أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارين رياض - يوم مدرسي














المزيد.....

يوم مدرسي


نارين رياض

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 22 - 22:56
المحور: الادب والفن
    


حدث هذا قبل اعوام من كتابة القصة, لذلك فأن الاحداث قد تبدو بدائية بل بدائية جداً للقاريء مقارنة بأحداث اليوم! رغم ان البدائية هنا هي في القرطاسية والدفاتر. أما الشوارع فقد كانت أنظف بكثير, أما جدران المدارس فقد كانت تزهو بألوان بسيطة بشرية الصنع. كان محمد, وهو واحد من أصل خمسة محمدات غيره في شعبته فقط, يجلس كالمعتاد بملل يترقب إنتهاء ذلك الدرس الكئيب. كان يستغرب كيف أن زميلته زينب تستمتع بقراءة السطور وتنتظر بلهفة تصفيق الأطفال لها بأمر معلمتهم الجميلة منى. كان يستغرب أكثر من نور وهي صديقة زينب رغم أنها كانت أقل بكثير منها درجة اجتماعية ومادية, كونها يتيمة الأب الذي استشهد في حرب أخذت من أعمار جيل الاب ثمانية أعوام طويلة, عموماً, كان محمد يستغرب كيف أن نور تسمح لزينب بنسب الفضل والمديح لها وحدها في القيام بنشاطاتهن المشتركة وتكتفي بالنظر بخجل الى صديقتها كما تنظر إلى شقيقة كبرى رغم انهما كانتا في نفس العمر. كثيرة هي الأشياء التي لفتت انتباه هذا الطفل الشقي والذي كان والداه ينتظرانه كل يوم حتى يعود من المدرسة ليبدأ موعد المواعظ اليومي,"أدرس بجهد, خالك فقد ساقه في الجبهة فهل تريد أن ينتهي الامر بك جندياً مثله؟ أم طبيباً مثل عمك؟" ثم يبدأ وقت المواعظ من جدته:" هل صليت يا طفلي؟ لماذا لم تتوضأ كما طلبت منك؟ هل يديك طاهرتان لتمسك القرآن؟" يتناول غدائه وهو يبتلع مع كل لقمة مرارة لا يفترض أن يشعر بها طفل في الحادية عشر. تعود أخته الكبرى من المدرسة بعده بساعات فقد كانت في الدوام الظهري* لتبدأ الوالدة بصب لعناتها عليها وتفريغ كل قسوة الظروف على جسد تلك الطفلة ذات الثلاثة عشر عاماً وعلى ثقتها بنفسها التي لم يتبق منها سوى بقايا تكتب عنها في دفتر مذكراتها ليلاً قبل نومها. تعمل حتى المساء لتنام بجسد منهك وتستيقظ منذ الفجر لتبدأ مشوار العذاب من جديد وتسرق دقائق قليلة للدراسة. يعود محمد لمدرسته في اليوم ألثاني ليكتشف أنه نسي ان يكتب واجب الرياضيات فيتوسل نور ان تعطيه الحلول ليكتبها بسرعة قبل دخول الست هدى والتي ستصب لعناتها على جسد اي مقصر مهما كانت اعذاره. تبدأ رحلة الملل المعتادة, بين النوم بعيون مفتوحة وبين التأنيب والعقاب ودقائق قليلة للعب في الساحات الغارقة بمياه الامطار تمر ساعات, ثم تمر سنوات, ويصبح محمد طالباً في كلية الآداب ويتذكر ليلة زفاف أخته الكبرى شيماء قبل خمسة أعوام. لن ينسى يوماً نظرة الحزن في عينيها عندما رمت الوالدة كتبها في سلة المهملات لحظة غضب عندما اعترضت الصبية على تزويجها. حزن الاخوة السبعة جميعاً يوم سرق ذلك البغيض الثلاثيني شقيقتهم الحنونة لتأسيس عائلة. اليوم شيماء والدة لثلاثة أطفال. تذكر محمد أيامه المدرسية الثقيلة عندما كان يمضي وقتاً طويلاً خلال الدروس يتأمل تلك المحفظة المعدنية التي تحمل خارطة الوطن العربي, الذي اخبرته يوما معلمة الجغرافية بأنه يحب هذا الوطن ولم يفهم حتى اليوم كيف يحب شيئا مرسوماً على محفظة من معدن. أليوم فقط وبعد سنوات وبعد أن رحل حامي البوابة الشرقية لهذا الوطن أدرك ان معلمته كانت منافقة لا أكثر. كان يتذكر البرد الشديد عندما تحل أمتحانات منتصف السنة وتكاد أصابعه الصغيرة تتجمد من شدة البرد حتى لا يقوى على الكتابة, والحر الشديد في امتحانات نهاية السنة الدراسية عندما يتوسل بمراقب الصف لقدح من ماء. ولكن أكثر يوم بقي عالقاً في ذاكرته هو ذلك اليوم عندما تظاهر بالمرض فبقي في منزله ولا ينسى اليوم الذي تلاه عندما قام معاون المديرة بضربه بعصى غليظة لأنه لم يجلب معه ولي أمره.



#نارين_رياض (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارين رياض - يوم مدرسي