|
العبور الى المستقبل ... الطريق الى حافة الجسر
هشام الطوخى
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 11:32
المحور:
الادب والفن
قومى يا مريم ...هو ذا الصبح قد قام من فراش العتمة . جرى ساقك وأطلى من خلف الشباك . الهواء بارد؟ ... حقاً هو بارد لكنه خفيف ومشبع هذا الصباح برائحة جديدة ... رائحة الخلاص . انظرى الى السماء . بقايا البدر هناك تذوب . هى صورة وجهك الذابل . اغسليها بماء العين ، وكفى .. لأن القمر بعض نهار ، والجزء يعود الى كله . رضيعك أشبعيه كثيراً لأنه اليوم سيجوع كثيراً . أما الطفلة فدعيها تنام . أوقدى ناراً ، واشوى بعضاً من طماطمك القليلة ، ضعيها بهدوء عند قدميها مع رغيف . و الآن اجمعى شعرك بالمنديل . توكأى على جذع الشجيرة . اخرجى ، ودعى الباب نصف مفتوح .. فكثرُُُ اليوم هم عابروه . الطين فى الجسر يابس ؟!! هو حظك الطيب فى أيام الوحل . إرتجفت حين بدأ الغناء : " وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها جاها نهار ماقدرشى يدفع مهرها يا هل ترى الليل الحزين ابو العيون الدبلانين ..يقدر ينسيها النهااا.....آر ...." -مين ؟ -.............................................. صعد سريعاً على ركبتيه ، متحسساً الجرف الموحل بيديه الممسكتين بأعواد القصب . - مين؟.....................بقول مين؟ -.............................................. - مريم ؟...........على فين يا مريم ؟ -.............................................. - خلاص ؟ هيسامحوكى فى الفلوس ؟ -.............................................. -رحتى لبتاع الحزب الوطنى ؟ -............................................. -ردى يا بنتى الله يهديكى . -......................إيوه يا ابو حسان . - ربنا معاكى يا بنتى ......آجى أوصلك للمحطة ؟ - .....عشت ......خللى بالك م العيال ... والنبى . خلفته وراءها صامتاً . فكرت : ليس العمى بمشكلة ... هو قد أعطاها عوده ، ورغم ذلك لم يزل يجد من خشاش الأرض ما يصلب عوده ، ولم يزل يسرق القصب ، يجلس على حافة الجسر يمتصه ويغنى . هى لم تعد تفعل منذ ذاك اليوم الذى سقطت فيه من فوق العربة - المحتشدة بعشرات النسوة والأولاد - المتجهةً لجمع طماطم المزرعة . حين هوت الى الأرض رأت حوافر الحمار وهى ترتفع فوق عينيها بارتباك ، ثم تهبط دون أن تمس وجهها . فاداها ، لكن عجلات العربة دارت على قدمها الحافية فتورمت . بقيت أسبوعاً فى عشتها تتألم . حين آذى صراخها الآذان وضعوها فى القطار ومعها تذكرة وبضعة جنيهات . سألوها فى المستشفى الميرى عن التأمين فأجابت : ( ماعنديش يا بيه ) ، رقدت أياماً ثلاثة فوق البلاط العارى . فى اليوم الرابع سبوها ، ثم نصحوها بالذهاب الى عضو مجلس الشعب لعله يحصل لها على تأشيرة علاج . حين قابلت سكرتيره قال لها : (معاكى خمسميت جنى؟ ) قالت : (أجيبهم منين يا بيه ؟) ابتسم ثم صرفها . الطريق لم يكن طويلا ً لكن موعد القطار قريب ، وهى محمومة باللهفة ، تريد الوصول فى الموعد فعزمها لا يكفى لغير هذه المرة . سابقت نفسها رغم أنها كانت تسير على إبط وساق واحدة ، وتجر صليبها الثقيل . صفير القطار جاءها من بعيد ، فزعت . انكسر منها جذع الشجيرة القديم . سقطت . تواثبت . سبقت القطار بأمتار قليلة . جلست ومدت ساقها فوق القضيب ، ثم أغمضت عينيها .
#هشام_الطوخى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزرنيخ
-
أهل الكهف
-
انتخابات عصر التحنيط
-
المصريون : شرعية الحاكم المقدس
-
العقل الأبوى : موت العقل العربى
-
نحن والتطرف : الصمت شريعتنا والمجد للصامتين
المزيد.....
-
منسق اتحرك محمد العبسي لـ”صدى الشعب” المقاطعة بدأت تكرس ثقاف
...
-
-بنات ألفة- التونسي.. أفضل فيلم وثائقي في جوائز جوثام للسينم
...
-
لماذا تترسخ القضية والثقافة الفلسطينية في تشيلي؟
-
لماذا يفضل سكان موسكو مشاهدة باليه -كسارة البندق- في غرب سيب
...
-
إيران ودول منظمة معاهدة الأمن الجماعي تؤيد تأسيس -الأوسكار ا
...
-
-منشور قديم- يكشف عن العلاقة بين براد بيت وابنه بالتبني
-
أبوابٌ تُفتحُ لمرّةٍ واحِدة --
-
-الإمارات في معجم العين- معرضٌ للمصور البحريني عبد الله الخا
...
-
الشارقة للفنون تُعلِن المشاريع الفائزة بمنحة النشر 2023
-
-أدب الروبوتات- هل يعد إبداعا حقيقيا أم تكتب الخوارزميات أنم
...
المزيد.....
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ
...
/ مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
-
أنهارٌ من زنبق: النهر السادس
/ دلور ميقري
المزيد.....
|