رطل لحم

سامي فؤاد74

الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 23:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قصة تاجر البندقية لوليام شيكسبير تدور حول هذا العقد سييء النية الذي أبرمه المرابي شيلوك مع التاجر انطونيو الذي اقترض منه مبلغ من المال وكان شرط شيلوك إذا تأخر انطونيو في السداد إن يحصل المرابي علي " رطل " من لحمه ومن المكان الذي يختاره وبالفعل تأخر انطونيو عن السداد وحانت لحظة البتر ، ولكن استطاعت بورشيا زوجة بسانيو صديق انطونيو والذي استدان من اجله انطونيو بحكمتها وذكائها أن تجعل المرابي يعيد قراءة العقد وتسأله اين الميزان الذي سيكيل به رطل اللحم ؟ حتي لا يزيد عليه وعن إمكانية حصوله علي رطل اللحم بدون أن ينزف انطونيو حتي الموت ، بل والأكثر من ذلك طالبت بمحاكمة المرابي بتهمة تعريض حياة انطونيو للخطر وكان مصير المرابي أن تصادر كل امواله وممتلكاته . كانت هذه رواية تاجر البندقية وفي الحقيقة لم يأتي في خاطري لحظة كتابة هذا السطور إلا هذا العقد سيء النية ، وشعر ت للحظات أننا كثيراً ما نتحول بدون أن ندري إلي هذا المرابي سواء عن دون قصد أو بحسن نوايا وبعضنا عن سوء نية فقد يكون للبعض الحق ولكن لماذا يظن أن مقابله أرطال من اللحم ؟ ولماذا تزيد أرطال اللحم وأنهار الدم إذا كان الحق " لله " أو" للوطن " بحسب مفاهيم من يتخيلوا أنهم مفوضي السماءأو مفوضي الأوطان لتنفيذ تلك الحقوق ، ومن أين لنا بميزان حق نزن به هذا الرطل ، وكم تشبه حياتنا في وطنا العربي هذه القصة من حيث عقد صعب تنفيذه واختلفت النهاية بالسعادة في قصة تاجر البندقية لأصحاب النوايا الحسنة أم في قصة وطنا فكانت بداية التعاسة للوطن ولأصحاب النوايا الحسنة ، فقد خرجت مطالب شعوب ثورات الربيع العربي لتصحيح بنود عقد بينها وبين حكامها ليئول الأمر إلي هيمنة ونفوذ لعصابات تتخذ مسمي ديني تقطع في لحم الوطن ومواطنيه وكأنهم جنود السماء لتنفيذ وصاياها وحاشا لله من أن يكون الحرق والتعذيب إرادته فهو رحوماً بعباده ، في حين قست وأجرمت قلوب بعض عباده علي عباده . ولكن يبقي السؤال أين كانوا هؤلاء قبل الربيع ؟ وهل كانوا في بياتهم الشتوي يتحينوا لحظة الخروج ؟ أم حقاً كانت ثورات الربيع العربي حق ومطالب مشروعة حول مسارها المتأمرين والخونة وأصحاب العقول البالية ، أم عن مشروعية مطاليها فكانت مشروعة وأما عن تحويل مسارها فكلما مر يوم يتضح ذلك ويتضح أن دعاة الحرية ورعاتها وخاصة أبناء العم سام لم يهدفوا يوماً إلي تحقيق عدالة أو ديمقراطية بقدر ما هدفوا إلي تحقيق فوضي وتمزيق هذا الوطن ،، حتي بات أشد الثائرين يتمني أن تعود العراق عراق حتي لو "بصدامها "، وأن تعود ليبيا ليبيا حتي ولو " بقذافها " وهؤلاء هم الحالمين والطامحين في الوطن يبحثوا عن الحقوق لكن دون أن يكون العقد " أرطال لحم " وفي مصرنا الحبيب وبعد ان مرت أعوام أربع علي ثورتها الحالمة أشعر بالأسي كلما رأيت أننا مازلنا نواجهة خطر بعضنا البعض قبل أن نواجهة خطر المتآمرين فجماعة أختزلت الوطن في كرسي وفي رئيس ويصر قادتها علي التحريض والعنف وكأن هذا الوطن إرث ستحصل عليه حتي لو كان علي أشلاء كل مواطنيه ونست او تناست أنها من اخلت بشروط العقد المجتمعي واختارت أن يكون حقها " أرطال من اللحم وأنهار من الدم " دم شبابها وشباب الوطن وليبقي القادة بخير دائما في قطر وباقي البلدان ، فئات أخري بعضها يسيء للعقد أو يود أن يُبرم العقد كما يريد ويري أن له حق وثأر وأقصد بهذه الفئات بعض رجال الشرطة الذين يغردوا خارج السرب وبصوت نشاز لا يتفق مع الأحداث بل تراهم في حين يبذل زملائهم الدماء والروح مقابل هذا الوطن يبذلوا هم قصاري جهدهم في أعمال تقتنص من رصيد الشرطة وجهودها ودلائل ذلك مقتل شيماء الصباغ الذي يحتسب في كل الأحوال خطأ تلام وتحاسب عليه الشرطة وكذلك أحداث ستاد الدفاع الجوي ،، فئة اخري هي بعض فلول الحزب الوطني أهمهم وأخطرهم شخص يكاد يكون واحد من أسباب ثورة يناير لدورة البارز في تزوير إنتخابات 2010 بفجاجة وفجور منقطع النظير كان منذ أيام في السجن وبدلاً من أن يتواري عن الأنظار عاد يطل بوجهة ويقحم أنفه في السياسية والبرلمان القادم وكأنه يقول عدت لأخذ أرطال لحم ولأثأر لنفسي وهؤلاء ليسوا أقل خطر من الأر هاب بل هم الإرهاب والفوضي ، وأخر يمارس البلطجة اللفظية والفعلية وتشير اليه الكثير من أصابع الإتهام في أحداث موقعة الجمل ، وستاد الدفاع، هذا بخلاف بعض إعلامي المصادفة وصحفي ما بعض الثورة والذي يشبه ظهورهم ظهور داعش كل هؤلاء تشابهوا مع المرابي في أن عقدهم مع الوطن ومواطنيه سيء النية ويمزقوا لحم الوطن ومواطنيه أرطالاً وأرطالاً،، وأخيراً يجب ان تنتبه القيادة السياسية في مصر لخطر لا يقل خطورة عن من يزرع المتفجرات وهو خطر من يشعر الوطن معهم بأنهم عادوا لينتقموا فهم شوكة في ظهر الوطن وشوكة في ظهر نظامه الحاكم . اصبحنا في حاجة إلي تصحيح العقد إن كان للجميع الحق في هذا الوطن فليس من حق أحد ان يكون حقه " رطل لحم " من الوطن لفساد هذا النوع من العقود .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل