أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حزب العمال التونسي - المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة















المزيد.....

المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 1327 - 2005 / 9 / 24 - 11:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مثّل انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين نهاية تجربة، التجربة الاشتراكية، وطي صفحة من تاريخ الإنسانية، فترة الحرب الباردة أو الاستقطاب الدولي الثنائي. وانفلتت الرأسمالية من عقالها لتبسط نمطها في التنمية الاقتصادية وإدارة الحياة الاجتماعية على الطريقة الليبرالية الكلاسيكية لكن في ظروف جديدة تتميز أساسا بتكثيف عملية مركزة رأس المال والاحتكار. وأعلن عن مولد النظام العالمي الجديد القائم على عولمة الليبرالية الاقتصادية بكل ما تشترطه من استغلال وقمع وحروب. حيال ذلك أصيبت حركة الشعوب بالبهتة. لكن هذه البهتة لم تدم طويلا إذ سرعان ما اهتدت إلى ابتداع أشكال نضال جديدة. فمقابل تجمعات الاحتكارات وكبار الرأسماليين (منتدى دافوس، قمة الثمانية…) ظهر "المنتدى الاجتماعي" و"المنتدى المدني" و"المنتدى النقابي" إلخ.. هذه التجمعات التي نسقت ونظمت ونشطت واحتضنت فعاليات حوار ونقاش وبحث لبلورة سبل مقاومة العولمة الليبرالية حتى شكلت حركة مقاومة الليبرالية أو عولمة أخرى. وعرفت دورات قمة البلدان المصنعة في سياتل بأمريكا وطوكيو وجنوة الإيطالية إلخ.. احتجاجات عارمة ومواجهات عنيفة خلفت أحيانا قتلى وجرحى وباتت حركة مناهضة العولمة ظاهرة دولية كما بات المنتدى الاجتماعي (العالمي والقاري والوطني) من مستلزمات النضال الضرورية لتوسيع دائرة المقاومة والنضال للحد من أثار العولمة الليبرالية السلبية.

لقد ولد المنتدى الاجتماعي إطارا للحوار والتحليل والتشاور لصياغة المطامح الاجتماعية والسياسية الكبرى واستطاع استقطاب مئات الآلاف من العمال والفلاحين والمثقفين وحتى جماهير الطبقات الوسطى إلى أن تحوّل إلى أداة نضال جديدة يعتبرها البعض تجاوزا لأدوات النضال التقليدية أحزابا ونقابات.

ولعل من أسباب نجاح المنتدى الاجتماعي فشل الأطر الكلاسيكية على تقديم الإجابات الناجعة لمواجهة التحولات الطارئة على العلاقات الدولية وحتى على مستوى الأوضاع المحلية في كل بلد من جهة وتميز المنتدى بخصائص لا تسمح بها هذه الأطر القديمة من جهة أخرى.

فالمنتدى الاجتماعي هو فضاء مفتوح لتبادل التجارب والخبرات والأفكار والمواقف ينبني على المشاركة الحرة القاعدية سواء تعلّق الأمر بالمنظمات أو الأفراد فهو فضاء ديمقراطي وغير ملزم يوفر إمكانيات لإثراء تجربة كل من يشارك فيه. لذلك تحمست له منظمات وجمعيات المجتمع المدني ولم تجد النقابات بدا من الالتحاق به وهو ما أضفى عليه طابعا اجتماعيا ونضاليا أكبر. كما ساندته الأحزاب الاجتماعية (اشتراكية ويسارية) رغم أن الجدل الدائر داخله حول إمكانية التحاق الأحزاب السياسية به لم يحسم بعد نتيجة اعتراض واسع لمكوناته على ذلك.

ولا يشك أحد اليوم في أهمية هذا الفضاء بعد أن عقد المنتدى الاجتماعي العالمي دورته الخامسة في مدينة بورتو أليقري البرازيلية موطن مولده، وبعد أن عقد المنتدى الأوروبي دورته الثالثة في لندن وانعقدت الدورة الأولى للمنتدى المتوسطي بإسبانيا وبعد أن انتشرت المنتديات الاجتماعية في عدد كبير من البلدان الأمريكية والأوروبية والآسوية وحتى الإفريقية (مالي والسينغال وجنوب إفريقيا) والعربية (المغرب ومصر). فالمنتدى الاجتماعي صار من الأدوات الضرورية لصياغة مطالب جماهير العمال والفلاحين وشرائح الشباب والنساء والمثقفين وأصناف مهنية كثيرة ومتنوعة (أطباء..). كما أصبح فضاء للتعبير والاحتجاج بل قطبا اجتماعيا واسعا لمواجهة الليبرلية الجديدة تخشاه الاحتكارات والدول ومؤسسات رأس المال الدولية على حد السواء.

لكن رغم كل ذلك مازال المنتدى الاجتماعي يبحث عن هويته ويتلمس الطريق لتحديد طبيعة وظيفته ودوره إذ يرى البعض من المؤثرين فيه أن يكتفي بدوره الحالي للاحتجاج والمطالبة فقط فيما ينادي البعض الآخر بضرورة تحويله إلى أداة عمل تتولى فيما تتولى التفاوض مع تجمعات الاحتكارات (دافوس مثلا) ومؤسسات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة حول مطالب العمال والفلاحين وشرائح الشعب الأخرى لمواجهة انعكاسات الليبرالية على أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. هذا الخلاف ليس في الحقيقة غير عنوان لخلافات جزئية أخرى كثيرة داخل المنتدى برزت ولا تزال موضوع جدال واسع لا يمكن الحكم بعد على ما سيؤول إليه.

يتعرّض المنتدى الاجتماعي العالمي لعدة انتقادات نابعة من القوى والمكونات الفاعلة والمؤثرة فيه. فقوى "الوسط" الممثلة للشرائح الاجتماعية الوسطية تعتبره "غير عملي" و"غير دقيق" في توجهاته لذلك ينادي بأن يلعب دور الوسيط والمفاوض مع "المنتدى الاقتصادي العالمي" وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي حول برامج متعددة للحد من ظاهرة الفقر والأمراض (السيدا مثلا) ولتحسين مصائر التنمية الاقتصادية. أما القوى الوريثة والمنحدرة من الأحزاب "اليسارية القديمة" (الاشتراكية والشيوعية) فتعتبر أن شعار "عالم آخر أفضل ممكن) شعار فضفاض ومائع وكان على المنتدى الاجتماعي أن يحدد ما هو البديل وهو حصرا البديل الاشتراكي.

كما يعتبر هؤلاء أن "المنتدى الاجتماعي" لا يخطط لبرامج نضالية عملية وهو بذلك فضاء للكلام أو الثرثرة أكثر من أي شيء آخر وبالتالي هو فضاء غير عملي وغير ناجع. لذلك نظمت هذه القوى بمناسبة الدورة الرابعة للمنتدى الاجتماعي العالمي في مدينة مومباي في الهند منتدى مضادا. ومن الانتقادات الموجهة للمنتدى الاجتماعي أيضا أنه يقبل تمويل أنشطته من المنظمات غير الحكومية بما في ذلك تلك التي تتبع توجهات مشكوك في مصداقيتها مقابل رفضه مشاركة الأحزاب السياسية التي تمثل الأدوات الأنجع في عملية التغيير السياسي والاقتصادي. كما أنه يمنع مشاركة المنظمات التي تقوم بأعمال عنيفة بدعوى أنه إطار للعمل السلمي والحال أن جانب كبير من العنف الاجتماعي والسياسي له ما يبرره إذ أنه عنف مضاد لعنف رأس المال وأجهزة الدول والاحتكارات (بوليس وجيوش).

كثير من المنظمات ومن المشاركين الناشطين في المنتدى الاجتماعي والذين ينحدرون من أصول فوضوية يعتبرون أنه ظاهريا فضاء ديمقراطي غير مهيكل وغير ممركز ولكنه في الواقع يخضع لمركزية غير ظاهرة ذلك أن هياكله القيادية تتمتع بنفوذ وتمارس سلطة قوية على مجمل فضاء المنتدى من جهة، ومن جهة أخرى أثبتت التجربة أن أخذ القرارات داخل المنتدى يتم دون احترام مبدأ النظام الأفقي وفي غياب الشفافية التامة لذلك بدأ المنتدى يفقد تدريجيا الطابع الديمقراطي المراد له.

وقد حاولت السكرتارية الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي خلال الدورة الخامسة الأخيرة (جانفي 2005) في بورتو أليغري بالبرازيل تجاوز بعض النقائص موضوع انتقادات المذكورة حيث وسعت الاستشارة حول "مواضيع التشاور" المطروحة على الدورة من أجل تعميق الطابع الديمقراطي والمشاركة القاعدية.

ورغم ذلك يسود إحساس داخل المنتدى الاجتماعي وحتى داخل المجلس الدولي والسكرتارية العالمية للمنتدى أن مسألتين أساسيتين لا تزالان غير محسومتين وليس هنالك إلى حد الوقت الحاضر ما ينبئ بحسمهما قريبا نظرا للصعوبات والتعقيدات التي تميزهما. هذان المسألتان هما أولا البديل المنشود وثانيا مستقبل الفضاء المفتوح. فبالنسبة للمسألة الأولى تأسس المنتدى الاجتماعي العالمي بهدف واضح هو "مناهضة العولمة الليبرالية الجديدة" و"مناهضة الامبريالية في جميع أشكالها". ولكن هذا الهدف يبقى مبهما من حيث الإجابة على السؤال التالي: هل يعني ذلك النضال من أجل "نظام بديل" للرأسمالية أم المحافظة عليها؟ وتعترف السكرتارية الدولية للمنتدى أن النقاش حول هذه القضية لم يأخذ مداه بل وميعته عديد النقاشات الجزئية الأخرى وبالتالي لم يقع التطرق إليه بصورة واعية ومعمقة. و يستبعد أن يكون مثل هذا النقاش مثيرا لتصدعات داخل الممنتدى. أما بصدد القضية الثانية أي مآل المنتدى المستقبلي فإن هذا الفضاء لم يستطع حتى الآن الملاءمة بين طابع "الفضاء المفتوح للحوار وتبادل التجارب" وبين الرغبة في تحويله إلى "فضاء مفتوح له نشاط وبرنامج عملي وفعلي". فأن يستمر كما كان حتى الآن فضاء للتشاور ولتبادل الخبرات فقط من شأنه أن يفقده طاقة الراغبين في العمل من أجل الفعل والمواجهة والتغيير خصوصا وأن "المنتدى المضاد" في الهند كان ) سابقة جدية قادرة على التوسع والتأثير. ويبدو أن المشاريع والأفكار التي تطارحتها دورة البرازيل الأخيرة (جانفي 2005) تحت عنوان تحويل المنتدى الاجتماعي إلى "مظلة" لأنشطة اجتماعية متوازنة ومنضوية تحت شعار مناهضة العولمة لم تكن الإجابة الشافية حول هذه المسألة التي ستظل مطروحة بجدية وبها يرتهن مصير المنتدى الاجتماعي كفضاء.

ومهما كانت الإجابة التي قد يوفرها الجدل الجاري الآن داخل المنتدى الاجتماعي فإن الواقع أثبت أنه لم يتمكن حتى الآن من أن يكون بديلا عن الأطر التقليدية (أحزاب ونقابات خاصة) بقدر ما أعطاها دفعا لتبقى أدوات تغيير أساسا وهي مسألة ما تزال تطرح نفسها لمزيد النقاش.

هذه فكرة عامة عن المنتدى، وسنحاول في العدد القادم تناول محاولات بعث مثل هذا المنتدى في تونس والعراقيل التي تقف أمامها.



#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضع الاجتماعي في تونس الانفجار آت لا ريب فيه
- دفاعا عن الرابطة وعن استقلالية العمل الجمعياتي وحريّته
- النضال هو الوسيلة الوحيدة لمجابهة الدكتاتورية وإرغامها على ا ...
- أزمة النسيج تشتد ونضالات العمال تتصاعد
- لا مستقبل لشباب تونس في ظل الدكتاتورية
- رائحة أزمة نقابية!
- كلمة الرفيق حمه الهمامي في ندوة بروكسيل حول -الشراكة الأوروم ...
- بيان مشترك حول تفجيرات لندن
- مرة أخرى:لا خلاص للعمال إلا بالوحدة والنضال
- في اليوم الوطني لمقاومة التعذيب والذكرى 18 لاستشهاد نبيل الب ...
- طبقة عاملة، منزوعة السلاح، مهدورة الحقوق !
- بمناسبة الانتخابات البلدية: حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهز ...
- من المستفيد من المفاوضات الاجتماعية؟
- حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهزلة الجديدة
- أجل مغرب عربي بلا مساجين سياسيين: كلمة الرفيق حمه الهمامي
- من أجل مغرب بلا مساجين سياسيين: البيان الختامي
- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة :مناضلات في البال
- الأحزاب الديمقراطية تنعى زهير اليحياوي
- ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2005: استمرا في نفس الاخت ...
- اشتداد الهجوم على حقوق العمّال والحل في الوحدة والنضال


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حزب العمال التونسي - المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة