إسلام يسري جابر
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 08:20
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لعل الجميع يدرك الأن ان الحديث عن الثورة في مصر أصبح حديثا خياليا لا يخلو من المزاح و هذه الرؤية الإنهزامية لا تأتي إلى من نقص الوعي الخاص بمفهوم الثورة فأغلب الأنبياء الجدد هؤلاء ربط مفهوم الثورة لديهم بتعريفات برجوازية أو وطنية فكان من الطبيعي أن تؤدي برجوازيتهم إلى هذه المسألة في ظل التعقيدات الحالية و عدم وجود مساحة للتحرك
فالثورة هي من وجهة نظر الماركسيين نتاج للصراع الطبقي و الملاذ الأخير للحضارة الإنسانية و بالنسبة لهم تظل الثورة هي مرحلة وطنية لتغير القاهرين للمقهورين و الكادحين فنجد منهم عبارات ضيقة الأفق بل و مضحكة احيانا عن " تطهير " القضاء – " تطهير " الشرطة " – " تطهير " مؤسسات الدولة و كأن الثورة هي مطهر موضعي لتلك الجراثيم الموجودة بالجسد النقي المسمى بالدولة وهو امرا مضحكا بالفعل لان هذا " التطهير " لن يحدث أبدا لأن تلك التنظيمات " شرطة – جيش- قضاء- إعلام " هي في الحقيقة الدولة نفسها و تلك الدولة تخدم فئة معينة في المجتمع بصورة تحفظ مصالحها و تحفظ إمتيازات تلك التنظيمات و في ظل عدم وجود " نظام " تعمل تلك النظيمات بالشكل الذي يندرج تحت بند " الفساد " و لكنه في الحقيقة ليس فسادا ... بل هذا هو بديل النظام فالدولة في مصر عاجزة تماما عن خلق النظام و كان هذا هو التناقض الصريح في شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " فالدولة اداه خلق النظام الموجودة للتوفيق بين الطبقات " من وجهة نظر شوفينية " لم تخلق نظاما بل حافظت على شبكة المصالح " الفساد " لتستمر الدولة أداه قمع الطبقة المقهورة " من وجهة نظر ماركسية " و شبكة المصالح هي ما يخلق التماسك بين تلك التنظيمات و بين المستثمرين و المستغلين و المستغلين
إذا فكيف يا ترى دولة الفساد " شبكة المصالح " هو العصب فيها تطلب منها ادبا " التطهير" .. كمن يطلب من شخص أن يتخلص من عقله أو قلبه كي يصبح أفضل !!!
فكانت الرؤية الماركسية هي الأكثر صعوبة و الأكثر واقعيه في ذات الوقت و كان تعريف إنجلز للدولة هو الاكثر قربا للمنطق و القائل بان الدولة هي اداه تخلق لقمع طبقة لطبقة اخرى عند إستعصاء الصراع الطبقي
لذلك كانت إشكالية التفسير للثورة الإشكالية الاولى للمشاركين فيها فأغلب المشاركين بالحشد أو التنظيم " إن لم يكن جميعهم " يؤمنون إيمانا حقيقيا باهمية وجود الدولة حتى بعد إنتصار الثورة إن إنتصرت و هذا أول ما عول عليه المخططون الرئيسيون للثورة المضادة في العباسية و البيت الأبيض فكان ساسة الثورة هم في الحقيقة و في لحظة واحدة ساسة الثورة المضادة دون إدراك
تجلى هذا الدور بلإنجراف اللاإرادي نحو المشاركة في إستفتاء مارس 2011 هذا الإستفتاء الذي كان الخطوة العملية الاولى بل القفزة الأولى للثورة المضادة من كان المحرك الرئيسي للأحداث يا ترى ؟
ليس الإسلاميين ولا الجيش و لا الليبراليين نجوم الشاشات بل كان هؤلاء مجرد تشتيت للإنتباه لقد كان المتحركين على الأرض الشبان الذين وزعوا الأوراق الداعية بنعم أو لا او حتى المقاطعة هم المحرك الرئيس المنوم مغناطيسيا للأحداث في تلك اللحظة و لم يعوا للحظة واحدة أن التحرك الدؤوب نحو إسقاط الدولة لا بناء مؤسساتها ولو بشكل ديموقراطي هو الهدف الرئيس كان وعيهم عدوهم الاول
لقد كانت تلك الخطوة المفعمة بالنشاط للثورة المضادة بداية التحريك عن بعد لتلك المجموعات الشبابية المختلفة جذريا نحو خطوات اكثر عمقا نحو اهداف الثورة المضادة و لأن هؤلاء الجنرالات لايزالون يحتفظون بعقليتهم العسكرية البدائية الوحشية فكان لابد من غنيمة سريعة فإنتقلوا بعدها بحوالي 6 أشهر نحو الإنتخابات البرلمانية تلك الصفعة السياسية التي ربما ادرك البعض حينها إدراكا عميقا أن مهام الثورة لم تنتهي بعد فالمحرك الرئيس هذا في استفتاء مارس أخرس تماما في برلمان نوفمير المفعم بالنشاط في مارس يطارده المال السياسي في كل مكان ليلقي به خارج الصورة فالكلمة الأولى و الأخيرة للمال الدرس الأول للثورة المضادة
عندما تحركت المجموعات نحو وزارة الداخلية في معارك محمد محمود كانت تلك طفرة حقيقية في وعي البعض أدركوا متاخرين ب 7 أشهر كاملة ان الإنتفاضة لم تنتهي كانت ملحمة ثورية بكل المقاييس لم ينقصها إلا وحدة الهدف ... او بالأحرى توسعة الهدف
غض الثوريين الطرف عن المتبرلنون هؤلاء لم يدفعوا سهامهم نحو كل ورقة توزع او مقر إنتخابي و ركزوا ضرباتهم على وزارة الداخلية بل المضحك في نفس الوقت أنهم قبلوا بين صفوفهم قلة من الإسلاميين السلفيين حضروا كسفراء للمتبرلنين أو مراقبين للموقف فظن هؤلاء الشجعان أن العدو فقط هو الدولة ... رائع و لكن غير مكتمل الضربة المكتملة كانت يجب ان توجه أيضا للعملية الإنتخابية بشكل مادي يشل هذه الخطوة .. نبرر ذلك لمن أدرك ذلك فقط بضعف الإمكانات فقفزة الثورة المضادة قابلتها زحفة نحو الأمام و كما قيل من يصنع نصف ثورة كمن يحفر قبل لنفسه كانت الزحفة نحو الامام كنصف خطوة لقد كانت محمد محمود معنويا إنتصارا للثوريين عمليا إنتصارا للثورة المضادة
لقد كانت أفضل التصورات المنطقية المقبولة الممكنة في تلك الفترة تقول أن اكثر التنظيمات الثورية ذكاء هو التنظيم الذي سوف يسعى في خضم الإنتفاضة لتوسعة قاعدته من المخلصين للثورة و المؤمنين بها ربما كان تنظيمي 6 إبريل و الإشتراكيون الثوريون هم الاكثر حرصا على ذلك و إن شاب تحركاتهم ترهل واضح و لكن كان هذا التصور هو الأفضل خصوصا أن القبضة الأمنية كانت مترهلة أيضا
و كانت التجمعات حرة و ممكنة و لم يستغل الأمر على الإطلاق .. لذا فهناك خطئين أرتكبا في محمد محمود ... إختيار ميدان القتال أو أقصد ميادين القتال " البرلمان كان يجب ان يكون الهدف الأكثر تركيزا " و الخطأ الثاني عدم توسعة قواعد التنظيمات الثورية بشكل كبير جدا في تلك اللحظة بل سجل البعض إنسحابات لتنظيمات " تدعى بالثورية " من ميدان قتال محمد محمود فكان للفوضويين الكلمة الأولى هناك و كتب المجد للمجهولين هناك أيضا
#إسلام_يسري_جابر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟