أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعاد الحياني - أزمة القيم في الإسلام















المزيد.....

أزمة القيم في الإسلام


سعاد الحياني

الحوار المتمدن-العدد: 4758 - 2015 / 3 / 25 - 06:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يربط الكثيرون الدين بالاخلاق . بل يذهبون الى اعتبار الاخلاق حكرا على الدين والمتدين . لهذا نجد المسلم يتباهى بالاخلاق والقيم التي يحملها دينه والتي يجد فيها تعبيرا عن الخير المطلق . بل ويحصرها داخل دائرة الاسلام والمسلمين.ويجعل بابها موصدا امام كل من هو خارج الاسلام بثقة عالية لا تقبل التشكيك .ويكاد يكون موضوع القيم والأخلاق هو الموضوع الوحيد الذي يتفق حوله كل المسلمين بمختلف طوائفهم وفرقهم . فكلهم يتغنون بمنظومة الاسلام المتينة والغنية والشاملة.وكلهم يبدلون جهدا في تبيان تراص هذه المنظومة القيمية وكمالها وتناسبها مع المجتمع الانساني في كل مراحله.مع أن الواقع يبين أن المسلمين هم ابعد ما يكونون عن تنفيد هذه القيم ليس في علاقاتهم بباقي الشعوب والأديان فقط بل في علاقاتهم ببعضهم البعض ايضا.فإن كان المدافعون عن الاسلام يجدون تبريرات كثيرة ومتنوعة ليبرروا فشل الدولة الإسلامية التي حكمت لازيد من ثلاثة عشر قرنا هذه البقعة الجغرافية الممتدة من المحيط الى الخليج . فكيف سيبررون تهاوي القيم لدى هذه الشعوب التي ورثت الاسلام ابا عن جد ؟ فالواقع يبين بكيفية لا تدع مجالا للشك أن هناك هوة عظيمة ما بين الانسان المسلم وما بين القيم الإنسانية بما فيها تلك التي يتغنى بها المسلمون في كل مناسبة . فمعدلات الجريمة في مجتمعاتنا تفوق نظيرتها في كل المجتمعات الاخرى وتتنوع من ابسط الجرائم الى أعقدها وأبشعها ،كما يسود عدم الاحترام بين الجنسين ويواجه الطفل بمختلف اشكال العنف ولا يعتبر انسانا على المطلق بل شيئا مملوكا لأبويه ثم لأساتذته أو مربييه. وتسود الأنانية المطلقة في كل التعاملات بين الناس حتى اصبح في العديد من الأماكن مجرد الخروج من المنزل هو خوض لحرب على المرء أن يديرها بكفاءة عالية يتسلح فيها بمختلف اساليب الاحتيال وسوء النية والحذر الشديد .فهذا المجتمع الذي حافظ لهذه القرون على طقوس الصلاة والصوم والزكاة و قام افراده برحلات شاقة ومكلفة من أجل الحج الى مكة . ونبذ العلاقات الجنسية خارج اطارالزواج بشكل حاسم وحافظ على الحجاب ومنع المرأة من الخروج للحياة العامة هو نفسه المجتمع الذي استشرى فيه الكذب والنفاق والسطو على ممتلكات الغير والخداع وغيرها من الاخلاق القمينة. فلماذا فشل المجتمع الإسلامي الذي يدعي امتلاكه للأخلاق دون سواه في تربية مجتمع تسوده القيم الايجابية التي تزخر بها النصوص والكتب حين فشل في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والسياسية على مر تاريخه؟
يحتاج هذا أن نلقي نظرة حول هذه المنظومة القيمية بشكل واقعي موضوعي بعيدا عن الجمل المنمقة الرنانة لنفهم كنه هذه المنظومة .أول أساس تنبني عليه القيم في الإسلام هو الدخول في إطار التدين والإيمان فلا قيمة لأي خلق إن لم يكن صاحبه مسلما مؤمنا بالله موحدا به. . فالمجتمع المسلم قد يتقبل القاتل والسارق والمرتشي والمنمم والمنافق والكاذب والمحتال وصاحب اكثر الصفات تدنيا . لكنه لا يقبل غير المسلم وخاصة ان كانت جدوره وخلفيته مسلمة وتركها لقناعة أو لأي سبب من الأسباب. فالإسلام واضح بهذا الشأن : الله يغفر الذنوب كلها إلا الشرك به. فالمسلم يدرك أنه بإمكانه أن يفعل أي شيء وكل شيء وتقبل توبته إلا الشرك وهو بهذا يحس بذلك الإطمئنان ما دام قد ابتعد عن الشرك ودخل في حدود ظلال الله .ولأن الله لا يغفر الشرك فالمسلم أيضا لا يغفره خوفا أو تملقا لله .وهو ايضا حاسم في قراره كما هو الله حاسم فيه. وهكذا أدخل الإسلام القيم في إطار العبادات واعتبرت العبادات والطقوس أهم معيار للأخلاق .وغدا إحترام الفرد منوط بمدى تدينه وليس بمدى تخلقه . و اعتبرت الطقوس من صلاة وصوم عامل للمغفرة ومحو الأخطاء والهفوات فأصبح المؤمن يخطئ بضمير مرتاح طالما بإمكان الطقوس التي يقوم بها أن تمحو تلك الهفوات وتبعده عن العقاب وعن غضب الله.واضرب هنا مثلا على قيمة الكذب حيث يعتبر الإسلام هذه الصفة قمينة لكن القرآن حين يذكرها انما يربطها بالكذب على الله: " فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فاولئك هم الظالمون" آل عمران الآية 94 و" انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا" النساء الآية 50 و" ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" البقرة اللآية 10.سنلاحظ أن الكذب الذي اهتمت الآيات بتحريمه هو الكذب على الله أو تكذيب ما جاء على لسانه . وليس الكذب كخلق قد يمس المجتمع. وهذا خطاب مبطن يعطي طمأنينة للمؤمن الذي يدخل في إطار الاسلام ويحصنه ما لم يخرج من الدين ويجعله في حل من أي إلتزام مبدئي حول القيمة نفسها.فأن يحدد هذا النوع من الكذب ويعتبر موجبا العقاب يعني بالمقابل أن غيره من أنواع الكذب قد يتم غفرانها وتجاوزها.فالقيمة ليست مستهجنة بشموليتها وإنما بقدر ما تمس تصديق العقيدة وما يتعلق بها.
الأمر الثاني الذي تنبني عليه المنظومة الأخلاقية في الإسلام هي ثنائية العقاب والثواب.فالمسلم يحسب سلوكاته وفق هذه الثنائية ماذا يستوجب العقاب وماذا يستوجب المكافئة؟ ليس المحدد في أي قيمة أو خلق قيمتها في حد ذاتها أو ما يساهم به انتشارها بين الناس من نماء أو صلاح للمجتمع أو العكس .بل في ما تحققه لمن قام بها من ثواب أو ما قد تجره عليه من عقاب .لهذا تفقد الأخلاق قيمتها وتتحول الى وسيلة ليس إلا. مجرد درج للصعود نحو الجنة أو للانحدار نحو الجحيم . فتتحول الأخلاق من طابعها الجماعي الذي ينشد الوئام المجتمعي الى اهداف فردية مشتتة تحكمها الأنانية .فالمتصدق مثلا لا يتصدق تعاطفا بل يتصدق لنيل ثواب موعود . جاء في الحديث :"كل أمرء في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس "و " صدقة السر تطفئ غضب الرب" و " داووا مرضاكم بالصدقة".وفي القرآن :"آمنوا بالله ورسوله وانفقوا مما جعلكم
مستخلفين فيه فاللذين آمنوا منكم وانفقوا لهم أجر كبير" الحديد الآية 7 .فمع ان الصدقة تقدم كدليل على دعوة الاسلام للتضامن بين الناس لكنها سلوك يقوم به المسلم من أجل تحقيق مصلحة ذاتية لا يدخل فيها اطلاقا تحقيق تضامن مجتمعي أو رتق للتتفاوت الاجتماعي. فضلا عن كون الصدقة كفعل انما تعبر عن عجرفة الغني الذي يتمكن من شراء ثواب الله بماله ولا يمكن أن تكون دليلا على على اي تضامن .وهي ايضا تحافظ على ذلك التفاوت و تزكيه وتعطي الأفضلية للمتصدق : "اليد العليا خير من اليد السفلى" وهكذا ترتبط القيم والأخلاق بهذه الثنائية من جهة وترتبط بعبادة الله من جهة أخرى بدل أن ترتبط بالمجتمع والإنسان . فتتداخل القيم مع المعاصي والذنوب ومع الحسنات . فيكون كل سلوك يقوم به المسلم ناتج عن خوفه من الوقوع في الخطايا وبالتالي استحقاق العقاب الإلاهي. ولا يهتم المسلم بالصواب والخطإ ولا يكلف نفسه بالبحث عن تأثير افعاله على الآخرين لأن الهاجس الحقيقي لديه هو الخوف من الحرق في جهنم وليس بناء المجتمع أو الإنسان.
أما الأساس الثالث الذي تنبني عليه القيم فهو الحلال والحرام.فالمسلم يبقى حبيس هذا السياج يبحث عن كل أمر بشكل متفرد ليعرف إن كان حلالا أو حراما. ذلك أن الإسلام لايعطي أرضية واضحة ينطلق منها المسلم وتمكنه من الإستنتاج بنفسه . بل يجد نفسه يتخبط في نسق غير مفهوم ولا محدد. فشرب الخمر حرام حتى لو اختلى صاحبه في بيته ولم يترتب على شربه للخمر أي اذى لأي كان . بينما سبي امراة وتحويلها الى جارية للخدمة والجنس حلال مع ما يترتب عن ذلك من اذى بليغ لها أو لأقاربها أو لاولادها. والقتل مستهجن لكن ليس بشكل كامل تقول الآية:" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق "الإسراء الاية33. فالقتل مباح في بعض الأحيان . والقرآن طبعا لايحددها بشكل مباشر ومفصل لتبقى مفتوحة على التأويلات والقراءات والإختلافات التي يضيع بينها المسلم ويفقد أي منطق أو سبيل دقيق سوى الإذعان لما سيسمعه من ذوي العلم.فضلا عن أن القتل ليس مستهجنا بالكامل بل قد يصبح مستحبا وأمرا إلاهيا حين يتعلق بغير المسلمين .بل قديصل الى حد ان يصبح سبيلا للجنة والثواب في حالة الغزوات .وقد يجازى عنه المؤمن في حينه .وفقا للحديث:" من قتل قتيلا فله سلبه" هنا يتحول القتل الى وسيلة للحصول على اموال وغنائم .وتتحول السرقة الى غنيمة حلال يكافأ بها القاتل .وهكذا تضيع القيم في ظل هذا التناقض ويفقد المسلم أي خيط يمكن تتبعه لمعرفة الصواب و الخطإ و يعتمد كليا على قرار الفقيه والإمام .كما يعتمد على رحمة الله ومقدرته على غفران الذنوب مما يفتح أمامه بابا هائلا للتحايل والبحث المستمر على المنافد التي تخدم مصالحه وفي نفس الوقت تنجيه من العقاب ضاربا عرض الحائط بمصلحة الجماعة والمجتمع والإنسان.
والأساس الرابع الذي تنبني عليه هذه المنظومة هو التركيز على المظاهر والشكليات اكثر من المضمون فنجد نصوصا كثيرة تركز على هذه الشكليات و المظاهر وتختزل الأخلاق في العلاقات الجنسية وتجعلها نقطة انطلاق لكل الهفوات الاخلاقية نجد حديثا حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة يقول"الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر من شربها وقع على أمه وخالته وعمته". هذا الحديث تعبير على هذا الإفراط في الشكلية فإن سمح بالقتل حسب ظروف معينة مع أن القتل هو أكبر ما يمكن أن يقع على الإنسان من اذى. فإن الخمر تعرف كل هذا التشدد.ولتأكيد نبدها ربطت بالجنس . ولعل اكبر مثال على هذا الاغراق في الشكلية يمكن لأي منا أن يختبره فقط بوضع كلمة رذيلة على غوغل لتجد النتيجة عديد من الصفحات الإسلامية تتحدث عن العلاقات الجنسية . فاختزال الأخلاق بعلاقات جنسية مهما كان نوعها انما يدل على تهافت هذه المنظومة. فهذه القيم المموهة والغير الواضحة هي التي انتجت هذا المجتمع بهذا الشكل وجعلته متداعيا أخلاقيا وقيميا لأن منظومته لم تبن على اساس واضح وحاسم وإنما بنيت على ارضية مموهة قابلة للتحايل .ومعيارها هو المصلحة الفردية سواء كانت آنية مباشرة أو مصلحة مؤجلة الى حياة أخرى يتوهمها المسلم ويسعى إليها.



#سعاد_الحياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثامن من مارس وتحطيم وهم حماية النساء


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعاد الحياني - أزمة القيم في الإسلام