أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علياء العزي - بناء المجتمعات الديمقراطية في العالم العربي















المزيد.....

بناء المجتمعات الديمقراطية في العالم العربي


علياء العزي

الحوار المتمدن-العدد: 4716 - 2015 / 2 / 10 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما هو معلوم ان عولمة العالم حولته إلى قرية كونية تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بحيث انه لم يعد لأي سلطة في العالم التصرف خارج نطاق الأفكار والمعطيات التي يتقاسمها أهل هذه القرية إلا وهي كيف يمكن لمواطني هذه القرية العيش في رخاء وسلام لصالح البشرية جمعاء دون أن تلعب الفوارق الاجتماعية والقومية والمذهبية دورا في التعطيل من صيرورة هذه العولمة 1.
ان الانطلاقة الرئيسية في انجاز هذا الاهداف لا يمكن ان تتحقق ان لم تكن هناك مشاركة سياسية في صناعة القرار السياسي سواء كان ذلك على مستوى السلطة السياسية او على المستوى المحلي بتطبيق ما يسمى بالديمقراطية الاشتراكية والتي تعني إشراك المواطن في شؤون مجتمعه المحلي 2. فالتطور المجتمعي لا يمكن ان يتحقق ان لم تحطم علاقات التابعية، بمعنى إن السلطة تقرر والمواطن ينفذ وبدون اي مشاركة من قبله في الامر3. فلكون ان حرية المواطن هي أساس النظام الديمقراطي، فاستقلاليته عن السلطة هي التي ستمنحه الفرصة والإمكانية في اخذ بيده مصير مستقبله، تلك التي لا تتحقق إلا من خلال علاقاته مع الاخر الذي يدخل معه في سلسلة من الاعمال التي يتقاسمها معه ويشاركه في خلقها وتنفيذها اي في تعاونهم على خلق المسؤولية الجماعية لإغراض بناء المجتمع الديمقراطي 4 .
وبهدف التمكن من انجاز هذه المهمة أي خلق هذه المسؤولية، تدعو الضرورة إلى الانفتاح على تجارب الآخرين في هذا المضمار للاستفادة من خبرتهم من اجل تعميق مفهوم المواطنة والمشاركة السياسية والتأكيد على ان روح التعاون والانفتاح على الأخر هي لصالح المجتمع، بدلا من التقوقع على معطيات الماضي التي تسجن المواطن والفرد في دائرة التخلف الثقافي. فالمشاركة المجتمعية و انفتاح العالم العربي على الحضارة وعلى التقدم والازدهار الثقافي والعلمي الذي يحتاجه المجتمع العربي بعد تلك الفترة التي سيطرت عليه الاحكام المجانية والقيم الضيقة لإيديولوجيات بالماضي ليس بالبعيد، او لتقييمات الشخصانية للقيادات المتفردة. فمن خلال تجهيز النخبة الجديدة التي تؤمن بان مستقبل السلام العالمي والتعاون الدولي لا يتحقق إلا عن طريق الانفتاح الثقافي وتبني ما في الحضارات العالمية من تجارب رائدة .
ان الخطوات الرئيسية التي يجب التفكير بها بعد اخذ بكل ما في هذا البرنامج من دلائل ومعلومات ، هي تهيئة الناشئ على ضرورة الاخذ بالمعرفة وليس القبول بالتأثير. وتتطلب هذه العملية تركيز التنشئة السياسية وتوجيهها، ومنذ سن الطفولة، نحو الانفتاح على الاخر وإرشاد الجيل الناشئ بان مستقبل مصيره يقع على كاهله وليس على كاهل السلطة وحدها. بمعنى اخر لا ينتظر ما تقدم له السلطة بل لينظر الى ماذا يمكن له ان يقدم لهذه السلطة من معطيات وانجازات يساهم في تحقيقها عبر مشاركته الجماعية على المستوى المحلي والوطني. فالسلطة ما هي إلا مرآة له وليس هو مرآة للسلطة. فإذا ما نجحنا بتوصيل هذه الفكرة وزرعها في النفوس فلا يمكن للسلطات الديكتاتورية ولا المعطيات البالية ان تجد لها صدى في نفوس الناشئة. وهنا تأتي اهمية دعم تواجد المجتمع المدني الذي سيعني ذلك الجسر الذي يربط بين السلطة والمواطنين في توصيل اراءهم ومطالب حاجاتهم وكوسيلة للدفاع عن حقوقهم ضد تطرف السلطة. وان اهمية دوره تتجلى في ضمانه لاستقرار المؤسسات الديمقراطية وفعاليتها وفي مساهمته في تطوير السلوكيات والرأسمال الاجتماعي في تعويد الناس على التعلق بالديمقراطية. والمقصود بالرأسمال الاجتماعي تلك القيم والعلاقات الاجتماعية والمواقف والسلوكيات التي تسمح في تخطيط عمل بغية الوصول إلى أهداف جماعية أو انجازها والتي تتجسد بشبكات المشاركة المدنية التي يساهم فيها المواطنين في التعاون من اجل تحقيق منفعة متبادلة. ان دعم هذه التواجد لا يمكن ان يتحقق ان لم تتحقق الشروط الاساسية لوجوده وهي حرية التعبير والمشاركة المساواة بين الرجل والمرأة تمتع الاقليات بحقوقهم حرية تشكيل التنظيمات المهنية والسياسية وأخيرا والأكثر اهمية تحقيق وتطبيق التعاقب السياسي على السلطة لان غياب هذه الاخير يعني الاعتراف بتغيب دور المعارضة السياسية في حقها بإبداء رأيها والمشاركة في السلطة السياسية .
ان التركيز على دور التنشئة الديمقراطية يتم عبر المؤسسات التعليمية . فلكون ان العائلة في مجتمعاتنا تفتقد لروح التسامح والمرونة السياسية فلانطلاق من المؤسسات التعليمية تهدف الى خلق الاجيال التي تؤمن بان تغير معالم التعامل الاجتماعي في تقبل أراء الأخر ومعتقداته يتم عبر الانفتاح الواحد على الاخر حينما تصبح فكرة كل فرد مكملة لفكرة الأخر حتى ولو كانت هناك اختلافات فيما بينها، لان طبيعة أسلوب المرونة تعني نسبية الأفكار التي تتناقض مع حتمية الأشياء التي هي في أساس رفض الأخر وفكره. ففكرة المرونة ونسبية الأفكار تعكس قدرة الفرد في الاختيار بحرية دون الوقوع في الأحكام المسبقة والتأطير الفكري سواء كان ذلك بشكل لا شعوري من خلال سرقة ضمير الفرد بمعاني مفردات كلمات معينة أو بشكل شعوري وقمعي في تأطيره وتحجيره في إطار إيديولوجية معينة أو في إجباره على عبادة شخصية معينة. لهذا السبب تعد التنشئة السياسية حجر الاساسي في البناء الديمقراطي
ان التغييرات السياسية التي يعيشها المجتمع العربي حاليا تفترض علينا ان نركز في عملنا على دعم التوجهات الديمقراطية لمواجهة أي انعكاسات في المستقبل تعيدنا الى الوراء. وبهدف تحقيق ذلك لابد من التركيز على ما يلي:
1- بلورة مجموعة من القواعد القانونية والسياسية التي تنظم الحياة السياسية وجعلها وبفضل عملية التنشئة كقيم لتخطيط شخصيات الافراد على ضوءها
2- دعم المؤسسات التمثيلية وذلك عبر وضع برامج تهدف الى تقديم الارشاد والمعونة الفنية في مجال العمل السياسي البرلماني
3- تنمية حقوق الانسان والمواطنة كحقيقة قانونية وليس فقط كخطاب سياسي ليس فقط موجهة اتجاه افراد المجتمع وإنما ايضا النخبة السياسية التي لابد ان تعمل الالتزام بها وممارستها فعليا في تعاملهم مع المواطنين وفيما بينهم. فلا يمكن تنمية الديمقراطية ان لم يكن حكم القانون هو القاعدة الرئيسية في تنظيم المجتمع. والمقصود هنا بسيطرة القانون ليس فقط معنى دولة القانون والذي يعني أن كل المؤسسات والتنظيمات المتواجدة على ارض المجتمع خاضعة إلى قانون أساسي هو الدستور الذي يقع على كاهله تنظيم الحياة السياسية والعلاقات بين الحكام والمحكومين، بل تعني فكرة سيطرة القانون استقلالية السلطات القضائية بقراراتها وأحكامها ووضوح نصوص القوانين وتعريف ماهيتها وأهدافها والغايات المقصودة من وجودها لكل المواطنين بدون أي استثناءات اجتماعية كانت أو اقتصادية أو ظرفية،أي بمعنى شموليتها على الكل في التطبيق وفي الممارسة 6.
4- التأكيد على دور الفاعلية السياسية للمواطنين وذلك عبر تنمية روح الارتباط بشكل أوثق وبصورة ايجابية في الإجراءات السياسية والتطبيقات الديمقراطية. بعبارة ثانية تتجلى هذه الفاعلية في رغبة المواطنين التأثير على سير العملية السياسية داخل النظام، رغبة تجسدها سلوكية المواطنين المتغيرة اتجاه ممثليهم وقياداتهم الحكومية ليس من خلال ورقة التصويت فحسب، بل من خلال حرية توجيه النقد والمطالبة بمحاسبة تصرفات ممثليهم وقياداتهم 7.
خلاصة القول تحتاج عملية إنجاح تنمية الديمقراطية التركيز على التعليم الديمقراطي بشكل افقي وعامودي في نفس الوقت.
المراجع :
1. د.أحمد درويش : تحديات الهوية العربية بين ثقافة العولمة وعولمة الثقافة ، مجلة المسلم المعاصر العدد 98 ص 6 القاهرة فى ديسمبر عام 2000 م.
2. د. كمال عبد اللطيف : المشروع الحضاري العربي ص 53، 54 مجلة الطريق العدد 1 يناير ، بيروت عام 2000م .
3. د.احمد صابر حوحو، مبادئ ومقومات الديمقراطية، مجلة المفكر، العدد الخامس، ص 323، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة.
4. أ.مساعيد فاطمة، التحولات الديمقراطية في امريكا اللاتينية: نماذج مختارة، دفاتر السياسة والقانون، عدد خاص ابريل 2011،
5. د.سويم ألعزي، علم النفس السياسي، قراءة تحليلية نقدية،اثراء للنشر ولتوزيع ، ط1 ، 2010.
6. علي خليفة الكواري، دراسة حول مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية، العدد 30 من سلسلة كتب المستقبل العربي حول الديمقراطية والتنمية الديمقراطية في الوطن العربي، بيروت 2004 ص 93.
7. الدكتور محمد أحمد المقداد، الاسس والمرتكزات اللازمة للتحول الديموقراطي في الوطن العربي ، مركز الرأي للدراسات حزيران 2011، http://www.alraicenter.com/index.php?option=com_content&view=article&id=292:2011-06-26-07-27-32&catid=14:2010-11-03-16-58-11&Itemid=4



#علياء_العزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة سياسية في مذكرات نوري السعيد


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علياء العزي - بناء المجتمعات الديمقراطية في العالم العربي