت ملكين كلاهما من الاسرة الهاشمية الحجازية مكافئةً لهم بسبب مساعدتهم للانكليز ضد العثمانيين، فحكم فيصل الاول العراق وعبدالله بن الحسين في الاردن وفي حقيقة الامر وحسب اعتقادي ايضاً وبناء على الحقائق التاريخية فان نظرية الافغاني لا تصلح في كل البلدان وفي كل الازمنة، فلماذا ظل النظام الملكي في الاردن ومنذ تأسيسه ولغاية الان يتمتع بشعبية كبيرة وولاء من قبل الشعب الاردني بكافة اطيافه في حين ان النظام الملكي في العراق والذي تأسس عام 1921 انهار باسلوب دموي بعد سنوات من حكمه كانت مليئة بالظلم والاضطهاد والاستبداد وشهدت العديد من الانقلابات والاحتجاجات الرافضة للهيمنة الملكية وهيمنة اذنابها والتي اختتمت بثورة تموز التي انهت حكم الملكية بسيئاته الكثيرة.
من الطبيعي هناك اسباب ادت الى بقاء النظام الملكي الاردني وانهيار النظام الملكي العراقي وسنسلط الضوء عليها ونضعها امام القارئ..
اولاً الجانب السياسي الهاشميون في الاردن تعاملوا مع الواقع السياسي على المستويين الداخلي والخارجي بعقلانية ووعي وادراك من خلال تقديم مصلحة شعبهم على مصلحة الشعوب الاخرى حتى شعب البلد الذي أسهم في وصولهم الى السلطة والمقصود بريطانيا، فعلى المستوى الداخلي تعامل الهاشميون مع جميع الاحزاب السياسية بحكمة ورعاية ولم يمارسوا الاستبداد والاضطهاد السياسي لا مع الاحزاب ولا الافراد فاسسوا نظاماً سياسياً اصبح مظلة ديمقراطية واسعة لكافة الاحزاب بمختلف ميولها واتجاهاتها مثل حزب البعث الاردني والحزب الشيوعي وحزب الإخوان والحزب الناصري وحتى بعد وفاة الملك عبد الله بن الحسين وضع الهاشميون نظام الوصاية الثلاثي الذي يتكون من ثلاث اشخاص يكونوا اوصياء على الملك حسين بن عبد الله لحين بلوغه السن القانونية، واتباع هذا الاسلوب في الوصاية كان له اثر كبير في تأسيس عقلانية الدولة واتزانها القائمة على المشورة وعدم التفرد في اتخاذ القرار اما هاشميوا العراق فبعد وفاة الملك فيصل منحت الوصاية لشخص واحد هو عبد الاله الذي لعب دوراً مشبوهاً في تاريخ العراق الحديث ، اما على المستوى الخارجي تمكن الهاشميون من بناء علاقة متينة مع معظم دول العالم لاسيما دول الخليج ولم يكن للاردن أي خلافات مع أي بلد عربي او اقليمي بل ظل الهاشميون بسبب عقلانيتهم لاسيما حكمة وفطنة وحنكة المغفور له الملك حسين وتواضعه وتفاعله مع ابناء شعبه ونكران الذات التي لم يكن لها مثيل في بلد من دول العالم الثالث الا في سنغافورة كل تلك الصفات التي يتمتع بها الهاشميون كانت محط اعجاب واحترام معظم دول العالم.
اما الهاشميون في العراق فانهم اثبتوا عبر التجربة بانهم لا يمتلكون أي رؤية سياسية في ادارة دولة بحجم العراق بسبب فقدانهم للذكاء والحكمة فعلى المستوى الداخلي فرض الهاشميون قبضتهم على السلطة بقوة من خلال بعض الشخصيات امثال نوري سعيد ومارسوا ابشع اساليب القمع والاضطهاد مع الاحزاب السياسية وضباط الجيش فاعدموا اربعة عقداء في الجيش العراقي بعد محاولتهم تصحيح مسار الديمقراطية التي اجهضها الوصي عبد الاله واعدموا ابرز قادة الحزب الشيوعي وشردوا القيادة الكردية وقتلوت المئات من الاشوريين شمال العراق (وهم سكان العراق الاصليين) وكانوا يتعاملون مع أي احتجاجات سياسية او عمالية اوفلاحية بقساوة وعنف مثل ما فعلوا مع عمال شركة النفط في كركوك والمعروفة بحادثة (كاور باغي ) والتي ادت الى مذبحة بحق هؤلاء العمال من قبل السلطة الملكية، وكانت سياستهم مع أي معارضة سياسية قائمة على البطش والتنكيل، اما على المستوى الخارجي فقد كانت سياسة الهاشميون العراقيون غير متزنة بعد ان حاولوا ادخال العراق في تحالفات دولية لا تخدم مصلحة الشعب العراقي مثل التحالف مع بريطانيا ضد المانيا في الحرب العالمية الثانية ومحاولة زج العراق في حلف بغداد ومحاولة ربط العراق بالمصالح البريطانية عام 1948بمعاهدة بورتسموث او جبر- بيفن التي اسقطها الشعب كما حاولوا الهاشميون اسقط نظام الحكم في سوريا والتدخل في شؤون الكويت وايران وسخروا الاموال الطائلة لمحاولة زعزعة الاستقرار السياسية في العديد من البلدان المجاورة.
ومن المفارقات المحزنة ان معظم الشيوعيين والبعثيين الذين هربوا من بطش النظام الملكي في العراق لجأوا الى الاردن وهذا يدلل على استقرار النظام الهاشمي الاردني سياسياً وانسانياً.
ثانياً الجانب الاقتصادي يمتلك هاشميوا العراق ثروة هائل بحكم سطيرتهم على كافة الثروات مثل النفط والزراعة والضرائب والاقطاع في حين لا يتمتع هاشميوا الاردن بالحد الادنى من هذه الثروة لان الاردن بواقع الحال بلد فقير الا ان حنكة الملك حسين الذي استطاع ان يستثمر كافة الطاقات الموجودة من خلال انشاء منظومة زراعية وصناعية واستثمارية وسياحية وتمكن من تحسين المستوى المعيشي للمواطن الاردني بعد ان وسع رقعة التعليم والثقافة داخل المجتمع الاردني.
اما الهاشميون في العراق فكانوا منشغلون بكيفية تبذير الثروات التي يحصلون عليها دون ايلاء الاهتماء لفئات الشعب فالزراعة تركت بيد الاقطاع الذي لم يكن يهمه سواء جمع الاموال على حساب الفلاحين الفقراء، ولم يولوا للصناعة الاهتمام المطلوب واغلب الصناعات سلمت لايدٍ غير عراقية وعمدوا على وضع العراقيل امام توسيع التعليم لاسيما في المناطق الجنوبية التي عانت من الفقر والجهل والتخلف والمعاملة القاسية التي لم يعامل بها اية فئة او مكون اخر من المجتمع العراقي فالصراع الطائفي في وزراة المعارف ما بين خليل كنة وفاضل الجمالي انعكست بشكل كبير على واقع التعليم في الجنوب.
ثالثاً الجانب الاجتماعي تعامل النظام الاردني مع التنوع الاجتماعي على درجة عالية من الوعي والفهم فكما هو معروف فان المجتمع الاردني يتكون من الاردنيين من ابناء العشائر والاردنيين الفلسطينيين والقوميات والاديان الاخرى فاستطاع الهاشميون احتضان جميع تلك القوميات والاديان ودمجها في المجتمع واصبح هذا المجتمع فيما بعد منظومة اجتماعية متماسكة ومرتبطة قيمياً واخلاقياً وكان للملك حسين علاقات وثيقة مع شيوخ القبائل ولطالما كان حاضراً في كل الفعاليات الاجتماعية، في حين الهاشميون في العراق عملوا عكس ذلك تماماً من خلال النهج الطائفي الذي حكموا فيه الدولة فالعراق يتكون من عدة طوائف كالشيعه والسنه والعرب والتركمان والكرد والايزيديه وغيرها ومارس النظام الملكي ابشع اساليب الطائفية في ادارة الدولة وخلق الفجوة بين مكونات المجتمع العراقي من خلال تقريب مكون واحد ومنحه كل شيء في الدولة وفي المقابل تهميش ومحاربة المكونات الاخرى فضلاً عن الطبقية التي تعامل بها النظام مع كافة مكونات المجتمع العراقي فلهجتهم حجازية وثقافتهم غير عراقية وعوائلهم كانت تعيش علی-;- النمط البريطاني الملكي.
رابعاً الجانب القيمي والاخلاقي فبالرغم ان المملكة الاردنية ومنذ تأسيها تسير بالنهج الليبرالي والعلماني الا ان الهاشميين ظلوا متمسكين بالاحكام والاعراف الدينية فتجدهم يترددون الى المساجد ويصمون في شهر رمضان ويحجون بيت الله الحرام ويأدون مناسك العمرة اضافة الى تمسكهم الشديد بالتواضع امام الطقوس والتعاليم الدينية وحتى ان اثنين من العائلة الحاكمة تم اغتيالهم في المسجد الاقصى بينما هاشميوا العراق لم يعرفوا يوماً الصلاة ولا الصيام ولا الحج والعمرة وحتى ان كان احد منهم يدعي ذلك فهو مجرد رياء مكشوف لا يمت للواقع باية صلة ففيصل الاول توفي في سويسرا عندما كان في رحلة استجمام والملك غازي توفي اثر حادث اصطدام وكان حينها مخمور اما فيصل الثاني فمات ولم يعرف كيف تقام الصلاة، اما الوصي عبد الاله فكان معروف بولعه باحتساء الخمر الذي لم يكن يفارقه حتى في مكتبه الشخصي وبيته الذي حولهما الى اشبه ببار بسبب ما يحتويه من انواع الخمور وكذلك علاقاته المشبوهة مع بعض نساء المسؤولين في الدولة ومعظم افراد العائلة المالكة كانت لهم سلوكيات منحرفة وبعيدة كل البعد عن المجتمع العراقي المحافظ.
ان الفرق بين النظاميين الهاشميين في العراق والاردن يكمن في ان النظام في المملكة الاردنية الهاشمية عمل وجهد في خدمة شعبه وبناء دولة قوية لها ثقلها على المستويين الاقليمي والدولي وكان فعلاً نظاماً مستنيراً فاهماً وداركاً لتطورات العصر ومتطلباته ومواكبة هذا التطور بشكل متواصل في حين النظام الملكي في العراق لم يكن مستنيراً يوما ما بل على العكس ظل متخلفاً متمسكاً باساليب الحكم الاكلاسيكي القائم على الفوقية وصنع الفوارق الطبيقية في المجتمع لذلك انهار بسرعة بقيام ثورة 14 تموز على يد تنظيم الضباط الاحرار في حين ظل الهاشميون بالاردن صامدين ومسنودين من شعبهم وقواتهم المسلحة وحتى محاولات الانقلاب القليلة التي واجهت النظام الاردني كانت خارجية من قبل مصر وسوريا في حين جميع الانقلابات والثورات التي واجهها النظام الملكي العراقي كانت عراقية ووطنية خالصة.
ويتضح مما تقدم ان نوع الحكم مهما كان شكلة او نظامه السياسي فان تأثيره على نهج الدولة مهما كان مهاماً فانه لن يكون مؤثرا بقدر العلاقة بين الحاكم والمحكوم بغض النظر عن نوعية وشكل النظام والتي تعكس مدى جدية الحاكم وحرصه على تطور وتقدم شعبه وبلده سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وهو ما تمخض عن فهم الهاشميون في الاردن لهذه الحقيقة فيما عجز هاشميوا العراق عن فهما طيلة سنوات حكمهم الموجعة والمؤلمة..
تنويه.. استند هذا المقال على المراجع التالية: كتاب (مهنتي كملك) للملك حسين وكتاب (العراق امسه وغده) خليل كنه وكتاب (مذكراتي) توفيق السويدي وكتاب (من حديث الذكريات) عبد الرزاق الهلالي وكتاب (العراق الجديد) حسين جميل وكتاب( العراق الحديث) لفاضل الجمالي وكتاب (عبد الكريم قاسم رؤية بعد العشرين) لحسن علوي



#فارس_عبد_الوهاب_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس عبد الوهاب أمين - الهاشميون بين البقاء والانهيار