أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - آزاد نبي - إشكالية العلاقات العربية الكردية















المزيد.....

إشكالية العلاقات العربية الكردية


آزاد نبي

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 03:10
المحور: القضية الكردية
    


تصطدم أغلب المقاربات السياسية التي تدور حول علاقة مركبة بين شعبين أو مكونين بقياس العربية الكردية من الخضوع للإشكالية التاريخية المتمثلة في التعقيد والالتباس أمام تعريف واضح لعوامل تكوينها, نظراً لتشابك شعوب الشرق القديم وغياب محدد زمني يؤرخ قيامها, وارتباطها بتراكم أحداث تاريخية مديدة مروراً بمراحل التطور السياسية والمجتمعية المختلفة, فلم تكن ثمة أقوام أو شعوب مجردة ومستقلة تعيش بمنأى عن الأخرى نتيجة إخضاعها المطلق لسلطة دينية تغلبت على عموم النزعات الدينية والقومية الأخرى, لكن يمكننا القول إنها وجدت أبرز ملامحها بعد أخذ الدول والأمم شكلها الحديث, أي بعد انهيار السلطة الدينية المطلقة وتشكّل الكيانات السياسية الحديثة, التي أقحم فيها الكرد قسراً, ووزعوا في خرائطها الجديدة, أعني تأسيس الدولتيّن العراقية والسورية بحدودها الجيوسياسية الراهنة. بتعبير أدق, إن الفاصل هو بروز القومي المحدد البديل عن الديني المطلق, لكن كيف السبيل إلى وصول إلى التحقق التاريخي منها؟ وما هي أبرز ملامحها؟ وإلى مدى تتميز بالإيجابية؟
التفصيل في الحديث متلازم بفهم ماهية الخطاب السياسي العربي القومي, إلى جانب الذهنية الحاكمة من منظوره الموضوعي, أكثر من تناول مسألة شعبين مستقلّين متمايزين, فقد اتسمت على مداها بنوع من التفوق العنصر الذاتي, أٌشبه بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم, الرئيس والمرؤوس لا تقوم على مقياس الندية بل تبدو أقرب إلى الإجهار بعجز الآخر وضعفه, فهي تتناول عموماً علاقة المركزي الثابت المتماهي في الدولة والسيادة, مع الثانوي المتحول الملحق به, فالعربي لم يجد في نظيره الكردي تلك الطاقة البشرية تؤهله إلى حدود اعتباره شريكاً سياسياً ووطنياً, ذلك يكاد أن يمثل تجريداً من البعد الإنساني والأخلاقي يقتصر على أحقية الأكثرية في الجدارة والاستحقاق, فلا تتعاطى معه من موقع المساواة والمشاركة العادلة, إنما تبدو بدائية الأصل تقر بوجدهم أفراداً منطويين نافياً عنهم الحق الطبيعي كوّنهم "شعب-أمة", إنها نسخة متطابقة من وجهة نظر السلطة ترى في تحريم حقّ الآخر وإلغائه اعتلاءً لشأنها, فهي تحمل جوهرياً هلوسات أيديولوجيا قومية اخترقت البنيّة الفكرية للعقل العربي وأوهمته, إنها بمعنى آخر نتاج تربية سياسية وثقافية سار بالعرب في البلدين إلى النزوع القومي, والإعلان بعروبة الأرض والتاريخ والثقافة أرغم الآخر فيها على تناول التاريخ من منظور العروبي ولا يجيد سوى الثقافة العربية ومحكوم بإرادتها ومعني بقضاياها وناطق بلغتها, تستخلص محاولة طمس هوية الآخر المختلف بدلاً من احتوائه وتعزيز دوره الوطني, بالنتيجة غدا مكرهاً على العيش تحت ظلاله, منزوع الانتماء, آخذاً في البحث عن انسجام مع ما يجمعه من محيطه القومي يعوض بها فقدانه. لا ريب إن هذا المنحى الشمولي الكاسح أفشل العلاقات التاريخية التي جمع العرب والكرد, وهو بطبيعة الحال مردود إلى الذهنية العربية ووعيه السياسي المطبوع بالطابع القومي المطلق, وبخطب الأنظمة والنخب, إنها مسؤولية جانب واحد طبقاً لرغباته المعلنة, عندما يعوم مستقبل العلاقة في نطاق مركزي, ويحدد منها مرجعيته الأخلاقية القائمة على إنكار وجود الآخر, وينطبق بتواز مع ذلك على نكران ذاته المجردة, مثلما خلقت السلطة في العراق وسورية ظاهرياً خرافة مارست عليها أقبح صورها ديماغوجيةً واعتلت على حساب دماء الشعبين الذين وقعا ضحية قبل الكرد, فقد اكتشفوا بعد طول دهر إنهم متوهمون في وحدتهم المنتظرة وفقدوا الأمل بدولتهم الموعودة, بذلك خسروا في انجاز دولتهم الوطنية الجامعة أمكن فيها من عدَّ الكرد شركاء فعليين. منظرو المشروع العروبي ومدّعوه الدائرون في فلك السلطة هم الأقل تصالحاً مع ذاتهم قبل شركائهم, لم يستغلوا اكتسابهم في العراق بدلاً من السعي إلى تحقيق وحدة مع السودان, على سبيل المثال, أو في سوريا بدلاً من دول المغرب أو حتى مع دول هي في الأصل مصدر حساسية ورهاب سياسي بالنسبة للشعب الكردي, ذلك فرض على الكرد من الجانب المقابل, بأحزابهم وتكتلاتهم مواقف وخطب أقرب إلى ردود فعل ذاتية من قبيل قيامهم بعلاقات مع دول على عداء مع العرب, لكن بطبيعة الحال لا تستند هذه الأخيرة على أسس بنيّوية واضحة, إنه رد فعل إزاء تراكمات من التهميش والاستبداد.
إذاً, استخلص مدعو المشرع العروبي عقيدة محضة أرادوا ترسيخها في الذهنية العربية, فمن لم يؤمن بها ويضعها أولوية مدان, ومن يهتدي بغيرها يرتكب خيانة عظمى, وهي جوهر الإشكال الرئيس أمام سند الآخر. بتعبير آخر, لم تتناول الحكومات والنخب العربية مفهوم عروبتهم من منظور حضاري تقدمي يستطيع الفكاك من ماهو بدائي شعبوي أو يساهم في تكوين جسد سياسي واقتصادي حي وفاعل, بل سطت عليها واختزلتها بمفهوم منغلق متخيل, المراد منه تهييج الغريزة واستعادة إرثها السالف, فهو يؤكد على تعريب الحضارة البشرية بدلاً أن يكون عاملاً في بنائها, وهم بكل الأحوال إذ يجزمون بمركزيتها فهم لا يحققون أدنى حدود التغيير المطلوب على نحو يمكّنهم استعادة المبادرة التاريخية, إنما يستحضرونها إلى سجالات أيديولوجية.
بهذا الاعتبار نفهم لم تركيز خطابهم في السلطة والمعارضة السائد يكاد أن يتطابق على المسألة الحقوقية الثقافية واللغوية بل في أغلب الأحيان متبار في التملص من جوهر القضية الكردية وسلخها عن محتواها الرئيس, والالتفاف على البعد السياسي والقومي عنها, إنه يزيل الإشكال عن مركزية القضية بمصادرتها, لا بالبحث عن سبل حلها, فبالتالي لا تعد قضية وطنية تخص مصير شعب كامل, إذ نلاحظ أن الخطابات الشعبوية تعيد إنتاجها والتابو المقدس لم يزل حاضراً في أغلب تنظيرات النخب السياسية والثقافية والدينية, باستثناءات قليلة, ولا تنم سوى عن تشويه وتجهيل متعمد, علاوة على عجزهم في تقديم أي طرح جديد.
العلاقات العربية الكردية في أكثر وجوهها سلبيةً كشفت عن عمق حالة البؤس الاجتماعي والاغتراب الأهلي من خلال النزاعات السياسية والدينية والاقتصادية الدائرة في الفترة القصيرة المنصرمة, لكن ما يميزها في هذه الظروف إنها حصلت بضغط اجتماعي وانفجار أهلي حملت هالة دفينة من الموبقات والأزمات المزمنة, ربما تشكل بداية لتاريخ جديد يختلف جذرياً عن الذي سبقه, تاريخ اقترف فيه البشر أبشع الصور دموية, يبلغون به إدراك ذواتهم, فمالا تصنعه الشعوب بنفسها لا يستقر في وجدانها الثقافي بتعبير الراحل نصر حامد أبو زايد, ومن نافل القول, إن الشعور العام لدى أية جماعة بشرية تبرز في الانزياح عن محيطها الوطني العام عندما تشعر بالغبن السياسي والتمييز الأهلي, فتعدو منزوعة الذات والانتماء, تهدد أمن وحياة السياسي السائد الذي هو تهديد للمجتمع برمته, إنه بحال من الأحوال نهاية سورية والعراق كمجال جغرافي جامع للعرب والكرد.
من هنا يستلزم إعادة طرح ما هو وطني على نحو عادل ومتساو تام يؤسس لشراكة حقيقية أساسه التعددية القومية والسياسية, أعني اعتراف صريح وواضح بوجود شعب آخر مستقل في الهوية, لا يقل حضوراً ومكانةً عن نظيره العربي, له الحق في اختيار ما هو أنسب لمستقبله, بعيداً عن القيح الشوفيني, وبعيداً عن هذيانات مخترعي مفهوم الأكثرية والأقلية, فالأصل في قدرة الشعوب على التمثيل الحضاري والإنساني لا تقاس طبقاً لتعداد البشري, كذلك لا يتم التعايش بين جماعات اثنية او قومية بالإرغام والإكراه, مالم تبلغ هذه الجماعة ان مصلحتها الأمثل في البقاء مع نظيرتها, ومالم تكسب امتياز براغماتي يعد ضماناً لحريتها وحقوقها السياسية, ويحترم إرادتها بما يعزز قيم العيش المشترك.
بهذا القوّل يمكننا أن نستخلص أن الإشكالية أمام العلاقات العربية الكردية تكمن في أزمة معرفية بوجود الآخر, بذهنية لا تراه ذاتاً فاعلاً, وهو ما يتعين عليها بصورة أساسية أن تطويه بما يحقق الإنصاف والتماثل.



#آزاد_نبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - آزاد نبي - إشكالية العلاقات العربية الكردية