أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سواركة - جماجم














المزيد.....

جماجم


أحمد سواركة

الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 08:01
المحور: الادب والفن
    


أعرِفُ رجلاً يمضُغ العِظام
تَابعتهُ في الليل ، وهو يَضَع يَديه عَلى مَقبرة
دَفعها فِي رأسي واختَفى فِي الظَلام
وعِندما فتَحتُ النَافذة
خَرجت جَماجم بأجنحَة
تراطَنت فيما بَينها كثيرا
وأنا بِدوري كُنت أفكّر في الرجل الذي شاخ
وهو يَمُصُّ تِبغاً رديئاً على محطة الباص
وعلى يديهِ وشمٌ
يُفَكِّرُ في حضارة تَهشّمَتْ في حادث مروُر
ويُتابع حالة الشمس وهي تُغطي البلاد التي تركَها وعمره يُناهِز الثلاثين
أجبَرني صَوته أنْ أبكِي
عندما لَحس وعاء البصل في النوم
ثمّ قال نتيجة ضربات معلومة للجميع:
قطعتُ كلّ هذه المَسافة كي أتّذكّر .
أنا مُتقابل على المَبنى الذي انهَار في الأمس
أعرفُ مواسم الكلام الذي يُدونه اثناء البرد
وأعرف خوفهُ الطبيعيّ من الموت
لَكنْ ، هَبطتْ من الشارع البَعيد امرأة مَفتُونة بالأزهار
وتحدّثت إليه عن الأحلام
فلَمعت عَيناه أمَامي
ظهرتْ الدهشة على شَفَتيه
وهو يُعاتبني على عَدم الإكتراث بحسرَاته
ثمّ جاء عدد كبير من الناس
احتَضَنُوهُ في نفس الوقت
لكنَّهُ صرخ بِصوت مَكتوم
ونادى عَلى الطريق الذي نَسيهُ في ليلة الخَريف المَاضي
وكَما لو كان يُعلّم الرقص
نهضَ من مقعد الباص
وسحبَ _ خلفهُ _ كلباً رماديّ اللون
وزجاجة مياه
ثم أعطاني المعطف
وأنا، لكي أكون منحازاً لنفسي
دخلت في مَكنة عملاقة
ودفعتُ في عقلي ثلاثة سُلالات نادرة
فظَهرت عُروق دموية في يديه
وهو يُقْنِعُني بأهمية أن أمضُغ الجَماجم مِثله في الصَيف
عوضاً عن ذلك
تبادلنا كلمات رديئة عن المَكان
لأنّه أصبحَ امبراطوراً يبكي
ويفركُ يديه كَما لو كَان يَعتزم فعل شيء
ثمَّ اختفى وهو يقبّل صيّادين في قارب
وعندما هاتفتهُ على الفور
لَمْ يَرد
أنا تابعتَهُ وهو يتعرّى في ٌإحدى الغابات
وقتلت ثوراً خرج من مؤخرة رأسه أثناء تَصَفُّحِهِ كتاباً عن الإهانة
لكنّهُ أنْكر كل ذلك
على سبيل أن نَمشي في صمت
الذي جعل الأمر أسوأ هو اكتشافي لجرح عميق في إحدى ساقيه
وكان يشرف على الموت وحده
لكنّه تطرق إلى عادة ليلية مفادها
قتل السنوات والسعي جنبا الى جنب مع الماضي
لذا ، أصبح في المنتصف
يحدق في المستقبل
كنوع من الهروب القاسي
وحدث أن أنهارت عليه قلعة
لأنه أخطأ تَفْسيّرها
وكان يُخطط للقاء امرأة على ضُوء شَمعة
لكنّه شَعر بِترَدّدْ
وقال لي أن السَبب الحَقيقي إهتمامها بالحيوانات
كما نَوَّه لطلاء الأظافر وذَكَر بعد ذلك كلمات غير مفهومة
هذا جعلني أمرّر مسماراً في فَكّه الأسفل
وأسحبه إلى الظهيرة عند مَنطقة الجِسر
حيثُ نَبَهنِي أن امرأة ثانية تنادي عليه
وأنّه رآها تسيل في مطعم السمك
وبهذا احتضن المَحطة
وعلَّق على كتفه زجاجة نبيذ مسروقه
لذا انتظرت صوتاً يخرج من صوتي
يُحدّثني عَن الحُب ومَنطقة البَاعة ومَوقف سَيارات الأجرة
وانحنى ليؤسس ضاحية في الشمال
فجاء بسلم خشبي
زحف ميلين على ساقه
وعاد
المرأة صعدت السلالم بنوع من الغيرة
والجهاز المركون في صندوق السيارة الحمراء اختفى
كان يعضّ ملابسها في المقعد الخَلفي
ويؤكد :
زراعة الأشجار نوع من الترف العائلي
أضاف : أنا مقهور في الظلام
لأنّني سمعت عواءَ المرأة وهي تأكل النخالة في مطعم الأسماك
لذلك ، تحرّكْ نحو البيت المجاور
كي تُراقبْ الذي حدث لجارك
طبعاً ، لم يكن هناك صوت
ولم أصل إلى الكوخ الخشبي الذي أُحرِق بِالكامل
أنا انتظرت عودته ثلاثة سنوات
قتلت الكلاب الضالة التي تَركها في حديقة المنزل
وشربت النبيذ كله
وعندما بنوا متجراً للتبغ ، شعرت بامتداد لي قد تكوّن
لكنّ المكان ضيق
رائحة جثث تفوح من الداخل
وفي مكان الكتاب المركون على الرف ، وجدت عنقاً لإمرأة من الشعب
فتراجعت قليلا وأنا أخمّن إسمها الحقيقي
وكم عدد القبلات التي عُرِضَتْ عَليِها
انتظرتُ ساعة كي أفهم الأصوات التي تتحرك على السُلّم الخارجي
وأنا أشعل الثقاب في وعاء الزهور
كنت أتوقع ظهور امرأة أحبها
لكن الباب مُغلق
وفي الخارج ، قد تكون أمطرت .


****

الشجرة نامت
وبائع القلائد بَحث عن أسنانه
عندما انْعَكَست جبهتي على حائط في مبنى الجَماجم
من هنا سقطت الشمس على وجهها الأصفر وهي تفتح النافذة
وكانت تتهيأ لتَوضِيح عادة من عاداتها
وضَعت القِطة السَوداء على ظَهر المِقعد الخَالي
ونفختْ في كتلة زَرقاء
قالت بأنّها الذاكرة
ولهذا تكلّمت ْعن نفسها بطريقة بطيئة
ووضَّحتْ بأنَّ سريرها في شرق الحُجرة
عليه زجاجة عِطر
ودواء أصفر ، تستخدمه وقت الحاجة
ووصَفت الليالي بأنَّها سوداء
وتكلَّمت أيضاً عن الحظ
ومخطَّطاتها لقتل رجل أحبته قبل ذلك
تكوّمتْ الحدائق بيننا
وضغطتُ على بطنها في الممر العمُومي
فوجدتُ كيساً من الجماجم
ووجدتُ ساعة
وبرميلاً منْ السوائل
وقالتْ لي أنَّه يوجد أيضاً
شعر مستعار ، ومقص وقنينة دواء للأستخدام الخارجي
في هذه الأثناء ارتعشتْ
طلبتْ من الحارس أن يضغطها في صندوق الطواريء
ولأنَّه رفض
نظرتْ لي بتوتّر
وهي توضّح شعورها بالغضب
لكنني حَجزت روحها في إناء النبيذ
وضغطتُ عليه مرات عديده
فشهقت بإمعان وهي تشير
الى كيس الجماجم .



#أحمد_سواركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِحنات
- حقبات عظميّة
- جبهات داخليّة
- مَجْهُول فِي بَيِت الشَايْ
- غَير صحيح
- مايُمْكن كتابته في الفيس بوك
- مجهود في نوع المقاونة
- مَجهود فِي نَوع المُقاومة
- مَنْ لانُحبهم


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سواركة - جماجم