أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - نورالدين ايت المقدم - دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمته في التحولات الاجتماعية والثقافية_نمودج منطقة ايت عياش إقليم ميدلت_















المزيد.....



دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمته في التحولات الاجتماعية والثقافية_نمودج منطقة ايت عياش إقليم ميدلت_


نورالدين ايت المقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4754 - 2015 / 3 / 20 - 18:07
المحور: الصناعة والزراعة
    


مدخــــــــــــــــــــــل:
لنقل في البداية أن موضوع "دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمته في التحولات الاجتماعية والثقافية"، هو موضوع لعلم الاجتماع القروي بامتياز، يهدف من خلاله إلى مقاربة شمولية للرأسمال الاجتماعي، في أبعاده الاقتصادية والثقافية الاجتماعية، مكتسحا لحدود العلوم الأخرى، وذلك من أجل تحليل دقيق يستهدف الواقع الاجتماعي لفلاحي "آيت عياش" من أجل إماطة اللثام عن الثابت والمتحول في السيرورة الاجتماعية والثقافية لساكنة المنطقة.
ويعتبر الحديث عن التحولات الاجتماعية بالوسط القروي واحد من أهميات العلمية التي يؤكدها مختلف الباحثين بالتفرغ لهذا المجال بالدراسة والتنقيب، خاصة وأن المجتمع المغربي والمجتمع القروي تحديدا، يعرف تحولات وتغيرات تخلخل بنيته التقليدية وظهور أشكال تحديثية في كافة المجالات، التي لا يمكن فهمها خارج السياق التاريخي الذي تولدت منه.
فصفة وجود المجتمعات هي الحركة، التحول، التغير، إما عن طريق عوامل داخلية دينامية، أو عوامل خارجية ميكانيكية. رغم أن كل مجتمع يحاول أن يحافظ على نوع من الانسجام والتوازن بين مختلف بنياته ووظائفها مؤقتا، أمام موجات التحولات التي تطاله في كل لحظة لتحدث علاقة تصادم وصراع مع النظام الاجتماعي القائم، الشيء الذي ينتج عنه في بعض الأحيان تغير الوجه أو الوضع الاجتماعي، دون أن يصاحبه ذلك التحول والتغير السريع على مستوى بنياته الذهنية والثقافية، بحيث هذا الأخير يعرف حركة تحولية بطيئة، عكس المظهر أو الوضع الاجتماعي.
ومساهمتنا المتواضعة تصب في هذا الاتجاه، بدراسة "شجرة التفاح" كمصدر خارجي للتحولات الاجتماعية التي عرفتها منطقة "آيت عياش".
"فالقول بالتحول لا يعني بالتأكيد حصوله على شكل قطيعة بين السابق واللاحق، فهناك دائما شيء مستمر في البنية الاجتماعية، لأنه لا وجود لتغير جذري، والمجتمع في تطوره الخاص قد يتجاوز ماضيه، لكن تبقى دائما أشياء ومخلفات في هذا الماضي تستمر وتحيى وتؤدي وظائفها أيضا..." .



الفصل الأول: المعطيات الطبيعية والبشرية

تقديــــــم:
يسعى هذا الفصل إلى الوقوف على المعطيات الجغرافية والتاريخية لمنطقة "آيت عياش" أولا بهدف التعريف بها، وثانيا لإعطاء مقاربة سوسيولوجية شاملة لجوانب جغرافية، تاريخية، اقتصادية واجتماعية ثقافية.
ويتناول هذا الفصل المحاور التالية:
-الموقع (مع خرائط).
-المناخ.
- السكان (المسار التاريخي).
* ملاحظة*
سنتدرج في هذا المسار النظري من ما هو عام إلى ما هو خاص.


















1) الموقــــــــــــــــع:
تنتمي الجماعة القروية لآيت عياش إلى النفوذ الترابي لإقليم خنيفرة، وهي تابعة إداريا لدائرة ميدلت، أما من الناحية الجغرافية، فمنطقة آيت عياش تقع وسط سهول وهضاب ملوية العليا من جهة، وبين الأطلسين الكبير والمتوسط من جهة ثانية، وذلك على ارتفاع 1500 متر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 58.000 هكتار، وتحيط بالجماعة القروية لآيت عياش مجموعة من الجماعات، وهي كالتالي:
-في الشمال: الجماعة القروية لزايدة
-في الجنوب: سلسلة جبال الأطلس الكبير.
- في الشرق: الجماعة القروية لآيت إزدك.
- في الغرب: الجماعة القروية لبومية" .
[أنظر موقع جماعة آيت عياش داخل خريطة الإقليم]
وتخترق المنطقة شبكة طرقية لها أهمية في تنشيط إنتاجها الفلاحي، وبالخصوص الطريق رقم 21 الرابطة بين مكناس وتافيلالت الشيء الذي جعل المنطقة توجد في محور يربط بين جنوب المغرب وشماله، ويسهل عملية تسويق المنتوجات الفلاحية التي تزخر بها المنطقة، وهناك طريق ثانوية حديثة العهد عابره لدواوير المنطقة والتي تربط بين الطريق الرئيسية رقم 21 والطريق الرئيسة رقم 33 التي تؤدي إلى إقليم بني ملال والمناطق الشرقية، مرورا ببومية.
موقع آيت عياش في إقليم حنيفرة.

إن الموقع الذي تتمتع به منطقة آيت عياش يؤثر بشكل فعال على المنطقة ككل، حيث أهلها تواجدها يبن الأطلسين الكبير والمتوسط وبجانب واد أنسكمير، بأن تكون منطقة فلاحية لا يستهان بها، خاصة مجال المغروسات (التفاح) التي تستحوذ على "مساحة 1663 هكتار، منها 1623 هكتار منتجة" .
2-المنـــــــــــاخ:
لنقل في البداية بأن الظروف المناخية تؤثر في الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والتكثلات البشرية، ولكل من الموقع الجغرافي والمميزات الطبيعية دورا مهما في تحديد مناخ أي منطقة.
استفسرنا عن مناخ المنطقة التي نحن بصدد دراستها عن طريق المديرية الإقليمية للفلاحة بخنيفرة- فرع ميدلت- فتبين أن موقع المنطقة وسط المغرب جعل من مناخها مناخا شبه قاريا تطبعه البرودة شتاءً والحرارة والجفاف صيفا، وقارية المنطقة هذه تعود بالأساس إلى كون المنطقة بعيدة عن المؤثرات البحرية، زيادة على وجود تضاريس تمنع تغلغل الكتل الهوائية الرطبة المحملة بالأمطار القادمة من البحر، كما أن موقع المنطقة يزيد تأثيرا على المناخ، بحيث الجفاف يزداد من الغرب في اتجاه الشرق.
-;- ولنقترب مما ذكرناه لا بد من رؤية عامة على عناصر مناخ منطقة آيت عياش:
أ-التساقطات:
تختلف التساقطات من سنة لأخرى، وذلك حسب الظروف المناخية، فبالنسبة للسنة العادية تتراوح كمية الأمطار الهاطلة على المنطقة ما بين "300 إلى 350 ملم" ، أما السنوات التي تعرف ضعفا في التساقطات فهي لا تتجاوز 193" ملم" وإلى جانب التساقطات المطرية تعرف المنطقة كذلك تساقطات ثلجية في فصل الشتاء تغطي المنطقة بأكملها، خصوصا القمم والسفوح.
-;- هذه التساقطات المطرية والثلجية تعد مصدرا أساسيا لانتشار شبكة مائية مهمة -السطحية منها والجوفية- والتي تستغل في الفلاحة.
ب- الحرارة:
تبعا للظروف المناخية، فالحرارة بدورها تختلف من سنة لأخرى بمنطقة "آيت عياش"، حيث تتميز بالانخفاض في فصل الشتاء [تصل إلى ما دون الصفر في بعض الأشهر]، في حين أن أقصى درجة حرارية تسجل في فصل الصيف خاصة شهري "يوليوز وغشت" لا تتعدى "36 " درجة.
-;- إن الحرارة بالمنطقة عامل مساعد على قيام أنشطة فلاحية مهمة كقطاع المغروسات، بحيث كلما كانت الحرارة مرتفعة جدا إلا وتتطلب النباتات والمغروسات كمية كبيرة من الماء، زيادة على نسب التبخر التي ترتفع...
ج- الرياح:
تعرف المنطقة رياحا غربية-شرقية في غالب الأحيان، وتكون مصحوبة بأمطار خلال فصل الشتاء، وسرعتها قد تصل في أقصاها إلى "90 كلم" في الساعة .
أما فصل الصيف فتعرف رياحا حارة تأتي من الشرق، والمعروفة بـ"الشركي" خصوصا في شهر يونيو.
-;- من الملاحظ أن هذه الرياح غالبا ما تلحق أضرارا بفلاحة المنطقة، خصوصا مغروسات التفاح مما ينجم عنه ضعف في المردودية، بحيث تعمل هذه الرياح بسرعتها على إسقاط عدد كبير من الثمار.
3/ السكــان:
-;- المسار التاريخي لساكنة آيت عياش:
ما هو متفق عليه حسب الباحثين هو أنه من الصعب إعادة تكوين تاريخ سكان آيت عياش، لكون "كل "دوار" يتكون من عدة سلالات (إغصان) ، والتي ليس لها نفس الأصل، بحيث هناك مجموعة من العوامل الثقافية القبلية المتداخلة مثل (تادَّ Tadda) و(أمورْ Amour) ، هذه العوامل (تادّ + أمور) والزواج تؤدي إلى اختلاط وتشابك الأصول القبلية ومن الصعب إيجاد الأصل العرقي لعائلة ما.
إلا أن، سكان آيت عياش الحقيقين قليلون جدا، بحيث الأصليين منهم من فصيلة "آيت إدرسان" علما أن جزء كبير من عائلات آيت إدرسان رُحّلت في عهد السلطان م "سليمان" إلى سهل فاس سنة 1803.
وفي هذه اللحظة استغلت قبيلة "آيت مكيل" المجاورة "لآيت إدرسان" غربا هذه المناسبة لإعلانها الحرب ضد ما تبقى من "آيت إدرسان"، فاحتلت "دُوّارَي"، "بُودراع"، و"أوخاجا"، (أنظر الخريطة).



ويعتبر دوار "زهيرة" أول مكان بجانب "واد أنسكمير" تم تعميره من طرف السكان الأصليين لآيت عياش، هذا حسب كلام كاهل "بدوار تبنعسات"، الذي يعتبرونه من سلالة السكان الأصليين، والذي ينحدر من جذور منطقة "تعرعارت" وراء جبل العياشي.
و"بيرون Peyron" يؤكد هذه الفكرة بإدخال عنصر آخر:
سكان "آيت عياش" بدأوا الرحيل من الجنوب تحت تهديدات قبيلة "آيت حديدو"، الشيء الذي فرض عليهم اللجوء إلى "وادي تعرعارت وأنسكمير" في منتصف القرن الثامن عشر".
والكاتب هنا يتكلم عن زاوية "سيدي حمزة" التي استمر سكان آيت عياش في خدمتها حتى بعد استقلال المغرب. وعند آخر نزول لحاشية المرابطين (Marabouts) قرروا بيع كل الأراضي التي منحت للزاوية من طرف قدماء آيت عياش.
سكان "أنسكمير" فكروا في عرقلة هذا البيع، لكن اختلاف كبير وقع بين "الدواوير" على أساس أن الزاوية تم بيعها لأغنياء أجانب من بينهم ضباط عسكريين ومجموعة من رجال القانون القادمين من كل جهة (بالمغرب).
فشراء أراضي الزاوية كان تدنيسا للزاوية في نظر آيت عياش الذي يوجد مقرها بتعرعارت حسب كلام الكاهل، والذي يقول بأن "بوسالم" العياشي كان هو المؤسس للزاوية، ومنه جاء إسم "عاري أو عياش" بالأمازيغية أي جبل العياش، ومن ثمة قبيلة آيت عياش.
وفي عهد الابن الصغير لبوسالم العياشي، دَمَجَ هذا الأخير مجموعة من العائلات الآتية من نواحي كلميمة بالجنوب ليقوموا بخدمة أراضي الزاوية "بآيت عياش"، وقد استمر ذلك حتى اليوم الذي لم تعد فيه هذه العائلات تحصل على "الربع" في المنتوج الفلاحي، الشيء الذي فرض على بعض من هذه العائلات الانتقال إلى المدينة الصغيرة "ميدلت" ومن ثمة سيستفيد أولاد هذه العائلات من الدراسة. وقد جاء اسم "دوار آيت الربع" (أنظر الخريطة رقم3 ) انطلاقا من خاصية العمل لدى هؤلاء العائلات التي يؤدى ثمنه (أي ثمن العمل) بالربع في الإنتاج المحصل عليه.
بالإضافة إلى زاوية "سدي حمزة"، نجد "إكرامن" (بآيت عياش) منحدرين من سلالة "آيت إحيا" ، هؤلاء أيضا تؤطرهم زاوية ليس لها نفس الأهمية، لكون قبيلة "آيت مكيل" تمارس حصارا على "آيت إحيا" ولم يعرفوا توسعا في المجال.
ونود أن نشير أن القصر القديم "لإكرامن" مع دخول العسكر الفرنسي سنة 1917 (تاريخ بداية تغلغل المستعمر بالمنطقة) وما نجم عنه من مقاومة من طرف السكان، تشتت القصر القديم" .
ويعود أيضا أصل بعض الساكنة الحالية إلى المناطق الصحراوية، لكون "آيت عياش لديهم عادة، هي استقبال العمال في مجال الفلاحة كل سنة، هؤلاء يأتون من تافيلالت ومناطق أخرى من أجل البحث عن العمل، من بينهم الحصاد وعمال التْذْرية، وغيرها من الأعمال الصيفية، ويدفع سكان آيت عياش مقابل تلك الأعمال، إما جزة من صوف الغنم أو "10 دراهم" لليوم، وتتكلف الأسرة بمأكل ومنام هؤلاء العمال. من هنا بدأت كثير من العائلات الصحراوية وبسبب الفقر والبؤس تهاجر من الجنوب لتستقر بمنطقة آيت عياش، وغالبا أفرادها يبدأون كعمال لدى الساكنة المستقبلة، وبعد ذلك يبدأون بالتدرج في السلم الاجتماعي من مستوى عامل مؤقت قادر أن يفعل أي شيء، إلى مستوى "مالك" له وزن داخل القبيلة، وهذه العائلات مع احتكاكها الوحيد والدائم مع الساكنة الأمازيغية، أصبحت تكتسب شيئا فشيئا اللغة الأمازيغية...".
وقد وصف الرحالة "سكونزاك Segonzac" وهو يمر بمنطقة واد أنسكمير بداية القرن 20، سكان آيت عياش على أنهم "ذو عرق أبيض، ونرى أعين كثيرة زرقاء، بشرة شاحبة، صفراء، أما الملابس فهي تنتمي إلى الزي البربري... آيت عياش من أحسن خيالة المغرب...لأن أيديهم أقل صلابة والشعر لين أكثر، وأيضا لكون فنهم مختزل في "الفونتازيا Fantasias".
ويضيف: "اللغة الأمازيغية هي الشائعة، والنقود تعرف الرواج السريع داخل أسواقهم، ختاما، هم أكثر حضارية من "آيت مكيل" .
استنادا على هذه المراجع يتضح على أن ساكنة "آيت عياش" عرفت مع التاريخ اختلاط الأعراق والفصائل القبلية إلى درجة عميقة يصعب معه اليوم الحديث عن تاريخ الساكنة الأصلية (آيت إدرسان)، علما أن هذا الساكنة إلى حدود الثمانينات من القرن الماضي، كانت تشكل "الربع من مجموع الساكنة التي كان عددها حوالي 8000 نسمة" .
وما هو ملاحظ اليوم أن المنطقة لا زالت تشهد دخول أسر من مختلف المناطق، نواحي "بولمان وأغبالو ونزالة"، نواحي الريش والجنوب" ، والتي تشكل مجتمع "آيت عياش الحالي" الذي يبلغ عدد سكانه 11260 نسمة" حسب الإحصائيات الأخيرة.
هذه الهجرة ناتجة بالأساس على البحث عن العمل، والملاحظ أن أغلبية هذه الساكنة الدخيلة لا تملك أرضا فلاحية، وهي بذلك لا تمثل سوى يد عمل خام لدى أصحاب كبار وصغار الملاكين، ونقصد بصغار الملاكين، أولئك الفلاحين الذين لا تتجاوز ضيعاتهم الفلاحية هكتارين ، وهي غالبا ضيعات أسرية نووية.
ويعود سبب صغر هذه الضيعات إلى الانحلال الذي عرفته وبدأت تعرفه بامتياز الأسرة الممتدة، ويعود ذلك بالأساس إلى أسباب تتعلق بالزواج وإشكالات التصرف في الإرث بين الأبناء بعد وفاة الجد الأكبر المالك للإرث.
وفي ما يخص البنية العمرية لسكان المنطقة حسب الإحصائيات السالفة الذكر فهي لا تخرج عن الإطار الذي يميز البنية العمرية للبلاد، حيث يتميز الهرم السكاني باتساع القاعدة وضيق القمة، أي أن مجتمع "آيت عياش" يتميز ببنية شابة.










*ملاحظة:
« تتكون منطقة "آيت عياش" من 20 دوارا تابعة للجماعة القروية "آيت عياش"» .


الفصل الثاني: الإطار المفاهيمي

تقديــــم:
يهدف هذا الفصل إلى تعريف ومعالجة المفاهيم من قبيل: المجتمع القروي وخصائصه الثقافية والاجتماعية، مع إدراج لمجموعة من الثوابت التي تميزه عن المدينة، كوسط حضري.
كما يحاول هذا الفصل المفاهيمي أن يسلط الضوء على عوامل التحول التي يعرفها العالم القروي اليوم.
*محاور هذا الفصل*
1-المجتمع القروي
2-خصائص المجتمعات القروية
3-الثقافة القرويةا.
4-لتحولات الاجتماعية
5-التنمية القروية.

1 -المجتمع القروي:
كما هو معروف لدى نظر المهتمين بدراسة المجتمع، أن هناك وجود مجالين متميزين من المجتمعات يختلف كلاهما عن الآخر، فهناك القرية (الريف) بطابعها البسيط العائلي ذات ثقافة وهوية متماسكة تحكمها إلى حد ما التقاليد، وهناك المدينة ذات طابع معقد، سواء من ناحية العلاقات التي تقوم على المصلحة والمنفعة أو من الناحية الثقافية التي تعرف تغيرا سريعا.
وقد تنبه إلى ذلك عدد كبير من علماء الاجتماع الأوائل، وأشاروا إليهما كطرفين مضادين، متعارضين ومتكاملين عضويا في نفس الوقت.
وبالعودة إلى نظرة السوسيولوجيين الكلاسيكيين الأوائل، نجد مثلا أن رائد المدرسة الفرنسية "إميل دوركايم" قدم نظرته إلى العلاقات الاجتماعية في المجتمعين فوضح أن المجتمع القروي أو الجماعات من هذا النوع تتسم بعلاقات تماسك ميكانيكية، أي أن أفراد هذه الجماعات يستجيبون لبعضهم البعض ميكانيكيا، أي أنهم تحكمهم علاقات تلقائية. في حين المجتمع الحضري تحكمه علاقات من نوع عضوي، تعتمد على تبادل المنفعة في إطار تفاعلات الأفراد داخل الجماعة العضوية.
أما في ما يخص العالم الألماني "فرديناند تونيز" فقد أطلق على المجتمعات القروية، مجتمعات ذو الطابع العائلي، على عكس مثلا المدينة التي وصفها بالمجتمع ذو الطابع الرسمي أو العقدي (نسبة إلى علاقة العقود الرسمية).
هكذا نجد بأن طابع العلاقات الاجتماعية والثقافية القروية والتفاعل الاجتماعي القروي كان منذ زمن موضع ملاحظات العديد من العلماء بمقارنته بالطابع الحضري.
والواقع يظهر أن للمجتمع القروي طابعه الخاص المميز نظرا لبنيته التي تشكله، إلا أن نظرة هؤلاء وغيرهم من العلماء الأوائل للمجال القروي لم تكن نظرة تحليلية تعين الدارس على أن يتبين أسباب هذا التميز، رغما عن قيمتها في مراحل الدراسات الاجتماعية الأولى.
-;- فمهما كان حال المعرفة الكلاسيكية فقد ساهمت في الدفع بعجلة المعرفة التي فتحت لنا التعريفات الحديثة للمجتمع القروي، ومن بينها مثلا التعريف الإحصائي الذي لجأت إليه "الولايات المتحدة الأمريكية" بحيث "يعتبر التجمع السكاني قرويا إذا قل عدد سكانه عن ألفين وخمسمائة نسمة، أما إذا زاد حجم التجمع السكاني عن ذلك فهو مجتمع غير قروي حتى وإن كان أفراده يعملون أساسا في المجال الزراعي، وقد اقتضى اتباع هذا التعريف بطبيعة الحال استخدام عدة تسميات للمجتمعات المختلفة، فهناك المجتمع القروي غير الزراعي وهناك المجتمع القروي الزراعي، كما أن هناك المجتمع الزراعي الغير القروي، فالقرية طبقا لهذا التعريف لا علاقة لها بالمهنة، بل هو مجرد اصطلاح ذو مدلول إحصائي تبعا لعدد التجمع السكاني، وإن كان الغالب بطبيعة الحال أن المجتمعات التي يقل عدد سكانها عن ألفين وخمسمائة نسمة هي مجتمعات تغلب عليها مهنة الزراعة كمهنة أساسية لسكانها" .
وهناك من اتبع مسار آخر من بعض بلدان العالم الغربي حيث يركز على التقسيم الاقتصادي للمهنة. "فبعض الاقتصاديين يقسمون الأعمال الاقتصادية إلى ثلاثة أقسام هي:
- الصناعة الأولية: وهي الصناعات التي تعمل على استخراج المادة الخام مثل الزراعة والصيد وأعمال المناجم واستخراج الإسفنج.
-الصناعات التحويلية أو الثانوية: وهي الصناعات التي تقوم على تحويل المادة الخام إلى أشكال صناعية أخرى...
-المهن والخدمات: وهي ليست إنتاجية في حد ذاتها، وإن كانت لازمة وضرورية للإنتاج، مثل هذه المهن: عمل الطبيب، والمدرس والجندي والحلاق...
-;- بناء على هذا التقسيم للمهن، فالتعريف السائد في هذه البلاد هو اعتبار المجتمعات التي يعتمد غالبية سكانها على الصناعات الأولية في حياتهم مجتمعات قروية... على أنه من الملاحظ بطبيعة الحال أن المجتمعات التي يعيش غالبية سكانها على مثل هذه الأعمال كالزراعة والتعدين والصيد غالبا ما تكون مجتمعات قليلة في عدد سكانها، حيث لا تستوعب هذه المهن أعدادا كبيرة من العاملين شأن الصناعات التحويلية كما أن تركز أصحاب المهن من القسم الثالث من تقسيمنا السابق يكون في التجمعات الكبيرة العدد وليست التجمعات الصغيرة. وعليه فبالرغم من أن هذا التعريف لا يستند على عدد السكان في حد ذاته إلا أن استناده على نوع النشاط الاقتصادي يؤدي بالتبعية إلى أن المجتمعات القروية طبقا له ستكون قليلة السكان نسبيا" .
"وفي كثير من البلدان الإفريقية والأسيوية تعتبر المجتمعات القروية هي المجتمعات التي يعمل غالبية سكانها في مهنة الزراعة وحدها مستبعدين من ذلك مجتمعات الأسماك ومجتمعات استخراج المعادن، ومثل هذا التعريف هو أيضا يستند على الأساس الاقتصادي للمهنة الغالبة للسكان..." وقد نجد بالرغم من هذا التعريف المهني المحدود أن هناك مجتمعات قروية في إفريقيا وآسيا – طبقا للتعريف الإحصائي- يزيد عدد سكانها عن غيرها من المجتمعات الحضرية في الولايات المتحدة الأمريكية، لماذا؟.
... ربما ذلك ناتج عن ظروف خاصة وخارجة عن هذه المجتمعات التابعة.
-;- إجمالا على هذه التعريفات الحديثة ونظرة سريعة لها سواء ما تعلق منها بالجانب الإحصائي أو المهني المحدود أو الإداري، نخلص في الأخير إلى نوع من المجتمعات صغيرة الحجم أقل عددا في السكان، بالمقارنة مع التجمعات الحضرية من داخل المجتمع الكلي. إلا أن الجانب الاقتصادي (الإحصائي، المهني) غير كافي للوصول إلى عمق الحياة الاجتماعية القروية، الشيء الذي يفرض إجلاء خصائص المجتمعات القروية في بنيتها وكليتها، اجتماعيا، اقتصاديا، ثقافيا.
2/ خصائص المجتمعات القروية:
تبدو للعيان مميزات المجتمعات القروية في إطار مقارنتها بالمجتمعات الحضرية، فبعض الفروق واضحة من قبيل:
أ-حجم المجتمع:
"فالمجتمع القروي صغير نسبيا إذا قورن بالمجتمع الحضري، والقرية في مساحتها وحجم مبانيها أصغر بكثير من المدينة" .
ب- الكثافة السكانية:
عدد السكان في الكيلومتر/ مربع أقل في القرية عنها في المدينة.
ج-المهنة:
تبقى المهنة الغالبة من داخل الوسط القروي هي الفلاحة، وفي الحقيقة مهنة الفلاحة في القرية هي مهنة مركبة يتقاسمها ما هو زراعي وحيواني.
والفلاحة بذلك "مهنة عائلية يشترك جميع أفراد العائلة فيها، فهناك تقسيم للعمل في الزراعة، رغم أنه تقسيم غير دقيق فهو مشترك بين أفراد الأسرة جميعا، هذا الاشتراك في العمل الزراعي يزيد من ترابط وتماسك أفراد الأسرة القروية المعروفين.
كما أن الفلاحة مهنة يعرف عنها عدم انتظام ساعات العمل بها، فهناك مواسم يعمل فيها الفلاح ليلا ونهارا، بينما توجد مواسم أخرى لا يزيد عمل الفلاح فيها عن مجرد الإشراف على بعض العمليات البسيطة أو الانتظار دون عمل، بينما يوجد تحديد واضح لأوقات العمل والراحة في أعمال المدينة، فهذا التحديد غير معروف في العمل الفلاحي.
أما من ناحية البطالة، فالبطالة الشائعة في العمل الفلاحي من نوعين: إحداها موسمية، وهي الناشئة عن عدم انتظام العمل الفلاحي، بمعنى أن البطالة تكون في مواسم يقل أو ينعدم فيها العمل الفلاحي، والنوع الثاني من البطالة الشائعة في القرية ما يعرف بالبطالة المقنعة أو الخفية، ونعني بها أن العمل الفلاحي يقوم به عدد من العاملين أكثر مما يحتاجه ذلك العمل" .
د- مستوى الدخل المعيشي:
"المعروف أن متوسط الدخل في القرية أقل من المدينة سواء بمقارنة أجر العامل الزراعي بأجر العامل الصناعي أو بمقارنة ربح رأس المال المستثمر في القرية والمدينة" .
إلا أنه في الوقت الراهن لا يمكن أن نقارن متوسط الدخل في القرية ونقول بأنه أقل منه بالمدينة، خاصة في بلدنا حيث مستوى المعيشة متذبذب بين المجالين نظرا لما وصل إليها واقع البطالة بالمدينة وما وصل إليه احتكار الأراضي الزراعية من طرف كبار الملاكين، ويبقى "مستوى المعيشة في المدينة على وجه العموم أعلى منه في القرية نظرا لما يتوفر في المدينة من ألوان الرفاهية والتسهيلات والخدمات العامة" .
3- الثقافة القروية:
أ -مفهوم الثقافة:
تعني الثقافة بتعبير «"تايلور" ذلك المجموع المعقد الذي يشمل المعارف، والمعتقدات، الفنون، الأخلاق، التقاليد وكل باقي القدرات والعادات التي يكتسبها الفرد بوصفه عضوا في مجتمع معين...
وقريب من هذا المعنى التعريف الذي تبنته الندوة الدولية حول السياسات الثقافية بـ Mexico-City سنة 1988، والذي يحدد الثقافة باعتبارها..." مجموع السمات الروحية والمادية والوجدانية التي يتميز بها مجتمع معين أو فئة اجتماعية معينة، وهي تشمل زيادة على الفنون والآداب وأنماط العيش والحقوق الأساسية للكائن البشري، أنساق القيم والتقاليد والمعتقدات...".
وكما يقول أيضا "مولينو Molino "، الثقافة: هي مجموع الدلالات التي تنظم نمط حياة جماعة معينة وتؤسس له...» .

ب- مميزات الثقافة القروية:
تتميز الثقافة القروية بوحدة التماسك الروحي والقيمي، وبالعلاقات الوطيدة بين أفرادها وحسن النية في معظم معاملات الأفراد داخل الوسط القروي، لذلك نجد الثقافة القروية "من النوع المقدس، أي بطيء التغيير المرتبط بعقائد الناس وتقاليدهم.." . الشيء الذي يعطي شرعية للبنية الاجتماعية الثقافية لتمارس قهرا على سلوكات الأفراد فتجعلهم خاضعين لإكراهات الوسط الثقافي السائد أو ما يسمى بالضبط الاجتماعي، أي "ضبط سلوك الأفراد في حدود المعايير والقيم المتعارف عليها في المجتمع" . ويبقى الضبط العائلي قويا في الوسط القروي، إلى جانب أيضا الكلام المتداول باستمرار حول المنحرفين عن ما هو متعارف عليه داخل الوسط، هذا الكلام له دور هام في الرقابة على سلوك وتصرفات الأفراد.
ت- الفلاح القروي والأرض:
غالبا ما تبدأ الأشغال الفلاحية خاصة عملية الحرث في شهر يناير حيث "يجتمع الفلاحون عادة في جماعات تقليدية لمديد المساعدة لبعضهم البعض في روح من الأخوة، وقد يجتمع فلاحو الدواوير والمداشر المختلفة للقيام بعملية الحرث في دوار بعينه، ثم ينتقلون إلى دوار آخر فيحرثون الأراضي فيه ثم ينتقلون إلى غيره، ولا تكاد تتوقف هذه الحركة الجماعية للحرث إلا إذا انتهت الجماعة من حرث سائر أراضي الدواوير والمداشر المشاركة في عملية الحرث. وهذا أمر مهم درج عليه الفلاحون في سائر المناطق القروية بالمغرب ويسمى هذا العمل الجماعي (بالتويزة) وهو أيضا بالأمازيغية (تيويزي)، وهو لا يختص بموسم الحرث فحسب وإنما قد يلجأ إليه الأهالي في كثير من الأعمال التي ينجزونها كالبناء مثلا" . أو "يتبادلون الآلات ويستعيرونها من بعضهم كذلك في المناسبات كحلول ضيوف على الأسرة أو في الأفراح وفي المآتم يتضح مدى التعاون الذي يشارك فيه الأهالي بعضهم في معاونة الأسرة على الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية في هذه المناسبات" .
وأيضا لدى المجتمعات القروية ميزة طقوسية ثقافية تهم المطر "فعندما يتأخر المطر، فإن الأهالي يجتمعون ويصنعون طعاما يجتمعون حوله وهو عادة (العصيدة) أو (تاكلا)، ويكون هذا الطعام مناسبة لاجتماع الناس في القرية صغارا وكبارا، فيتوجهون إلى مكان النهر أو منبع الماء في الجبل ويصنعون دمية كبيرة من القصب ويلبسونها ثيابا- وهذه الدمية تدعى عندهم (تاغنجا) ويجتمعون حولها ويغنون نشيدا معناه في المناطق الجنوبية بالمغرب.
"يا أيتها الدمية تاغنجا الجميلة إننا نطلب الله بأن يأتي بالمطر لكي تحيا أرضنا وتنتعش حقولنا، وتبتهج قلوبنا كما أنت مبتهجة ومسرورة في ثيابك المزركشة الجميلة"
"أتلغنجا أسي إراونام غراس إرب
أديتكار تويا إيعلوشن،
أتلغنجا كودم نلواشون نرجا غراس
إربي سونزار أديزيز يو أولمو
إيحلو أوسكاس"-;-
[مقتطفات من النص الأمازيغي)
وبعد ذلك يجتمع الناس (...) ليؤدوا صلاة المطر، ولا يخرجون من الضريح أو المسجد أحيانا حتى تنقلب الأجواء وتتلبد السماء بالغيوم فتهطل الأمطار الغزيرة:
-;- نستشف إذن من هذه الحقيقة مدى قيمة وعشق الماء والأرض لدى الإنسان القروي، ويبدو ذلك طبيعيا مادام (الأرض + الماء) يمثلان الحقيقة الوجودية لساكنة البادية، "..فالماء كان يمثل دائما ومنذ أقدم العصور عاملا مهيمنا في المناطق القاحلة والصحراوية، في حين لم تصبح الأرض ثروة نادرة إلا بعد تفوق الزراعة على تربية الماشية.." .


ج- الفوارق الاجتماعية:
من بين ما يحدد الفوارق الاجتماعية-اقتصاديا- في الوسط القروي هو عدد هكتارات الأراضي الجيدة (أي الصالحة للاستغلال الفلاحي) المتوفرة لدى شخص أو عائلة معينة، إضافة إلى الأنشطة الاقتصادية الأخرى المزاولة من غير النشاط الفلاحي علما أن ما هو ملاحظ في الوقت الراهن كون "أهداف المجموعة المنزلية تطورت من الإنتاج من أجل العيش والكفاف إلى إنتاج من أجل الربح، والبحث عن الرخاء، الشيء الذي أصبح معه تعدد الأنشطة الاقتصادية ضروريا، فأصبح رب الأسرة وأعضائها يلجئون أكثر فأكثر إلى مزاولة نشاطين أو أكثر"
وعلى عكس المدينة، فوحدة الشعور والانتماء بين سكان القرية وكذلك المساعدات المتبادلة بين الأسر، سوسيولوجيا يقلل من حدة الشعور بالفوارق الاجتماعية الموجودة في وسط قروي معين، فمثلا في مجالنا قيد الدراسة نلاحظ أن الفوارق الاجتماعية الموجودة واضحة اقتصاديا، في مجال الأراضي، لكنها لا يمكن أن نقيسها اجتماعيا حيث هناك تواصل وترابط وتكامل بين تلك الفئة المالكة للأراضي وتلك غير المالكة للأراضي (الفلاحية).
فالفلاح المالك للأرض يحتاج إلى ذلك الفرد الغير المالك للأرض كونه يمثل يد عمل... فمن هنا تترابط الجسور الاجتماعية وتتكامل تلك الفوارق الاجتماعية وتنكسر الصراعات الإيديولوجية والطبقية عكس المدينة.
د- الأسرة أو النواة الحيوية:
بدأت الأسرة النووية تكتسح بشكل كبير مكان الأسرة الممتدة في العالم القروي، وخاصية الفردانية المتزايدة لدى الشباب، بحيث ظهرت "ظاهرة جديدة تتعلق بالشباب القروي في المغرب، هي ظاهرة تنقيد علاقات الإنتاج [جعل هذه العلاقات خاضعة للنقود]، وخاصة كون عدد هام ومتزايد من الشبان يرفضون العمل عند آبائهم لأن هذا العمل غير مأجور.. أستطيع القول إن القاعدة العامة في السهول الكبرى شمال جبال الأطلس هي أن الشاب لا يعمل في الاستغلالية العائلية بعد سن الخامسة عشر أو السادسة عشر" .
ولعل هذا العامل يساهم إلى جانب عوامل أخرى في الانبثاق المتزايد للأسرة النووية، إلا أنه مهما كان نوع الأسرة فهي "النواة الحيوية في البادية، أي هي وحدة اجتماعية إنتاجية، وحدة مقاولاتية، تشكل فريق عمل هدفها ترويج الضيعة الفلاحية، والحفاظ على بقاء الأسرة، على عكس المدينة، العائلة أكثر فردانية...أعضاء الأسرة أكثر استقلالية ولكل أهدافه الشخصية" .
4/ التحولات الاجتماعية:
من زاوية المفهومية فالتحول أو التغيير الاجتماعي حالة مميزة للأنظمة الاجتماعية، بحيث أن كل نظام اجتماعي ثقافي إلا ويعرف حركة عبر الزمان والمكان. "فبالنسبة للماركسيين ينجم التغيير عن تناقضات... وبالنسبة لمؤلفين آخرين مثل "نسبه Nisbet" ينجم التغيير بصورة رئيسية عن أسباب خارجية، ويؤكد البعض على أثر "سان سمون" و "كونت" (Cont) ان جميع المجتمعات تتجه بالضرورة نحو حالة مثالية أفضل، أما الآخرون الذين يعتبرون امتدادا "لروسو"، أو على الأقل تفسيرا ممكنا "لروسو"، فيميلون إلى العكس، إلى تفسير التغيير على أنه تراجع، ويريد البعض أن يرى في هذا الوجه أو ذلك للأنظمة الاجتماعية أو في هذا العامل أو ذاك، الأسباب الحاسمة للتغيير... غير أن علم الاجتماع الحديث في أشكاله العلمية يميل مع ذلك إلى رفض الفكرة التي تقول بوجود سبب مهيمن للتغيير الاجتماعي، ونميل في الوقت نفسه إلى الاعتراف بتعددية أنماط التغيير، فبعض عمليات التغيير تكون نابعة من الداخل أي تحددها أسباب داخلية في نظام اجتماعي معين، وأخرى يكون مصدرها الخارج، وعمليات أخرى تكون مختلطة.. بعض العمليات تكون متوقعة بينما تكون أخرى متوقعة بصعوبة كبرى، وبالتحدي لأنها تكون في مرحلة معينة من تطورها مولدة لطلب التجديدات" .
وهناك كما يقول: "هادسن" التغيير المقصود والغير المقصود، وهذا الأخير يأتي من حيثيات غير معينة بطريقة عفوية تلقائية مثلا: عندما تمر زمرة اجتماعية بعدة عقود زمنية وهي في حالة فقر مدقع، ثم تتفاجئ بتغيير اقتصادي مرتبط مثلا باكتشاف معادن أرضية ثمينة إلى غير ذلك...
وفي الواقع فأي تغيير يعني مرحلة انتقالية يبدأ معه تحول في بنيات ووظائف النظام الاجتماعي، وهذا ما يلاحظ كذلك اليوم في الوسط القروي بحيث هذا الأخير ليس انحياديا وغير معفى من شبكة التحولات التي تفرضها سياسة العولمة، بحيث ذلك سيؤثر لا محالة على المجتمعات القروية بدءا بالنواة الصلبة التي تشكلها البنية الأسرية التي تسير في الآونة الأخيرة في "طريق انفجار النمط الممتد وسيادة الأسرة النووية التي تنجذر يوما عن يوم" ، وأيضا "تراجع الاقتصاد الأسري أمام غزو اقتصاد السوق وهو التراجع الذي تدل عليه العديد من المؤشرات أبرزها:
* تراجع الملكية الجماعية أمام الملكية الفردية وكذا تراجع نمط الإنتاج المعيشي مما يجعل العالم القروي المنغلق على ذاته في ما مضى ينفتح اليوم رويدا رويدا على المجتمع الاستهلاكي الساري التشكل، فحتى في حالة التساكن بين الأب وابنه المتزوج، فإن هذا الأخير يعمل على فصل ممتلكاته ونشاطه الاقتصادي عن الأسرة، ويبعده عن الهيمنة البطريكية، بل يساهم ذلك في إضعافها أيضا.
*ظهور العمل المأجور وتوسع مجال التعامل النقدي.
* خروج المرأة للعمل.
... وذلك نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة ولتزايد الضغط الاستهلاكي نتيجة انتشار المجتمع الاستهلاكي الأمر الذي لم يعد معه الأب قادرا على تغطية كل المتطلبات، فاضطر إلى الرضوخ للأمر الواقع.
لقد كانت للتحولات التي عرفتها البنية الأسرية في العالم القروي إذن دلالات عميقة جدا تتجاوز حدود الانتقال من نمط الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، وقد رافق ذلك العديد من التحولات التي مست حياة القرويين في مجملها، وفي مختلف مناحي حياتها من الاقتصادي إلى الاجتماعي إلى الثقافي" .
هذه التحولات التي يعرفها المجتمع القروي غير خارجة عن شبكة التحول الاجتماعي لمعظم المجتمعات. "فالأستاذ إبراهيم غرايبة" "يرى بأنه يمكن إدراج مجموعة كبيرة من التحولات المتفق عليها، وتمكن ملاحظتها في الدراسات المتاحة بكثافة عالية مثل، التقرير السنوي للتنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة ودراسات أخرى كثيرة جدا، ومن أهم هذه التحولات:
العولمة، موجة المعلوماتية والاتصال، اقتصاد المعرفة، انتهاء الحرب الباردة وسيادة نظام السوق الاقتصادي والخصخصة، وصعود تأثير وسائل الإعلام واستقلاليتها إلى حد ما.
وقد أدت هذه التحولات الكبرى إلى تداعيات شبكية لا تتوقف في السياسة والتعليم والسلطة ودور الشركات والمجتمعات والأفراد، وتبدو الظواهر الجديدة المعبرة عن هذه التحولات واستجاباتها واضحة وكثيرة، مثل الحركات الاجتماعية العالمية والمحلية والأصولية، وتغير دور الدولة وهيمنة الشركات الكبرى والاستثمارات العابرة للحدود.
وينبغي الانتباه إلى أن هذه التحولات الثقافية والاجتماعية لا تأتي إيجابيا على نحو تلقائي بنفس تلقائية التحولات الاقتصادية والسياسة" .
يمكن أن نقول باختصار أن التحولات العالمية المفروضة على الدول التابعة، دفعت بها إلى نهج سياسات تنموية من أجل تأهيل القدرات البشرية لمسايرة هذه التحولات والرقي بها إلى المستوى المطلوب راهنا، ولعل المجتمع المغربي غير معفى من منظومة التحولات الدولية المفروضة استنادا إلى ما نسمعه من خطابات إعلامية وحكومية حول هذه التحولات التي تعبر عنها العولمة، كسياسة رأسمالية اقتصادية بالأساس تخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة.
من هنا تكون "التنمية البشرية" التي تنهجها "الدولة المغربية"، قد جاءت عن قصد إن صح التعبير من أجل تغيير أوضاع المجتمع، اقتصاديا، وتأهيله لركوب أمواج التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. وللعالم القروي نصيبه من التنمية المسطرة والمتجلية معالمها بالأساس في اهتمام الدولة بالقطاع الفلاحي، ببناء السدود، وإنشاء الطرق الثانوية والمدارس والإعداديات، بالإضافة إلى ربط المجتمع القروي بالماء الشروب والكهرباء في الآونة الأخيرة.
ومن زاوية سوسيولوجية، نفترض أن كل هذه المشاريع التنموية صالحة وإجابية، لكن من زاوية أخرى سيكون لها وقع كبير وسط الساكنة القروية، فمنها ما ستتلقاه الساكنة بإيجابية في حياتها، ومنها ما ستتلقاه سلبيا دون وعي "ثقافي" مسبق منها.
فمثلا ساهمت كهربة المحيط القروي بشكل مباشر كبير وسريع في "خلق المؤسسة الإعلامية التي تسهر على قولبة وتشكيل هوية الشباب القروي وثقافته على مستوى الممارسات والتمثلات معا.
وقد زاد من هذا الدور الجديد لوسائل الإعلام السمعي البصري التوسع المستمر والسريع للمقعرات الهوائية..." وساكنة "آيت عياش" كساكنة قروية تشهد هذه الموجة الإعلامية، ونحن إلى هذا الحد، متفقين على أن المؤسسة الإعلامية تصدر قيم ورموز ثقافية جد مختلفة عن الواقع المعاش، فلا شك أن تخلق لدى الذهنية القروية تمثلات ثقافية جديدة، إما ستتعايش تحت هيمنة تمثلات الهوية الثقافية الأصلية أو ستدخل مع الثقافة الأصلية في صراع يؤدي إلى القولبة الثقافية والثقافة المضادة (Contre -culture).


5- التنمية القروية:
أ-مفهوم التنمية:
"يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين حيث أطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يسمى بـ"عملية التنمية" ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال في الستينات من القرن العشرين في آسيا وإفريقيا بصورة جلية، وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم.." ولاحقا تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية، فأصبحت هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع، الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية، بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين أوضاعه في المجتمع" .
ب- العالم القروي بالمغرب ورهانات التنمية:
نعني عموما بالمجال أو العالم القروي كل الحيز الجغرافي الخارج على نطاق المدارات الحضرية وقد كان يشكل المجال القروي إلى حد قريب، المجال الاستيطاني لأغلبية الساكنة المغربية.
إلا أنه اليوم ولظروف متعددة ومتداخلة نجد أن هناك نزوح الساكنة القروية بشكل مكثف نحو المجال الحضاري، ولم يعد "يقطن بالعالم القروي بالمغرب اليوم إلا حوالي 45% من الساكنة (المغربية)، هذه النسبة في تراجع مستمر لعدة عوامل منها:
* تزايد حجم المدن وتوسعها من خلال توسيع المدارات الحضرية للمدن الكبرى والصغرى والمتوسطة.
*ترقية بعض المراكز القروية إلى درجة مراكز حضرية".
*الهجرة القروية الناتجة عن مشاكل تهم الفقر، البطالة، الأمية، والتغيرات المناخية (الجفاف).
نقص تام في تجهيزات الرفاه، المعروفة في المدينة.
ج- الاستراتيجية المتبعة لتنمية العالم القروي:
في الآونة الأخيرة وأمام موجة التحولات العالمية والدولية وما تفرزه عولمة العصر فإن "الحكومة المغربية قد وضعت نصب أعينها المجال القروي كأولوية من الأولويات، إلا أن معالم سياسة تنموية للنهوض بهذا المجال لم تكتمل بعد.
فبغية إبقاء الساكنة الأصلية في آماكنها بالقرى، وتقوية المراكز المتوسطة بالخدمات الأساسية وبالوحدات الصناعية والصناعات التحويلية، وفك العزلة عن العالم القروي تمت بلورة استراتيجية 2020 من طرف وزارة الفلاحة والتنمية القروية خلال سنة (1999) وتهدف إلى:
-;- تنمية الإنتاج الفلاحي.
-;- الرفع من فرص الشغل والمداخيل في النشاط الفلاحي.
-;- تنويع فرص الشغل في الأنشطة الموازية للفلاحة والأنشطة الريفية.
-;- الحد من تدهور الموارد الطبيعية.
-;- الرفع من المستوى التربوي والتكوين المهني.
-;- تحسين التجهيزات والخدمات لتحسين مستوى عيش السكان.
-;- معالجة الاختلالات الجهوية" .
للاقتراب أكثر إلى أرض الواقع، نتساءل عن ماهي المشاريع التنموية المنجزة بمنطقة "آيت عياش" كمنطقة قروية، ونسبة مساهمة الجماعة القروية فيها؟
حسب ملاحظاتنا للمنطقة، واستجواباتنا مع رئيس الجماعة القروية لآيت عياش، فإن الجماعة حسبه تساهم في المشاريع المنجزة والتي في طريق الإنجاز:
فعلى سبيل المثال ساهمت الجماعة القروية في برنامج تزويد الدواوير بالكهرباء (PERG) بـ 77.698.55 درهم، وفعلا لقد تم تزويد القرى التابعة للجماعة بالكهرباء في السنين الأخيرة.
وهناك مشروع في طور الإنجاز يهم برنامج الماء الشروب (PAGER)، الذي ستستفيد منه قرى المنطقة ككل، وتساهم الجماعة فيه بنسبة 210.000.00 درهم.
أما فيما يخص مشاريع لتأهيل المنطقة فلاحيا فهي لم تعرف مشروع من هذا النوع، إلا مؤخرا، وبالضبط في السنة الماضية (2006-2007) حيث قامت: "المديرية الإقليمية بخنيفرة" بإنشاء بعض التقنيات (Les caneaux) المتخصصة في تفتيت وإدابة السحوب المحملة بالبرد من أجل حماية فاكهة التفاح منها" .
وأيضا هذه السنة ثمة انطلاقة أشغال لبناء سد على "واد أنسكمير" بغية توفير الماء لساكنة المنطقة للاستفادة منها فلاحيا أيام الجفاف، أو على الأقل فصل الصيف الذي تعرف فيه المنطقة نقصا كبيرا في الماء، علما أن شهري "يوليوز وغشت" تتطلب فيهما شجرة التفاح الكثيرة من الماء.

الفصل الثالث: رؤية على ماضي وحاضر منظومة الإنتاج بالمنطقة ومنبع إشكالياتها:
تقديــــــــــم:
يرمي هذا الفصل إلى محاولة لبناء مقاربة شاملة على منظومة الإنتاج (شجرة التفاح)، والعوامل المساعدة على ظهورها جغرافيا وتاريخيا، والتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثتها، إضافة إلى محاولة لمس مشاكلها التقنية الحالية والتي تكمن فيها معالم الإشكالية، مع التطرق إلى الفرضية والمنهجية المتبعة في البحث الميداني.
-تضمن هذا الفصل المحاور التالية:
1-نبذة تاريخية على منظومة الإنتاج (التفاح) بالمنطقة
2- التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثتها مغروسات التفاح حـاليا
3-المشاكل التقنية التي تعاني منها أشجار التفاح
4-إشكالية البحث
5-الفرضـــــية
6-منهجية البحــــــث
7-الخطوات المنهجية الميدانية المعتمدة

1- نبذة تاريخية على منظومة الإنتاج (التفاح) بالمنطقة:
للعوامل الطبيعية والتحولات المجالية دور كبير في بروز وظهور غراسة التفاح بالمنطقة، فمن المعروف أن الوسط الطبيعي والجغرافي يؤثر بشكل مباشر في مسار الإنسان وفي نشاطاته المختلفة.
فمناخ المنطقة يتميز بملاءمته النسبية لظهور غراسة الورديات بصفة عامة وغراسة التفاح بصفة خاصة، وأيضا وجود المياه خصوصا الجوفية- منها والتربة التي تعتبر أحد العوامل الأساسية في قيام هذه الفلاحة.
إلى جانب المجال الطبيعي فإن التحولات المجالية التي عرفتها المنطقة ساعدت على ظهور غراسة التفاح خاصة بعد التدخل الأجنبي.
ففي الفترة الاستعمارية لم تعرف المنطقة استقرارا بشريا كاملا، حيث هناك من السكان من يعتمد الترحال بين سهول ملوية العليا شتاء وإلى جبال الأطلس الكبير والمتوسط صيفا، أما السكان الذين عرفوا استقرارا، فكان أغلبهم من الرجال مجبرين للعمل في مناجم "أحولي وميبلادن"-;- تحت رقابة المعمر.
وغداة فجر الاستقلال بدأ يتخفف ذلك الإجبار الذي كان يفرضه المعمر وأعوانه تجاه رجال المنطقة للعمل في المناجم، ومنه بدأت المنطقة تعرف استقرار عائليا مع التعاطي لزراعة معاشية على طول واد أسنكمير-;--;-..
"وبعد ما ظهرت أول بوادر غراسة التفاح في الحدائق المنزلية للمعمرين بميدلت" .انتقلت هذه الغراسة إلى منطقة آيت عياش في الخمسينات بدعم من نصائح أجنبي فرنسي لأحد السكان بالمنطقة لتعرف انتشارا واسعا وسريعا خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
2- التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثتها مغروسات التفاح حـاليا:
إن منطقة آيت عياش اليوم قطعت أشواطا سريعة من الناحية المادية، فمن الفلاحة المعيشية التي تعتمد بالأساس على "البطاطس، اللفت، القمح، والزراعات العلفية مثل الشعير والقمح والذرى..." إلى فلاحة تسويقية المتمثلة في مغروسات التفاح، هذه الأخيرة جعلت الساكنة المالكة لأشجار التفاح تعرف رفاها اقتصاديا، صاحبها تحول اجتماعي مهم، حيث أصبحت أغلبية الساكنة التي تملك أكثر من 600 شجرة تفاح منتجة تهتم بجانبها السكني، وأصبحنا نجد داخل بعض "الدواوير" منازل مرتفعة ذات طبقة واحدة إلى طبقتين مبنية بمواد الإسمنت (حديد، ياجور، رمل، إسمنت) ومجهزة من الداخل بالأثاث والأواني المنزلية الحديثة، كما نجد أنواع مختلفة من السيارات الحديثة لدى أرباب الضيعات من نوع:
-Renault express, Kango, berlingo
-Peugeot partner, Nissan+ toyota= pick-up
ورافق ذلك أيضا رفاهية في المعيشة الاستهلاكية لدى الأسر، وأشكال جديدة لمواسم الزواج، الذي يتطلب من صاحبه عدم التفريط في المأكل الجيد، وأشكال "الفلكلور" الذي تقاس قيمته بالثمن المنفق عليه والتي تصل في بعض الأحيان إلى ما بيــن (DH) 8000 درهم إلى (DH) 10000.
ولهذا التحول انعكاس ثقافي بين الساكنة حيث تولدت لدى الأسرة الميسورة ماديا، ثقافة الصراع غير المعلنة داخل العلاقات الاجتماعية، لكنها من داخل الواقع المعاش معلنة، فنجم عن ذلك تضاد بين الأسر التي تسارع وتتجاذب نحو تحقيق أفضل الإمكانيات المادية المعيشية التي حققتها الأسر الأخرى المجاورة، الشيء الذي نتج عنه بداية تفشي البناء العصري والشبه عصري. وأنواع جديدة من السيارات كل سنة.
-;- كل ذلك بفضل المدخول المادي السنوي الذي تحققه مغروسات التفاح في حالة ما لم يتعرض المنتوج لسلبيات العوامل الطبيعية-;- مثل "الصقيع والبرد والجفاف".


3- المشاكل التقنية التي تعاني منها أشجار التفاح:
تبقى فلاحة مغروسات التفاح بالمنطقة في آخر المطاف خاضعة لمنطق التقلبات الطبيعية دون تفكير سابق وواعي من الفلاحين على إنشاء مثلا تعاونيات لجلب التقنيات الحديثة لتغطية المشاكل الطبيعية، أو اللجوء إلى القروض والمؤسسات المختصة للمساهمة والدعم من أجل النهوض بشكل عقلاني بهذه الفاكهة الثمينة، ومن هنا تكمن بداية الإشكالية. فهذه الفلاحة بالمنطقة تعاني بشكل كبير من مجموعة من المشاكل التقنية نذكر أهمها:
-) "غياب أصناف التقنيات والآلات التي تقاوم الصقيع الربيعي والبرد.
-) تقنية استعمال الأسمدة والأدوية من طرف الفلاحين غير مؤهلة.
-) شبه غياب لتقنية استغلال الماء عبر السقي الموضعي(Goutte à goutte- تقنية التقطير) التي تعتبر من أهم التقنيات للاقتصاد على الماء.
-) نقص تام في اليد العاملة المتخصصة، بالإضافة إلى مشاكل تهم التنظيم والبنيات، وكيفية التسويق" .
-) نقص وحدات التبريد التي "لا تتعدى [8] وحدات: [ميدلت: يومية]" .
أما في ما يخص مثلا عوائق الربح الناتجة عن نوع التسويق، "فأكبر عائق يضر بالفلاح هو التسويق" المباشر داخل الضيعة، وهو نوع الشائع لدى فلاحي المنطقة بنسبة 72%، ويأتي من بعده التسويق بعد جني المنتوج بنسبة 25%، ويبقى تسويق المنتوج بعد تخزينه إلى ما بعد فصل الخريف، هو الذي يعود بنسبة أرباح عالية، لكنه لا يمثل سوى 3% من مجموع الفلاحين الذين يلتجئون إلى هذا النوع من التسويق (أنظر المبيانين)-;-:















بعد تحديدنا لهذه الصعوبات التي تواجه مغروسات التفاح، ينبغي أن نشير أنه بالرغم من ذلك فإنتاج التفاح يتطلب عناية فائقة من طرف مالكي الضيعات، إذ لا بد من عمل متسلسل على طول السنة، والذي ينطلق بخدمة الأرض، مرورا بعمليات التشذيب وكذا التسميد، ليصل الفلاح إلى محاربة الأمراض والحشرات ثم السقي المكثف الذي يبدأ في شهر "ماي"، ووصولا للمرحلة النهائية المتمثلة في عملية الجني خلال شهر أكتوبر، إلا أن المشكل العويص هو أن هذا المجهود العملي على طول السنة قد يتعرض لآفة طبيعية "كالبرد" مثلا خلال شهري "يونيو ويوليوز"، فيذهب الفلاح ضحية التقلبات المناخية وبالتالي يفقد 60% إلى أكثر من المنتوج الإجمالي، وهذا سينجم عنه نقص جد هام في الربح المادي.
-;- فلماذا إذن لا يعمل الفلاح بآيت عياش على اقتناء قرض مثلا لإنشاء تقنية الشبكة التي تقاوم هذا "البرد"؟
بشكل عام لماذا لا يعمل على تطوير والسير بفلاحته إلى المستوى الأحسن، علما أن ما تعيله هذه الفلاحة من أرباح وهي خاضعة للمشاكل التقنية المذكورة ولمنطق التقلبات الطبيعية ربح لا يستهان به! فما بالك إن خضعت هذه الفلاحة لمنطق تقني عقلاني حديث لتصبح الفاكهة في المستوى المقاولاتي المطلوب؟ خصوصا ونحن مقبلين على ركوب موجات السوق الاقتصادية العالمية التي لا ترحم اقتصاديا!!
4- إشكالية البحث
في واقع المجتمع المليء بالطموحات والتناقضات بين مكوناته وظواهره، تظهر مجموعة من المواضع للبحث والتنقيب من أجل كشف تلك القوانين الاجتماعية الخفية والمعقدة ومعرفة بنيتها ومميزاتها وخصائصها، وباعتبار البنية المادية التي خلفتها مغروسات التفاح داخل المنطقة في الآونة الأخيرة قد غيرت واقع السكان (ونخص بالذكر منهم المالكين للأرض)، الشيء الذي لا بد أن يجعل علاقة الأسرة الفلاحية بالمردود المادي السنوي علاقة يحكمها منطق ثقافي واجتماعي معين. من هنا نطرح موضوع "دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمة في التحولات الاجتماعية والثقافية، "من أجل كشف آليات التفاعل بين البنية المادية والبنية الثقافية داخل المجتمع القروي".
وتندرج إشكالية البحث بالأساس حول المؤشرات التالية:
-أين يصرف الفلاح أو الأسرة الفلاحية الربح المادي المحصل عليه سنويا؟
-هل هناك استراتجية التفكير لدى الملاكين في تطوير ضيعاتهم الفلاحية من أجل منتوج مضمون سنويا غير خاضع لمنطق التقلبات الطبيعية؟
-ما هي علاقة الواقع المادي المعاش بالذهنية الثقافية لدى الأسرة الفلاحية؟
-ما هي الخلفيات الثقافية التي توجه وتتحكم في صرف الربح المادي الخام الذي تنتجه الفلاحة سنويا؟
-;- هذه المؤشرات يؤطرها سؤال عام وهو ما يسمى بسؤال الانطلاق في تقنيات ومنهجية البحث السوسيولوجي:
-أمام التحولات العالمية والوطنية والمحلية، ماذا طرأ على البنية الثقافية القروية بعد اصطدامها بالبنية المادية التي خلقتها مغروسات التفاح في مجال الأسرة وعلاقتها بالأرض، ونوع العلاقات الاجتماعية السائدة؟
-;- هذا التساؤل الإشكالي يطرح مبحثين:
*-المبحث الاقتصادي التقني.
*-المبحث الثقافي الاجتماعي.
* وستعالج هذه المباحث القضايا التالية:
-علاقة الفلاح بالأرض والمنتوج الفلاحي.
-علاقة الفلاح بالمؤسسات الفلاحية مثل القرض الفلاحي، ومكتب الإرشاد الفلاحي، ودور ذلك في تنمية وعي الفلاحة لدى الفلاح.
-منطق البنية الذهنية الثقافية للأسرة الفلاحية وكيفية تسخيرها للعائدات المادية التي توفرها مغروسات التفاح.
-التحولات التي طرأت على المستوى الأسري والعلاقات الاجتماعية بين الساكنة
5-الفرضـــــية
بما أن العالم برمته يشهد تحولات اقتصادية جذرية تحت هيمنة القطب الأحادي والذي يتمثل في النظام الرأسمالي الذي تحكمه فلسفة السوق والربح وتطوير رأس المال، وهذا ما تعبر عنه سياسة العولمة التي تنهجها الدول الصناعية الغربية والمفروضة أيضا على المجتمعات التابعة..."نقول بأنها لا خيار لهذه المجتمعات أمام انعدام فرصة الاختيار لأنها لا توجد أمام حلول متعددة، فالتحولات أقوى من أن تتيح لها لحظة للتأمل، والخيار الأوحد هو الانخراط بسرعة في التحولات وتوسيع مجال المبادرة، لكن في المقابل لا يجب لهذا الانخراط أن يكون أعمى بدون الكشف عن الأهداف الحقيقية المتوخاة ما دامت محدداته ترتبط بما هو خارجي..."
وعلى إثر ذلك نفترض أنه بفعل التأثير المتزايد للتحولات الاقتصادية والاجتماعية العالمية والوطنية والمحلية فإنه من المرجح أن الأسرة الفلاحية بمنطقة "آيت عياش" ستعرف تغيرات مختلفة راهنا ومستقبلا، إما ستستجيب فيه لمتطلبات المرحلة الراهنة في تطوير فلاحتها التي يحددها منطق الجودة والمنافسة والربح، أم أن خصوصيات الذهنية الثقافية للساكنة القروية غير قابلة لركوب موجات التحولات التي يفرضها العصر في ظل غياب ثقافة تنموية!؟
6-منهجية البحــــــث:
للإحاطة بالإشكالية وأيضا حتى لا نهمل جانبا من جوانب العينة المدروسة التي تتكون من 30 فلاحا سنعتمد الاستمارة بالمقابلة، وهي "وجيز أسئلة يطرحها المستجوب الذي يقوم (في نفس الوقت) بتسجيل الإجابات المقدمة من طرف المستجوب" .
ونود أن نشير أن هذا الاختيار خارج عن ذاتنا مراعين ما سيفرضه مجتمع البحث كوسط قروي أغلبيته غير متعلم، وإلى جانب الاستمارة بالمقابلة سنعتمد أيضا الملاحظة بالمشاركة "وهي حالة يشارك فيها الملاحظ أو الملاحظة في حياة الأشخاص الموجودين تحت الملاحظة" وهما معا (الاستمارة بالمقابلة والملاحظة بالمشاركة) من تقنيات البحث السوسيولوجي والإثنوغرافي.
7- الخطوات المنهجية الميدانية المعتمدة:
نريد أن نوضح في هذا الإطار أن صياغة أسئلة الاستمارة بالمقابلة، ثم بناؤها بين أسئلة مفتوحة وأسئلة مغلقة، مع إدراج لكلمة (شيء آخر، إضافة...)، من أجل إضافة الأجوبة غير المتوقعة في أجوبة الاستمارة، وذلك بالفعل تماشيا مع الإشكالية التي استعرضناها سالفا.
وأيضا نريد أن نوضح كيف تم ملأ الاستمارة بالمقابلة مع المستجوبين:
-عشرون استمارة عن طريق الملأ العشوائي.
-عشرة استمارات تم ملأها بطريقة اختيارية مراعين في ذلك التمايزات الفلاحية بين الفلاحين الكبار والمتوسطين والصغار.
وقد استهدفنا فلاحي أغلبية الدواوير الرئيسية بآيت عياش من قبيل:
دوار أكلموس -;- 3 فلاحون، آيت توغاش -;- 3 فلاحون، نفس الشيء لدواوير "آيت عثمان أوعلي، آيت بنعلي، آيت علي أويوسف، بوعمامة، آيت بن إيشو آيت أومغار واكرامن، ثم أربعة فلاحون بالنسبة لدوار بودراع، (المجموع: 30 فلاحا) ويجب أن نشير أن هذا التعدد جاء نتيجة الصدفة حيث وجدنا فلاحي المنطقة مجتمعين مؤقتا في "خيام بسد "سيدي سعيد" من يوم السبت 2008/05/03 إلى يوم الاثنين 2008/05/05، وذلك احتفالا بالزيارة الملكية لتدشين هذا السد الذي يبعد عن منطقة " آيت عياش بحوالي" 22 كلم.
أمام هذه المناسبة انتهزنا الفرصة بترخيص من رئيس الجماعة القروية وأعوان السلطة المحلية، للشروع في ملأ الاستمارة بالمقابلة مع الفلاحين، وتجدر الإشارة إلى أنه تمت المقابلات باللغة الأمازيغية والعربية العامية (الدرجة)، حتى يتسنى للمستجوب فهم مغزى الأسئلة المكتوبة باللغة العربية الفصحى، في الاستمارة، وكذلك من أجل تواصل منسجم وقريب بيننا وبين المبحوثين، خصوصا وأن اللغة الأمازيغية هي اللغة الأم بالمنطقة، ولعل هنا قيمة مراعاة الشروط اللغوية في البحث السوسيولوجي، كإرث ثقافي، قد يخفي أكثر مما يظهره لباحث غير ملم بلغة المحيط الذي يدرسه.
وهكذا تستغرق كل استمارة بالمقابلة ما بين ساعة إلى ساعتين، مراعين في ذلك احترام معلومات الفلاح المستجوب مع ضمان سريتها، وذلك دون الكشف عن اسمه أو اسم أبناءه، هذا إلى جانب عزل الفلاح المستجوب عن أنظار أصحابه وجيرانه، كل هذا وذاك سمح بالوصول إلى حقيقة موضوعية وشفافية المعلومات الفلاحية والمالية والشخصية عند كل فلاح.
وذلك ما سنحاول تحليله، في فصل نتائج البحث الميداني، مستعملين في تحليلنا تقنيات الكمية والكيفية، كمنهج موضوعي يحاول أن يختزل ويقترب من الواقع الاجتماعي المدروس.


الفصل الرابع: نتائج البحث الميداني:
تقديــم:
هذا الفصل يرمي إلى تحليل القضايا الميدانية التي حاولت الاستمارة بالمقابلة ملامستها من الوسط القروي المدروس طبعا في إطار العينة السالفة الذكر.
ويعالج هذا الفصل المحاور التالية:
-;- I معلومات عامة حول الأسرة القروية الفلاحية.
-;- II علاقة الفلاح مع أشجاره تقنيا واقتصاديا، وكيفية تدبيره للأموال التي تعيلها له أشجار التفاح.
-;- III-العلاقات الأسرية التي تحكم الضيعة الفلاحية ونوع العلاقات الاجتماعية السائدة بين الساكنة راهنا.
-;- IV البعد الثقافي للتحولات التي أفرزتها المدخولات المادية (أشجار التفاح).
-;- V ما هو مطالبا به تنمويا في قطاع مغروسات التفاح بمنطقة "آيت عياش".
**خلاصات واستنتاجات
ملاحظة: سيتم في بعض الأحيان الحفاظ على جمل باللغة العامية، كما تلقيناها من طرف المبحوثين، وذلك حفاظا على المعنى الأصيل للجملة.

I - معلومات عامة حول الأسرة القروية الفلاحية:
يهدف هذا المحور إلى قياس مدى تأثر البنية الأسرية من مجالها التقليدي الممتد إلى المجال الفرداني النووي، باعتماد مقياس المستوى الدراسي لكلا أرباب الأسرتين، وكذلك متوسط عدد الأفراد الذين يعيشون في كلا الأسرتين، استنادا بالطبع على العينة المدروسة.
وسيتطرق أيضا هذا المحور إلى مسألة النشاط الأساسي للفلاحين، ونوع السكن، ومعلومات حول الفلاحات المزروعة والماشية.
1 -التحولات الطارئة في المجال الأسري:
كما تؤكد جميع الدراسات في الميدان الأسري، على أن هناك تحول من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، فنحن أيضا لم نهمل هذا الجانب، على أساس أن القرية تشكل بؤرة الأسرة الممتدة عن غيرها من التجمعات الأخرى.
فبعد تحليلنا ومعالجتنا للقضايا المتعلقة بالأسرة، استنادا بما جاء بـه المستجوبين في الاستمارات (معلومات حول الأسرة الفلاحية)، كانت النتيجة على الشكل التالي:









انطلاقا بما جاء به المبحوثين، نجد أن الأسرة النووية بدأت تكتسح بشكل كبير مكان الأسرة الممتدة، بحيث هذه الأخيرة تمثل فقط 36% من الفلاحين الذين لا زالوا يعيشون في دفء الأسرة الممتدة في حين 64% تشكلها الأسرة النووية.
ويتعايش عدد الأفراد من داخل الأسرة النووية بصفة عامة ما بين (4 إلى 9 أفراد) داخل المجموعة المنزلية، وإن كان يغلب في العينة الأسر ذات ( 4 إلى 7) أفراد بصفة خاصة.
أما الأسرة الممتدة فتتكون من ( 9 أفراد إلى 28 فردا) ويغلب كذلك في هذا الوسط الأسر ذات (12 إلى 18 فرد) داخل أغلب الأسر الممتدة.
ومن أجل معرفة أحد العوامل التي ساهمت في هذا التحول سنلتجئ إلى مقارنة المستوى الدراسي عند كل أرباب الأسرتين.
جدول 1: المستوى الدراسي لرب الأسرة داخل الأوساط الممتدة
بدون المسيد ابتدائي إعدادي ثانوي عالي
45% - 9.09% 18.18% 9.09% 18.18%
المصدر: العينة المدروسة
جدول 2: المستوى الدراسي لرب الأسرة داخل الأوساط النووية:
بدون المسيد ابتدائي إعدادي ثانوي عالي
15.78% 18.18% 47.36% - 18.18% 21%
المصدر: العينة المدروسة
-;-ما يمكن أن نستشفه بصفة عامة بين الأسرتين، على المستوى الدراسي، أن هناك ارتفاع لنسبة الأمية في أوساط الأسر الممتدة عكس نسبتها القليلة 15.78% على مستوى الأسر النووية.
من هنا يمكن أن نفترض أو نعتبر أن المدرسة عامل مساعد على هذا التحول الأسري من الممتدة إلى النووية.

2- النشاط المهني الأساسي والثانوي لدى العينة:
أ- النشاط المهني الأساسي:
سنحاول في هذا الفرع معرفة ما هي المهنة الأساسية لدى أغلب الفلاحين بآيت عياش استنادا على عينتنا المدروسة.
جدول 3: المهن الأساسية لدى فلاحي "آيت عياش"
الفلاحة وظيفة، تجارة... آخر
96.66% 3.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- نلاحظ أن الفلاحة هي النشاط الأساسي لأغلبية فلاحي "آيت عياش"، في حين مثلا قد نجد فئة قليلة ذات مهنة أساسية أخرى تجعل من الفلاحة النشاط الثانوي، نظرا إما للبعد عن أراضيهم أو لكونهم يتوفرون على عمال شهرين يهتمون لهم بها، وبالتالي تكون علاقة الفلاح هنا بممتلكاته الفلاحية علاقة غير مباشرة.
ب- النشاط المهني الثانوي:
بعد أن تبين لنا أن الفلاحة هي النشاط الأساسي لأغلبية الفلاحين، فقد تساءلنا عن ماذا يفعله الفلاح كنشاط ثانوي بعد الفلاحة، في فترات زمنية موسمية غير فلاحية، هذا ما يظهره الجدول التالي:

جدول 4: النشاط المهني الثانوي:
الفلاحة الماشية التجارة مياوم عمل جمعوي لا شيء
53.33% 20% 13.33% 6.66% 3.33% 3.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يظهر من الجدول أن الفلاحة نفسها هي النشاط الثانوي الأكثر ممارسة من طرف الفلاحون، قد نتساءل كيف ذلك ولماذا؟
يقول أحد الفلاحين المستجوبين:
" مَا تَنْكْمْلُو تْفَّاحْ حْتَّى نْبْدَواوْ فِي الْحَرْثْ
مَا تَنْسَا لِيوْ الْحَرْثْ حْتَّى نْبْدَاوْ بِالتَّشْذِيبْ
الْأًشْجَارْ، تَنْكْمْلُو مَنْ هَذَا، تَنْجِيبُو الْمَاءْ
نْشْرْبُو أُوْ نْبْدَاوْ فِي الدَّوَايَاتْ وَالْأَسْمِدَة...
أُوْ كَتْوْصَلْ لُوقِتَ دْيَالْ التَّفَاحْ.. أُوهَا هِيَ كَالدُّورْ"
3- قراءة سريعة وعامة للمستوى الدراسي لأبناء العينة المدروسة.
هذا الباب يريد أن يلقي نظرة ملخصة للمستوى الدراسي لأبناء العينة، وأيضا نظرة حول الأبناء المهاجرين وعلاقتهم بالفلاحة.
ففي ما يخص المستوى الدراسي لأبناء العينة المدروسة، نجد أغلبهم متمدرسين (نسبة 92%) بهيمنة المستوى الابتدائي، ثم يليه الإعدادي والثانوي، ونادرا ما نجد أحد الذكور ذا مستوى تعليم عالي، أما الإناث فنادرا ما تكون ذات مستوى ثانوي، لكون الزواج في هذه المرحلة الثانوية محتوما عليها اجتماعيا، ومن ثمة يكون نشاطها الأساسي "ربت بيت".
في حين أغلب الأبناء الذكور المنقطعون عن الدراسة معيلون لآبائهم في الفلاحة، والقليل منهم من يهاجر من أجل العمل أو الدراسة، هؤلاء من المهاجرين داخل المغرب، لا يعيلوا ماديا الفلاحة، ما عدا الفئة القليلة المهاجرة خارج المغرب، منهم من يرسل أموالا من أجل دعم فلاحة عائلته.
4- نوع السكن ومفارقاته:
فيما يخص هذا الجانب، فإن الفلاح المتوسط الذي يملك ما بين (700 شجرة) حتى (1200شجرة) والفلاح الكبير الذي يملك أزيد من (1600 شجرة) كلاهما يتوفرون على سكن عصري بجميع تجهيزاته الرئيسية المذكورة في الاستمارة (كهرباء + ماء+ ثلاجة + تلفاز + الجهاز الرقمي+ الهاتف النقال+ أثاث منزلية عصرية + مرحاض+ حمام...) وبعضهم يتوفر على (السيارة + دراجة نارية+ هاتف ثابت).

مبيان رقم: 4
تطور السكن العصري بمنطقة آيت عياش استنادا على العينة المدروسة










يتضح أن ظاهرة السكن العصري بدأت تعرف انتشارا واسعا منذ عام 2003 بين أفراد العينة وتتراوح القيمة المالية لهذا السكن بتجهيزاته العصرية الأساسية من تلفاز وثلاجة .. ما بين 12 مليون إلى 80 مليون سنتيم، هذا التفاوت يعود بالأساس إلى مدخول كل فلاح على حده.
وقد ساهم في تفشي هذه الظاهرة دخول الكهرباء إلى الوسط القروي بحيث لاحظنا في مقابلاتنا مع معظم الفلاحين أن السنة التي تم فيه دخول الكهرباء بدأ معه بناء المنزل العصري، وكما سبق وأن أشرنا أن تعميم الكهرباء "بدواوير آيت عياش" قد بدأت منذ سنة 2002 إلى سنة 2007.
والغريب في الأمر أن السكن التقليدي الطيني مع أثاثه التقليدية لا زال يتعايش مع السكن العصري (أنظر الجدول).
جدول رقم: 5 الفروق المتواجدة على مستوى السكن لدى الفلاحين
سكن عصري + سكن تقليدي سكن عصري وحده سكن تقليدي وحده
80% 6.66% 13.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يوضح الجدول أن أصحاب السكن العصري والتقليدي هو الشائع لكون الفلاح يقوم ببناء المنزل العصري وفي نفس الوقت يحافظ على المنزل التقليدي.
في حين مثلا أن أغلبية أشخاص السكن العصري وحده، راجع بالأساس إلى صيانة المنزل التقليدي نفسه وتحويله إلى سكن عصري، وغالبا هذا الصنف ما يلتجأ إليه الفلاح المتوسط.
بينما الذين لا يتوفرون على سكن عصري أغلبهم فلاحون صغار، لا تتجاوز عدد الأشجار عندهم (300 شجرة) وهي بذلك لا تكفي لتحقيق ذلك الرفاه الاقتصادي الكافي لبناء منزل عصري (أنظر نماذج من المنازل العصرية بالصورة).













وتجدر الإشارة إلى أن 70% لديهم سيارات Voiture رغم اختلاف أثمنتها.
جدول رقم: 6 التصنيف المالي للسيارات لدى الفلاحين الذين يملكونها
نسبة الفلاحون %
سيارات ما بين ثمن 3 ملايين سنتيم إلى 10 ملايين سنتيم 33.33%
سيارات ما بين ثمن 11 مليون/س إلى 24 مليون سنتيم 36.66%
غير المالكين للسيارات 30%
المصدر: العينة المدروسة
مبيان 5:









-;--;- يغلب على الجدول رقم (6) أعلاه السيارات ذات الثمن المرتفع، ذلك راجع إلى القدرات المادية لكل فلاح، حسب ما يملكه من أشجار ومدى أقدميتها في العمر.
-;- ويوضح المبيان أسفله مدى تطور اقتناء السيارات لدى أفراد العينة خصوصا في السنين الأخيرة بداية من سنة 2001.
-;- إجمالا نلاحظ بأن بناء السكن العصري رافقه شراء السيارات تقريبا في نفس الفترة الزمنية، ولفهم هذا التطور وانبثاقه السريع في المجالين المذكورين، نقول بأن العامل الرئيسي هو أشجار التفاح، بحيث في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي لا زالت أشجار معظم الفلاحون صغيرة وهي بذلك لا تعود عليهم بدخل سنوي جيد علما أن شجرة التفاح عند غرسها تحتاج إلى خمسة سنوات تقريبا حتى تبدأ في الإنتاج، وفي هذه الفترة قد تعطي للفلاح دخلا ماديا صغيرا قد لا يوازي مصاريفها على طول السنة.
وهكذا فإنه مع نهاية التسعينات ودخول سنة 2000 بدأت الأشجار تدرّ بدخل جيد لمعظم الفلاحون، الشيء الذي بدأ معه نوع من الرفاه الاقتصادي، علما أن كلما كان عمر الأشجار كبيرا كلما كان ذلك إجابيا على مستوى الإنتاج، خاصة عندما تتجاوز شجرة التفاح 16 سنة فهي تعطي إنتاجا جيدا وكثير، ينعكس عليه دخل مادي جيد للفلاح.



5- معلومات حول أنواع الماشية والفلاحات المغروسة بالمنطقة ومساحاتها
أ-معلومات حول الزراعات المزروعة ومساحاتها:
إن أي منطقة قروية بالمغرب تكون معروفة بفلاحة معينة، إلا ولا تهمل فلاحات ثانوية أخرى ولو معيشية أو استئناسية، لأن من داخل هذا التعدد الفلاحي بين ما هو أساسي واستئناسي يعطي الفلاح معنى لمهنته.
فالفلاح لا يمكنه أن يبقى سجين لموسم فلاحي معين، وأحادي طول السنة، هذا ما تبينه منطقتنا قيد الدراسة.
جدول رقم: 7 الزراعات المزروعة من طرف الفلاحون ومساحاتها
نسبة الفلاحين الذين يزرعون:-;-
أقل من
هكتار من هكتار إلى 3 هكتارات من 4 هـ إلى8هـ من 9 إلى ما فوق بور مسقية فلاحون بدون زراعة معينة
تفاح 6.66 % 66.66% 20 % 6.66% - 100% -
قمح 23.33% 30% 3.33% 16.66% 61.11% 38.88% 26.66%
شعير 20% 6.66% 13.33% - 75% 25% 60%
ذرى 20% 6.66% - - - 100% 73.33%
بطاطس 23.33% 20% - - - 100% 56.66%
فلاحات أخرى 3.33% 10% - - - 100% 86.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يتبين أن زراعة التفاح تحظى باهتمام وبأولوية وعناية جيدة، يمكن القول أنها أصبحت الفلاحة الأساسية لفلاحي المنطقة خصوصا وقد أخذت حاليا المكانة التي كانت تحتلها سابقا الزراعات الأخرى مثل القمح والذرى والبطاطس. كما أشرنا إلى ذلك عندما وقفنا تاريخيا على فلاحة المنطقة عند الرحالة الإثنوغرافي Segonzac".
إذن لا غرابة في الأمر ما دامت فلاحة المنطقة انتقلت من فلاحة الكفاف إلى فلاحة تسويقية (التفاح) الذي يعيل أرباحا مهمة على سابقه من الفلاحات الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن الفلاحات الأخرى من قبيل (القمح، الذرى، الشعير، فلاحات أخرى) تعتبر فلاحات معيشية لذا أغلب ساكنة المنطقة، بل هناك من يشتكي على أنها لا تكفي لسد الحاجيات المنزلية، مما يدفع الفلاح في بعض الأحيان خاصة سنوات الجفاف إلى أن يشتري ما يحتاجه من هذه الفلاحات لسد الخصاص المعيشي.
وتبقى زراعة البطاطس من بين هذه الزراعات الثانوية الأكثر توجها إلى السوق الاستهلاكية المحلية.
* ب التطور الذي عرفته مغروسات التفاح.
بعد إعطاء نظرة عن نوع الفلاحات المزروعة ومساحاتها، ومدى أهمية غراسة التفاح على حساب الفلاحات الأخرى، لا بد أن نتعرض للفترة التي تمت فيه غراسة التفاح بكثرة لدى العينة المدروسة [انظر المبيان رقم: 5 ]

أهمية زراعة أشجار التفاح في مرحلة السبعينات والثمانينات لدى فلاحي آيت عياش









-;- نلاحظ انطلاقا من المبيان أن أول بوادر زراعة التفاح لدى العينة انبثقت إبان فجر الاستقلال لتعرف انتشارا واسعا بداية الثمانينات، ومن ذلك الوقت وبعد نجاعة هذه الفلاحة وتسخيرها بالمنطقة، فهي لا زالت تغرس من طرف الساكنة كل سنة إلى حدود وقتنا الراهن.
ذ- مصاريف أشجار التفاح على طول السنة ومدخولها عندما لا تتعرض للتقلبات الطبيعية:
سوف نقتصر على أخذ (100شجرة) تم غرسها سنة 1984، ثم (100 شجرة) تم غرسها سنة 1994 ثم (100 شجرة) عام 2004، علما أن طريقة البيع المتعمدة هنا هي طريقة البيع المباشر من داخل الضيعة الفلاحية، استنادا بالفعل على المعطيات التي تم جمعها ميدانيا:
جدول رقم 8: نموذج لمصاريف 100 شجرة ومدخولها في السنة:
السنة الأشجار مصاريفها على طول السنة قيمة البيع وقت الجني الربح الصافي
1984 100 ما بين 70000 سنتيم
حتى 100000 سنتيم ما بين 300000 سنتيم
حتى 400000 سنتيم 300000 سنتيم
1994 100 ما بين 50000 سنتيم
حتى 80000 سنتيم ما بين 150000 سنتيم
حتى 200000 سنتيم 120000 سنتيم
2004 100 ما بين 40000 سنتيم
حتى 60000 سنتيم لا تزال في طريق النمو -
المصدر: معطيات مبنية على مصاريف وإنتاج السنة الفارطة (2007) لدى العينة المدروسة
-;- نلاحظ انطلاقا من الجدول أن كلما كان عمر الأشجار كبيرا، كلما كانت مصاريفها على طول السنة مرتفعة، وهذا ينعكس على المدخول الذي يكون بدوره مرتفعا، أي أنها كلما لها أقدمية في العمر كلما يصرف عليها الفلاح كثيرا ويربح كثيرا، هذا في السنين الجيدة، أما سنوات البرد أو الصقيع، فربما لن يجني شيئا.
-;-هكذا نجد إذن أن شجرة التفاح ذات متاعب في سنواتها الأولى وذات خيرات كثيرة عند نضجها الكامل خلال عشر سنوات فما فوق من غرسها.

د/ معلومات حول الماشية:
تتميز منطقة آيت عياش تاريخيا بالاعتماد على الماشية وعلى الزراعات المعاشية، إلا أن مع دخول أشجار التفاح كفلاحة تسويقية بدأت تأخذ مكان النسق المعيشي التقليدي، حتى أصبحت معه الماشية، قطاع ثانوي لدى الفلاح.
جدول رقم 9: عدد الأبقار ومتوسط الأغنام لدى الفلاحين
عدد الأبقار الفلاحون % عدد رؤوس الأغنام الفلاحون %
بقرة واحدة 12% ما بين 1 رأس حتى 10 أغنام 10%
بقرتان 16% ما بين 11 رأس حتى 20 رأس 6.66%
3 بقرات 16% ما بين 21 حتى 50 رأس غنم 16.66%
4 بقرات 8% ما بين 51 رأس حتى 100 6.66%
5 بقرات - ما بين 1001-;- 200 10%
6 بقرات 12% 2001 -;- 400 6.66%
7 بقرات - 4001 -;- 600 3.33%
8 بقرات 8% آخر دواجن + حمار + بغل... 30%
لا شيء 28% لا شيء 10%


-;- نلاحظ أن 72% من الفلاحون يتوفرون على البقر، وقد ساهم في ذلك وجود تعاونية للحليب بالمنطقة في الآونة الأخيرة، الشيء الذي ساعد على تربية الأبقار.
كما أن هناك 60% من الفلاحون يتوفرون على الأغنام كيفما كان عدد الرؤوس، وهذه خاصية اجتماعية معروفة في القرية بحيث أن الفلاحة يتداخل فيها ما هو حيواني بما هو زراعي ، فحسب المستجوبين هناك علاقة توازن بينهما، فالماشية هي بمثابة مؤسسة بنكية، بالنسبة لهم كلما كانت الحاجة ماسة إلى النقود في وقت الشدة فإن الفلاح يلتجأ إلى بيع قسط من ماشيته.
إلا أننا عندما دخلنا في تفاصيل مصاريف ومداخيل الماشية (البقر والغنم) وجدنا أغلب الفلاحون أي بنسبة 92% لا يعرفون كم يصرفون عليها سنويا ولا كم يربحون، فقد كانت أغلب الإجابات تصب في هذا الاتجاه:
"دَا كْشِي لِكَا تْعْطِي الْمَاشِيَّةِ كَتْعَاوْدُ تَكْلُو في الْعَلْفْ أَوْ الدَّوَايَاتْ أُو السَّارْحْ، ما تَنْرَبْحُو غِيرْ لْحْلِيبْ لِتَنْشَرْبُوا أُو لْخْرُوفْ دْيَالْ الْعِيدْ لِمَتَنْشْرِيوْشْ".
بمعنى أن أرباح الماشية تصرف عليها هي نفسها عن طريق العلف والأدوية وراعيها، وما يربح الفلاح سوى خروف العيد والحليب الذي يستهلكه.

II - علاقة الفلاح مع أشجاره تقنيا واقتصاديا وكيفية تدبيره للأموال التي تعيلها له أشجار التفاح:
-;- فيما يخص هذا المحور، سنحاول أن نلمس الأوجه الاقتصادية التقنية، انطلاقا من المردود المادي الذي تعيله مغروسات التفاح، وذلك عن طريق مساءلة الفلاح تقنيا، وربطه بالوعي التقني في إطار التقلبات الطبيعية السلبية على منتوجه، بمعنى آخر: هل هناك تطوير تقني لهذه الزراعة؟
هل هناك وعي فلاحي يسعى إلى ربط علاقات مؤسساتية في هذا المجال؟
ما هي طريقة البيع التي يبيع بها الفلاح؟
كيف يتدبر ربحه المالي الخالص؟
هذه الأسئلة العامة هي ما سيحاول هذا المحور الإجابة عنها.
1 -الأسئلة الموجهة في مغروسات التفاح:
أ- ثمن البيع الأكبر الذي يحصل عليه الفلاح غالبا في أشجاره، في السنة الجيدة التي لا تعرف تقلبات طبيعية، مثل البرد والصقيع في فترة نضج فاكهة التفاح (نموذج السنة الفارطة 2007).
يجب أن نشير قبل أن نتعرض لأثمنة البيع، بأن أشجار التفاح لدى فلاح آيت عياش، لا زالت في الحقيقة كمشروع طموح لم يكتمل بعد في المجال التقني، لماذا ؟.
لأن هذه الفلاحة الغنية مرهونة بالعطاء الطبيعي الإيجابي أو السلبي لأي سنة على حدة، فالفروقات على مستوى ثمن البيع في السنة الجيدة، وما تصل إليه في السنوات السلبية هي ما يؤكد ذلك!
جدول رقم 10: ثمن البيع الأكبر لدى فلاحي العينة المدروسة خلال السنة الجيدة
ثمن البيع بالمليون السنتيم (10000درهم) عدد الفلاحون %
ما بين مليون و5 ملايين سنتيم 10%
ما بين 6 ملايين إلى 10م 13.33%
ما بين 11 م إلى 20م 20%
ما بين 21 م إلى 30م 16.66%
ما بين 31 م إلى 40 م 6.66%
ما بين 41م إلى 50م 6.66%
من 51م إلى 80م 13.33%
من 81م إلى 120م 10%
*أثمنة مبنية على مبيعات 2007
-;- يتضح من خلال الجدول أن فئة الفلاحين الذين يبيعون ما بين 11 مليون سنتيم إلى 20م/س هي الغالبة على الفئات الأخرى.
وتنحصر عدد الأشجار التي تعطي هذا الثمن ما بين 800 شجرة حتى 1200 شجرة، ثم غرسها خلال الثمانينات وبداية التسعينات.
أما أصحاب 21م/س حتى 30م، فأغلبهم من الذين يملكون ما بين 1200 حتى 1500 شجرة تفاح، تم غرسها هي الأخرى في الثمانينات حتى بداية التسعينات.
أما صنف الفلاحين الكبار الذين يبيعون ما بين 51م حتى 80 مليون /س، فهم يملكون ما بين 3400 شجرة حتى 4800 شجرة تفاح ثم غرسها ما بين آواخر الستينات والثمانينات من القرن الماضي، أما الذين يملكون أكثر من 5000 شجرة حتى 9000 شجرة تفاح، تكون مغروسة في سنوات مختلفة بداية من الستينات، السبعينات، الثمانينات حتى بداية التسعينات، هؤلاء يصلون أحيانا في السنوات الجيدة إلى 120 مليون سنتيم في السنة.
ويبقى الفلاح الصغير من ذلك الصنف الذي ينحصر بيعه ما بين مليون واحد و 10م/س، وتنحصر أغلب أشجار هؤلاء ما بين 100 شجرة حتى 700 شجرة قد تكون بعضها مغروسة ما بين الثمانينات والتسعينات وهي التي تعود عليه بدخل جيد.
ب-الثمن المتدني الضعيف الذي يبيع به الفلاح في سنوات الضرر:
فمثل سنة 2006 التي شهدت فيها المنطقة خلال شهر (7) "يوليوز" تساقطات البرد فرزت ضررا كبيرا على أوساط الفلاحين، فنجم عنه حزن عميق لدى معظم الفلاحون.
-;- ارتباطا بالأثمنة الأولى، سنقارنها بأثمنة البيع في سنوات الضرر:
جدول رقم 11: جدول يوضح ما يصل إليه ثمن بيع التفاح خلال سنوات الضرر:
ثمن البيع "بالسنتيم" عدد الفلاحون %
لا شيء (0 سنتيم) 20%
ما بين مليون واحد حتى 3 ملايين سنتيم 46%
بين 4م/ س-;- 6م 20%
ما بين 7م -;- 10م 3.33%
بين 15م -;- 20م 3.33%
بين 20م -;- 30م/س 3.33%
*أثمنة مبنية على سنوات الضرر خاصة سنة: 2006
-;- أول ملاحظة سيكتشفها أي فاحص للجدول أن هناك فرق كبير في أثمنة البيع خلال السنة الجيدة (الجدول السابق) وأثمنة البيع في سنوات الضرر، علما أن كلا الأثمنة مأخوذة من نفس عينة الفلاحون الذين استهدفتهم الاستمارة بالمقابلة.
فما يكشفه الجدول هو أن أغلب الفلاحون (46%) في سنوات الضرر لا تتجاوز أثمنة البيع لديهم 3م/سنتيم، والتي قد لا تكفي لسد المصاريف التي أنفقها الفلاح على طول السنة. فكيفما كان حال سنوات الضرر، -هناك تفاوت في نسبة الضرر على مستوى السنوات وعلى صعيد الفلاحين-، تبقى القاعدة واضحة في هذا الميدان الفلاحي، بحيث أن سنوات البرد والصقيع كيفما كانت نسبة ضررهما، فهما يؤثران سلبيا سواء بشكل كبير أو صغير على أشجار فاكهة التفاح في وقت نضجها.
ففي ما يخص الفلاح الصغير والفلاح المتوسط إلى حد ما، هما المتضرران بشكل كبير، بحيث قد لا يحصلا على أي شيء (00 سنتيم)، فيذهبا ضحية التقلبات الطبيعية، على عكس مثلا السنة الجيدة التي قد يحصل فيها على ثمن يتراوح بين 10م/ سنتيم حتى 20م/س، أو أكثر.
أما الفلاحون الذين تتراوح مبيعاتهم ما بين 80م/س حتى 120م/س في السنة الجيدة، فإنه في سنوات البرد قد يحصل فقط على ثمن يتراوح بين 15م إلى 30م/س. هذا إن ساعفه الحظ في كونه يملك أشجار ذات أقدمية في العمر، بحيث هنا تلعب هذه الأشجار الكبيرة دورا مساعدا شيئا ما عل تغطية ما يمكن تغطيته من الفواكه الموجودة في الأسفل عند تفرع الجدع.
فالبرد هو المشكل الرئيسي بالنسبة لجميع الفلاحون صغيرا وكبيرا، على عكس الصقيع نوعا ما الذي يقاومه الفلاحون بإحراق المطاطات ليلا، للتخفيف من درجته على مستوى أراضي الأشجار.


د- الظروف والعوامل التي ساهمت للفلاح حتى كسب ذلك الثمن الكبير (الجدول الأول):
-;- مبتغانا من هذا السؤال هو التعرف على أهم العوامل الطبيعية والتقنية التي تساعد الفلاح على إنتاج فلاحي جيد في مجال أشجار التفاح، نورد الجدول التالي الذي يوضح مجمل الإجابات المجمعة في هذا السؤال:
الجدول رقم: 12 العوامل التي تساعد الفلاح على إنتاج فلاحي جيد
العاملان المقترحات في الاستمارة بالمقابلة نسبة الفلاحين %
عدم تعرض المنتوج لآفة طبيعية مثل الصقيع والبرد+ عمل جيد على طول السنة من طرف الفلاح 100%



شيء آخر * أمطار غزيرة على طول السنة. 3.33%
* على حساب السوق. 3.33%
* عدم دخول كميات كثيرة من التفاح الأجنبي. 3.33%
* الاعتقاد الديني، أي أن المنتوج مرتبط بإرادة الله. 3.33%
* وفرة المياه. 26.66%
* الذين لم يضيفوا لشيء آخر. 56.66%
* المصدر: العينة المدروسة
-;- يتضح من خلال الجدولين أن الاقتراحات الموجودة بالاستمارة متفق عليها 100% من طرف الفلاحون، وما يعزز ذلك هو أنه 56% من الفلاحين لم يضيفوا شيئا آخر، الشيء الذي يبين مدى أهمية العاملين المقترحين في إنتاج منتوج جيد، بالإضافة أيضا إلى عامل "وفرة المياه"، الذي يشتكي منه 26% من الفلاحين، بحيث أن الماء يعرف ندرة خلال فصل الصيف، وهذا ينعكس فقط على الفلاحين الذين لا يتوفرون على تقنية التقطير (Goutte à goutte) أو صهريج لتجميع المياه به خلال فصل الشتاء والربيع، وتخزينه إلى فصل الصيف (شهري 7 و 8) فهؤلاء المشتكين من المياه كعامل مساعد على الإنتاج، أغلب أشجارهم تتم بالسقي التقليدي عن طريق مجاري مائية يؤطرها القانون العرفي.
ح-هل تؤثر التقلبات الطبيعية مثل "البرد، الصقيع" على المنتوج التفاحي للفلاح؟
-;- يحاول هذا التساؤل قياس مدى درجة وعي الفلاح بخطورة أو سلبية التقلبات الطبيعية المذكورة على منتوجه السنوي.
جدول رقم: 13 وعي الفلاح بسلبية التقلبات الطبيعية على منتوجه
نعم لا
نسبة الإجابات % 100% 0%
المصدر: العينة المدروسة
-;- إن النتيجة التي يوضحها الجدول بسيطة، أي أن هناك وعي سابق لدى الفلاح بالمنطقة، وقلق فكري تجاه هذه السلبيات الطبيعية على منتوجه.
أمام هذه النتيجة وهذا الوعي لدى الفلاح، هل يتوفر أغلب الفلاحون أو بعضهم على التقنيات التي تقاوم هذه الآفات الطبيعية، وذلك مثل "تقنية الشبكة" التي تقاوم البرد، و"تقنية الفرفرات" التي تقاوم الصقيع كتجلي لوعي إجابي راشد ومتجاوز لذلك الوعي السابق بسلبيات هذه الكوارث الطبيعية؟!
-;- هذا ما حاولنا التعرف عليه في السؤال رقم: 5 المطروح في الاستمارة، وهو على الشكل التالي:
ج- هل يتوفر الفلاح على التقنيات التي تقاوم هذه التقلبات الطبيعية مثل "الشبكة أو فرفارات الصقيع؟
-;- بعد تحليلنا لنتائج الاستمارات في إطار العينة المدروسة، كانت النتيجة على الشكل التالي:
جدول رقم 14: مدى توفر الفلاحين على تقنيات مقاومة الآفات الطبيعية السلبية:
نعم لا بعض منها: مثل

نسبة الإجابات %
-
66.66% 30% تقنية التقطير فقط (Goutte à goutte)
3.33% تقنية التقطير مع شبكة البرد
المصدر: العينة المدروسة
-;- يتضح من طرف الجدول، أن جل الفلاحين بالمنطقة لا يتوفرون على كامل التقنيات المهمة مثل "الشبكة" و"الفرفرات"، فالأغلبية تملك فقط تقنية التقطير (30%) التي تلعب دورا كبيرا ومهما في الاقتصاد على الماء.
أما في ما يخص تقنيات "الشبكة والفرفرات" فالملاحظ في منطقتنا المدروسة "آيت عياش" وبعد أن تفحصنا بالتدقيق هذا المجال ميدانيا أي الفلاحون الذين يملكون هذه التقنيات، وجدنا أن هناك فلاح واحد هو الذي يتوفر على تقنية "فرفرات الصقيع" ويوجد بقصر "أكلموس"، وقد حاولنا التقاءه في مقابلاتنا، لكن ولسوء الحظ لم نجده، لأنه ليس مقيم رسميا بالمنطقة، لكنه يتوفر على أشجار التفاح (الفيرما –Ferme) بالمنطقة. وفلاح آخر هو الوحيد الذي يتوفر على تقنية :شبكة البرد" بقصر "آيت توغاس"، وهو الفلاح الذي تمثله نسبة 3.33% بالجدول.
إلا أن ما يجب أن نشير إليه فيما يخص هذين الفلاحين اللذين يتوفران على التقنيتين السالفة الذكر، انهما ليسا من أصول أو تاريخ سكان المنطقة، بل استثمروا بالمنطقة فلاحيا إبان الخمسينات والستينات، أما فلاحو المنطقة المقيمون رسميا بها، فلا أحد منهم إلى حد الآن يملك إحدى هذه التقنيات الفعالة.
وعلى العكس مثلا في منطقة "آيت مولي" المجاورة لآيت عياش شمالا، فهـي (آيت مولي) بدأت تشهد انتقالا إجابيا في هذا المجال التقني، فهي نوعا ما متقدمة على منطقة آيت عياش، من ناحية الصيانة التقنية لأشجار التفاح (أنظر نموذج أشجار منطقة "آيت مولي" المغطاة ب"الشبكة" و"فرفرت الصقيع" وصهريج مجهز لتخزين المياه، في الصور)










-;- أمام هذا الفراغ التقني إذن لدى فلاحي "آيت عياش" ووعيهم به، سنرى هل هناك تفكير مستقبلي لدى الفلاح في إنشاء هذه التقنيات، علما أنه يعلم بنجاعة وإجابيات هذه التقنيات.
هذا ما سيحاول محور: الوعي التقني لدى الفلاح في الاستمارة أن يؤكده أو ينفيه!
2 -الوعي التقني لدى الفلاح:
ارتباطا بما تناولناه على مستوى تأثير التقلبات الطبيعية على منتوج الفلاح، وأمام انعدام تقنيات فلاحية لمقاومة ذلك، هل يفكر فلاح "آيت عياش" بإنشاء مستقبلا تلك التقنيات التي سبق ذكرها؟


الجدول رقم 15: يوضح نسبة الفلاحين الذين يفكرون في إنشاء تقنيات مقاومة البرد والصقيع، ونسبة الفلاحين الذين لا يفكرون في ذلك (لا)
نعم لا
63.33% 36.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;- الجدول يعلن عن نفسه، ولا يحتاج إلى تعليق، وإنما قد يتساءل مساءل عندما يرى تلك الفئة القليلة من الفلاحين (36%) لا يفكرون في إنشاء تلك التقنيات.
نحن هنا لنقول بأن هذه النسبة، غالبا ما تهم فلاحون صغار الذين يقرون على أن مدخولهم لا يسمح بتاتا بذلك، خصوصا وأمام ارتفاع أثمنة هذه التقنيات الحديثة. زيادة على بعض الفلاحين الذين تسيطر عليهم الاعتقادات التقليدية بما فيها الدينية، وأيضا أولائك الذين لا يتوفرون على تحفيظ عقاري لأراضيهم يخول لهم القيام بقرض فلاحي لإنشاء تلك التقنيات.
وعلى العموم نتيجة الفلاحون الذين يفكرون في إنشاء هذه التقنيات، هي نتيجة مشرفة، تفتح الأمل مستقبلا. كما يجب فقط على أحد الفلاحين أن يكون هو السباق لإنشاء تقنية معينة لتتبين نجاعتها للفلاحين المجاورين الآخرين، ومن ثمة ربما ستبدأ الحركة التقنية (انتشارها) لدى معظم فلاحي "آيت عياش".

3- فلاح "آيت عياش" وعلاقته بالمؤسسات الفلاحية:
لنقل بأن إنشاء هذه التقنيات من طرف الفلاحون من الضروري مروره بمؤسسة القرض الفلاحي، ومؤسسات الإرشاد الأخرى في نفس المجال، وذلك لمساعدته وترشيده، وتقريضه ماديا، لتسهيل عليه هذه العملية.
-;- إذن فما هي نوع العلاقة التي تربطه بهذا الميدان؟، هل هي علاقات يحكمها تصور عقلاني حديث، أم تصور تقليدي ثقافي بطيء الحركة والتحول؟
أ- هل يفكر الفلاح بأن يقوم بقرض لدى مؤسسة القرض الفلاحي، لكي ينشأ مثلا تقنية "الشبكة لمقاومة البرد" ؟
-;- كما تبين لنا من الأثمنة السابقة في السنة الجيدة، أن المدخول المادي لأشجار التفاح، قابل لأن يأخذ عليه الفلاح المتوسط والكبير، قرضا فلاحيا من أجل تطوير فلاحته، وإخراجها من منطق التقلبات الطبيعية إلى منطق تقني عقلاني حديث!
سنعرف ذلك انطلاقا من استجوبات فلاحي العينة المدروسة.





جدول رقم: 16 نسبة الفلاحين الذين يفكرون في إنشاء القروض، والذين لا يفكرون وتعليل هؤلاء لذلك (لماذا):
نعم لا / لماذا %





40%




60% - ذلك القرض يجعل الإنسان غير مرتاح 16.66%
- ذلك حرام في الدين 5.55%
- لأن نسبة الفائدة مرتفعة 22.22%
- أفكر فقط عندما يصاب منتوجي بالبرد أما السنوات الجيدة فلا أفكر 5.55%
- هناك مشاكل في الأوراق والأرض غير المحفظة. وطلوع ونزول طويل 16.55%
- لأن ذلك كذب، يكذبون على الناس 5.55%
-لا أقوم بالقرض ولا أريد الذهاب إليهم 5.55%
-إعانتهم تتأخر طويلا 5.55%
-هم لا يهتمون بالفلاحون الصغار 16.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;-أغلبية الفلاحين لا يفكرون في إنشاء قرض لدى مؤسسة القرض الفلاحي، لتسهيل اقتناء التقنيات الفلاحية، وذلك نظرا لمجموعة من الاعتقادات المشبع بها من طرفهم، أغلبها صحيح من قبيل مثلا ارتفاع نسبة فائدة القرض، واهتمام هذه المؤسسة بالفلاح الكبير، وهنا تتجلى حقيقتها كمؤسسة رأسمالية تراعي شروط الربح، قبل أن تراعي البعد التعاوني التنموي لكل الفلاحين دون تمايز.
وهناك مجمل الاعتقادات التقليدية التي يجب إعادة النظر فيها، لكن بعد إعادة النظر في المؤسسة الفلاحية نفسها، على اعتبار أن تلك الاعتقادات التي نتفق عنها خاطئة في ذهنية الفلاح، فهي في الواقع إفرازات وجوهر حقيقة تلك المؤسسة البنكية نفسها، لأنه غير ممكن من هذه النسبة 60% الكبيرة من الفلاحين الذين لا يفكرون في إنشاء قرض فلاحي، أن تتولد لديهم هذه الاعتقادات من فراغ. إذ لا بد أن يوجد هناك تبرير سوسيولوجي من داخل علاقة هؤلاء مع مؤسسة القرض الفلاحي.
-;- هذا ما سنحاول لمسه في مساءلة الفلاح، هل التجأ مرة لإحدى المؤسسات، من قبيل: مؤسسة القرض الفلاحي، ومؤسسة مركز الإرشاد الفلاحي "بميدلت"، حتى نعرف أيضا، هل تقوما هذه المؤسسات بدورها المطلوب؟.
ب- هل يلتجأ فلاح آيت عياش للمؤسسات الفلاحية لكي يستفسر على قضايا فلاحته؟
-;- إن الشرعية الوجودية لمختلف المؤسسات الفلاحية، تتحدد انطلاقا من نسبة معاملتها بالفلاحين، ومدى فعالية أدوراها في المجال الفلاحي للدفع به نحو تحسين الإنتاج
جدول رقم: 17 يوضح نسبة الفلاحين الذين يذهبون إلى المؤسسات الفلاحية (القرض الفلاحي+ مركز الإرشاد الفلاحي) والذين لا يذهبون:
نعم أذهب لا أذهب
54% 46%
المصدر: العينة المدروسة
-;- على الأقل يتضح أن هناك نسبة لا بأس بها من الفلاحين 54% يقصدون من وقت لآخر المؤسسات الفلاحية كيفما كان نوعها.
لكن رغم ذلك يبقى الإشكال حاضرا في نوع المعلومات التي يتلقاها الفلاح من هذه المؤسسات، خاصة مؤسسة القرض الفلاحي كمؤسسة للدعم والتقريض المالي، ومؤسسة الإرشاد الفلاحي كمؤسسة تقنية توجه، وتعطي إجابات لتساؤلات الفلاحين في الميدان التقني الفلاحي، فماذا تقولان هاتين المؤسستين للفلاح؟

جدول رقم: 18 المعلومات التي يحصل عليها نسبة الفلاحين الذين يذهبون إلى مؤسسة القرض الفلاحي ومركز الإرشاد الفلاحي.
المؤسسة ماذا قالوا لك نسبة الفلاحين %




القرض الفلاحي *يطلبون 5 هكتارات محفظة عقاريا لكي تحصل على التسهيلات والدعم المالي 18.75%
* أغلب الإعانات التي يمنحها القرض الفلاحي، إما في حفر بئر أو تقنية التقطير Goutte à goutte وبعض المرات في المضخات المائية 6.25%
* أتعامل مع القرض الفلاحي منذ سنين، لكن الإعانة subvention غير موجودة في مجال تقنيات مقاومة البرد والصقيع 12.5%
* أنا في البدايات الأولى لأمنح بقرض لكي أنشئ تقنية التقطير 6.25%



مركز الإرشاد الفلاحي * فعلا يقدمون لنا إرشادات، لكن المشكل هو أنهم لم يعودوا يأتوا إلينا لإعطائنا إرشادات تطبيقية داخل أشجارنا كما كان سابقا، الآن نحن الذين نذهب إليهم في مكتبهم، وبالتالي يكترون علينا ذلك الكلام العلمي النظري، الذي لا نفهمه في شكله السماوي 18.75%
* يقدمون لي إرشادات في الادوية وطرق السقي، والماشية... 31.25%
* يتحدثون لي عن ما هو نظري، أما التطبيقي فنحن أدرى به في الفلاحة 6.25%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يتضح من مؤسسة القرض الفلاحي، استنادا على أقوال الفلاحين، أن هذه المؤسسة أصبحت كبيرة بالنسبة للأمور الصغرى (تدعيم الفلاح فيما هو بسيط، مثل حفر بأر ...) وصغيرة أمام المشاكل الكبيرة (شروطها مثل 5 هكتارات، وعدم منح الإعانات في التقنيات الكبيرة).
أما في ما يخص مركز الإرشاد الفلاحي، فيمكن أن نقول أنه يمارس مهامه، بشكل آخر، بعد أن تنازل عن دوره الحقيقي، المتمثل في القيام بدورات ميدانية في المجال الفلاحي، أما اليوم فيتجلى دوره كمدرسة يذهب إليها الفلاح، لكي يسترشد بها نظريا، كأن هذا الفلاح ذا تكوين تقني فلاحي تنقصه فقط الإرشادات من وقت لآخر.
إلا أن النتيجة التي يجب أن نخلص بها في أوساط الفلاحين أن أغلبهم 56% يقصد فقط مركز الإرشاد الفلاحي، في حين مؤسسة القرض الفلاحي لا زالت تعرف نقصا في عدد الفلاحين الذين يقصدونها للاستفادة منها بالرغم من وعورة شروطها.
د- هل لدى فلاحي آيت عياش تقنيين مختصين في الفلاحة؟
في إطار هيمنة المستوى الدراسي الابتدائي، وغير التقني لدى فلاحي العينة، وارتباطا بأشجار التفاح، كفلاحة تتطلب بالفعل مقاييس دقيقة في الأدوية والأسمدة، وكذلك كيفية التشذيب إلى غير ذلك من العمل الفلاحي الذي تتطلبه شجرة التفاح أن يكون عملا تقنيا دقيقا، وذلك من أجل عقلانية الرفع من مستوى الإنتاج، وتخفيض مصاريف الأدوية والأسمدة التي يستعملها الفلاح بكثرة، وبدون مقاييس!
فهل سنجد فلاحين بتقنيين متخصصين فلاحيا؟
-;- نساءل الفلاح هنا على مدى عقلانية تسيير وتدبير الأدوية والأسمدة لأشجار التفاح، فإذا كان الفلاح دون تخصص تقني فلاحي، فمن المفروض عليه في حقيقة واقع صنف هذه الفلاحة، أن يتوفر على يد عمل تقنية متخصصة فلاحيا، وذلك من أجل تدبير عقلاني لأنواع الأدوية والأسمدة المستعملة في كل فترة، ومتى يجب أن يستعمل كل صنف زمنيا.
إن التقني الفلاحي هنا هو بمثابة طبيب مشخص للمرض واقتراح أنجح الوسائل لمعالجته.
جدول رقم 19: وجود، أو عدم وجود التفني لدى الفلاح:
أنا متخصص علميا نعم لدي شخص تقني متخصص لا أملك تقني متخصص
3.33% 10% 86.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;-يعلن الجدول عن نتيجة قد تكون غير متوقعة لشخص أدرى باليد التقنية وأهميتها في مجال التفاح، فنسبة الذين لا يملكون عمال تقنيين فلاحيا، هي نسبة مرتفعة 86% على حساب الذين يملكون التقني المتخصص، والفلاحين المتخصصين علميا.
فلماذا إذن، وما هي الأسباب ؟

من يوجه هؤلاء الفلاحين في اختيار الأدوية وكيفية استعمالها؟
كم يصرف هؤلاء في مجال الأدوية والأسمدة سنويا، أمام عدم وجود تقني متخصص بهذا المجال لأغلب الفلاحين؟
ج-مصاريف الأدوية والأسمدة الفلاحية لأشجار التفاح سنويا
تماشيا مع ما ذكر في المجال التقني، سنربط إشكاليته بالوعي المصاريفي في إطار الأدوية، والأسمدة التي يصرفها الفلاح سنويا، وحدود معرفته على أن خاصية اليد العاملة التقنية، تقلل من المصاريف شبه العشوائية في مجال الأدوية لدى الفلاحين.
الجدول رقم 20: المصاريف السنوية لأشجار التفاح في مجال الأدوية والأسمدة
قيمة المصاريف "بالسنتيم" نسبة الفلاحين
أقل من مليوم سنتيم 10%
من مليون سنتيم إلى مليونين 20%
من 3ملايين إلى 4 ملايين 26.66%
من 5 ملايين إلى 6م/س 10%
من 7م إلى 8م/س 13.33%
من 9 م إلى 10م/س 10%
من 10 م إلى 12م/س 3.33%
من 13 م إلى 15م/س 3.33%
من 16 إلى 18 م/س 6.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;- إن فئة الفلاحين الذين يصرفون ما بين 3 ملايين حتى 6 ملايين سنتيم، هي الفئة الغالبة في الجدول، ولا يمكن لنا أن نحسم في هذا الأمر لأن مصاريف الأدوية والأسمدة مرتبطة بعدد الأشجار لدى كل فلاح، ومدى أقدمية غرسها، بالإضافة أيضا إلى شبه انعدام تكوين الفلاحين تقنيا في هذا المجال، علما أن هذه الثغرة بالضبط لدى الفلاح هي التي يستغلها تجار الآلات والأدوية الفلاحية، لكي يكذبوا على الفلاحين ويقترحوا عليهم أدوية تكون غير فعالة وغير نافعة لشجرة التفاح، وذلك من أجل أن يعود الفلاح إلى صاحب المبيعات ويطلب منهم نوعا آخر من الأدوية على غرار أن الأول لم يجدي نفعا بعد أن استعمله الفلاح
وكي لا تنكشف لعبة السرقة المبنية على جهل الفلاح لأنواع الأدوية ودرجة فعالية كل نوع، يضعه التاجر كحقل لتجربة أنواع الأدوية الأخرى، حتى يستنزف التاجر من الفلاح ثمن الدواء الحقيقي الفعال على ثلاثة مرات، وهذا عامل كبير يساهم في ارتفاع نسبة تكلفة الإنتاج لدى الفلاح.
ولتأكيد كلامنا هذا الذي نتحمل فيه كامل المسؤولية، سألنا الفلاحين الذين يجهلون تقنيا وعلميا مجال الأدوية الفلاحية، عن ما الذي يوجههم في شراء واستعمال هذه الأدوية؟


جدول رقم21: الأشخاص والمراكز التي توجه الفلاحون في مجال الأدوية الفلاحية:
مختلف إجابات الفلاحين نسبة الفلاحين في كل إجابة%
-تجار الأدوية، وتجربتي مع الوقت 23.07%
إرشادات فلاحية، من تلفاز وراديو ومركز الإرشاد الفلاحي، زيادة على تجربتي الخاصة 7.69%
-تجار الادوية فقط 42.30%
-أصحاب الأدوية مع اطلاعاتي على الورقة التي توجد بالأدوية 3.84%
- تجربتي وتجربة الفلاحين المجاورين 15.38%
- اتصالات مع المهندس المختص في هذا المجال 3.84%
-أبنائي يتكلفون بذلك 3.84%
المصدر: العينة المدروسة التي لا تتوفر على تقني فلاحي
-;- إن الجدول يعلن ارتباط الفلاح بتوجيهات تاجر الأدوية والذي يؤكد في نفس الوقت ما قلناه في حق التجار الذين يستغلون الفقر المعرفي للفلاح لتحقيق أكبر المبيعات في الأدوية التي سيصاحبها ربح مالي تجاري مهم بالنسبة للتجار.
فأغلبية الفلاحين يقصدون التجار لمنحهم الأدوية، دون وصفة تقنية من المتخصص العلمي في الفلاحة، وقد أكدت المقابلات من طرف الفلاحين الذين أصبحوا يلتجئون إلى مركز الإرشاد الفلاحي لتوجيههم في مجال الأدوية الصالحة، المشكل نفسه مع تجار الأدوية الفلاحية.
و- هل يعلم فلاح "آيت عياش" بان تكلفة الإنتاج الحالية قد تعرف نقصا لو بحوزته عامل تقني متخصص في الفلاحة؟
ببداية انبثاق الوعي لدى بعض الفلاحين على كونهم يستغلون بطريقة غير مباشرة من طرف تجار الأدوية، هل سيتفق معنا الفلاح أن استخدامه لأحد التقنيين المختصين في الفلاحة، سيعود عليه بنقص في مصاريف الإنتاج
جدول رقم22: يوضح إجابات الفلاحين في الاقتراح التالي:
*تلك المصاريف المرتفعة في مجال الأدوية والأسمدة سوف تعرف نقصا ماليا، لو كان بحوزتك عامل تقني متخصص في الفلاحة:
نسبة الفلاحين المتفقين نسبة الغير متفقين تبرايرت الفلاحين الغير متفقين نسبة الفلاحين في كل تبرير%







55.55%






44.44% - التقني لن يفيدني في شيء، سيتعلم عندي ويأخذ تجربة ميدانية فقط 25%
-لأني أعرف أشجاري أكثر من التقني 16.66%
-لأنهم لصوص، لا أتق بهم 16.66%
-الأمر يتعلق بالسوق التجارية للأدوية وليست مسألة تقني 8.33%
-لأن مصاريفه كثيرة، من قبيل ثمنه الشهري مرتفع، ضمانات...وبالتالي سترتفع بالعكس المصاريف 16.66%
-لان التقني ذو تجربة قوية يصعب أن تجده، أما المبتدأ فلن يفيدك في شيء 8.33%
-لأن مدخولي لا يكفيني لوحدي فما بالك بإضافة عامل تقني 8.33%
المصدر: الفلاحون الذين لا يتوفرون على تقنيين فلاحيين
-;- على العموم يمكن أن نقول أن نتيجة المتفقين 55% من الفلاحين فيما يخص "مصاريفهم ستعرف انخفاضا بتسيير التقني المتخصص لفلاحتهم"، هي نتيجة تنافسها تقريبا نتيجة الفلاحين غير المتفقين 45%، هؤلاء أغلبهم تسكنهم اعتقادات خاطئة، في حين نسبة قليلة من تبريرات الفلاحين هي الصائبة، والتي يمكن أن نتفق معهم فيها، وبالتالي نقول أنهم امتداد بشكل أو بآخر للفلاحين المتفقين نظرا لكونهم تحكمهم تبريرات صائبة مقتنع بها من جانب بعض الفلاحين، مثلا: "من الصعب إيجاد تقني ذو تجربة أصيلة في الميدان"، وكذلك تبرير بعض الفلاحين الصغار الذين لا تسمح مدخولاتهم المادية بذلك.
-;- إذن وارتباطا بنتيجة الفلاحين المتفقين على الاقتراح السابق في الجدول، يبقى الإشكال مطروحا ومتناقضا حول؛ لماذا لا يشغلون تقنيين مختصين في الفلاحة، مادموا واعون بدوره الإجابي في تخفيض تكلفة الإنتاج؟
في تقنيتنا المستعملة للتقصي لم نهمل هذا الجانب، بحيث ساءلنا هؤلاء الفلاحين المتفقين على الاقتراح، عن لماذا لا يشغلون التقنيين المختصين فلاحيا؟
وقد كانت الإجابات على الشكل التالي:






جدول رقم 23: الأسباب التي تمنع هؤلاء الفلاحين أن يشغلوا الأفراد ذوي تكوين تقني فلاحي:
الاقتراحات المفترضة في الاستمارة (3) نسبة الفلاحون %
1 -لم أجده (أي التقني) -
2 -ثمنه الشهري مرتفع 73.33%
3 - ما يعرفه أعرفه 6.66%

شيء آخر * لم يزرنا حتى نتفاوض معه على الثمن ونعرف مدى قابيلة شروطه لظروفنا 6.66%
* ماذا سنعمل أنا وأبنائي حين يشتغل عندنا شخص تقني 6.66%
*أبنائي يستفيدون من بعض التقنيين المحليين، فلداعي لتقني شهري 6.66%
المصدر: الفلاحون المتفقون على الاقتراح السابق داخل العينة المدروسة
-;- نلاحظ أن السبب الذي يقف عثرة أمام أغلب الفلاحين (73%) في عدم تشغيلهم ليد تقنية فلاحية، هو ارتفاع ثمنه الشهري.
كما أضافت قلة قليلة منهم مبررات لا أساس لها من الصحة، أمام منظور عقلاني يهدف بالفعل إلى تطوير الفلاحة، دون مراعاة الأحكام والتمثلات الثقافية، ذات ارتباطات بالنسق الاجتماعي الوجودي للقبيلة، ونقصد بالضبط التبرير التالي "ماذا سنعمل أنا وأبنائي حين يشتغل عندنا شخص تقني"
كأن هذا الشخص التقني آلة أوتوماتيكية قادرة أن تغطي وحدها كافة الأشغال.
فعلى الأقل وبتعاون مع الأبناء التقني سينظر وسيوجه المسائل الفلاحية باستراتيجية تطويرية وتنموية تهدف إلى تحسين الإنتاج بأقل تكلفة، وأيضا خروج الفلاح من مأزق الاستغلال المباشر مع تاجر الأدوية الذي يصطاد منه سنويا أموالا مضاعفة انطلاقا من لعبة الأدوية، التي لا تعطي أي نتيجة، ومن هنا قد يكمن الثمن الشهري لسنة كاملة لذلك التقني المتخصص (وغير الموجود) دون وعي ولا انتباه لدى الذين تستـنزف أموالهم بطرق غير مباشرة والمغلفة بأقنعة الضحك الأخوي، وتسهيلات الطلق بالأدوية إلى فترة بيع الفلاح لمنتوجه.
-;- إجمالا، نقول بأن فلاحي "آيت عياش" لا زالت حركة وعيهم في مجال التدبير العقلاني لفلاحتهم (التفاح) بطيئة تحكمها من جهة سيرورة ثقافية معينة، ومن جهة أخرى، بداية انبثاق وعي فتي يسيطر عليه الخوف من الانفتاح على الجديد (التقني)، الذي لا زالت معالمه سواءً الإجابية أو السلبية لم تنكشف بعد لأغلب الفلاحين.
4- الطريقة التي يبيع بها الفلاح منتوجه، وكيفية تعامله مع العائدات المادية:
يهدف هذا الباب إلى إماطة اللثام على أنواع وطرق بيع الفلاح لمنتوجه، ومساءلته لماذا تلك الطريقة دون غيرها، ما هي امتيازات طرق البيع غير المباشرة، عن نظيرتها المباشرة داخل الضيعة الفلاحية؟
هذا بالإضافة إلى التطرق إلى مسألة الربح المالي الصافي الذي يحصل عليه فلاحوا "آيت عياش" وفي المقابل كيفية تعاملهم مع هذا الربح المادي، على مستوى التوفير، مستوى الاستهلاك والاستثمار السنوي...
كل هذا وذاك من أجل مقاربة اقتصادية سوسيولوجية، تهدف إلى تسليط الضوء عن الخفي الذي يغطيه المظهر الاجتماعي.
أ -طريقة البيع لدى فلاحي "آيت عياش"
عموما تعرف ساحة البيع والشراء من داخل السوق عدة طرق وآليات من أجل تحقيق ربح أكبر، فدوما هناك مجال المبادرة وحرية التصرف في مجال التسويق، تماشيا مع المنطق الاقتصادي الذي يحكمه.
فما هو معروف في طرق البيع في مجال الفلاحة ونخص بالذكر هنا "فاكهة التفاح"- أنها تمر عبر ثلاثة طرق:
1) البيع المباشر بالجملة من داخل الضيعة الفلاحية، دون أن يتحمل الفلاح مسؤولية الجني والتسويق الخارجي.
2) تحمل الفلاح مسؤولية بيع منتوجه بيده، أي يجنيه ويذهب به إلى السوق.
3) الجني من طرف الفلاح وتخزينه في وحدة التبريد لمدة معينة، ليدفعه بعد ذلك إلى السوق الاستهلاكية.
وقبل أن نتكلم عن امتيازات كل طريقة سنطرح المعطيات المجمعة في هذا المجال من طرف الفلاحين


جدول رقم: 24 طريقة البيع المعتمدة لدى فلاحي العينة:
طرق البيع نسبة الفلاحين%
*البيع المباشر بالجملة من داخل الضيعة الفلاحية 90%
* بيع المنتوج مباشرة بعد جنيه 6.66%
* البيع بعد جني وتخزين المنتوج إلى ما بعد 3.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- إن طريقة البيع المباشرة، هي الشائعة في أوساط فلاحي "آيت عياش" (90%)، فيحين أن الطريقتين الأخرى التي تعودا بأرباح إيجابية ومرتفعة بكثير على أرباح طريقة البيع المباشر، لا تمثل سوى 10% من الفلاحين، علما أن فلاحي الطريقة المباشرة (90%) يعلمون جميعهم، بأن الفلاح الذي يبيع بإحدى الطريقتين الثانية والثالثة يحصل على ربح مرتفع على الفلاح الذي يبيع مباشرة، وسنتعرف على امتيازات هاتين الطريقتين لدى ممارسيها. وذلك بعد أن نتعرض أولا الأسباب التي تجبر أغلب الفلاحين 90% ليبيعوا بالطريقة المباشرة.




جدول رقم: 25 الأسباب التي تجعل الفلاح يبيع بالطريقة المباشرة دون غيرها:
الأسباب نسبة الفلاحين%
*أفتقر لوسائل ذلك العمل مثل الصناديق 26%
*ضعف القدرة المالية في شهر الجني 55.55%
*إن تحررت من مصاريف السنة ذلك هو الربح بالنسبة لي 3.70%



شيء آخر *ثقل المصاريف والديون في موسم البيع، خاصة مجال الأدوية حيث يضغط علينا أصحابها لتسديد الديون 7.40%
* لا أتوفر على وقت كافي لأتصرف شخصيا في ذلك 3.70%
*المسألة تتعلق باكتساب التجربة، فأنا بدأت أتعلم هذه الطريقة في السنة الفارطة حيث بِعْتُ نِصْفَ مَنْتُوجِي مباشرة لأكسب بعض المال لأتحرك به وأتحكم في بيع النصف الآخر شخصيا، وسأكررها مستقبلا 3.70%
المصدر: الفلاحون الذين يبيعون بالطريقة المباشرة من داخل العينة المدروسة.
نسبة الأسباب التي تقف عثرة أمام الفلاح وتجعله يبيع بالطريقة المباشرة، هي أغلبها أسباب مقترحة على الفلاح في تقنية الاستمارة بالمقابلة، وتغلب عليها نسبة ضعف القدرة المالية في شهر الجني، بحيث في هذه الفترة يكون الفلاح في حاجة ماسة للمال، إلا أنه في المقابل هناك تجربة فريدة من بعض الفلاحين الذي يواجه المشكل ببيع نصف منتوجه مباشرة ليكسب منه بعض المال الذي سيخول له حركة التصرف في بيع ما تبقى له من المنتوج.
ففي الحقيقة هذه مبادرة فردية ترمي إلى التخلص من الاستغلال غير المباشر والبحث عن أنجع وسائل الربح.
هذا الصنف من الفلاحين قليل جدا وهم المطلوبين في المرحلة الاقتصادية الراهنة.
فواقع طريقة البيع المباشرة هي طريقة تشرعن لسرقة الفلاح خصوصا الصغار، فكما يتعرض لسرقة غير مباشرة من طرف تجار الأدوية الفلاحية، فأيضا في موسم فاكهة التفاح يشهد الفلاح نوعا آخر من السرقة التي تؤطرها لعبة الرهانات والصفقات المالية، بين التجار الفلاحيين، والسماسرة الذين يتحايلون على الفلاح لإسقاطه بوسائل خاصة إلى الهدف المرسوم والمتوخى من طرف المشتري.
إذن من زاوية المثل الفرنسي "كل من يبحث يجد" فالمشاكل المختلفة من ضعف القدرة المالية وثقل المصاريف.. لا بد أن تكون لها حلول.
... حلول قد تكون صعبة في البداية، لكن مع تقعيد وتجذر التجربة مع مرور الزمن، ستجاوز الصعوبات.
إجمالا، وعلى ضوء سلبيات الطريقة المباشرة في البيع لدى أغلب الفلاحين تتميز طريقة البيع الثانية والثالثة لدى أصحابها من الفلاحين بارتفاع الربح أولا، وثانية التحرر من قيود وسلطة السماسرة والمشترين.
وما يثير الانتباه، أن هذه الطريقتين في البيع، حديثة العهد لدى الفلاحين الذين يمارسونها 10%، حيث لا زالت في أوج انبثاقها ولا تتعدى عند ممارسيها 3 سنوات، تحديدا بدأوها، مع سنة 2004، وعازمين على الاستمرار فيها كل سنة، نظرا لامتيازاتها الإجابية. إذن فهل الكل يمتلك جرأة الإقلاح عن المألوف؟!
ب- الربح السنوي الصافي، الذي يبقى للفلاح:
قد نكون من الناحية الأخلاقية تطفلنا على حدود الاستجواب مع الفلاحين، بحيث ما هو معروف مثلا على الإنسان المغربي، كونه لا يستحمل السؤال الذي يقصده في ماله أو شهريته، أو ربحه الخام في قطاع معين، إذ دائما، هناك مراوغات منه في هذا الجانب المالي، لكن جوهر الفكر الأصيل، هو الثورة عن الأخلاق التي تحكمه، وعدم الخضوع للأقنعة التي تخفي ماهية الأشياء، وذلك من أجل تأسيس معرفة سوسيولوجية موضوعية تراعي جميع الجوانب واختلافاتها من داخل الحقل الاجتماعي.
فلا يهمنا الربح المالي للفلاح، بقدر ما يهمنا منهجيا في كيفية تدبيره لذلك الربح السنوي، بمعنى هل يوفره في حساب بنكي؟ هل يستثمر..؟
فلا بأس إن استعرضنا لمتوسط الأرباح لدى فلاحي العينة حسب أقوالهم.



جدول 26: متوسط الأرباح السنوية (الخام) لدى الفلاحين:
الملايين بالسنتيم نسبة الفلاحين%
مليون واحد 3.33%
من مليونين إلى 4 ملايين 6.66%
ما بين 5 ملايين إلى 7 ملايين 6.66%
ما بين 8 ملايين إلى 9 ملايين 10%
ما بين 10م إلى 12م 6.66%
13م -15م 3.33%
16م-19 6.66%
20م-25م 10%
26م-30م 10%
31-35م 3.33%
36م- 40م 10%
41م -49م -
50م-59 10%
60م- 69م 6.66%
70م-80م 6.66%
81 م فما فوق -
المصدر: العينة المدونة، أرباح السنة الفارطة 2007
-;- باختصار، نلاحظ اختلاف الأرباح لدى الفلاحين، وذلك نتيجة التمايزات بين الفلاحين، أولا، على مستوى عدد الأشجار وأقدميتها، ومدى درجات العمل الجيد والممكن من جانب الفلاح، ثانيا على مستوى طريقة البيع الممارسة من طرف كل فلاح.
*ب- كيفية تعامل الفلاح مع ربحه المالي على طول السنة:
إذن كيفما كان اختلاف الأرباح بين الفلاحين، يبقى المهم أنه كيف تدبر من طرفهم؟
والبداية الأولى هي معرفة هل الفلاحين المستجوبين يوفرون ربحهم المالي في حساب بنكي، بمعنى آخر هل يتوفر الفلاح على حساب بنكي، يؤمن له أمواله؟
جدول رقم27: نسبة الفلاحين الموفرون لأموالهم في حساب بنكي والغير الموفرون:
يوفر في حساب بنكي لا يوفر في حساب بنكي
56.66% 43.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يتبين من الجدول أنه بالرغم من نسبة الفلاحين الذين يوفرون، فإنه لا زالت نسبة مهمة من الفلاحين 43% لا يوفرون ربحهم المالي في حساب بنكي. وتمثل هذه النسبة الفلاحين الصغار، والفلاحين الذين يعيشون في إطار أسرة ممتدة التي لا تمنح بطاقة الفردانية للتصرف بحرية في الربح المالي، وأيضا بعض الفلاحين من أولئك الذين يبيعون بالطريقة المباشرة، بحيث بعض التجار المشتريين للتفاح لا يدفع المال المتفق عليه مع الفلاح دفعة واحدة، وإنما يجزءه للفلاح على الأشهر عن طريق الشيكات الموقعة بتاريخ بعيدة المدى قد تصل إلى 6 أشهر، وهذا جانب آخر من سلبيات هذه الطريقة.
-;- وعلى العموم، فنسبة الفلاحين الموفرون هي نسبة في مسار انفتاحها على الفلاحين الآخرين مع الزمن، وحتى يكون هناك تناسق بين هذا المجال البنكي الحسابي، سنطرق الباب على الفلاحين فيما يخص، كيفية تعاملهم مع هذا الربح المالي على طول السنة، أي ماذا يفعل به؟ هل يستثمره، أم يسافر به..؟
جدول 28: أنواع الاستثمارات لدى الفلاحين.
استثمار فلاحي نسبة الفلاحين %
مضخات مائية+ مطخات الأدوية+ محراث +بأر... 23.33%
جرار 10%
الماشية 6.66%

استثمارات أخرى نسبة الفلاحية % نوع الاستغلال مكانه
شراء أرض 16.66% فلاحي آيت عياش والضواحي
يوفر سكن 16.66% سكن شخصي + كراء آيت عياش
المدينة
مشروع من نوع آخر 6.66% فندق (تدعيم+ تجهيز سنوية)، تجارة المدينة


شيء آخر سيارة جديد 6.66%
أسافر به 3.33%
* لا شيء، فقط يتكافئ مع المعيشة المنزلية ولوازمها 10%
المصدر: العينة المدروسة (السنة غير محددة لهذه الاستثمارات)
-;- يمكن أن نقول على ضوء الجدول، أن الآلات الفلاحية والأرض والسكن، تشكل أهم الاستثمارات لدى معظم الفلاحين (66%)، ذلك من جهة، يؤكد القدرة المالية لكل فلاح، ومن جهة أخرى لها ارتباط بالتمثل الثقافي الذي تحمله أبعاد الأرض والبيت، لأن الأرض في الوسط القروي تعطي وزن اجتماعي لمالكيها، وبذلك تشكل معها الآلات الفلاحية امتدادا لشرعنة ذلك الوزن الاجتماعي، مادامت مرتبطة بخدمة الأرض.
وأيضا من جانب أخر استجابة لمنطق العمل الذي تفرضه أشجار التفاح.. فمن أجل منتوج جيد، لا بد من عمل ممكن عصري.
أما المنزل، فيدخل في نطاق السكن، إما بالمنطقة (وهذا الجانب عرضنا لتحليله في البداية)، أو شراءه بالمدينة، من أجل الاستفادة منه إما عن طريق "الكراء" أو توفيره للأسرة والأبناء الذين يتابعون دراستهم بالإعدادية والثانوية.
وتبقى المشاريع الأخرى من تجارة وسياحة، غالبا ما تهم فلاحين كبار، في حين أغلب الفلاحين الصغار (10%) مدخولهم قد يتكافئ فقطع مع مستلزمات العيش ومتطلبات المنزل.
-;- وختاما تبقى خاصية يشترك فيها أغلب الفلاحين (93%) كونهم يفكرون في استصلاح وتوسيع أراضيهم، وزرعها بأشجار التفاح، لماذا؟
* بعضهم يريد توسيع أملاكه والزيادة في المنتوج مستقبلا! وآخرون لكي يعوضوا بغراسة أشجار صغيرة، الأشجار القديمة.
* وفلاحين آخرين خاصة من داخل الأسرة الممتدة، من أجل توفير أراضي كافية لأبنائهم حتى لا يقع نزاع بينهم على الإرث...

III -العلاقات الأسرية التي تحكم الضيعة الفلاحية (أشجار التفاح) ونوع العلاقات الاجتماعية، السائدة بين الساكنة راهنا:
في غضون هذا الباب سنتعرف على أنماط من الملكية الخاصة، وأنماط أخرى ذات بعد عائلي مشترك، في تسيير العمل وتقسيمه بين الأفراد، زيادة على التعرّف عن الذي يمتلك رقابة التسيير العام، ومسؤولية التصرف في المردود المادي الذي تعيله أشجار التفاح.
وفي جانب آخر، سنحاول أن نكون نظرة عن نمط العلاقات السائدة بين ساكنة المنطقة المدروسة، في مجال التعاون والتضامن.
أي هل لا زالت العلاقات الاجتماعية محافظة ووفية لتلك الخصائص الاجتماعية التقليدية بين المجموعات، سواء على مستوى الحميمية في العلاقات العائلية أو على مستوى التعاون الاجتماعي في العمل الفلاحي وطقوسه، كما هو معروف سابق؟!.
1- الضيعة الفلاحية (الفيرما ferme) بين الملكية الخاصة والملكية المشتركة:
-;-يجب على الباحث الاجتماعي في المجال القروي ألا يهمل قضية العلاقات المنزلية التي تحكم الضيعات الفلاحية، فهذه الأخيرة غير معفاة من الصراع الداخلي بين الأفراد والذين لهم حق شرعي في الملكية، والمردود المالي، ونخص بالذكر هنا فلاحي أوساط الأسرة الممتدة، التي غالبا ما تعرف هذا النوع من العلاقات، أما الأسرة النووية فكثيرا ما تحتكم الضيعة لفرد واحد له شرعية كاملة في التصرف فيها (أنظر الجدول).
جدول 29: نسبة فلاحي الملكية الفردية والجماعية
فلاحين ذا ملكية فردية خاصة فلاحين بملكية عائلية مشتركة فلاحين ذا ملكية مشتركة خارج الرابط العائلي
60% 36.66% 3.33%
المصدر: العينة المدروسة.
-;- تغلب الملكية الخاصة على الملكية العائلية، وعلى الملكية المشتركة اللاعائلية.
إذن في ما يخص الملكية الخاصة، فصاحبها يتحمل مسؤولية كاملة وحرية التصرف في ممتلكاته، بينما فلاحي الملكيات العائلية المشتركة، فيوجد تنظيم وتقسيم للعمل بين أفراد العائلة.
2-تقسيم وتنظيم العمل الفلاحي بين أفراد الملكية المشتركة:
في إطار الملكية العائلية المشتركة، تنقسم هذه الأخيرة إلى أصناف:
نجد ملكية بين الأب (الجد) وأبنائه، وأحيانا نجد الفلاح المستجوب بدون أب لكن يشترك الضيعة مع إخوته وأمه الأرملة، وأحيانا أخرى نجد ملكية الإخوة.
-;- هذا التعدد سيفرض صعوبة في التحليل، لذلك سنركز على أهم النقط التي تميز كل صنف من هذه الملكيات المشتركة.



أ* ملكية الأب مع أبناءه:
الحالة الأولى: الأبناء يتعاونون مع العمال في مجال الفلاحة (الضيعة المشتركة)، وأنا (الأب) أعطي الأوامر، وأراقب وأتكلف بالسوق وبمصاريف المنزل بما فيه أبنائي وزوجاتهم.
الحالة الثانية: الأب لا يفعل شيئا، سوى الراحة والتشاور والتوجيه الأبناء الذين يتكلفون بكل شيء.
ب*ملكية الأرملة مع أبنائها: الأم تهتم بشؤون المنزل، وأنا أتكفل بالفلاحة ومصاريف المنزل، أما أخي فيعمل مياوم عند فلاحين آخرين.
ت *ملكية الإخوة:
الحالة الأولى: منهم أشخاص موظفين، وذا مشاريع تجارية، وغالبا ما يتكلفون بالتمويل لإخوانهم المتفرغون للعمل الفلاحي في الضيعة المشتركة.
الحالة الثانية: بعضهم مكلف بالماشية في مناطق رعوية (ملوية، بومية)، وآخرون يعملون في المجال الفلاحي ويراقبون العمال، بينما يبقى الأخ الأكبر هو الذي يتكلف بالمصاريف الفلاحية والمنزلية على كل صعيد.
الحالة الثالثة: الفتيات متزوجات ولا دخل لهن في هذا، وأنا أتكلف بكل شيء، على مستوى الفلاحة، والمنزل، أما أخي فلا يفعل أي شيء، ينتظر فقط نصيبه من المال الذي تعيله لنا أشجار التفاح.
الحالة الرابعة: هو يهتم بالجانب المالي والتقني للفلاحة، وأنا أهتم بجانب العمل الفلاحي على مستوى العمال والمراقبة، ولكل من منزله يتحمل مسؤوليته.
ملاحظة:
[ أنا: تدل على الفلاح المستجوب من داخل الفلاحين ذا ملكية مشتركة ].
-;-ما يمكن أن نستشفه بصفة عامة على مستوى هذا التقسيم للعمل بين أفراد الملكية المشتركة، هناك استمرار لسلطة الأبوية فيما يخص الصنف الأول من الملكية، أما الصنفين الثاني والثالث من ملكية الأرملة والإخوة، هناك تمثل ثقافي لا زال يحكم المرأة ويقيدها في المنزل وشؤونه، ولا دخل لها في ما هو عملي خارجي.
ومن زاوية سوسيولوجية فيمكن أن نقرأ، أن هذه الملكية المشتركة تبدأ من الأب وأبناءه، لتمر بعد وفاة الأب إلى ملكية مشتركة مؤقتا بين الإخوة (أبناء الأب)، لتعرف مع مرور الزمن وما يصاحبه من تفكك الروابط العائلية الحميمية بين الإخوة خاصة عند زواجهم، وانبثاق أبناء جدد منهم الشيء الذي سيساهم في توتر العلاقات بين الإخوة ليتولد عنها في آخر المطاف صراع يستهدف مباشرة الإرث، الذي سيتم تقسيمه لا محالة، وبالتالي انبثاق أسر نووية ذات ضيعات فردية خاصة، غالبا ما تكون صغيرة الحجم.
فسيرورة الملكية العائلية هذه تشبه المثال التالي: "تبدأ الطماطم خضراء لتنتهي حمراء" ويجب أن نشير أن ما لا يتم إقصائه من داخل هذه الأصناف من الملكيات المشتركة، هو الحضور الضروري للأفراد خلال موسم بيع المنتوج (التفاح) لكي يتشاوروا على ثمن البيع، ويعرفوا من المشتري، فلا يوجد أحد من أصحاب الملكية المشتركة يقوم ببيع المنتوج بمحض إرادته، وتشتد هذه القاعدة بالخصوص في أوساط ملكية الإخوة فعند بيع المنتوج الكل يجب أن يعرف نصيبه من المال أولا، ثم الجلوس إلى الطاولة لتصفية حسابات ومصاريف السنة، ليدخلوا في نقاش ما بعد حسابي يهم الاستثمار المتفق عليه، سواء في مجال الفلاحة، أو غيرها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يتجمع الإخوة لتصفية الحسابات والمصاريف فقط، من أجل خروج كل منهم بنصيبه المالي، ويذهب ليتدبر أمره في ذلك.
أما ملكية الأب مع أبناءه، فغالبا ما يتحكم الأب في المال مع تحمله مسؤولية تغطية متطلبات المنزل بما فيه زوجات أبناءه وأحفاده.
لكن في بعض الحالات وهي ضئيلة قد نجد الأب يتنازل عن التسيير المالي لأبنائه، ويكتفي هو بإصدار القرارات والنصائح لهم.
3- نوع العلاقات الاجتماعية السائدة بين الأفراد في المنطقة المدروسة:
-;- ما يميز العلاقات الاجتماعية في القرية، كونها علاقات قوية بين الأفراد تقوم على أساس معرفة وثيقة، وتشابه في نوع العمل والمسؤوليات، زيادة على سكان القرية بقلة عددهم يحتكمون لمنطق القيم الأخلاقية النبيلة ومساعدة بعضهم البعض كلما كان لذلك تبريرا.
إذن لنقل أن هذا الباب يهدف إلى قياس مدى درجة التحول في هذا المجال العلائقي بين سكان "آيت عياش"، أي هل لا زال هناك تشبث واستمرار للقيم التي تشكل الهوية القروية، أم أن التحول الاقتصادي للمنطقة بفضل أشجار التفاح، قد خلخل البنية الاجتماعية ووظائفها.
3- أ نوع العلاقات السائدة بين الفلاحين على مستوى الفضاء العائلي:
-;-قبل الغمور في تعميم نوع العلاقات السائدة بين ساكنة المنطقة، يقترح المنهج الموضوعي الانطلاق من الجزئي إلى الكلي، بمعنى معرفة أولا نمط العلاقات التي تحكم الفلاحين في إطارهم العائلي، وثانيا منها سنحصل على البطاقة الشرعية للمرور إلى الحقل الاجتماعي لملامسة طبيعة العلاقات الاجتماعية العامة داخل الوسط القروي الذي ندرسه.
وللتذكير، فعينة المبحوثين بنسبة 93% من الفلاحين لديهم عائلات قاطنة بآيت عياش وتتوفر على ضيعاتها الفلاحية المغروسة بأشجار التفاح، إذن فما هي طبيعة العلاقات التي تربط أغلب الفلاحين بمحيطهم العائلي؟




جدول 30: مختلف أنماط العلاقات العائلية لدى الفلاحين
أنماط العلاقات نسبة الفلاحين%
علاقة يؤطرها الحساب في مجال المال والسلف، دون الأخذ بالاعتبار العائلي 42.85%
علاقة محدودة فقط فيما هو عائلي دون الدخول في قيود المال والحساب 32.14%
علاقة عداء وخصام 7.14%
خويا خويا حتى الجيبي لا، والمثل يقول: الحساب كيطول العشرة 7.14%
علاقة محبة ومساعدات في المال والتنازل عليها في بعض الأحيان لأن المال لا يدوم عكس المحبة الدائمة 3.57%
منهم ما تربطني به علاقة عائلية عادية، وطرف آخر أعاديه وأخاصمه لأنهم يتهجمون على أرضي ولا يحترموا الحدود 3.57%
كل واحد دَّايْهَا فِي شْغْلُو، مَكَنْتْشَاوْفُوشْ غِيرْ فْالْمُناسَباتْ أوْ الْعْزَاءْ أُو السُّوقْ 3.57%
المصدر: العينة المدروسة، الفلاحين الذين لديهم عائلات بآيت عياش (28)
-;-يعلن الجدول على تعدد أنماط العلاقات العائلية لدى الفلاحين، وتهيمن عليه نمط العلاقات التي يؤطرها الحساب المالي دون مراعاة الجانب العائلي، بمعنى أن سلطة الدم والقرابة لا وزن لها في مجال مصارفة الفلاحين مع أفراد عائلتهم القاطنة بنفس المنطقة.
فيمكن أن نقول في مجال الأنطربولوجيا أن قانون الدم الذي يربط قوة العلاقات في المجتمعات الانقسامية أو القبلية في الماضي، قد تراجع دوره وحل محله قانون الأرض والملكية الخاصة، وبروز أنماط من العلاقات الحديثة التي تحتكم إلى منطق الفردانية، ويؤكد ذلك علاقات الخصام والعداء بين العائلات في مجال الإرث والحدود المرسومة للأراضي سواء قانونيا، أو فيما بينهم. فالأرض والمال بصفة عامة غيرا من نمط العلاقات التقليدية بين العائلات في الوسط القروي.
ب-العلاقات الاجتماعية السائدة بين سكان المنطقة:
-;- بعدما أحطنا بنوع العلاقات التي تربط المبحوثين مع عائلاتهم نكون قد اقتربنا نوعا ما عبر معرفة افتراضية، إلى نوع العلاقات الاجتماعية السائدة بين الساكنة القروية، لكن قبل الدخول مباشرة إلى صلب العلاقات الاجتماعية العامة، يجب أن نشير على وجود ارتباط عميق بين نوع العلاقات الاجتماعية وبعض الطقوس لدى أهالي القرى -خصوصا بالجنوب- ذلك الطقس المعروف بمنادات المطر عند غيابه عبر "وهم اجتماعي" متمثل في الفتاة البريئة "تَلْغَنْجَا"، وما يصاحب ذلك من تجمعات الذكور والإناث والأطفال، في زمر بضفاف الأودية أو الواحات وينابيع العيون المائية، مع إقامة الأذبحة والمأكل بها..
فمثل هذه الطقوس تحافظ على تماسك قوة العلاقات بين أفراد المجتمعات الصغيرة، لذلك لن نقفز عليها، وذلك لنجعل من العلاقات الاجتماعية السائدة حاليا بمنطقة "آيت عياش" تكشف عن نفسها، أو بتعبير فلسفي لنساعدها على الإفصاح وإجلاء ذاتها، دون إرغام مباشر يستهدفها بشكل تعسفي.
فهل لا زالت ساكنة "آيت عياش" تمارس طقسها الجماعي وبشكله التقليدي الطقوسي بالقرب من ينابيع واد أنسكمير، طلبا للغيث بالمطر؟
الجدول 31: نسبة إجابات المبحوثين على هذا السؤال الأخير:
نعم لا زال الطقس يمارس لا لم يعد ذلك
- 100%
المصدر: العينة المدروسة
-;- غريب أن تتغير الأمور بين ليلة وضحاها، فإلى حدود نهاية التسعينات لا زال هذا الطقس "تلغنجا" يمارس لدى الساكنة، حسب أقوال المبحوثين، لكن بعد ذلك تلاشى الطقس "وطار بلا عودة كالطير الجميل الذي لم نقترب منه بآداب".
فرغم أن المبحوثين أقروا على مدة صلاحية الطقس الممارس سابقا انتهت، فهم يؤكدون أنه لا يزال للطقس امتداد، لكنه بالطريقة الرسمية، في المساجد، والمتمثلة في صلاة الاستسقاء.
لكن السوسيولوجيا في الحقيقة لا تبحث هنا عن المقدس، فهي لا يهمها ذلك المتعالي عن الأفراد، بقدر ما يهمها تجسيدهم وتعبيرهم المادي لذلك المتعالي المنزل على أرض الواقع، ومدى وظيفته الاجتماعية في الحفاظ على الانسجام ورابط الانتماء الاجتماعي والثقافي في علاقات الأفراد، فهنا يكمن السر الطقوسي الذي كان يجمع الساكنة في القرى، لكن بعد ما انقضى، فلا محالة في وقوع خلل وظيفي في علاقات الأفراد والساكنة عامة بآيت عياش.
جدول رقم: 32 نوع العلاقات السائدة بين سكان المنطقة انطلاقا من مواقف وأحكام المبحوثين.
أنواع العلاقات المقترحة في تقنية التقصي: نسبة إجابات الفلاحين %
*لا زالت تطغى على الناس علاقات التعاون والتضامن فيما بينهم 3.33%
* طغت على الناس المعاملات والعلاقات المادية وما يصاحبها من حسد وحقد فيما بينهم 66.66%




شيء آخر *الناس مع المصلحة إن وجدوا فيك مصلحتهم فهم قد يتعاونوا معك، وإن لم يجدوا ذلك فلن يساعدك أحد 10%
* قد نجد ذلك الصنف من علاقات التعاون فقط في أوساط الفلاحين الصغار وهو قليل 6.66%
*هناك علاقات تعاون ضئيلة في مجالات محددة مثل، تشذيب الأشجار، زراعة القمح، بطاطس، فلاحات صغرى 3.33%
* هناك ضغط يفرضه العالم في مجال الاستهلاك هي التي تقضي على التعاون، وأصبح الكل يريد المال 3.33%
* إذا كنت تحتاج إلى مساعدة ضرورية، فلا بد أن يساعدك أناس المنطقة لا محالة 3.33%
* مَكَايْنْشْ لِيغَادِي ارحْمْكْ، كُولْشيِ بْغَا الْفْلُوسْ، عَادْ ايْعَاوْنْكْ؟ 3.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- فكما قلنا آنفا، على أن طبيعة العلاقات العائلية بين الفلاحين ستفتح لنا منهجيا، شرعية التنقل في أنواع العلاقات المكونة للحقل الاجتماعي. نصل الآن إلى إزالة الستار عن الخفي والمتستر اجتماعيا، بحيث الجدول يقدفنا إلى نمط من العلاقات غير مرغوبة في السوسيولوجيا القروية لكن مادامت نتاج لأمواج الحراك الاجتماعي، فهي (تلك العلاقات المادية) تجد معناها في الإطار الذي تولدت منه ويشكلها، ألا وهو الإطار الاقتصادي النابع من أشجار التفاح.
فرغم أن العلاقات التي طغت بين الأفراد تحكمها المادة والمصالح وما يرافقها من تنافس وصراع اجتماعي، فهناك تعدد نسبي للأجوبة، بالرغم أنها لا تمثل نسبة مهمة.
في هذا الصدد يجب أن نشير بأن هذا التعدد له ارتباط بتعدد "الدواوير" بآيت عياش واختلاف مستويات درجات العلاقات الاجتماعية المبنية على المال والمصالح على حسب كل "دوار"، لكن دون أن يعني ذلك عدم هيمنة العلاقات المادية، على العلاقات الأخرى.
فالتعاون والتضامن اللذان تعرف بهما القرية قد تراجعا كثيرا، وأصبحا محصوران فقط لدى صنف ضئيل من الفلاحين الصغار، هؤلاء أنفسهم يشكلون اليد العاملة المأجورة لدى الفلاح الكبير، الشيء الذي يحتم على الفلاحين الصغار ربط علاقات تضامن وتعاون وتشكيل مجموعات عمل في إطار ضيعاتهم الصغيرة، لربح الوقت، الذي يستغله "كمياوم" مؤقت عند الفلاح المتوسط والكبير، كقيمة مضافة إلى جانب ضيعته الصغيرة.
-;- إذن وبعد أن سلطنا الضوء على نمط العلاقات المهيمن بشكل عام بين ساكنة آيت عياش، سنحاول قياس نمط هذه العلاقات عند الفلاح قيد الدراسة، كعلاقات قريبة مشخصة، ومعاشة يوميا من طرف الفلاحين، أي كيفية تعامل الأشخاص الجوار فيما بينهم، انطلاقا من مساءلة الفلاح نفسه، عن نوع تعامل الأفراد المجاورين له ؟.
الجدول 33: أنواع المعاملة التي يقرأها الفلاحين من داخل علاقاتهم اليومية مع أفراد الجوار:
نوع التعامل من داخل علاقات الأفراد نسبة الفلاحين%
-كل شخص يقوم بعمله دون الاهتمام للآخر 36.66%
-تعامل محمول بحقد وحسد وثقافة "الحضيان" 20%


شيء آخر *الناس مفروقين، طوب أو حجر، فيهم أو فيهم، كاين لفيه الخير أو كاين لكايشوف غير فين، احش- ليك الرجلين 33.33%
*تعامل جيد مع الجيران يؤطره الاحترام 6.66%
*أنا بصفتي "(...)" في المنطقة، ينظر إلي الناس المجاورين بنوع من الحسد 3.33%
المصدر: العينة المدروسة.
-;- نلاحظ من خلال الجدول، وجود خلل على مستوى التعامل من داخل العلاقات الاجتماعية اليومية، فباستثناء التعامل الحداثي الذي لا يأخذ بالحسبان اهتمامه بالآخرين 36% وكذلك التعامل المؤطر والمبني على الاحترام فإن ما تبقى من المعاملات الأخرى والتي تطبع المجتمعات التقليدية بصفة خاصة، تمثل النسبة المهيمنة (56%) على الجدول.
فكل شخص يصور ويبني نوعا من المعرفة الذاتية على الآخر انطلاقا من المعاملة التي تربطهما، زيادة على النميمة بين الأشخاص هي التي تقوي بنيان ذلك التصور المعين حول العلاقات.
إلا أنه مع ذلك لا يجب أن نهمل أن مجتمع "آيت عياش" مجتمع يتكون من مجموعة من الدواوير، الشيء الذي يشرعن تعدد الأجوبة من طرف الفلاحين.
-;-إجمالا، كان هدفنا من هذه المراوغات في مجال العلاقات الاجتماعية على كل مستوى، هو الوصول إلى حقيقة اجتماعية عامة دون تناقضات، وبالفعل لقد كانت النتيجة واضحة، الشيء الذي سيفتح أفاق التساؤل السوسيولوجي حول من المسؤول عن زعزعت البنية الثقافية للوسط القروي؟

IV -البعد الثقافي والتحولات التي أفرزتها مدخولات أشجار التفاح:
-;- يحاول المنهج السوسيولوجي في هذه اللمسات الأخيرة من قضايا البحث، الكشف عن الثابت والمتحول في البنية الثقافية مع احتكاكها بالبنية الاقتصادية، ألا وهي المدخولات المادية، وصراعها مع لب ومنطق النسق الثقافي الذي تتميز به المجتمعات القروية.
ويمكن أن نقول في هذا الصدد أن النسق الثقافي الذي يطبع مجتمع آيت عياش، هو نسق يدل على هوية الإنسان القروي، وبساطة عيشه المباشر مع الأرض والحيوان، وما يرافق ذلك من اطمئنان اجتماعي وعقائدي مشترك، إلا أن هذا النسق الثقافي سيتفاجئ في الآونة الأخيرة، بموجة فوقية تريد أن تغيره من فوق دون مراعاة الأسس القاعدية المؤسسة له.
ويتمثل ذلك في المظهر الخارجي، لكن في العمق والباطن شيء آخر. فهل يعني هذا الموت البطيء لمميزات الثقافة القروية؟
1-الفلاحين ودينامية التجاذب نحو بناء المنازل العصرية، وإشكالية الانسجام مع البيت العصري:
أ - دينامية التنافس والتجاذب نحو بناء المنزل العصري:
-;- إن أي باحث متفحص لمجتمع آيت عياش، سيلاحظ أن هناك انطلاقة سريعة في انتشار البناء العصري في أوساط الفلاحين، بل هناك تنافس وتجاذب غير معلن بينهم في هذا المجال!. لكن ذلك الغير معلن اجتماعيا ثم قبضه انطلاقا من اعترافات أغلب المبحوثين من داخل عينة البحث.
جدول رقم: 34: نسبة إجابات الفلاحين حول الملاحظة التالية: "بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة بأن الفلاحين يتجاذبون لبناء المنازل العصرية واقتناء السيارات"
نعم لا لا أعرف
96.66% - 3.33%
المصدر: العينة المدروسة
-;- يمكن أن نقول أن الملاحظة المقترحة للمبحوثين شكلت ذلك المجال للتحرر من واقع خفي مقيد في الأذهان إلى واقع اجتماعي معلن ساهم البحث عن كشف ستاره داخل ثنائية الذات والموضوع المتحررة خفية من قيود أخلاق المجتمع الصغير.
وفي ما يخص النسبة الضئيلة (3.33%) التي تمثلها "لا أعرف"، فهي تهم بالخصوص الفلاحين اللاأصليين من المنطقة، أي ذوي الحركة الغير المستقرة بين المدن والمناطق القروية التي توجد بها أملاكهم الفلاحية أو التجارية... وبالتالي إنهم غير ملمين بالأوضاع الاجتماعية للمنطقة.
إذن يبقى الإشكال أمام نتيجة الجدول حول لماذا هذا التحول السريع بين الأمس واليوم.
-;- هذا ما سنحاول معرفته في مساءلة المبحوثين عن لماذا بالضبط هذا التحول إلى السكن العصري؟
جدول رقم 35: أهم الإجابات التي يلتقي فيها المبحوثين في إطار تبريرهم للتحول الذي عرفته الساكنة في مجال بناء المنزل العصري:
في نظرك لماذا هذا التحول؟ (موجه للمبحوث) نسبة الفلاحين %
* تحسنت الظروف المادية لناس بالمنطقة بفعل التفاح 51.72%
*توفرت لهم تسهيلات في القروض 20.68%
*كل على حسب تفكيره 13.79%
*هناك أولا تقليد للآخر + الحسد، وحب الظهور، وكل ذلك بالمال الذي تعطيه أشجار التفاح 6.89%
*دخول الكهرباء والماء والطريق المعبدة، دفع الناس إلى بناء المنازل العصرية، عوض شرائها بالمدينة 3.44%
*شِوِاحْدْ خْلاَّلِيهْ بَّاهْ، أُو شِوَاحْدْ وَاسْعَا لِيهْ الأَرْضْ، أُو شِِوَحْدِينْ كَيْرْبْحُوا 30 مْلْيُونْ/س أُو زِيَادَةْ، وَاشْ بْحَالِ أَنَا لِكَتْبْقَالِي 140.000 رِيَالْ! 3.44%
*المصدر: العينة المدروسة (29 فلاحا من أصل المنطقة)
-;- إن المسألة واضحة من خلال أجوبة المبحوثين، فتحسن الظروف المادية التي أنتجتها مغروسات التفاح هي العامل الرئيسي في التحولات التي تعرفها المنطقة على مستوى بناء المنازل العصرية وشراء السيارات.
إلا أن متفحص الجدول قد يعتقد أن العينة المدروسة من الفلاحين معفيين من هذا التحول، انطلاقا من سياق أجوبتهم التي تستهدف الآخر دون غيرهم.
-;- هذا هو الظاهر فقط، لكن في عمق الحياة الاجتماعية هم أيضا منخرطين داخل أجوبتهم، بل لنقل أغلبهم مستهدف في هذه الأسئلة، إلا أن المنهج لينتج معرفة موضوعية، يقترح أحيانا آليات للاشتغال في الميدان، تعمل على خلق أسئلة للمبحوث تظهر بقناع زائف تعلن من خلاله بعض الأسئلة المحرجة أنها لا تستهدف المبحوث بالذات، وإنما تقصد الآخر، وذلك حتى لا تحط من قيمة المبحوث، حتى لا ينحاز ويتعالى بدوره عن الحقائق أو عدم إكماله للاستجواب...
فهذا الإشكال تمت مراعاته في المنهج المعتمد، حيث تفادى توريط المبحوثين مباشرة في القضية، فجعلها تمس جميع فلاحي "آيت عياش"، بما فيهم بطريقة غير مباشرة الفلاح المستجوب، وبنفس الطريقة سنعالج قضية خطيرة هي الأخرى على المستوى الثقافي!
ب- إشكالية الانسجام مع البيت الجديد أو المنزل العصري:
-;- ما يجب أن يعلمه الباحث أو عالم اجتماع أن ذلك التحول المظهري على مستوى المنزل العصري ليس مجاني وبديهي، فقد وجد نفسه في مواجهة البنيات الثقافية الذهنية المتجدرة في الحقل الاجتماعي خصوصا الرأسمال الثقافي الذي يعلن إلى حدود اليوم على أنه ذا أسبقية في الوجود الاجتماعي ، لكن كيف ذلك؟


الجدول رقم36: نسبة إجابات الفلاحين حول القضية التالية:
"هناك من أشخاص من يقوموا ببناء المنازل العصرية ولا يزال يسكن، أو مرتبط أكثر بالمنزل التقليدي الطيني".
نعم لا لا أعرف
86.66% 6.66% 6.66%
المصدر: العينة المدروسة
-;- الجدول يوضح ارتفاع نسبة المبحوثين الموافقين حول قضية الأشخاص الذين يقوموا ببناء المنازل العصرية، ولا يزال يمكثون بالمنزل التقليدي.
فقضية المنزل التقليدي تعلن عن نفسها أمام زحف السكن العصري، فربما أصبح موجودا اليوم، إلى جانب التقليدي لكنه فارغ، بدون شرعية اجتماعية.
فالخاصية التي تطبع سكن أغلب ميسوري فلاحي آيت عياش، هو تعايش المنزلين الإسمنتي المجهز بجميع الأثاث المنزلية العصرية الضرورية، والمنزل التقليدي المحافظ بأثاثه التقليدية.
لكن الغريب في الأمر أن المنزل العصري لا يستغل بشكل رسمي دائم من طرف أفراده، الشيء الذي يثبت الحضور الوجودي للهوية الثقافية الأصلية لهذا النوع من المجتمعات المحافظة، خاصة أمام غزو مثل هذه العناصر الغير مألوفة. بتعبير آخر نقول أن الثابت يكمن في الثقافي الذي يعبر عنه الارتباط أكثر بالمنزل التقليدي الطيني، أما المتحول فهو المظهر الاجتماعي، الذي يكمن في التنافس نحو بناء المنازل العصرية، ومن هنا انبثق موضوع: "دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمته في التحولات الاجتماعية والثقافية"
فما يجب أن يكون، غير موجود!
وما لا يجب أن كون، هو الموجود!
هذا في منطق العلم، لكن للنسق الاجتماعي منطق آخر.
فالمردود المادي الذي تعيله أشجار التفاح قد غير بالفعل الكثير من الأشياء في المنطقة، لكن كل التحولات مست ما هو خارجي اجتماعي دون أن يصاحبه تحول ثقافي، هذه هي المفارقة في المجتمع بين الثقافي المتجذر الذي يصعب تغييره، والذي يتطلب زمنا طويلا لكي يتبدل ويتحول، وبين الفضاء الاجتماعي الذي يصادف ويقبل يوميا على قناعات أقنعة مزيفة تلبسه وتمكثه دون أن يدري ذلك، إلا بعد اختناقه.
فعودة إلى الجدول ونقول أن تلك النسب تعبر عن موقع كل مبحوث في هذه القضية المتناقضة، بمعنى أن 86% من الفلاحين يعيشون هذه المفارقة، في حين 14% ربما هي التي ستكون إما تعيش مباشرة داخل هذا المنزل أو ذاك..
قد يقول البعض الآخر لماذا لا نقول العكس؟ أن مثلا هذه النسبة 14% هي التي تعيش تلك المفارقة على عكس نسبة 86% من المبحوثين!
المنهج حاضر دائما بقوة لمواجهة الاختلالات، لأنه سيطرح السؤال عن المبحوثين الممثلين نسبة 86% حول لماذا بالضبط هذه المفارقة؟ وأين يكمن سرها؟، ذلك ما سنطرحه الآن:
الجدول 37: مختلف نسب إجابات المبعوثين حول: لماذا العيش بالمنزل التقليدي والارتباط به أكثر من المنزل العصري؟
الإجابات نسبة الفلاحين %
*أقيم المنزل العصري من أجل المناسبات واستقبال الضيوف، أما التقليدي فهو للعيش اليومي 30.76%
* من أجل المنظر وإبراز الذات أمام الضيوف، وفي الحفلات (الأعراس) 7.69%
* حب الارتباط بمنزل الأجداد لأن فيه البركة 11.53%
* المنزل التقليدي يوفر ظروف صحية تلاءم الطقس شتاءً وصيفا، أما العصري فعكس ذلك، مخصص فقط للضيوف والمناسبات 30.76%
* المنزل التقليدي مرتبط بالحظيرة التي توجد بها الماشية، وبالتالي يكون أفراد الأسرة قريبون منها، فمثلا قد يسمع لجوء لص أو قد تلد البقرة ليلا وتحتاج للمساعدة... فهناك باب صغير يربط بين المنزل التقليدي والحظيرة لمثل هذه المشاكل عكس المنزل العصري المعزول. 30.76%
*لا أعرف، كل وتفكيره 3.84%
المصدر: العينة المدروسة (المبحوثين الموافقين على القضية المفارقة للمنزلين 26)
-;- الأجوبة واضحة إذن من طرف المبحوثين، فيما يخص هذه المفارقة، أو جدلية الانفتاح والانغلاق، انفتاح حول المنزل العصري في فترات زمنية مؤقتة تدعي الانفتاح، وذلك ما تمثله المناسبات واستقبال الضيوف القادمين من الخارج المتفتح. وانغلاق ورفض لهذا الانفتاح الزائف عند لحظة انتهاء مدة صلاحيته، والعودة إلى مصالحة الذات والهوية الأصلية الثابتة داخل المنزل التقليدي، الذي يوفر الآمان والراحة الثقافيـين.
ويكتمل معنى الحياة لدى الفلاح في القرية مع تعامله القريب مع الحيوان، الذي يخلق معه عالما رمزيا مشتركا لا تفصله حدود الحظيرة والبيت.
-;- إذن أمام هذا الوضع بين الثابت ثقافيا والمتحول اجتماعيا سنساءل أولئك المعفيين من المنزل العصري، هل يفكروا مستقبلا في بنائه أم لا؟ وذلك لكي تتضح الرؤيا السوسيولوجية في مدى تأثير أولئك الفلاحين السباقين إلى بناء المنازل العصرية، على الفلاحين أحادي المنزل المتمثل في البيت التقليدي الطيني!
جدول 38: نسبة الفلاحين الذين يفكرون في بناء المنزل العصري، والذين لا يريدون ذلك مع تعليل لمواقفهم:
نعم / لماذا لا / لماذا
60% *أفكر إن وجدت المال الكافي لذلك،
*لمسايرة العصر
*وَاشْ عْمّْرْ الْمْغْرِبِي شْبَاعْ 40% *لْفْلُوسْ وَالُو أُومَّا مَكْرَهْنَاش
المصدر: 5 مبحوثين من العينة المدرسة بدون منزل عصري
-;-رغم قلة المبحوثين في هذا المجال، فالجدول يمنحنا نتيجة تقريبية على أرض الواقع، خاصة وأن النسبة التي تمثل أولئك الذين لا يفكرون، معظمهم، ذوي الإمكانيات المادية المحدودة (الفلاح الصغير) فممكن إنْ تحسنت ظروفهم المادية في أيام المستقبل، فسيفكرون هم أيضا في بناء المنزل العصري، وتعليل المبحوثين الذين يمثلون هذه النسبة 40% يؤكد ضمنيا ذلك.
إذن ما هو الفرق بين المنزلين في نظر هؤلاء على السواء؟
الجدول رقم: 39 يوضح نسبة الإجابات المقدمة فيما يخص الفرق بين المنزلين في نظر المبحوثين.
مختلف الإجابات نسبة الفلاحين%
*المنزل العصري غير نافع في المنطقة لأنه بارد شتاءً ويعرف درجة حرارة مرتفعة في فصل الصيف، أما المنزل التقليدي (الدار القديمة) فهو يعكس الجو، البرودة صيفا والحرارة شتاءً 20%
*القديم قديم، والجديد جديد 20%
* المنزل العصري يوفر النظافة عكس البيت التقليدي 20%
*هناك فرق مظهري فقط، إلا أن المنزل العصري يمنح الاعتزاز بالنفس وعدم الاحتشام أمام الضيوف وذوي القرابة العائلية 20%
* الدار زْوِينَا تْكُونْ وَاسْعَا، هَادْرَارِي كَيْكْبْرُو، أُوهَا الْفْرَحْ مْعَ القَرْحْ، اُو زِيدْ الضّْيَافْ دْيَالْ دَاكْشِّي أُو نْسَابْ إِلَى تْزْوْجْتِي مْنْ المدينة خَاصْ تْبْرْعْهُومْ 20%
المصدر: العينة المدروسة (5 مبحوثين غير المتوفرين على المنزل العصري)
-;- إن أول ملاحظة يمكن أن نسجلها على الجدول أن أغلب الأجوبة تتقارب أو تتماشى مع أجوبة المبحوثين المقدمة حول قضية العيش والارتباط أكثر بالمنزل التقليدي من العصري، مما يدل على وجود دينامية اجتماعية قوية داخل مجتمع آيت عياش، أي هناك نفس النظرة لدى الأفراد متبادلة، والاهتمام بما يفعله الآخر لتقليده، واللحاق به، فمثل هذه الديناميات الإيجابية أحيانا والسلبية أحيانا أخرى هي نتائج هذه المجتمعات الصغيرة ( ميكرو-اجتماعي) في ارتباطها بما هو ماكرو-اجتماعي.
إجمالا، نقول بأن الكل "بآيت عياش" يدفعه محرك اجتماعي ديناميكي ليواكب هذا التحول المظهري على مستوى السكن، خصوصا لو توفرت الإمكانيات المادية لجميع الأسر الفلاحية.
2- المنازل العصرية المجهزة والحركة التي تعرفها الأسواق المحلية كمعيار لقياس تحسن الظروف المادية لدى فلاحي "آيت عياش".
-;- فكما سبق وأشرنا في مسار منظومة الإنتاج (أشجار التفاح)، كانت منطقة "آيت عياش" تاريخيا تعتمد في اقتصادها على معيشة الكفاف، لكن اليوم نجد الخصائص الاقتصادية السابقة لهذه المنطقة ترحل عنها شيئا فشيئا، تاركة المجال لأشجار التفاح التي برهنت في مدة زمنية لا تزيد عن ثلاثين عاما مدى إيجابياتها المادية وقدرتها على تغيير الأوضاع المادية للفلاحين عن طريق منحها رخصة التسويق الخارجي عوض الخضوع للاكتفاء الذاتي والتسويق المحلي.
فما يلاحظ اليوم في الأسواق، ومختلف المناسبات والسيارات والمنازل... أنه بالفعل تحسنت الأوضاع المادية لدى هذه الفئة، وحتى نبقي على موضوعية الدراسة، التجأنا إلى مساءلة المبحوثين في هذا المجال، وكانت النتيجة على الشكل التالي:
جدول 40: المبحوثين الموافقين والمضيفين على الاقتراح التالي:
* إن ما تظهره الأسواق الأسبوعية وكذلك منازل الفلاحين من أثاث منزلية عصرية أو شبه عصرية، وكذلك مآكلهم، يتضح أن ظروفهم المادية تحسنت مع أشجار التفاح الذي حقق نوعا من الرفاه الاقتصادي ليس كمن قبل في الماضي.
نعم لا قليلا
90% - 10% نسبة الإجابات %





إضافات * تدبير الأموال عند البعض فيما هو لا أخلاقي وغير مألوف، وظهور حالات الزواج الخفي على الزوجة الأصلية 37.5%
*هناك من وصل بهم الحال إلى ممارسة الفساد وتعدد الزوجات وشرب الخمر 12.5%
*أصبحوا يعيشوا أحسن من سكان المدينة 12.5%
* فرغم صعوبة مصاريف "التفاح" فهي قادرة عل تغطيتها وتغطية المعيشة للناس 12.5%
* وْلَّوْ تَيْشْرِيوْ كَاعْ الدّْيُورْ بِالْمْدِينَة 12.5%
* ولكن هَادْ الْعَامْ كُلْشِي مَضْرُوبْ بْالسْمْرة، أُومَا غَادِي إيْشْرِيوْ حْتَّى الصَّبَاطْ 12.5%
المصدر: العينة المدروسة، وثمانية مبحوثين معنيين: (بالإضافات)
-;- أمام غياب نتيجة اللاموافقة على الاقتراح، وحضور محلها نسبة الموافقة القوية، خاصة مع الإضافات التي جاء بها المبحوثين كلها تبرر وتؤكد تحسن الظروف المادية للفلاحين، حتى خلقت عند البعض انزلاقات اجتماعية لا أخلاقية داخل المجتمع.
إذن لم يبقى سوى أن نقول أن الساكنة محظوظة اقتصاديا بدخول أشجار التفاح بالمنطقة (بفضل المستعمر)، فكيفما كانت مشاكلها في قضايا المصاريف والإنتاج وخضوعها لمنطق التقلبات الطبيعية، فهي في جانب آخر ما منحت ارتقاء اقتصادي مادي لأصحابها، وما عليهم سوى التفكير العقلاني للنهوض بها كتعويض تنتظره هذه الأشجار من الفلاحين مقابل ما منحته لهم وللمنطقة بل وللاقتصاد المغربي عامة، سواء على مستوى الجودة الأولى التي تحتلها وطنيا، أو على مستوى التشغيل عند موسم الجني الذي يدوم قرابة شهرين.
-;-فإذن ماذا سيطلب فلاح "آيت عياش" من الفاعل والمسؤول الاقتصادي التنموي، كتعويض ومساهمة منه للنهوض بهذا القطاع الفلاحي الحيوي ؟ ؟





V - ما هو مطالب به تنمويا في قطاع مغروسات التفاح بمنطقة "آيت عياش":
-;- يرمي هذا الباب تقديم ملفه إلى المسؤولين على المجال التنموي والفاعلين المتدخلين في السياسات الاجتماعية.
إذن فمن المسؤول عن القضايا التنموية المحلية، هل هي مسألة الدولة، أم الجمعيات التنموية، القطاع الخاص... من يمتلك القرار؟
فعند ما نساءل التنمية المحلية فإننا نساءل ثلاثة حقول أساسية هي: السلطة، المجتمع، الدولة.
فكما يتم اقتسام السلطة بتحويل جزء منها للمجتمع عبر مؤسساته المحلية، كذلك يتم معه توريط مختلف الفاعلين في تحمل فاتورة التنمية، فانتقلنا من الدولة كفاعل رئيسي أساسي للتدخل في السياسات الاجتماعية، إلى انسحابها، واعتماد مقاربة تشاركية تعددية، تحضر فيها الدولة كفاعل من بين الفاعلين الآخرين، بل حسب تعبير أحد الباحثين: "كفاعل يسهر على المفاوضات بين مختلف الفاعلين"-;-
-;- إذن مرة أخرى من المسؤول الثاني للإنصات- بعد السوسيولوجيا- لإنجاز وتحقيق هذه القضايا التي يطالبها الفلاحين الآن "بآيت عياش"؟


الجدول41: يوضح مختلف نداءات الفلاحين إلى المسؤولين في المجال التنموي لإنجاز ما يطلبونه، لتحسين أوضاعهم الفلاحية:
اقتراحات الاستمارة نسبة الفلاحين %
*إنشاء مركز أو دورات لتكوين الفلاحين وتنمية وعيهم في مجال معاملتهم التقنية مع قطاع المغروسات 72%
*إنشاء جمعيات وتعاونيات فلاحية خاصة بقطاع المغروسات، وكذلك تنظيم دورات ورحلات فلاحية إلى مناطق أخرى من أجل تبادل الخبرات 28%
شيء آخر:
نداءات الفلاحين نسبة الفلاحين %
*إنشاء مختبر لتحليل الأمراض والتربة بآيت عياش أو ميدلت 15.38%
* يجب أن يكون هناك إرشاد فلاحي في الميدان وليس في المكاتب 15.38%
* توزيع أراضي الجموع لاستغلالها واستفادة الضعيف 15.38%
* تقنين أثمنة الأدوية والأسمدة، ومحاربة الأدوية المهربة 19.23%
* تكثيف وتوسيع تقنيات محاربة البرد les caneaux 11.53%
* تسهيلات من القرض ومساهمته في إنشاء التقنيات الحديثة، مع مساعدة الفلاح بشكل واقعي بمنحة أشجار الغرس 7.69%
*توفير الماء الذي يعتبر من بين المشاكل الأساسية للدواوير السفلى –"أكلموس، آيت توغاش"- ببناء سد على الـــواد (في طريقة الإنجاز) 3.84%
* إنشاء تعاونيات لبيع المنتوج الفلاحي من أجل تجاوز مشاكل السماسرة والمشترين 3.84%
* تقريب السلطة من الفلاح 3.84%
* لا نطالب الدولة بأي شيء لأنها لن يعطوك شيئا 3.84%
المصدر: العينة المدروسة
-;- هكذا إذن تتضح مجمل صيحات الفلاح نحو ما ينقصه من تجهيزات لا يد له فيها، أغلبها مرتبط بضرورة تدخل المسؤولين، من قبيل:
المؤسسات والفاعلين والجهات المسؤولة…
فالجدول لا يطالب بتحليل ولا تعليق، بقدر ما يطالب بالتدخل السريع للفاعلين التنمويين لإنزاله، وتحليله عن طريق إنجاز مطالب الفلاح على أرض الواقع.
فمن المسؤول عن القرار؟ الدولة؟
لا، لأن الدولة أو النظام السياسي والاقتصادي لهذا البلد مرتبط أكثر بالرأسمال العالمي المهيمن، الشيء الذي يفرض على الدولة المغربية هي الأخرى الانسحاب المتدرج من المجالات والخدمات الاجتماعية.
* من هنا نقول بأن القرار التنموي لا تحتل فيه الدولة سوى وزن طفيف جدا، يقاس إن صح التعبير "بالكْرَامْ= g"، لذلك سنؤكد مرة أخرى من المسؤول؟ هل هو القطاع الخاص وآلياته، كما هو الشأن بالنسبة للدول الرأسمالية الغربية؟
فإذا كان القطاع الخاص بالمغرب هو المسؤول عن التنمية الاجتماعية، فملامحة غير واضحة بعد!.
من هنا نقول بأن المسؤول ليس هذا وذاك، وإنما المجتمع هو نفسه المسؤول عن تنمية أوضاعه الاجتماعية، الاقتصادية والسياسة. لكن لحظة، هنا إشكال آخر يعترضنا، هل لهذا المجتمع ثقافة تنموية؟ ومنه ينبع إشكال آخر، بل هي إشكاليات متتالية يؤطرها إشكال عام وهو المحدد:
-;- من فرض هذه التنمية، هل المجتمع نفسه؟ أم فاعلين آخرين من الخارج؟.

وكخلاصة فالتنمية الحقيقية هي التنمية النابعة من مجتمعها، والغير مفروضة لأهداف اقتصادية عالمية، ومن هنا أقول كباحث مبتدئ، أن مجتمع "آيت عياش" تنقصه فقط تنمية ثقافية للنهوض بأوضاعه، وهي (التنمية الثقافية) امتداد للفراغ الذي تعيشه التنمية الاقتصادية الشمولية المتبعة بهذا البلد.


* * خلاصات واستنتجات:
من بين ما يمكن أن نخلص إليه في منطقة "آيت عياش" خاصة أوساط الفلاحين، أنه عرف مجموعة من التحولات، سواء على المستوى المادي أو الاجتماعي.
فانطلاقا من الوضعية الاجتماعية السابقة، إلى الوضعية الراهنة يتضح أن مجتمع آيت عياش كان يعيش في راحة واطمئنان اجتماعي في ظل الاقتصاد المعاشي، لينقلب راهنا إلى اقتصاد تسويقي خلق في الساكنة قلق على مستوى رأسمالها الثقافي الموروث، والمتمثل خاصة في ضعف أنماط التعاون والتضامن في مجال العلاقات الاجتماعية، زد على ذلك التناقض الذي يعرفه مجال السكن، خصوصا أمام تمسك الساكنة بمقومات المنزل التقليدي، بجميع أثاثه، من فرن طيني، وأفرشة على شكلها التقليدي المألوف.. هذا دون استغلال المنزل العصري، الذي أنشأ فقط للبروتوكولات الاجتماعية.
فهذا تناقض، مع تناقض، الذي يجد مدلوله في أشجار التفاح –كعامل لهذه التحولات، وما تعانيه من نقص في المجال التقني.
وهنا نقرأ من زاوية سوسيولوجية سلبيات هذا التحول الذي كان من الممكن أن يكون عكس ذلك لو اتجهت مصاريف المنزل العصري والسيارات، كإمكانية لاستغلالها في التجهيز والنهوض بمنظومة الإنتاج على مستواها التقني.
وبعد ذلك، وإن اتجهت وطالت القاعدة المادية المسائل الاجتماعية (على مستوى التحول) التي قد تصادفها في قابلية لمواكبتها، تمة سنتحدث عن التحولات الإيجابية. أما حاليا فهناك مفارقة على مستويين:
الأول، يتمثل في الأشجار التي ظلت كمشروع طموح لم يكتمل بعد.
والثاني، ما يظهره المظهر الاجتماعي كحقيقة مزيفة، في مقابل ما هو خفي في البنية الثقافية التقليدية، كماهية فعلية تفرض وجودها، وتصارع من أجل محاولة للتكيف مع هذه التحولات على مستوى المظهر الاجتماعي.
-;- أمام هذه العوائق نؤكد على ضرورة التنمية في جانبها الثقافي ليستجيب بسرعة لبنيات المجتمع الداخلية منها والخارجية، والتي ستأهله لمواكبة متطلبات المرحلة الاقتصادية الراهنة، ومن هنا ينبغي التساؤل حول كيفية توجيه وتصحيح هذه التحولات نحو خلق مشروع فلاحي واجتماعي تنموي بحكامة فعالة bonne gouvernance.
ختاما، كل ما ذكر وقيل هنا على الساكنة الفلاحية لآيت عياش، يبقى ذا بعد وتحليل سوسيولوجي يتوخى الشمولية من موضوعه، لكن الواقع الاجتماعي أغنى ومعقد ومتجدد، غير قابل للإمساك به من زاوية أحادية، لذلك لا بد من تعدد المقاربات، وعلى رأسها مقاربة المهندس الفلاحي الذي نسأله بدوره: ماذا سيقول في نفس المجال ...؟؟

المفاهيم السوسيولوجية
Les notions sociologiques*

علم الاجتماع القروي La sociologie Rurale
النسق الاجتماعي Réseau sociale
الحقل الثقافي Le champ culture (sphère culturelle)
البنية الاجتماعية La structure socials
الوظائف الاجتماعية les fonctions sociales
الرأسمال الرمزي le capital symbolique
الدينامية الاجتماعية la dynamique sociale
الدور الاجتماعي Le role social
التحولات الاجتماعية les transformations socials
الثابت والمتحول le constant et le changeable
التنمية الاجتماعية développements social
الحكامة (الحكم التشاركي) Gouvernance
الفاعلين الاجتماعيين les opérateurs sociaux
السياسة الاجتماعية la politique sociale
القرية village, compagne,
الإنسان القروي l’homme rural, villageois
منظومة الإنتاج le system de production
المظهر الاجتماعي l’aspect social (l apparence)
الضوابط الاجتماعية La moralité sociale
التاريخ الاجتماعي l’histoire sociale


البيبليوغرافيا
المراجع بالعربية:
-;- علم الاجتماع الريفي، دكتور علي فؤاد أحمد (أستاذ علم الاجتماع ومستشار الأمم المتحدة للتنمية والسياسات السكانية) 1981، دار النهضة العربية للطباعة والنشر- بيروت.
-;- الثقافة والتنمية البشرية (فكرة التنمية الثقافية) تأليف: حماني أقفلي/ تقديم، عبد الكريم غريب، منشورات عالم التربية.
-;- الثقافة الشعبية المغربية (الذاكرة والمجال والمجتمع) مطبعة سلمى الرباط.
محمد أديوان.
-;- المجلة المغربية للترجمة في العلوم الإنسانية "بيت الحكمة"، ملف "بول باسكون" وعلم الاجتماع القروي – العدد الثالث- السنة الأولى أكتوبر 1986.
-;- الشباب والتغير الاجتماعي (الأسرة السياسية والدين) الدكتور المختار شفيق (2002).
- المنارة للنشر والتوزيع.
-;- الفاعل المحلي وسياسة المدينة بالمغرب "عبد المالك ورد"، سلسلة دراسات وأبحاث رقم 20/2006، ج.م.س/كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مكناس
-;- منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية [تدريبات عملية] "موريس أنجرس" طبعة ثانية منقحة.
ترجمة: بوزيد صحراوي، كمال بوشرف، سعيد سبعون؛ الإشراف والمراجعة: مصطفى ماضي. دار القصبة للنشر – الجزائر
المعاجم:
-;- Dictionnaire critique de la sociologie par Raymond Boudoun, François Bourricaud
Ed, presses universitaires de France
ترجمة الدكتور: سليم حداد
-;- المنهل: El Manhal قاموس فرنسي عربي، تأليف الدكتور سهيل إدريس، دار الآداب-بيروت، الطبعة الأولى.
الوثائق:
-;- Histoire des mines de plomb d Aouili et Mibladen 1923-1975, Région de Midelt. Février 2006.
-;- Ministère de l agriculture et des pêche maritime -dir-ection provinciale de l agriculture de khénifra: présentation générale de la zome d action du ct 24-01 de midelt
Bilan: Des rosa fruitiers et des espèces A fruits secs, 2006-2007
-;- La commune rural d Ait Ayache. (statistique)



المراجع بالفرنسية:

-;- Introduction au parler berber- Ait Ayach de la haute moulouya.
Thèse de doctorat (sorbonne-paris) 1986.
Youssef Ait LE Mkadem
-;- Mis de Ségonzac (voyage au Maroc) 1899-1901, paris: librairie Armand colin- Rue de méziers+ 5
-;- Relation socio-professionnelles et dynamique des pratiques Agricolles, (cas de taddamout: Région de Midelt, présent et (st.) pub. Par: DARFOUI Mohamed, (E.N.A) meknès.

المقالات
-;- التحولات الاجتماعية والحضارية، والاستجابات المطلوبة: ذ. إبراهيم غرايبه.
-;- موقع http://www.google.com
-;- مفهوم التنمية، بقلم ذ. نصر عارف، كلية العلوم السياسية- جامعة القاهرة.
-;- موقع: http://www.googl.com
-;- "التنمية القروية بالمغرب" مقال لـ: علي" خربوشي" إطار بإعداد التراب والبيئة / جهة الغرب- الشراردة- بني حسن
-;- محاضرات ودروس أكاديمية في مادة "علم الاجتماع القروي" 2006- 2007 الأستاذ: محمد المهدي،جامعة مولاي إسماعيل – كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مكناس.
-;- مقال "لعبد الهادي أعراب بعنوان" حدود مساهمة المدرسة في التحولات الاجتماعية والثقافية بالبادية المغربية منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة: ندوات ومناظرات رقم 102.






مــــلــــــــحــــــــــــــــــــــق:

















الفهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارس
فهرست الجداول
الرقم عنوان الجول الصفحة
1 المستوى الدراسي لرب الأسرة داخل الأوساط الممتدة 55
2 المستوى الدراسي لرب الأسرة داخل الأوساط النوويةالممتدة 55
3 المهن الأساسية لدى فلاحي أيت عياش 56
4 النشاط المهني الثانوي 57
5 الفروق المتواجدة على مستوى السكن لدى الفلاحين 60
6 التصنيف المالي للسيارات لدى الفلاحين الذين يملكونها 63
7 الزراعات المزروعة من طرف الفلاحين ومساحاتها 65
8 نموذج لمصاريف 100 شجرة ومدخولها في السنة 68
9 عدد الأبقار ومتوسط الأغنام لدى الفلاحين 69
10 ثمن البيع الأكبر لدى فلاحي العينة المدروسة خلال السنة الجيدة 72
11 ما يصل إليه ثمن بيع التفاح خلال سنوات الضرر 74
12 العوامل التي تساعد الفلاح على إنتاج فلاحي جيد 76
13 وعي الفلاح بسلبية التقلبات الطبيعية على منتوجه 77
14 مدى توفر الفلاحين على تقنيات مقاومة الآفات الطبيعية السلبية 78
15 نسبة الفلاحين الذين يفكرون في إنشاء تقنيات مقاومة البرد والصقيع ونسبة الفلاحين الذين لا يفكرون في ذلك 82
16 نسبة الفلاحين الذين يفكرون في إنشاء القروض والذين لا يفكرون وتعليل هؤلاء لذلك –لماذا- 84
17 نسبة الفلاحين الذين يذهبون إلى المؤسسات الفلاحية –القرض الفلاحي+ الإرشاد الفلاحي- والذين لايذهبون. 85
18 المعلومات التي يحصل عليها نسبة الفلاحين الذين يذهبون إلى مؤسسات القرض الفلاحي ومركز الإرشاد الفلاحي 87
19 وجود أو عدم وجود التقني لدى الفلاح 89
20 المصاريف السنوية لأشجار التفاح في مجال الأدوية والأسمدة 90
21 الأشخاص والمراكز التي توجه الفلاحين في مجال الأدوية الفلاحية 92
22 إجابات الفلاحين في الإقتراح التالي: تلك المصاريف المرتفعة في مجال الأدوية والأسمدة سوف تعرف نقصا ماليا لو كان بحوزتك عامل تقني متخصص في الفلاحة 93
23 الأسباب التي تمنع هؤلاء الفلاحين أن يشغلوا الأفراد ذوي تكوين تقني فلاحي 95
24 طريقة البيع المعتمدة لدى فلاحي العينة 98
25 الأسباب التي تجعل الفلاح يبيع بالطريقة المباشرة دون غيرها 99
26 متوسط الأرباح السنوية- الخام-لدى الفلاحين 102
27 نسبة الفلاحين الموفرون لأموالهم في حساب بنكي وغير الموفرون 103
28 أنواع الاستثمارات لدى الفلاحين 104
29 نسبة فلاحي الملكية الفردية والجماعية 107
30 مختلف أنماط العلاقات العائلية لدى الفلاحين 112
31 نسبة إجابات المبحوثين على هذا السؤال الأخير 114
32 نوع العلاقات السائدة بين سكان المنطقة انطلاقا من مواقف وأحكام المبحوثين 115
33 أنواع المعاملة التي يقرأها الفلاحين من داخل علاقتهم اليومية مع أفراد الجوار 117
34 نسبة إجابات الفلاحين حول الملاحظة التالية: بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة بأن الفلاحين يتجاذبون لبناء المنازل العصرية واقتناء السيارات 120
35 أهم الإجابات التي يلتقي فيها المبحوثين في إطار تبريرهم للتحول الذي عرفته الساكنة في مجال بناء المنزل العصري 121
36 هناك من أشخاص من يقوموا ببناء المنازل العصرية ولا يزالوا يسكن أو مرتبط أكثر بالمنزل التقليدي الطيني. 125
38 نسبة الفلاحين الذين يفكرون في بناء المنزل العصري والذين لا يريدون ذلك مع تعليل لمواقفهم 126
39 يوضح نسبة لإجابات المقدمة فيما يخص الفرق بين المنزلين في نظر المبحوثين 127
40 المبحوثين الموافقين والمضيفين على الاقتراح التالي: إن ما تظهره الأسواق.... 129
41 مختلف نداءات الفلاحين إلى المسؤولين في المجال التنوي لإنجاز مايطلبونه لتحسين أوضاعهم الفلاحية 132

فهرس المبيانات
الرقم اسم المبيان الصفحة
1 نماذج بيع التفاح في مناطق ميدلت 44
2 أصناف البيع وأرباح كل صنف 45
3 نسبة تعايش الأسرة الممتدة مع الأسرة النووية 54
4 تطور السكن العصري بمنطقة أيت عياش استنادا على العينة المدروسة 59
5 تطور شراء السيارات حسب السنوات لدى العينة المدروسة 63
6 أهمية زراعة اشجار التفاح في مرحلة السبعينات والثمانينات لدى فلاحي أيت عياش 67
فهرس الخرائط
الرقم عنوان الخريطة الصفحة
1 Plan de situation 4
2 موقع أيت عياش في إقليم خنيفرة 6
3 الدواوير والقبائل التي تمثل ساكنة أيت عياش 11


فهرس المحتويات
مدخل 1
الفصل الأول: المعطيات الطبيعية والبشرية 3
1-الموقع 5
2-المناخ 7
3-السكان 9
الفصل الثاني: الإطار المفاهيمي 17
1-المجتمع القروي 18
2-خصائص المجتمعات القروية 22
3-الثقافة القروية 24
4-التحولات الإجتماعية 30
5-التنمية القروية 35
الفصل الثالث: رؤية على ماضي وحاضر منظومة الإنتاج بالمنطقة ومنبع اشكالياتها 39
1-نبذة تاريخية على منظومة الإنتاج)التفاح( بالمنطقة 40
2-التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثتها مغروسات التفاح حاليا 41
3-المشاكل التقنية التي تعاني منها أشجار التفاح 43
4-إشكالية البحث 46
5-الفرضية 48
6-منهجية البحث 49
7-الخطوات المنهجية الميدانية المعتمدة 50
الفصل الرابع: نتائج البحث الميداني 52
I-معلومات عامة حول الأسرة القروية 53
1-التحولات الطارئة في المجال الأسري 53
2-النشاط المهني الأساسي والثانوي لدى العينة 56
3-قراءة سريعة وعامة للمستوى الدراسي لأبناء العينة 57
4-نوع السكن ومفاراقاته 58
5-معلومات حول أنواع الماشية والفلاحات المغروسة بالمنطقة ومساحاتها 65
II-علاقة الفلاح مع أشجاره تقنيا واقتصاديا وكيفية تدبيره للأموال التي تعيلها له أشجار التفاح 71
1-الأسئلة الموجهة في مغروسات التفاح------------------------- 71
2-الوعي التقني لدى الفلاح 81
3-فلاح "آيت عياش" وعلاقته بالمؤسسات الفلاحية 83
4- الطريقة التي يبيع بها الفلاح منتوجه، وكيفية تعامله مع العائدات المادية 96
III العلاقات الأسرية التي تحكم الضيعة الفلاحية (أشجار التفاح) ونوع العلاقات الاجتماعية السائدة بين الساكنة راهنا 106
1-الضيعة الفلاحية (الفيرما Ferme) بين الملكية الخاصة والملكية المشتركة 106
2- تقسيم وتنظيم العمل الفلاحي بين أفراد الملكية المشتركة 107
3- نوع العلاقات الاجتماعية السائدة بين الأفراد في المنطقة المدروسة 110
IV البعد الثقافي والتحولات التي أفرزتها مدخولات أشجار التفاح 119
1- الفلاحين ودينامية التجاذب نحو بناء المنزل العصري، وإشكالية الانسجام مع البيت العصري 119
2- المنازل العصرية المجهزة والحركة التي تعرفها الأسواق المحلية كمعيار لقياس تحسن الظروف المادية لدى فلاحي "آيت عياش" 128
V ما هو مطالب به تنمويا في قطاع مغروسات التفاح بمنطقة "آيت عياش" 131
**خلاصات واستنتاجات 135
المفاهيم السوسيولوجية 137
البيبليوغراقيا 138
ملحق 142
دليل الاستمارة بالمقابلة 143
فهرس الجداول 158
فهرس المبيانات 161
فهرس الخرائط 161
فهرس المحتويات 162



#نورالدين_ايت_المقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود ومعاناته مع الموجود


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - نورالدين ايت المقدم - دراسة سوسيولوجية للمردود المادي الفلاحي وحدود مساهمته في التحولات الاجتماعية والثقافية_نمودج منطقة ايت عياش إقليم ميدلت_