أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - الأحزاب السياسية وضرورة توفير مناخ المصالحة بين الفرد والمجتمع















المزيد.....

الأحزاب السياسية وضرورة توفير مناخ المصالحة بين الفرد والمجتمع


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 05:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يمكن اعتباره من مسلمات الانخراط في حركية وصيرورة الأداء السياسي بشكل عام، هو ما ترسخ في أذهان الممارسين السياسيين من ضرورة توفير شروط وظروف الاجتماع ولم الشمل والانتظام داخل بنية تنظيمية وسياسية، كأحد مقومات أجرأة فكرة الاهتمام الجماعي بأولوية ومركزية البناء التحتي الداعم للعمل السياسي الحزبي. وهو اهتمام مستند إلى تقييم حصيلة القدرات والكفاءات والمهارات التي يتوفر عليها بعض الممارسين للعمل السياسي، بفعل احتكاكهم بمجريات ومعطيات الواقع الموضوعي والميداني على كافة المستويات.
هذه الحصيلة، من المفروض أن تعطي انطباعا إيجابيا بخصوص قدرة القوة السياسية على القيام ببناء مؤسسات وإطارات وأندية ومعاهد، وعلى العمل على تقديم المتاح من الخدمات الاجتماعية والسياسية لمختلف الفئات والشرائح المتضررة داخل المجتمع، وبالتالي القيام بالتأطير والتوجيه الفكري والسياسي والاجتماعي من منظور متجدد ومتطور ومنفتح.
هذا الفهم، هو الذي يؤطر عادة وعي الممارسين السياسيين بمعطيات الواقع من جهة، وبالأطر العامة التي تشكل بوصلة عملهم السياسي، للانتقال إلى وضع أفضل في حالتنا الوطنية من جهة أخرى. ولم يكن ذاك الفهم معزولا عن المطلب العام، المتمثل في السعي إلى تحرير الفرد وتحقيق اندماجه في محيط حياته الاجتماعية، ولا بعيدا عن العمل على توفير مناخ إجراء المصالحة التاريخية بين الفرد وبين المجتمع الذي يحيى فيه. بل إنه ترسخ في أذهان الممارسين السياسيين في ارتباط بمستلزماته السياسية والاقتصادية والقانونية، فانطبعت الصورة لديهم مقرونة بضرورة المساهمة في الحد من تسلط السلطة السياسية، وفي العمل على إلغاء امتيازات الأعيان والوجهاء، وفي النضال من أجل توفير الإمكانات والإمكانيات القانونية لعمل سياسي واجتماعي يروم تحقيق ظروف أفضل مما نعيش في ظله اليوم.
فأية حركية في اتجاه توفير شروط وإمكانيات تنظيم قوة سياسية فاعلة في محيطها، لا يمكنها تحقيق أهدافها ومقاصدها وغاياتها دون وعي بالتداخل القائم بين ما يمكن إحرازه من تقدم على مستوى المجالات السابقة وبين ما يتعين الوصول إليه من تقدم على مستوى البناء التنظيمي والسياسي.
فأن يكون الحزب مساهما في عملية التحرير، معناه ألا يتمثل الحرية خارج سلطة الإنسان الفعلية على نفسه وعلى الحياة الاجتماعية، على اعتبار أن مضمون الحرية وتطورها لا ينسجان خارج بنية المجتمع ذاته. وهي بذلك نتاج التفاعل المتبادل بين رغبة الإنسان في تحويل واقعه، وبين معطى ممارسة الواقع لمختلف التأثيرات على الإنسان نفسه. وأي فعل في اتجاه الحصول على الحرية، لابد له من الوعي بأن المسار شاق ومليء بالأسلاك الشائكة.
ومن منطلق اهتمامنا بالظاهرة الحزبية ارتأينا تقديم بعض الملاحظات العامة بخصوص أداء الممارسين السياسيين المغاربة، نوردها على الشكل التالي:
1. إن المشتغل بالسياسة في الحقل المغربي، يبقى في غالب الأحيان مهووسا بالإجابة عن الأسئلة الآنية واللحظية، التي يفرزها الواقع الموضوعي على كافة المستويات، ويظل بعيدا كل البعد عن النظر والتأمل والإنتاج فيما يمكن صياغته من تصور عام ورؤية تأخذ بعين الاعتبار مآلات أوضاع هذا الواقع المتقهقرة يوما بعد يوم.
والحال، إن الإجابات الجزئية عن المشاكل والقضايا بشكل مفصول، لا يمكنها أن تكون إلا متسمة بنفس سمات الواقع المتردي ككل.
2. إن التصنيف السائد في الأدبيات السياسية للأحزاب المغربية، لا يتعدى- على العموم- سقف مطالبة السلطة السياسية بالقيام بما تراه من إصلاحات أو تغييرات، فيما تهمل هذه الأدبيات صلب وعصب العمل السياسي، من حيث الاهتمام بالإبداع على مستوى التفكير في طرق ووسائل العمل المتاحة، للمساهمة في عمليات التجديد والتطوير من موقع الفاعلية السياسية، لا من موقع المطالبة والاشتراط فقط.
ولعل هذا العطب الحاصل في العقلية السياسية المغربية،هو الذي أدى إلى التموقف الرافض للبعض مما حصل من توافقات في عقد التسعينات من جهة، وهو نفسه الذي أدى إلى التموقف السلبي للبعض الآخر بخصوص قصور فهمه للمشاركة السياسية من موقع أجهزة الدولة.
وهذه المعادلة، التي غالبا ما لا يتم الانتباه لها من قبل العاملين في المجال السياسي، تعطي انطباعا سلبيا لدى عموم الفئات والشرائح الاجتماعية، متمثلا في أن السلطة السياسية هي وحدها التي تعد مسئولة على واقع التخلف هذا، وبالتالي فهي وحدها المسئولة على امتلاك مفاتيح الخروج من وضع الأزمة التي يتخبط فيها المجتمع برمته.
والحال، إن كانت السلطة السياسية تتحمل قسطا وافرا من هذه المسؤولية التي آلت بنا إلى ما نحن عليه اليوم، فإن الأحزاب السياسية بدورها لا تخرج من دائرة تحمل قسط من هذه المسؤولية، ولو من غير نفس حجم قسط السلطة السياسية. وإلا كيف يمكن للمتتبع أن يستسيغ جميع أشكال وأنواع الأعطاب التي تعرفها الديمقراطية الداخلية للأحزاب؟ أليست الانتخابات الداخلية التي تعرفها الأحزاب، بهدف تثبيت أجهزتها المحلية والوطنية، مطبوعة بنفس درجات الخلل التي تعرفها الانتخابات العامة في البلاد؟
3. من الدروس التي يمكن أن يستخلصها كل ممارس سياسي، هو أن كل موقف سياسي إلا وله تبعات سياسية معينة، سواء في الاتجاه الإيجابي الذي يمكن الحزب من استثمارها لصالحه، إن على مستوى التموقع في الساحة السياسية أو على مستوى الاستقطاب وتوسيع القاعدة الاجتماعية للحزب، أو في الاتجاه السلبي الذي بإمكانه أن يلحق الضرر بالحزب على المستويين السالفين.
والملاحظ هو أن العديد من الأحزاب السياسية المغربية تقوم في مرات عديدة بالإعلان عن الموقف السياسي غير المبني على قاعدة العمل الاجتماعي الميداني، الذي يروم فرض تحقيقه على أرض الواقع، فيتحول بذلك إلى موقف عارٍ وبدون جدوى، بل ويشكل عبئا ثقيلا على الإطار الحزبي الذي نسجه وأعلنه، وبالتالي يشكل بذرة من بذور النكوص والتقهقر في العمل السياسي الميداني، سواء على مستوى التموقع أو على مستوى التوسع بالنسبة للحزب.
4. ومما لا ينتبه له الممارسون السياسيون في الظرف الراهن، هو ضرورة العمل على الانتقال بقراءة الإطار المرجعي لحركاتهم السياسية، من القراءة الباحثة عن نوع من الانسجام النظري المتعالي على الواقع الموضوعي، إلى القراءة الهادفة إلى العمل على التقريب الممكن والمتاح بين التجربة البشرية في حالتنا الوطنية وبين التصور الفكري والسياسي العام، الذي يحيل عليه الإطار المرجعي.
بمعنى آخر؛ تكمن فاعلية الممارس السياسي في المساهمة في صياغة المركب النظري للتصور الفكري والسياسي العام تجاه معطيات ومتطلبات الحياة المتطورة باستمرار، وليس بعيدا عنها. ولا يمكن الخروج عن هذا الخط المنهجي والعملي بالنسبة للممارس السياسي بذريعة أي مبرر كيفما كانت الأحوال.
5. على الممارسين السياسيين الحزبيين إدراك أن غايات ومقاصد وأهداف العمل السياسي الجاد، التي يجب إيلاءها الاهتمام كأولوية في الأداء، هي العمل على التواجد في قلب الفئات والشرائح الاجتماعية التي يمثلونها، ومن ذلك الموقع بإمكانهم السعي إلى مساعدتها ماديا واجتماعيا، وكذا العمل على بلورة وعي معها بأهمية تنظيم وضبط وتوجيه حياتها وفكرها، ليكون الأداء عمليا وميدانيا غير مغرق ولا مسرف في استحضار الأبعاد السياسية والحزبية فحسب.
فالغايات والمقاصد والأهداف السياسية لا يمكن تحديدها خارج ما تريده غالبية الشعب المغربي، وهي بذلك تكون ممثلة لمجموع الحاجات والمتطلبات والطموحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. ومبتغى الحزب الذي يريد الانتهاء إليه في هذا السياق العام، لا يمكنه الخروج عن دائرة إعمال التفكير السياسي في إطار إقامة موازنة معينة بين حجم الحاجات والمتطلبات والطموحات من جهة، وبين حجم القدرات والكفاءات والإكراهات من جهة أخرى. وهنا بالضبط تكمن كفاءة الحزب وقدرته على الإبداع في مجال العمل السياسي الجاد، ودون ذلك فإن كل أداء لن يدور إلا في إطار رحى القوى المحافظة.
6. إذا كان للسلطة السياسية منطقها الخاص في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وهو المنطق الذي يقتضي التشديد والصرامة، والذي يتحول في العديد من الحالات إلى القمع والتعنيف والتسلط. فإن الأحزاب، من موقع انغراسها في المجتمع، مطالبة بالعمل على استثمار نقيض هذا المنطق، واعتماد التيسير والرحمة والرأفة بالمواطنين، والتواجد معهم وإلى جانبهم في السراء والضراء، ليس بهدف استمالتهم إلى برامجها ومواقفها فحسب، بل بغرض تعديل موازين القوة لصالح الفئات والشرائح المتضررة، والتمكن من فرض التغييرات أو الإصلاحات الضرورية والممكنة.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتحجر الأفكار


المزيد.....




- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- شاهد: حريق هائل يلتهم مبنى على الطراز القوطي إثر ضربة روسية ...
- واشنطن والرياض تؤكدان قرب التوصل لاتفاق يمهد للتطبيع مع إسرا ...
- هل تنجح مساعي واشنطن للتطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
- لماذا يتقارب حلفاء واشنطن الخليجيين مع موسكو؟
- ألمانيا ترسل 10 مركبات قتالية وقذائف لدبابات -ليوبارد 2- إلى ...
- ليبيا.. حكومة الدبيبة تطالب السلطات اللبنانية بإطلاق سراح ها ...
- -المجلس-: محكمة التمييز تقضي بإدانة شيخة -سرقت مستنداً موقع ...
- الناشطة الفلسطينية ريما حسن: أوروبا متواطئة مع إسرائيل ومسؤو ...
- مشاهد حصرية للجزيرة من تفجير القسام نفقا في قوة إسرائيلية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - الأحزاب السياسية وضرورة توفير مناخ المصالحة بين الفرد والمجتمع