هديل لطيف
الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 02:36
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
صباح يوم عيد الحب وانا اطالعُ مواقعَ التواصل الاجتماعي قرأتُ منشوراتِ الاحاسيس المرهفة وشكل ذلك في نفسي سعادةً كبيرةً، على ان الشعور الانساني لازال حاضراً في نفوسنا رغم محاولات الاغتيال المستمرة ... طالعتُ المزيد والمزيد وكل منشورٍ اتوقفُ عنده التمس به عمق الدفىء وحرارة الاحبة الساكنه في قلوبهم . لكن ثمة محطات آلمتني كثيرا وهي تلك التي تبدو ساخرةً من واقعٍ اقل ما يُقال عنه ظالم بحق المرأة . وذلك الطرح جاء بأسلوب هزلي كجزء من عادتنا في الحياة ان نتتبع مصادر الضحكة حتى في مسامات الاحزان والألم .
طالعتُ في منشورٍ و( وأحداهن تكتب ) فيما معناه: سأحتفل بك خلسةً خوفاً من بطش الوالد اذا لمحني معك .. هذا اكثر ما توقفت عنده وستقرأتُ حجم المأساة الكبيرة التي نعيشها وحجم كبت المشاعر المُودعة في نفوس الكثيرات !!!
فالحب والشعور الانساني الذي في نفس المرأة يُعتبر جريمةً يحاسب عليها العرف وهو مخالفة صريحة لاحكام القبلية القاتلة في مجتمعنا .. فأذا اقترفت الامرأة تلك الجرائم وخالفت اللوائح الُموضوعة لها لاتتوقع رحمة من ذويها بل لاتطلب من المجتمع ان ينظر لها بأحترامٍ وتقدير انطلاقاً من مبدأ ( الامرأة كورقة بيضاء اذا تلطخت بحبرٍ معين سيكون واضحاً بارزاً. وهذا المبدأ هو السائد الحاكم فسمعة المرأة وشرفها مقترن بما تحمله تلك الورقة من ندبات ... لدرجةٍ قد يحدو بها الامر الى ان تمارس شعورها بالخفاء و بسريةٍ تامة، فاقدة الاحاسيس الجميلة هي ان تعيش مع الحبيب وتختاره شريكاً تكمل معه الدرب ، وحتى اذاما خرجت مع الحبيب فهي لاتسمع صوت الحب ومايخبرها فؤادها .. انما يظل التفكير حاضراً في كيفية الرجوع الى البيت بأسرع وقتٍ ممكن ...!؟ وآلية عودتها...!؟ ثم عدم معرفة المُتحكم بها ( الاخ او الاب) بالموضوع لانه اذا إنتابه شك ،فأن جريمتها ستنكشف على الفور ، فالمُتحكم لايتردد في متابعة تفاصيل جريمة الحب والبحث في ذلك الجرم .
ثم تصدر الاحكام التي تختلف بأختلاف رؤية المُتحكم لهذا الجرم ... قد يكون العقاب بالحبس و منعها من الخروج او مصادرة أجهزتها الخاصة كهاتفها النقال - اذا كانت تمتلك طبعاً- .. فهذا العقاب وأن كان ينتهك الحريات الخاصة وشكلاً من اشكال التجاوز لكن يظل اقل خسارة من أن تتلبس بالجرم المشهود ففي تلك الحالة هالكة لا شك وهي جناية قد تستوجب القتل او الزواج عنوةً من شخص لايُسمح لها برؤيته او التعرف عليه ،علّها تجد مشتركات لحياةٍ لارجعة منها وشريك لاتعرفه اصلاً ...
وضع معقد يجعل المرأة تفكر بشكل دقيق كي تحصن نفسها وكي لايكتشف امرها لدرجةٍ قد تُخفي تعابير الحب والفرحة من وجهها !!! واحيانا تلجئ الى اسلوب اخر قد تتمارض اذا كان لديها موعد مع الحبيب كذريعة للقاء ... او مبرراتٍ اخرى على هذا النحو .. وتلك امور تعمق ثقافة النكران الموجودة في المجتمع ... وتدفع المرأة الى استخدام الحيل لتعيش يوما انسانياً وحساً مرهفاً ،
ليأتي الحديث فيما بعد و توصف المرأة بماكرة ..!؟وطبعاً الرجل في المجتمع يختلف الوضع معه جذرياً فهو يعيش مايحلو له ويمارس طقوس الحب بالعلن لا بل يكون محل فخرٍ واعتزاز من قبل الجميع ،وكلما زاد عدد النساء اللاواتي يتلاعب بهن وبعواطفهن زاد ذلك التقدير ....
ُهذه المعطيات ظالمة ومؤلمة بحق المرأة وهي حالة تميز اخرى من لائحة اشكال التميز التي تطول في المجتمع العراقي . لكن ثمة .. طامة اخرى وهي غير قاصر على احساس الامرأه وقتله ،فحسب وانما بالدعوه الى الغاء فكرة الاحتفال بعيد الحب او محاولات لمنعه واعتباره مظهراً لايليق بنا وبعاداتنا ...!؟ فهو ليس من الصناعة العربية !؟؟وطبعاً السبب الاهم هو ان عيد الحب مناسبة لتبادل الشعور الانساني وتعزيز اطار التعايش والمحبة ... فالبعض لايرغب بهذه المفردات في القاموس العراقي في ظل وجود العسكرة القائمة ، ناهيك عن عدم وجود منفعة من ذلك او موضع مناسب للأستفادة ... ولايمكن ان يحقق مكسب سياسي ، فليس هنالك انتخابات برلمانية تتزامن معه كي يكون دعايةً انتخابية دسمة حيث يخرج لنا كم من السياسيين البارعين في توظيف تلك الامور للصالح الخاص ويقولون عاش الحب وينخرطوا في تنظيم الاحتفالات وفجئة نراهم يؤمنون بالآخرين وبحرياتهم الشخصية ...
ولانتعجب طبعا اذا جاءت مبادرة لاستحداث يوم خاص لعيد الحب العراقي وسيتصادف مع موعد الانتخابات فيكون السياسيون قد ضمنوا صوت الاحبة في الانتخابات لصالحهم ...او ربما قد تأتي دعوات لربط عيد الحب بيوم متعلق بالعادات او الافكار الشرقيه كما حدث مع اليوم العالمي للمرأة ... فالطبقة السياسية الحاكمه أوجدت يوماً يتاسبُ وخطاب المصالح السياسية !!..
أما آن الأوان لنعيش انسانيتنا ونمارس شعورنا دون محدداتٍ او مقيدات ...!؟ متى يكون التيار المدني والقوانين المُنصفة العادلة التي تعزز المساواة حاكمة ... !؟ ثم في اي وقتٍ سنرفض التلاعب بعقولنا ولا نسمح بتخديرها والعب بها ... الاجابة حتماً ترتبط بقناعتنا بالتغير.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟