أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عبد الستار - حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 6














المزيد.....

حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 6


مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 351 - 2002 / 12 / 28 - 14:23
المحور: الادب والفن
    


حمار الرئيس  _ قصة في حلقات  (   1 إلى 6 )

ديباجة
حدث هرج ومرج كبير بين الناس  في بلاد الأنهار و الفخار أوائل العقد الأخير من القرن الماضي ،كان سببه سقوط الحمم والنيران من السماء على البلاد لمدة أربعين يوما ، هاج بعدها الناس و ماجوا .انتشروا في المدن يعيثون في الأرض فسادا ، حتى أنهم هاجموا كل بنايات الحكومة ودخلوها عنوة ، وكانت بناية أسرار الدولة قد استبيحت فدخلها الغوغاء ونهبوا خزائنها وملفات أسرارها ، وكان من بين ما نهبوا هذا الملف الغريب الذي يحمل عنوان  : مذكرات حمار الرئيس ، وفيه كل ما يتعلق  بالحمار المخصص لرئيس البلاد .
 


-1-
ولدت ونشأت حمارا مع لداتي الحمير ، نمرح ونعنفص طوال النهار . عشنا مع أسرة من البشر كانوا يقدمون لنا العلف إضافة إلى ما نحصل عليه من نباتات وحشائش منتشرة في أرجاء القرية ، نشرب الماء من جدول رقراق يمر من أمام منزل صاحبنا البستاني . كان أولاد البستاني يلعبون معي ويقفزون فوق ظهري ويداعبوني حتى أن إحدى الفتيات الصغيرات كانت تقبلني من وجناتي بحرارة .
- 2 -
اعتادت أمي الأتان أن تقص لي قصة قبل أن أنام ، بعض قصصها كانت جميلة مازلت أذكرها والبعض منها حزين . روت لي كيف أُجبرت على نقل الأحمال كل يوم حتى أثناء حملها بي ، وقالت  إن هذه البردعة التي على ظهري صارت جزء مني رغم كرهي لها . كما روى لي أبى قصة استغلاله من قبل البستاني، رغم أنه من عشيرة الحمير الحساوية التي اشتهرت بنبلها وقوة أبدانها وبياض بشرتها ، فهو حساوي معروف بأصله ونسبه كما أن أمي ابنة عمه أيضا ، فهما من أرومة وعشيرة واحدة . علمت من حكاياته التي كان يقصها علي حين نسير في طريقنا إلى البستان لجلب المحاصيل ، أن هناك ظلما كبيرا حل به .
-3 –
ما أن بلغت الحلم وفهمت ما يدور حولي ، حتى جاءني البستاني بالبردعة وشدها على ظهري ، قفزت وعنفصت ولكن بلا جدوى فقد كانت محكمة الشد .
- 4 -
خلال معاشرتي لأولاد البستاني وأطفاله وأولاد القرية ، استطعت تعلم لغتهم ، وأخذت أتفاهم معهم بالإشارات والأصوات والحركات التي أقوم بها ، فمثلا إذا أعجبني قول جميل منهم أو إطراء ، كشرت لهم تكشيره كبيرة ، وإذا أعطاني أحدهم شيئا أو طعاما لذيذا ، هززت لهم ذيلي ومسحت رأسي بأكتافهم ، وإذا قال أحد الأطفال قولا جميلا أو روى طرفة جميلة أعجبتني ، أقوم بأداء قفزات قصيرة و أدور حوله ، أما إذا سألني أحدهم عن رأي بالذهاب إلى مكان ما ، وكان هذا المكان من الأماكن الجميلة التي أعرفها ، كثيرة العشب ، فيها جدول عذب المياه ، ترتاده الحمير وبعض الأتن الجميلة ، سارعت بهز رأسي موافقا و أطلقت صوتا رقيقا يشبه صوت المرأة العاشقة ، أما إذا أغضبني أحد الأطفال، فازعل عليه ،أذهب بعيدا ، لا أصفح عنه أو أكلمه إلا بعد أن يمسح على رأسي ويطلب العفو مني . بعض الأحيان يغيظني صبي ما من صبيان القرية ، فاغضب عليه وأدير له كفلي لأضرط عليه، أما إذا كان رجلا وأتى بأمر لا يروق لي أو ضربني ، فلا أكتفي بذلك بل أضربه بقدميّ الخلفيتين ضربة تحذير ، كي لا يكرر السخافات التي لا يعرف عقباها.والغريب أن نساء القرية وبناتها كن يعرفن التعامل معي بحنان ولا يأتين السخافات مثل رجال القرية الذين كانوا يغضبون علي بسرعة حين أمزح معهم ، أو حينما لا أريد الذهاب إلى حيث يشاؤون. فما زلت اذكر تلك الفتاة ذات القوام الرشيق الشبيه بقوام أختي الحمارة البنية ذات العيون السود ، كانت الفتاة تدللني كثيرا وتتقاسم معي خبزها الحار الذي تأخذه معها إلى حقل الطماطم والخيار .
ولا أنسى أن بعض الأولاد كانوا قساة معي فأضطر أن أعضهم أحيانا
-5-
سمعت الأولاد يوما يتحدثون عن إرسالي إلى المدينة ، قالوا إنها العاصمة ، لا أعرف ماذا تعني العاصمة ، هل هي حقل أم بستان في المدينة ، قد تكون حقلا كبيرا لأنهم يتحدثون عنها باحترام كبير ، قالوا سأذهب هدية للرئيس ، ولم أكن أعلم أيضا ما هو الرئيس ، ظننته كبير قومنا ، أو حمارا كبيرا له جثة عظيمة .
قالوا إن رجال الرئيس وعيونه ، علموا بذكائي ، ومقدرتي على التفاهم مع البشر ، لذلك اقترحوا اسمي ، على رئيس البشر ليضمني إلى اسطبله .
في صباح يوم مشرق ، بينما كنت أنعم بمضغ العلف الأخضر اللذيذ ، في الحقل القريب من بيت البستاني جاء رجال الرئيس . نقلوني إلى عربة أنيقة لم أركب مثلها من قبل ، أغلقوها على وسارت بي إلى مكان بعيد ، بكيت لفراق أحبابي الأولاد ، وفراق أمي العزيزة وأبي الطيب .
حين أنزلوني من العربة في مرعى واسع جميل ، بكيت بصوت عال ، توسلت إليهم ، تمردت ،  تمرغت على الأرض ، رجوتهم أن يعيدوني إلى مكاني ، لم تنفع توسلاتي ، حملوني وجروني بقسوة إلى الإسطبل وتركوني هناك . لماذا لايفهم هؤلاء البشر ما نريد بينما نفهم ما يريدون ، حين لا أفهم بعض ما يريدون يوسعوني شتما وضربا ،  عجيب أمرهم كم هم أغبياء ، لا استغرب أن يقول الحمير في المستقبل حين يرتكب حمار ما خطأ  :
 يالك من حمار غبي كأنك إنسان من فصيلة البشر .
- 6 –
من خلال أحاديثهم علمت أن الرئيس يريد ركوب حمار رصين فاهم ذكي ، يعرف إشارات البشر ويفهم لغتهم . عجبت من غباء هذا الرئيس ،  وتساءلت ؛ إذا كان الرئيس بحاجة إلى من يحمل هذه الصفات فلماذا لا يركب واحدا من هؤلاء البشر ماداموا يعدون أنفسهم أذكياء ،بل أذكى منا نحن فصيلة الحمير،لابد أن في الأمر ما يريب .

 

* * *
إلى اللقاء في الحلقة القادمة

 



#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغول القديم يعصف بالعالم الجديد


المزيد.....




- ماسك يوضح الأسباب الحقيقية وراء إدانة ترامب في قضية شراء صمت ...
- خيوة التاريخية تضفي عبقها على اجتماع وزراء سياحة العالم الإس ...
- بين الغناء في المطاعم والاتجاه للتدريس.. فنانو سوريا يواجهون ...
- -مرضى وفاشيون-.. ترامب يفتح النار على بايدن و-عصابته- بعد إد ...
- -تبرعات قياسية-.. أول خطاب لترامب بعد إدانته بقضية الممثلة ا ...
- قبرص تحيي الذكرى الـ225 لميلاد ألكسندر بوشكين
- قائمة التهم الـ 34 التي أدين بها ترامب في قضية نجمة الأفلام ...
- إدانة ترامب.. هل يعيش الأميركيون فيلم -الحرب الأهلية-؟
- التمثيل التجاري المصري: الإمارات أكبر مستثمر في مصر دوليا
- -قدمت عرضا إباحيا دون سابق إنذار-.. أحد معجبي مادونا يرفع دع ...


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عبد الستار - حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 6