أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد طيباوي - • قراءة مقالة من كتاب : - الإنسانية والوجودية في الفكر العربي - ل عبد الرحمن بدوي تحت عنوان : • النزعة الإنسانية في الفكر العربي















المزيد.....



• قراءة مقالة من كتاب : - الإنسانية والوجودية في الفكر العربي - ل عبد الرحمن بدوي تحت عنوان : • النزعة الإنسانية في الفكر العربي


سعاد طيباوي

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 00:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لقد تعددت الدراسات الإنسانية سواء التي تختص بدراسة الإنسان في حد ذاته أو التي تدرس الدراسات التي اهتمت بالإنسان ، أو التي ترصده كمعطى داخل التاريخ ، فالإنسان مفهوم جوهري أخذ الكثير من الاهتمام في مختلف الفلسفات، النسقية منها وغير النسقية عبر مختلف الحقب التاريخية ، فالإنسان كدارس في مرحلة ما ، وكموضوع للدراسة في مرحلة أخرى ، أعطى حيوية للفعل الفلسفي بوجه خاص ، والفكري بوجه عام ، وكل ما يمكن أن يعطي للإنسان مفهوما ودورا أساسيا يدخل ضمن تكريس انسانيته، وهذا ما حاول أن يفرضه الإنسان على وجوده والوجود ككل ، أن يكون هو مركز كل شيء ، وهذا ما سعت إلى تحقيقه وبلورته النزعة الإنسانية كاتجاه فكري وفلسفي يحاول أن يعطي المركزية للإنسان ، للعقل لكل ما هو إنساني ، وينقص من كل ما يحاول العلو عليه ، بل جعل الإنسان هو العلو ، كل هاته الأفكار وغيرها حول النزعة الإنسانية يحاول الكثير أن يرجعها إلى الغرب ، ويجعلها تقتصر عليه فقط ، وكان الحديث عن هاته النزعة لا يحضر إلا بحضور الغرب . لكن هناك من يؤيد هذا ، وهناك من يفنده ، فهناك من يقول بوجود النزعة الانسانية في الفكر العربي ، وهناك من يرى العكس في ذلك لا وجود لإنسية عربية ، كل هاته الآراء المختلفة حول واقع النزعة الانسانية في الفكر العربي ، وإمكانية تواجدها ، أم لا ؟ ، وهل فعلا مقتصرة على الغرب فقط لا غير ؟ لها حججها وما يبررها ، وسوف نأخذ نموذجا عنها ، ألا وهو رأي عبد الرحمن بدوي (1917- 2002 م)، وهو أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين ، وأغزرهم انتاجا اشتملت أعماله أكثر من 150 كتابا تتوزع ما بين التأليف ، والترجمة ، والتحقيق ، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة العرب أنه أول فيلسوف وجودي مصري ، وذلك لشدة تأثره ببعض الفلاسفة الوجوديين .
وسوف نرى موقف بدوي حول النزعة الإنسانية في الفكر العربي ، وكيف أسس له ، والحجج التي استند إليها من أجل تبرير موقفه ،وسنرى معه ، هل صحيح النزعة الإنسانية لها وجودها وحضورها العربي أم لا ؟. هذا ما أراد عبد الرحمن بدوي أن يوضحه في كتابه " الإنسانية والوجودية في الفكر العربي " ضمن مقالته " النزعة الانسانية في الفكر العربي " التي من خلالها أراد الرد على كل من قال بحكرية الغرب لهذه النزعة وبأنهم هم أصحابها ، ونفيها كل النفي عن الفكر العربي . وقد تمحورت الفكرة العامة لهاته المقالة حول : حضور النزعة الانسانية في الفكر العربي .وبالتالي في ظل هاته الفكرة سنحاول الاجابة على الاشكالات التالية : هل هناك انسية عربية حسب بدوي ؟ وإن كان كذلك ، كيف كان حضورها في الفكر العربي ؟ وما هي أهم الخصائص التي تميزت بها ؟
فسنحاول إذن تسليط الضوء على هاته المقالة بالدراسة والتحليل والنقد ، للإجابة على هاته الاشكاليات ، ونوضح بالتفصيل ما أراد عبد الرحمن بدوي طرحه والوصول إليه من أفكار وهذا من خلال الخوض في تفاصيل بالتعرض لحيثيات للفكرة العامة للمقالة ، وهذا بتحليل أفكارها الجزئية ، وذلك باستخدام المنهج التحليلي النقدى الذي يتناسب وطبيعة المقالة ، ناهيك عن دراسة المقالات في حد ذاتها تتطلب التحليل والنقد خصوصا الفلسفية منها ، بغض النظر عن طبيعتها .
قبل أن نتطرق لما طرحه بدوي حول النزعة الإنسانية سوف نتعرض لها بطرح معجمي نوضح به مفهوم النزعة الإنسانية بصفة عامة وأهم ما تحمله من معاني .
أولا : مفهوم الانسان
أصله انسيان لان العرب ، لان العرب قاطبة قالوا في تصغيره " انسيان " ، وهو إما فعليان من الانس ، والألف فيه فاء الفاعل ن وإما افعلان من النسيان حتى قيل أنه سمي انسان لأنه عهد إليه فنسي ، والإنسان للذكر والأنثى ، ويطلق على أفراد الجنس البشري.1
- أما في الفلسفة نجد تعاريف متعددة حيث ان الفلاسفة وضعوا عدة مفاهيم :
1- الانسان الصانع : من جهة أنه يصنع نفسه ، يصنع الموجودات التي يتم بها وجوده
2- الانسان العاقل : من حيث كونه يفكر ، ويتولد وجوده من تصوره ، حيث كونه موجود لذاته .
3- الانسان الاقتصادي.2
• ويرى الإلهيون أن الإنسان هو المعنى القائم بهذا البدن ، ولا مدخل للبدن في مسماه ، ليس المشار إليه بأنا هذا الهيكل المخصوص ، بل الإنسانية المقومة لهذا الهيكل ، إذن الإنسان شيء مغاير لجملة أشياء البدن.3
• أما جمهور المتكلمين فيرون أن الإنسان هو عبارة عن هذه البنية المخصوصة المحسوسة ، وعن هذا الهيكل المجسم المحسوس ، فإذا قال : أنا أكلت ، وشربت ، ومرضت ، وخرجت ، ودخلت ، وأمثالها ، فإنما يريد بذلك البدن ، وعبارة الاشعري : إن الإنسان هذه الجملة المصورة ذات الأبعاض ، والأبعاد ، والصور.4
ثانيا : مفهوم النزعة الانسانية
• حركة فكرية يمثلها " انسانويو" النهضة ( بترترك ، بوغيو ، لورانت غالا ، اراسم ، أولريخ ، دوهوتن ) ، وتتميز بمجهود لرقع كرامة الفكر البشري ، وجعله جديرا ذا قيمة ، وذلك بوصل الثقافة الحديثة بالثقافة القديمة ، فيما يتعدى العصر الوسيط ، والمدرسية ، " ليست الانسانوية حب العصر القديم وحسب ، إنها عبادته العبادة المدفوعة بعيدا جدا لدرجة أنها لا تكفي بالعبادة ، بل تبذل جهدا في سبيل التكاثر . وليس الإنسانوًّ هو الانسان الذي يعرف القدامى ويستوحي منهم ، إنه ذلك الذي يكون منبهرا منسحرا بنفوذهم وسحرهم لدرجة أنه يقلدهم حرفيا ، يحاكيهم ، يكررهم ، يتبنى نماذجهم ، آلهتهم ، روحيتهم ولغتهم .5
إذن هاته المفاهيم السابقة هي المفاتيح الأساسية لما سيطرحه عبد الرحمن بدوي ، الذي استهل رأيه بالحديث عن ذلك الفعل الأصيل للإنسان في تحقيقه ممكناته في الوجود من أجل اثبات ذاته وبسط قوته ، إذ أنه وجد هذا لا يتحقق إلا بالتوجه نحو نفسه ، أي نحو الذات لا الموضوع ، وهنا يكمن جوهر النزعة الانسانية ، والتي بدأ بدوي الحديث عنها بطرح مفاهيمي يبحث في المفاهيم الأساسية في هاته النزعة والدوافع التي جعلت الانسان يعود إلى ذاته ، وكيف ساهم هذا في تشكيلها كنزعة قائمة بذاتها .
فالدوافع إذن التي جعلت الانسان باعتباره الأصل أو بالأحرى الجذر الرئيسي للنزعة الانسانية ينحو منحا ذاتيا ، هو كون الانسان كائن بين وجودين لا متناهيين الوجود المطلق ، والعدم المطلق ، ولذا كان وجوده نسيجا من كلا النقيضين ، حسب بدوي إذ يقول في هذا الصدد : " الانسان وتر مشدود على الهاوية الفاصلة بين لا نهايتين الوجود المطلق والعدم المطلق "6، ولهذا الإنسان يصبح حائرا بين تأجج كلا الوجوديين ، ونصيبه منهما يكون متفاوتا ، فيحاول أن يسد الهوة بينهما ويخضع أحدهما للآخر ، كعلاقة الخالق بالمخلوق على حد تعبير بدوي، لكن يبقى ما يجعله يتجه نحو نفسه نحو ذاته كي يصنع وجوده الخاص، الوجود الإنساني، الإنسان بما هو إنسان، والإنسان حتى وإن نسى أو تناسى هذا الأصل ، فانشق عن نفسه وفرض عنصرا من عناصره الوجودية على الأخر حتى يجعل الصلة بينهما صلة الخالق بالمخلوق او العابد بالمعبود حسب بدوي ، لكن سرعان ما يعود الى منبعه الأصيل لوجوده المحض أي الى نفسه وهذا من أجل أن يستمد منها معايير التقويم ، فهنا يحضر نتشه الذي يرى أن الإنسان كائن مقوم ، هو الذي يمنح الأشياء قيمتها، وعليه يبدأ لحظة جديدة بمجرد عودته لذاته، وهاته العودة لها دورها في التطور الحضاري داخل الحضارة الواحدة ، فتشكل مركز الصدارة في كل مراحلها.
وبالتالي فكل حضارة اكتملت دورتها الحضارية قد مارست الفعل الإنساني المحض، وهو العودة إلى الذات ، ، وما اختلاف الحضارات إلا شكليا ، وبالتالي لا يمكن حصر النزعة الإنسانية على الحضارة الغربية أو الفاوستية فحسب ، حسب ما يقول البعض ، وإنما النزعة الإنسانية مست كل الحضارات التي اكتملت دورتها الحضارية ، حسب بدوي ويظهر هذا في قوله : " ولا بد لكل حضارة ظفرت بتمام دورتها أن تقوم روحها بهذا الفعل الشعوري الحاسم ، ولهذا كان علينا أن نتفقده في الحضارات التامة النمو على تعددها ".7 ويرجع بدوي القائلين باقتصار النزعة الإنسانية على الفكر الغربي إلى قصر البعد التاريخي لديهم ، أو خداع المنظور ، أو عدم فهم المدلول الحقيقي لهاته النزعة ، أو عدم التنبه للمواضع الصحيحة في الحضارة الواحدة لتلك النزعة ، لكن هاته الأسباب أكثرها في طريقها للزوال، وهذا بفضل فلسفة الحضارات ، وفلسفة التاريخ و التأريخ عند أصحاب المذهب الوجودي، هذا ما فتح آفاق واسعة للفهم التاريخي الصحيح .
وعليه بفضل هذا المنظور التاريخي الوجودي الجديد، أصبحت هناك عودة للفكر اليوناني، والكشف عن النزعة الإنسانية داخل ثناياه ، وبالضبط عند السفسطائية ، التي بفضلها شهدت الحضارة اليونانية تحولا كبيرا، استطاعت السفسطائية بعودتها إلى الإنسان أن تضع الحضارة اليونانية في محورها الحاسم، هذا ما استطاع كل من "بيجر قرنر" ، "وجوزيف سيتا " الكشف عنه والتوصل إليه، والرد عن الذين يحصرون النزعة الإنسانية في الفكر الغربي .
وعليه فعبد الرحمن بدوي الذي رأى أن النزعة الإنسانية أصبحت شائعة الاستعمال واستخلص منظورين لها في تحديد مفهومها : الأول تاريخي ، والثاني مذهبي ، أما الأول فمثلته "بيجر" وأتباعه الذين يمثلون النزعة الإنسانية الجديدة ، ويهدفون الي احياء التراث اليوناني القديم ، من أجل خلق نزعة إنسانية جديدة تضاهي النزعة الإنسانية التي ظهرت في اوربا من القرن الرابع عشر إلى السادس عشر، ونفس الشيء نجده عند "سيتا " ، إلا أنه يميل إلى استلهام النزعة الإنسانية الحديثة في ايطاليا. هذا بالنسبة للمعنى التاريخي للنزعة الإنسانية، أما المذهبي ، ويمثله التيار الوجودي الذي يختلف اختلافا ظاهرا عن المعنى التاريخي كونه لا يعمد إلى تجربة روحية تاريخية ، حسب طرح بدوي ، بل هي مذهب قائم بذاته ، تهدف إلى فهم الوجود من خلال الإنسان، وترى في الوجود الحقيقي هو الوجود الانساني ، وكل شيء ينطلق من الإنسان ويعود إلى الإنسان . " فالوجودية ترى أنه لا وجود لطبيعة إنسانية، بما أنه لا وجود لإله يمكنه تصورها. لا يكون الإنسان شيئا آخر سوى ما يصنعه بنفسه بعد هذه الوثبة نحو الوجود .ذلك هو أول مبدأ للوجودية ".8
هذا بالنسبة للنزعة الإنسانية في الغرب يرى، أما فيما يقابلها عند الغرب يرى بدوى أنها في الحضارة العربية لم تثر بصورة واضحة إلا عند باحث واحد " كارل هينرش بكر"* هذا الباحث الذي أقر بالقول أن الأنسنة وجدت نفسها في الغرب، وتعتبر هي التجربة الحية والحاسمة لديه ، وفي مقابل هذا تساءل عن حضورها في الشرق ، لكن بشكل إنكاري يستبعد كل تواجد لها في الفكر العربي ، وحاول البحث عن أسباب غيابها ، ورأى بأن ظهور النزعة الإنسانية في الفكر العربي يكون بنفس الشكل الذي أخذته في الحضارة الغربية ، رغم كل الاختلافات البينة بينهما .
ففي رد بدوي على " كارل هينرش بكر" الذي يرى عدم وجاهة رأيه، كان نفس الكلام الذي قاله في البداية فلكل حضارة خصوصيتها ، وروحها الخاصة بها ، وهذا المنظور قد يقوده إلى الرأي الصواب ، ويجعله ينقب عن النزعة الإنسانية في الفكر العربي، إذا تنبه له، وهذا ما أراد بدوي أن يصل إليه ويوضحه ، أن النزعة الإنسانية بمعنييها التاريخي والمذهبي لها تواجدها في الفكر العربي ، وهي مستخلصة من روح الحضارة العربية ، ولا يمكن إحياء تراث حضارة ما في حضارة أخري، تختلف عنها في كل المعطيات، وبالتالي فإن النزعة الإنسانية تولد من الروح الخاصة بحضارة دون أخرى ، فإذا كان ظهور النزعة الإنسانية الغربية ناتج عن إحياء التراث اليوناني ، فهذا لا يعني بالضرورة نفس العلة أي إحياء التراث اليوناني في الفكر العربي سوف يولد النزعة الإنسانية فيه ، لان النزعة الإنسانية غير مرتبطة ومرهونة بالتراث اليوناني ، فكل حضارة تخلق الأنسنة الخاصة بها حسب العوامل والظروف التي نشأت فيها والروح التي تميزها عن غيرها . كما أن النزعات الإنسانية لكل الحضارات تشترك في الصفات العامة وتختلف في الصفات الخاصة بكل حضارة، كما أن النزعة الإنسانية تتواجد إلا في الحضارات العالية. ومن هاته المنطلقات أراد بدوي أن يثبت وجود النزعة الإنسانية في الفكر العربي ، ويوضح خصائصها التي تتميز بها انطلاقا من ما تكتسيه الحضارة العربية من أهمية ، وما تحمله من خصوصية تميزها عن باقي الحضارات الأخرى ، وهذا بالضرورة ينعكس عن الأنسنة العربة، التي في الطرح الموالي يوضح بدوي الخصائص التي تميزت بها. بعدما تعرض عبد الرحمان بدوي في استهلاله الذي طرح فيه مفهوم النزعة الإنسانية وكيف انبثقت ، وهذا بطرح تاريخي انتقل بذلك إلى التحدث عن النزعة الإنسانية من ناحية التنقيب عن خصائصها التي تتميز بها ̹-;- و التي بمعطى كلي تشكل السمة الأساسية للنزعة الانسانية بصفة عامة وهي أن مقياس كل شيء الإنسان، وهو الذي يشكل المفهوم المحوري والمركزي فيها وتنطلق منه كل الأفكار التي بنيت على أساسها النزعة ككل . التي كان لها وجودها القوي في التاريخ الفلسفي .
وتعتبر السفسطائية أول من أدرجت مفهوم الإنسانية في الفلسفة بصفة عامة واليونانية ̨-;- إذ تعكس مقولة بروتاغوراس أحد فلاسفة السفسطائية ˸-;- " الإنسان مقياس كل شيء ماهر كائن بما هو كائن وما هو غير كائن بما هو غير كائن " ، وهنا بروتاجوراس من خلال قوله هذا يوضح أن الإنسان هو الفرد من حيث هو كذلك، ولا يقصد الإنسان من حيث ماهيته النوعية 9، وبالتالي مع بروتاجوراس تنبثق الجذور الأولى للنزعة الإنسانية ، التي أراد بدوي أن يعود إليها عودة تاريخية يظهر بها كيف ظهرت هاته النزعة تاريخيا ، قبل أن يأخذ بتفاصيلها في الفكر العربي .
فهذا التوجه نحو الإنسان مع السفسطائية أرادوا به انقاد الإنسان من ضياعه مع الأشياء الخارجية ومحاولة إخراجه من عالم الطبيعة الخارجية وعالم الألوهية ورد الاعتبار له ، ففي عالم الطبيعة الخارجية تبين لهم أنه لا يوجد شيء هو واحد في ذاته وبذاته ولا يوجد شيء يمكن أن يسمى ، وأن يوصف بالضبط لأن كل شيء في تحول مستمر 10، وتشمل المادة على العلل الخاصة بكل الصفات التي تظهر أمام الجميع والناس يدركون صفات مختلفة في أوقات مختلفة11، وهذا راجع إلى أحوالهم المختلفة ، أما عن عالم الآلهة فلبروتاغوراس رأي في ذلك إذ يقول : " إما فيما يتعلق بالآلهة فلست أدري إن كانت موجودة أم لا وعلى أي شكل تكون لأن أسباب الجهل بهذا الأمر كثيرة وأولها غموض الموضوع وثانيهما قصر الحياة ".12
فبعدما تكلم بدوي عن هذا التواجد للنزعة الإنسانية في الفكر اليوناني انتقل بذلك للحديث عن حضور هاته النزعة في الفترة الحديثة التي احتضنت النزعة الإنسانية بقوة بعدما ما عاشه الإنسان الأوربي في القرون الوسطى فأراد أن يرد الاعتبار للذات الغربية ، وهذا بالعودة الى ما قبل القرون الوسطى أي العودة إلى الفكر اليوناني ، إذ بدأت تظهر النزعة الإنسانية بين نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر ، " ليعود الاهتمام بثقافة القدماء الدنيوية وظهر ذلك جليا في جميع الفنون والعلوم وكان يمثل خروجا من التراث الكنسي السائد في العصور الوسطى ، فبينما كانت الاهتمامات اللاهوتية تسود الجو العام في العصور الوسطى أصبح مفكرو عصر النهضة أكثر اهتمامات بالإنسان ومن هذه الحقيقة استمدت الحركة الثقافية الجديدة اسمها وهو النزعة الإنسانية ".13
ومن رجال هذه النزعة " تبررك ̋-;- الذي حاول أن يرد كل شيء إلى الذات وأن يفرض عليها نوعا من الاستقلال بنفسها حتى لا يكون للخارج تأثير عليها أيا كان إذ يقول : ̋-;- فكل ما هو خارج عن ذاتك ليس منك ولا إليك ، وكل ما هو لك حقا هو عندك ومعك وما في وسع شيئا أخر أن يعطيك شيئا ولا أن يسلبك شيئا ̋-;- 14 ، ولقد اهتم رجال النزعة الإنسانية في ايطاليا بإيجاد أسلوب في الحياة العملية وفي الفن أكثر من اهتمامهم بالجانب الميتافيزيقي لها ، ونراه عند بركلسوس ومونتي هذا فيما يخص الخاصية الأولى .
هذا بالنسبة للخاصية الأولى ، أما الخاصية الثانية هي الإشادة بالعقل ورد المعرفة إليه حيث النزعة الإنسانية الأوربية تقوم في جوهرها على أساس ̋-;- الشعور العالي بأن العالم الإنساني الحقيقي يقوم في الاستقلال المطلق للعقل̋-;- 15، ونجده عند ملانشتون في جعله أساس المعرفة عامة هو النور الطبيعي أي العقل الإنساني ، وبالتالي فالعقل هو مركز الإنسانية وهو أساسها ، وبالتالي يؤكد نفسه من خلاله ويفرضها عليه أي مكان الإنسانية ، والإنسان في هذا الاتجاه إلى الطبيعة عامة يخضع لعاملين : الأول غزو الذات للموضوع بفرضها قيمها عليه واستخدامه كأداة لتحقيق إمكانياتها ، بوصفه علم أدوات ، والثاني معارضة الألوهية بالطبيعة بعد الاستيلاء على الأخيرة ، فتقوم هي بمعونته وتتخذها مددا له في غزوه للملكة الوحيدة الباقية مملكة الألوهية ، بالمعنى أن النزعة الإنسانية هي وجهة النظر القائلة بأن الإنسان لا يحيا إلا حياة واحدة ، وأن عليه أن يستغلها بقدر استطاعته في العمل الخلاق وتحصيل السعادة ، وأن السعادة البشرية تبرر نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى ضمان أو دعامة من مصادر عالية على الطبيعة ، وأن العالي على الطبيعة الذي يتصور عادة في شكل آلهة سماوية أو خبرات مقيمة ليس موجودا على آية حال وأن البشر يستطيعون باستخدام عقولهم الخاصة والتضافر معا بحرية إن يشيدوا صرحا من السلام والجمال على هذه الأرض.16
ومن هنا كانت الخاصية الثالثة للنزعة الإنسانية هي تمجيد الطبيعة وأداء نوع من العبادة لها فالعبادة الإنسانية للطبيعة هي نوع من عبادة العاشق لمعشوقة الأليف الأثير لديه ، ففلسفة النزعة الإنسانية تسعى على الدوام إلى تذكير الناس بأن مقرهم الوحيد وهذه الحياة الدنيا.17
كذلك الطبيعة في النزعة الإنسانية هي من صنع أولئك يعشقونها وأقاموا لعبادتها المراسيم والطقوس ، كما أنها تفند كل إشكال العلو على الطبيعة وترى أنه لا يوجد إلا نظام واحد للوجود هو العالم الطبيعي وأن الإنسان كائن طبيعي ، وأن الإنسان كائن طبيعي فحسب ليس لسعادته ورخائه من مصدر سوى جهوده الخاصة أي لا يعتمد فيها على شيء18، وإن كان فلا بد من فهم مدلوله الأعمق بالرجوع إلى السفسطائية في قولها أن الإنسان هو مقياس الأشياء لكي تتحقق هذه الذات خارج نفسها في العالم إن الأشياء تعود إلى الذات في تحديدها وليس العكس .
والنزعة الإنسانية الأوربية في عصر النهضة لم تعد الطبيعة كما كانت تنظر إليها الاسكلائية إنها في مقابل اللطف الإلهي والطبيعة الإنسانية فاسدة بسب الخطيئة الأولى ولا سبيل لإصلاحها من فعل طبيعي إلا بفعل خارق خارج عن الطبيعة بفضل الله ، مما يلزم ذلك جزءا من العالم الإنساني ويكشف عن شعوره بذاته ليتولد له شعور بالسيطرة على الطبيعة الخارجية ، ونشأ من هذا الشعور التقدم في العلم وبالتالي في تطور الإنسانية ويكون كذلك ردا على كل تعاليم النزعة الاسكلائية التي تحكمها الطبيعة الديالكتكية .
كما أن الخاصية الرابعة مميزة بطابع جوهري وهو أن التقدم إنما تم فقط بفضل الانسان وقواه الخاصة لا بقوة خارجية أو عالية على الكون والعقل الذي تشيده النزعة الإنسانية بعيدا تماما عن كل التجريد الأجوف وبما يربطه بالموضوعات الخارجية في مواجهتها الذي يعتمد بدوره على الحدس العيني .
وبهذا تمتاز بنزعة خامسة وأخيرة النزعة الحسية الجمالية التي تميل للرجوع إلى العاطفة واستلهامها وإدراك الوجود ويبدو إن الإنسانيون عمدوا إلى فتح نافذة يدخل منها هواء نقي كما أنجزوا العديد من الأعمال التي تستهوي النفس.19
بعد تناولنا لخصائص النزعة الإنسانية في العالم الغربي ، سنحاول أن نبرز خصائصها في الحضارة العربية ، وهذا عائد طبعا إلى أن الكتاب أساسا يحاول أن يؤكد على وجود هذه النزعة في حضارتنا وتراثنا العربي .
وقبل أن ندخل في صميم الموضوع، يحاول بدوي أن يحدد معنى وإطار الحضارة العربية ، إذ يشدد على التفريق بين الحضارة العربية والحضارة الإسلامية ، والتي يحدد إطارها المكاني الذي يمتد من الشمال من منطقة " تسودها " مدينة " الرها " ، وجنوبا كل من سوريا وفلسطين ومصر ، وشرقا نهر "سيحون" ، فهي تشمل ايران كلها ومن الغرب بالبحر الابيض المتوسط والجنوب الأقصى نجد بلاد العرب ، وفي أقصى الشمال مدينة "بيزنطية" ، وهذا التحديد هو نفسه تحديد "اشبنجلر" ، وأما عن التحديد التاريخي فقد ظهرت في القرون الخمسة لميلاد المسيح .
لقد سادت في هذه البلاد عدة عقائد في مراحلها المتعددة، لذا حاول بدوي أن يضع مجموعة من الحقائق التي تخص هذه البلاد ويلخصها في هذه النقاط .
1) أن مهد الحضارة العربية ،هو بلاد ايران والفرات ودجلة وبني إسرائيل ، وأن أصولها الروحية المستمدة إذا من الديانات السماوية عند الفرس واليهود و الكندانين، في الفترة ما بين سنة 800 ق.م و السنة الأولى من ميلاد المسيح .
2) إن المدنية الإسلامية إنما تكون طورا من أطوار الحضارة الإسلامية .20
إن ما يريد بدوي تأكيده أيضا هو أننا ننسب إرثا ما للحضارة العربية انطلاقا من اللغة العربية أو الإسلام أو كلاهما معا. ويحاول أن يؤكد في مقاله هذا أن التكلم عن هذه النزعة فقط بالنسبة لمن كتبوا بالعربية ، أو من عاصروا الإسلام .
يبدأ بحثه وفهمه لهذه النزعة انطلاقا مما قبل الوصول لذروة هذه الحضارة ، على أساس وضحه كاتب المقال ، وهو أساس منطقي تسلسلي تاريخي ومنهجي أيضا يحسب له ، فقد أكد أنه يتوجب قبل الدخول أو البحث عن هذه النزعة مباشرة ، وإنما تناولها في ما قبل الحضارة العربية بمفهومها الحالي لان مثل هذه الظواهر الإنسانية لا تأتي دفعة واحدة وإنما بتدرج وتَمرحل، وهذا بمرور الزمن اضافة إلى تراكمها مع ما يحيط بها من العالم الخارجي . وقد أعطى بدوي مثالا على التوصيف السابق ، وأشار إلى الحضارة الغربية وبالتحديد "الفاوستية " وتمرحلها .
أما عن صور النزعة الإنسانية التي أشار إليها الكاتب في الحضارة العربية ، فقد تعددت وتميزت وتفردت كما أن لكل تجربة خصائصها أيضا ، لذا سنحاول أن نضعها في مجموعة نقاط .
1) النزعة الإنسانية لأول مرة في الحضارة العربية تمثلت في عهد " كسرى انوشروان" ، وهو ملك مستنير أفلاطوني النزعة اهتم كثيرا بالمسائل الفلسفية والفكرية . أما عن ممثل النزعة الانسانية في أيامه فقد كان هو "بروزيه" كان هذا الرجل كثير الشك في جميع الاديان لأنه لم يجد أجوبة تشفي غليله فيها ولا ترضي منطقه أيضا ، وصار ينتقل من دين إلى آخر بسبب مروره بمرحلة الشك واليقين ، فصار قلقا ، ولكنه في نهاية المطاف وجد لنفسه حلا وهو ( ما تشهد الأنفس أنه صحيح وما توافق عليه الأديان ) وعلى هذا الأساس صار راضيا على نفسه . وما هو ملفت في هذه الشخصية هو قلقها وتساؤلها عن مصير الإنسان .
2) إضافة إلى "بروزيه" نجد "بولس الفارسي" الذي يعبر في كتابه "المنطق السرياني" عن تجربته الخاصة وهو تناقض المذاهب الدينية ولكنه في الأخير يفضل العلم على الايمان .
3) سلمان الفارسي : هو شخصية معاصرة ، لأن فهمها حسب بدوي لا يمكن إلا بوضعها في اطار الزماني لـ كسرى ، فقد مر سلمان بفترات نفسها التي مر بها "انوشروان" ففي حياته الروحية وقبل انتقاله لإسلام انتقل من المزدكية ، إلى المسيحية ، ثم المزدكية ، وأخيرا الاسلام حتى أنه سمى " بالأسطورة سلمان "
و أوضح بدوي أن هذه المرحلة لم تكن بصفة تامة او مطلقة فهي ليست ظاهرة بوضوح وارجع الكاتب أن هذا عائد لسبب ، وهو أنها (أي النزعة الإنسانية ) تحت تأثير أجنبي وهو التراث اليوناني في بلاد فارس ولم يرجع إلى الأصول الفارسية الأولى ، إذْ أن مجمل ما أثر على النزعة الإنسانية عند العرب كان يونانيا ومن أمثلة ذلك نجد تأثير كتب أرسطو طاليس وأفلاطون وأفلوطين ، وقد أثر هذا على الأنسنة عند العرب لاحقا .
ولقد نظرت الأنسنة العربية أولا : لإنسان على أنه مركز الوجود وهذا عند كل من ابن العربي، وبراهيم الجيلي ، وما يمكن أن يثنى على جرأة ابن العربي أنه في الفترة التي وجد فيها لم تكن هناك سلطة تراقب الفكر لذا فهو فكر حر ، فالتفكير عادة كان ينصدم مع الحالات التي ترتبط بالواقع، أو تنصدم بالسياسة. وأعطى الكاتب مثالا على ذلك بين السهروردي والحلاج ، إذ يرى بأنهما زجا بنفسيهما في واقع غير ملائم ، ولم يتحاشيا السياسية لَمَا صُلِبَ الحلاج ولَماَ سُجِن السهروردي .
إن نظرته لهذا الحال تنطبق على الواقع أساسا، فالتفكير في العالم العربي كما هو معلوم إذا ما تعلق بالحرية فإن هذه الأخيرة ستكون مرهونة بمدى الحرية السياسة والسلطة ويضيف أن الفكر يكون مضطهدا في حالتين :
1) وجود سلطة روحية ذات نفوذ مادي.
2) وجود سلطان في يد المجموع.
ويقصد بالأخيرة أن تفرض الجموع رأيها على السياسة ويرى بدوي أن كلا الحالتين متفشيتين في الواقع العربي سواء قديما أو حديثا .
إن الحرية بالمعنى الذي يمنح للفكر التقدم بأريحية دون إعاقة حسب صاحب المقال إنما يمكن أن يسمى في حقيقة الأمر عدم اكتراث ، والأكثر من هذا ان بدوي ينتقد هذه الحالة ويصفها " بأنها معيقة للفكر وقاتلة له " 21، ويعتقد بأن الفكر يحتاج إلى نضال وجهاد كي يتسنى له النمو والتقدم . ويبرر صاحب المقال موقفه انطلاقا من التجربة التي مرّ بها الزنادقة في عهد المهدي حيث أن الاضطهاد لم يعق هذه الحركة ، وإنما زادها قوة وعزيمة وحماسة مما أدى إلى نضوج أفكارها وفكرها ، في حين أن الحرية التي وصفها بعدم الاكتراث إنما انتجت ما أسماه بالنضوب الفكري .
ويبرر موقفه هذا انطلاقا من عدم انتشار آراء ابن العربي و السهروردي، وأبي بكر محمد بن زكريا الرازي ، حيث كان من المفترض أن تُحْدِث آراءهم ضجة عارمة وتكون تيارات فكرية لها صداها و تأثيرها البعيد المدى غير ان هذا الذي كان متوقعا لم يحصل وإنما ما حصل حقا هو تأثيرات فردية لا عامة .
وبالعودة إلى الخاصية الأولى ( التي هي اعتبار الإنسان مركز الوجود ) فقد مثلها ابن العربي ، فنجد أن العبارة وردت أكثر من مرة في مؤلفاته ، ففي كتابه " عقلة المستوفر " مثلا خصص بابا كاملا يتكلم فيه على هذه النقطة وحمل هذا الباب عنوان : باب الكمال الإنساني ، حيث تكلم من وجهة نظرٍ دينية على أن الله علم نفسه فعلم العالم ، وهذه نظرة صوفية وردت في احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما انه حسب بدوي تأثر بـ الافلاطونية المحدثة ، ثم بـ اليهودية والديانات الايرانية ، وتتناول هذه الفكرة في مجملها فكرة العالم الصغير والعالم الكبير.
وإضافة إلى هذا فإن ابن العربي تناول فكرة الانسان الكامل ، أو الأول ومن أبرز خصائصه أنه صورة دقيقة كاملة من الله ، وأنه لهذا خليفته على الأرض 22 ، ويرى بدوي أن هذه الفكرة تقترب من التفكير المسيحي وذلك بوصف الله في صورة ناسوت. كذلك أن الإنسان قادر على البلوغ لهذه الدرجات ، التي للإنسان الأول والكامل على اعتبار أن هذه المرتبة تتحقق في النبي . وهي أيضا نظرة صوفية .

وقد تناول جابر بن حيان فكرة الإنسان المطلق، وتناولها تناول علمي حيث أن الحضارة العربية يرتبط فيها الجانب العلمي بالصوفي ، فبالكاد ينفصلان وهذا عائد لثقافة الإنسان العربي الذي لا يستطيع رد الظواهر الانسانية للعلم وإنما يربطها بالخوارق والمعجزات ذات البعد صوفي .
وبالعودة لجابر بن حيان فنجد انه تكلم عن الإنسان المطلق إذ يعتقد أنه " يشتمل على عقل ونفس والطبيعة والكواكب وما أشبهها كأنه كون كامل " 23، ويدخل هذا الكلام في إطار صوفي، أما عن الجانب العلمي فهو يظهر في نظرية التكوين . تقوم هذه النظرية على مبدأ وضعه جابر نفسه وهو " إن الطبيعة إذا وجدت للتكوين طريقا استغنت به عن طريق ثان"24. ومن هذا المنطلق فإن الإنسان إذا عرف سر التكوين في الطبيعة ، فإنه استطاع أن يقوم بدورها فيه . ويقسم جابر الخلق الى نوعين :
- الكون الأول خلقه الله .
- كون ثانٍ وهو ممكن لنا .
" يقول جابر بن حيان " الخلق خلقان أول وثان ، والثاني يشبه الأول لأنه صنعه "25 ، ويرى الباحثون أن النتيجة التي وصل إليها جابر بن حيان تم استخلاصها من الفكر الأفلاطوني ونظرته للعالم الواقعي هو مجرد صورة عن عالم المثل ، إن هذه النظرة العلمية لجابر جعلته يفسر هذه المسألة تفسيرا علميا بعيدا عن الخوارق والمعجزات والتصور الصوفي ، فهي حسبه تتم حسب علم الميزان ويقصد بذلك علم الرياضيات . وانطلاقا من هذا الكلام فإن الانسان بوسعه التحكم في الطبيعة ووجوده ، وقد أُشيد بخبرات جابر ومنطقه ، حيث يعتقد بدوي أنه يمثل مستوى عالي جدا للجسارة الفكرية في ذلك الوقت .
وما يمكن أن نضيفه هنا هو أن وجهة نظر جابر بن حيان في حقيقة امرها تمثل الخاصية الأولى للأنسنة العربية وهي خاصية أن الإنسان مركز الوجود ، حيث أن سيطرت الانسان على الطبيعة التي حوله تعطي لإنسان القوة وتشعره بتحقيق وجوده.
- الخاصية الثانية : فهي تمجيد العقل ، بل والأكثر من هذا فهناك من الهه العقل.
- خاصية الثالثة : تمجيد الطبيعة والشعور بالألفة وهذا عند كل من المتصوفة والفلاسفة الطبيعيين.
- الخاصية الرابعة : تقدم العلوم ومنها تقدم الإنسانية. وهذا معناه ان تقدم العلم لم يكن حصرا على الحضارة الفاوستية وإنما موجود في الحضارة العربية غير انه لم يكن بتلك الجرأة التي تسمح له بالانتشار بل كانت في معظمها محدودة .
بعدما عرض عبد الرحمن بدوي كيف نشأت النزعة الانسانية في الفكر العربي في مرحلتها الجنينية ، وكيف تبلورت بشكل جلي حتى رسمت معالمها الخاصة بها ، كنزعة تميز الفكر العربي عن غيره بما يحمله من خصوصية دينية واديولوجية انعكست على خصائص هاته النزعة كما وضحها بدوي بشيء من بالتفصيل ، ولعل السمات البارزة للنزعة الإنسانية العربية كما ذكرها بدوي تتمثل في أربعة خصائصه أولها تأليه الإنسان، وهذا ما ظهر عند ابن العربي ، وثانيها تمجد العقل ، وثالثها تمجيد الطبيعة ، ورابعا تقدم العلوم . كما أن النزعة الإنسانية العربية استلهمت واكتست خصوصيتها من الوحي سواء الإسلامي أو المسيحي ، كذلك الأفلاطونية المحدثة ، بالإضافة ، البراهما في الحضارة الهندية . هذا ما حاول بدوي تبيينه كخطوة سابقة لتكلمه عن المعالم الأساسية للنزعة الإنسانية في الفكر العربي .
إذن انتقل بدوي بعدما تكلم عن خصائص النزعة الإنسانية العربية إلى الحديث عن معالمها ، وهذا كما قال هو ردا على الذين يفندون وجود هاته النزعة في الإسلام ، وأنها لم تكن فقط مقتصرة على المتوحدين الشواذ على حد تعبيره المتواجدين في البيئة الفكرية العربية ، وهنا المتوحدين يقصد بهم المتشددين دينيا وفكريا الدين يعيشون العزلة بعيدا عن العامة ، أي يصنعون أوساطا خاصة بهم ، فبدوي أراد أن يوضح عكس ذلك ، ويقول بأن النزعة الإنسانية تشكلت في أوساط كاملة متكاملة ، وبشكل جماعي وليس متفرد كما يضن البعض ، واستدل بدوي على هذا بمؤلفات جابر التي قال بأنها نتيجة عمل جماعي نشأ عن أوساط منظمة وليست عشوائية تسير على تقاليد ثابتة ألا وهي الشيعة والإسماعيلية ، كذلك ابن عربي آراؤه لقيت رواجا واسعا بين أوساط الصوفية كلها بعده ، والأكثر من هذا أن تيارات الصوفية ظهرت وفقا لتعاليم ابن عربي ، التي اعتبرت بمثابة إرثا مشتركا للتصوف في الإسلام، يقول بدوي في هذا الصدد : " وعدتها بمثابة ملك مشترك ثابت للتصوف في الإسلام "26 وهذا دليل جامح على أن النزعة الإنسانية لها حضورها القوي في الفكر العربي الإسلامي.
ويستطرد بدوي أكثر في الرد على المشككين في حضور الأنسنة في الاسلام بمحاججته بالنزعة التنويرية الانسانوية التي تزعمها ابن الراوندي التي كان لها دور كبير في التطور الفكري العربي في القرن الرابع هجري خاصة في أخذه بالبراهمة وكتابه " الزمرذ " الذي يتكلم عن حياة البراهمة ، حيث أخذ أهمية كبرى ، حيث اعتقد الناس في خرافة الراوندي عن البراهمة ، وتوسع الناس في مذهب البراهمة المزعوم27. حيث رد بدوي كثير من تيارات القرن الرابع هجري إلى تأثير فكر الراوندي سواء بالسلب أو بالإيجاب . وهذا ما يدل على تواجد النزعة الانسانية في الفكر الاسلامي ويدمغ في رأي النافين لها .
إذن فقد تعددت وتنوعت التجليات التي تعبر عن النزعة الانسانية العربية في القرن الرابع هجري وهذا بازدهار العلوم التجريبية كالكيمياء والفيزياء والتي تهدف إلى فهم أسرار الطبيعة وإلى توفير الطاقة البشرية المبذولة في تدبير أمور المعاش وكذلك التفت المسلمون الى ثقافات الشعوب المحيطة كما يتبدى ، في كتاب البيروني " تحقيق كل مقولة في الهند من مقبولة في العقل أو مرذولة " ..ويعزي محمد أركون أهمية كبيرة لتعدد الرسائل التي تعالج الصداقة والصديق كملمح مهم من ازدهار النزعة الانسانية وخصوصا لدى مسكويه الذي سعى إلى تأسيس نظرية وضعية ، كما أسس نظرية وضعية في الأخلاق الانسانية مستندا فيها الى التراث اليوناني .28
اضافة إلى هاته الدلائل على وجود النزعة الإنسانية في الفكر العربي يورد عبد الرحمن بدوي نموج واحد فقط عن الشكل التوحيدي للنزعة الإنسانية في الفكر العربي وهي شخصية محمد ابن زكريا الرازي ، وتوحد نزعته أرجعها عبد الرحمن بدوي إلى الوسط الذي كان يعيش فيه ، الذي قال عنه أنه كان بطبعه مضادا للتأثر به وانتشار فكره ، لان الرازي كان متجاوزا لعصره ، كان أعلى مستوى منه، لهذا لم يلق التفاعل الايجابي معه ، ففكر الرازي كان نسيجا وحده ، متكاملا ، قائما بذاته ، ولهذا يثمل أعلى مستويات النزعة الإنسانية في الفكر العربي .
فبهذه المعالم للنزعة الإنسانية العربية ، يعود بدوي إلى نقطة التراث اليوناني ليؤكد أنه لا يمثل رافدا أصيلا لهاته النزعة في الفكر العربي ، وإنما النزعة الإنسانية العربية متأثرة بشكل كبير بالتراث الشرقي، سوء كان إيرانيا ، أو إسرائيليا، أو أفلاطونيا محدثا، اضافة إلى هذا الهندي والبابلي والكلداني ، فهذه الأصول الروحية الحقيقية للروح العربية كما يرى بدوي ، ولهذا من الضروري أن تخرج النزعة عنها وحدها لا غيرها ، وهذا هو حال لسان منطق التاريخ الحضاري ، فلا يمكن أن تشاركها أي حضارة مهما كان رقيها ومكانتها التاريخية ، وهذا ما يجب أن يفهمه بكر وأمثاله ، بل خاطب بدوي حتى الباحثين العرب حتى اليوم أن يفهموا هاته الحقيقة المبنية على هاته الأسس : أولا أن النزعة الإنسانية تولد من روح الحضارة العالية ، أي أن وجودها ضروري فيها ، ثانيا أن الفاعل في ايجادها هو الأصول الروحية التي نشأت في أحضانها هاته الحضارة ، فالجهل بهاته الحقيقة هو ما يجعل بعض الباحثين ينكرون وجود النزعة الإنسانية في الفكر العربي .
بل أن بدوي يشدد عن وجود النزعة الإنسانية بقوة وبجدة عالية ، وخير مثال على هذا السهرودي المقتول ، كان يمثل شعره شعورا ذاتيا بالأصول الحقيقية التي يجب أن تنبثق عنها هذه النزعة ، والتي مستمدة من الفكر الايراني الشرقي ، وهناك نماذج أخرى لا تقل أهمية عن السهرودي ، أمثال جابر بن حيان ، الذي استمد أصوله من هرمس وبلنياس الطواني ، والرازي الذي كان يلوح في الصابئة والحرنانيين ، وأصحاب المذاهب الاثنية ، كذلك ابن عربي الذي كان يخفي إلى ما كان يلوح إليه من الايرانية ، والغنوصية ، والأفلاطونية المحدثة .
فالنزعة الانسانية العربية لها تاريخها وحضورها الخاص، كان ظهورها بداية من القرن الثالث هجري مع الراوندي ، وكان ظهورها الجلي بداية من القرن الرابع هجري ، إلى أن توسعت من الدين ، إلى العلم ، إلى الأدب ، إلى أن تلقتها الصوفية الإشراقية في القرن السادس هجري ، ممثلة في زعيمها الأكبر السهرودي ، الذي أعطى للنزعة وجودا ذاتيا ، ليمثل بذلك ذروة تطورها ، لتستمر وتتسع اكثر مع ابن عربي ومدرسته ، ثم ابن السبعين . ولغاية هاته المرحلة وهي النزعة الانسانية العربية تحمل روحها الخاصة ، وتستمر لتبلغ الصدر الشيرازي ، والدماد ، في القرن الحادي عشر هجري ، لكنها لم تبق بالخصائص التى ميزتها ، فهي قد فقدتها مع نهاية القرن السابع . فهي إذن محصورة بين القرن الرابع والسابع هجري .
فبهذا التحديد التاريخي للنزعة الإنسانية، خاطب بدوي الشباب العربي المنبثق ودعاه الى خلق إنسانية جديدة ، التي لازالت تبحث عن سبيل الوصل إليها ، لماذا قال بدوي لا نعيش معاناة التجربة الإنسانية التي عاشها أسلافنا . فبدوي إذن طرح موضوع النزعة الإنسانية في الفكر العربي ، من أجل خلق وولادة إنسانية عربية جديدة .
النزعة الإنسانية كانت موجودة بين القرنين الثامن الميلادي / الحادي عشر ( أي الثاني / وحتى الخامس الهجري ) في الحضارة العربية ـ الإسلامية الكلاسيكية. وكانت نتيجة التزاوج أو التفاعل بين التراث الإسلامي والفلسفة الإغريقية ، ثم اضمحلت بعد ذلك واختفت بعد أن دخلنا في عصور التكرار والاجترار ، أو ما يدعى بعصر الانحطاط ، واختفائها تزامن مع موت الفلسفة .
وبالتالي فالحضارة العربية والإسلامية شهدت النزعة الإنسانية قبل أوروبا، على عكس ما يتوهم معظم المستشرقين . ففي أوروبا لم تظهر إلا في القرن الخامس عشر، أو السادس عشر أي في عصر النهضة، وهذا يعني أنها تأخرت ستة أو سبعة قرون عن ظهورها في العالم الإسلامي.
أما أركون فيبرهن على أن التيار الإنساني والعقلاني وجد في الحضارة الإسلامية لفترة من الزمن ، ثم سرعان ما اختفى بسبب عوامل داخلية وخارجية ، مادية ومعنوية يطول ذكرها. وهو يرى أن الفلاسفة بالمعنى الضيق والواسع للكلمة هم الذين جسدوا هذا الموقف الإنساني المنفتح على العلوم الدنيوية والعقلانية. بالمعنى الضيق نقصد الفلاسفة المُحض كالفارابي ، وابن سينا ، وابن رشد ، وابن باجة ... الخ. وبالمعنى الواسع نقصد الأدباء.
ومن خلال دراستنا لهذه الجزئية من كتاب بدوي وجدنا أنه يتميز بوضوح الفكرة ، ومنطقية العرض وتسلسله ويبدوا جليا فيه محاولة بدوي إيجاد خلفية تراثية وإسلامية للمذهب الوجودي ، الذي كان من أبرز معتنقيه والداعين إليه المحور الأخير غريب بعض الشيء ولم يوافيه بدوي حقه . كذلك هناك بعض الأخطاء الطفيفة والتي يجب الإشارة إليها عندما يتكلم بدوي عن الحضارة الفارسية فيقول بدلها الحضارة الايرانية ، وهذا خطأ فالأصح هو الحضارة الفارسية ، لأن الايرانية هي دولة حديثة النشوء كما أنها محدودة في حين أن الأولى كانت تضم دويلات لا تصنف اليوم مع الدولة الايرانية .
وما لفت انتباهنا أيضا رأي بدوي في تنامي الفكر وتطوره ، إذ يعتقد أن مضايقة المفكرين وإعاقتهم من شأنها أن تقوم برد فعل عكسي ، إذ أن تقييد التفكير يجعل المفكرين يبحثون عن سبل أخرى من أجل انتشار فكرهم ، حيث أنهم يناضلون من أجل فكرة معينة وأمثال ذلك " الحلاج " و " السهروردي " وغيرهم من المفكرين ، ويمكن إسقاط هذا الطرح على الفكر بصفة عامة فهو غير محصور أو مقصور على جهة دون أخرى .
يمكن الأخذ بهذه الفكرة بحيث أنها يمكنها أن تفسر على الأقل حالات من الفكر الإنساني غير ، أن الحقيقي والمنطقي اكثر هو ان الفكر يتطور ويتقدم أكثر وينضج أيضا في بيئة ملائمة ، بيئة لا تقص من حرية التفكير ولا تضايقه ، ويمكن التماس هذا من خلال التطور الفكري الذي شهده كل من القرن 16 و 17 ، أي في عصر الأنوار ويمكن أيضا النظر إلى عصرنا المعاصر إذا تنامى البحث العلمي والفلسفي والفكري ، بسبب الحرية الممنوحة له.
ومن خلال دراستنا وتحليلنا لمقالة عبد الرحمن بدوي حول " النزعة الإنسانية في الفكر العربي " يمكن أن نستخلص جملة من النقاط نوجزها فيما يلي :
1. الإنسان هو المفهوم الجوهري في النزعة الإنسانية .
2. عودة الإنسان إلى ذاته هي أساس التأسيسي للنزعة الإنسانية .
3. تأجج الإنسان بين وجودين : الوجود المطلق والعدم المطلق ، هو الدافع الأساسي لعودته لذاته ، وهنا تكمن النزعة الإنسانية .
4. السفسطائية هي أولى مظاهر النزعة الإنسانية في الفكر اليوناني ، ولم يكن ظهورها الأول في الفكر الغربي .
5. أساس النزعة الإنسانية الأوربية ، هو العودة إلى التراث اليوناني .
6. الوجود بالقوة للنزعة الإنسانية في كل حضارة عالية اكتملت دورتها .
7. للنزعة الإنسانية معنيين : الأول تاريخي مثلته الإنسية الجديدة ، والثاني مذهبي مثله المذهب الوجودي .
8. تأكيد بدوي على وجود النزعة الإنسانية في الفكر العربي بمعنييها التاريخي والمذهبي . ونقد وتفنيد كل من ينكر وجودها في الفكر العربي .
9. النزعة الإنسانية تولد من الأصول الروحية إلي نشأت منها الحضارة العالية .
10. النزعة الإنسانية تستمد خصوصيتها من روح وخصائص الحضارة التي نشأت منها
11. تتميز الأنسنة العربية بــ : تأليه الإنسان ، تمجد العقل ، تمجيد الطبيعة ، تقدم العلوم .
12. البعد الصوفي للنزعة الإنسانية العربية .
13. المعالم الأساسية للنزعة الإنسانية العربية تبدأ من القرن الرابع هجري ، بعدما مهد لها الراوندي في القرن الثالث هجري ، وتنتهي في القرن السابع مع السهرودي
14. الأصول الروحية للنزعة الإنسانية العربية بصفة خاصة ، والحضارة العربية بصفة عامة ، هي الفكر الشرقي القديم لا اليوناني .
إذن بهاته المعطيات ، والمحاجة التاريخية التي قدمها بدوي استطاع أن يثبت حضور النزعة الإنسانية في الفكر العربي ، وبشكل قوي ، ورد على كل المشككين في تواجدها ، بل أكثر من هذا فطرح بدوي ، لم يكن من أجل إثبات النزعة الإنسانية في الفكر العربي ، لأنه على يقين من أنها سمة أساسية للفكر العربي ، بل طرحها من أجل أن ينادي بخلق نزعة إنسانية عربية جديدة كما فعل أسلافنا من المفكرين ، ونعيش تجربة انسانية ونذوق المعاناة كما ذاقوها هم ، أي نسير على طريقهم ، والإشكال أننا لم نجد الطريق ، لذا كان طرح بدوي هذا من أجل استدراك هذا الطريق . لكنه لم يقدم الحلول والسبل التي نتبعها من أجل هذا الخلق الجديد لإنسانية عربية معاصرة , فكيف يمكن إذن انتاج أنسنة عربية معاصرة ؟ وما هي السبل والطرق المؤدية إليها .





الهوامش :

1- جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، د ط ، 1982 ، ج 1 ، ص 155.
2- ناجم مولاي ، مفهوم الانسان الكامل في الفكر الصوفي ، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية ، جامعة عمار ثليجي ، الاغواط ، العدد 7 ، جانفي 2012 ، ص 133.
3- جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ،ج1، ص 156 .
4- المرجع نفسه ، ص ص 156- 157.
5- اندري لالاند ، الموسوعة الفلسفة ، الموسوعة الفلسفية ، تر : خليل أحمد خليل ، اشراف : أحمد عويدات ، منشورات عويدات ، بيروت – باربس ، ط 2 ، 2001 ، ص 566 .
6- عبد الرحمن بدوي ، الانسانية والوجودية في الفكر العربي ، وكالة المطبوعات ، دار القلم ، الكويت ، دار القلم ، بيروت ، 1982 ، ص 13 .
7- المرجع نفسه ، ص 14.
8- جون بول سارتر ، الوجودية منزع انساني ، تر: محمد نجيب عبد المولى ، وزهير المدنيني ، دار محمد على ، تونس ، ودار التنوير للطباعة والنشر ، بيروت ، ط 1 ، 2012 ، ص 31 .
9- يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، مصر ، دط ، 1936 ، ص 59 .
10- المراجع نفسه ، ص 60 .
11- محمد فتحي عبد الله ، علاء عبد المتعال ، دراسات في الفلسفة اليونانية ، دار الحضارة للطباعة والنشر، مصر ، د.ط ، ص 138.
12- أميرة حلمي مطر، الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، د.ط ، 1998 ، ص 121.
13- برتراند راسل ، حكمة الغرب ، ترجمة فؤاد زكريا ،عالم المعرفة ، ،الكويت ، ط 2 ، 1999 ،ص 16.
14- عبد الرحمان بدوي ، الإنسانية والوجودية في الفكر العربي ، وكالة المطبوعات دار القلم ، د.ط ، 1988، ص 60
15- الراجع نفسه ، ص61
16- هتر ميد ، الفلسفة أنواعها ومشكلاتها ،ترجمة فؤاد زكريا ،مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، القاهرة - نيويورك ، 1969 ، ص401 .
17- المراجع نفسه ، ص 402 .
18- المرجع نفسه ، ص 401.
19- كرين برنيتون ، تشكيل العقل الحديث ، ترجمة شوقي جلال ، مراجعة صدقي حطاب ، عالم المعرفة ، الكويت ، 1984 ، ص42
20- عبد الرحمن بدوي ، الانسانية والوجودية في الفكر العربي ، ص 26.
21- المرجع نفسه ، ص 42 .
22- المرجع نفسه ، ص ص 49-50 .
23- المرجع نفسه ، ص 55 .
24- المرجع نفسه ، ص55 .
25- المرجع نفسه 56
26- عبد الرحمن بدوي ، الإنسانية والوجودية في الفكر العربي ، ص 170 .
27- عبد الرحمن بدوي، من تاريخ الإلحاد في الإسلام ، سينا للنشر، مصر ، ط 2 ، 1993 ، ص 183.
28- أنور مغيث : دراسات في النزعة الانسانية الفكر العربي الوسيط ، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ، القاهرة ، 1999 ، ص 229 .
29- محمد اركون ، النزعة الانسانية والاسلام ( معارك فكرية ومقترحات للحل ) ، المكتبة الفلسفية ، ص 40



#سعاد_طيباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفلسفة النتشاوية
- ادوارد سعيد والخطاب الاستشراقي
- آليات نقد ادوارد سعيد للاستشراق


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد طيباوي - • قراءة مقالة من كتاب : - الإنسانية والوجودية في الفكر العربي - ل عبد الرحمن بدوي تحت عنوان : • النزعة الإنسانية في الفكر العربي