أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي محمود العمر - مذكرات يوم للوطن والحرية – حلقة 3















المزيد.....

مذكرات يوم للوطن والحرية – حلقة 3


علي محمود العمر

الحوار المتمدن-العدد: 1313 - 2005 / 9 / 10 - 10:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


(حوارات أبو القاسم الشابي في دمشق)

- أسعدني اكتشافي أن شاعر الحرية (أبو القاسم الشابي) مازال حياً يانعاً يتجول بين العواصم والبلدات العربية متفقداً أحوال أهله مع الحرية . وقد أوضح لي أسرار اختفائه آذناً لي إذاعتها في وقت مناسب. وأكتفي الآن بتوضيح جزئها الضروري وهو أن ظهوره المتجدد مع كل ربيع كان مكافأة سامية لقبوله انصهار أجزائه الزائلة –وهو لما يزل في ربيع حياته- لصالح الربيع الأبدي متماهياً بالحرية الخالدة !
وتخلل هذا الاكتشاف تعرفي بأبي القاسم شخصياً. حيث عرضت مجريات التعارف وبعض حديثنا المتبادل في حلقتين سابقتين (على موقعي المواطن والحوار المتمدن بتاريخ 27/5/2005). وبما آن أحاديث أبي القاسم الشابي أصبحت عبئاً جسيماً وأمانة عظيمة تثقل كاهلي، فقد عزمت على الإفضاء بحلقتها الثالثة هذه وقد جرت وقائعها في أعقاب ندوة (منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي حول الإصلاح السياسي في سورية) المنعقدة بتاريخ 7/5/2005 .
و قد أشرت في الحلقة السابقة أني كنت شديد الاغتباط لإجماع الأطياف السياسية في سورية (ومنها جماعة الأخوان المسلمين) على انتهاج العقل المدني والعقد الاجتماعي والخيار الديمقراطي في إصلاح الأحوال. وضاعف اغتباطي ظهور أبي القاسم بين الموجودين. حيث باشرت بسؤاله :
- كيف رأيت ؟
قال مجيباً : كنت أرقب ما جرى وأقرأ تداعياتك أيضاً. والمهم كيف يصبح كل هذا نهراً جارياً يحمل الربيع والحرية إلى عتبات بيوتكم وعيون أطفالكم !
لمحت قلقاً يطوف في كلماته وبين عينيه فألحفت :
- و هل أن لقاء المتدين والعلماني، القومي واليساري، الحزبي والمستقل .. إلخ على قاعدة واحدة لا يشكل نهراً ؟
- بل يشكل بحراً وملكوتاً، بحسب مساحة هذا اللقاء وزاوية رؤيته والهدف الذي يمضي إليه !
لحظ ارتباكي فأردف :
- لا تحسبن سعادتي تقل عن سعادتك لما فعله أحبابي السوريون هذا اليوم. لأنه خطوة في الاتجاه الصحيح. والمهم الآن هو إمساك هذه الخطوة بشكل صحيح !
سألته محتاراً :
- وهل أن إنصاف المظلوم من الظالم، والضعيف من القوي، على قاعدة المواطنة ودولة الحق والقانون، ليست اتجاهاً صحيحاً !؟
- بل هي جزء من الاتجاه الصحيح فقط. وينبغي إدراك الجزء في إطار الكل لأن العكس يشبه الضفدع التي نحملها من البركة إلى الأوقيانوس فتصر على التفكير بعقلية بركة. وأنتم حين تـنتوون شيئاً عظيماً ينبغي أن تجهزوا من أجله طرائقاً وأهدافاً من جنسه وتليق به وتكفل تحقيقه. وأرجو عدم فهمي خطأً لأني لا أطلب إبحاركم مسبقاً بالبواخر الضخمة بل تعلم طريقة العوم !
- هل لي أن أفهم أكثر ؟
- لطالما أطلقتم تسمية (العملية التاريخية) على عشرات المشاريع والطموحات التي حفزها توق المستقبل، بما فيها الثورات، والانقلابات، والتجارب الوحدوية، ووعود التقدم والاشتراكية والحداثة والتنمية.. إلخ. وهذه التسمية الفضفاضة لم تنج من ابتزاز أعتى الجماعات التي اغتصبت السلطة بقوة الدبابات. لكن كل هذا أفضى إلى وضعكم الذي يبكي حتى الحجارة لأنكم جافيتم تحقيقه بمعايير العملية التاريخية وقواعدها الصارمة التي يتصدرها إنماء ثقافة المواطنة والحرية وقيمة الإنسان. واستعضتم عن كل هذا بقوالب جاهزة عن وحدة الحزب .. وصفاء العقيدة .. وحرق المراحل التاريخية بقوة العنف الثوري والتغيير الجذري والشرعية الثورية، وصولاً إلى أمن الدولة والعقيدة والثورة الذي أصبح أمن السلطة الغاشمة فحسب.
.. وهذا يشمل من باب أولى مشروعات أخرى قفزت فوق الشعارات السابقة جميعاً بهدف إقامة دولة سماوية تعمل باسم الله مباشرة وتقف سداً لتعطيل العملية التاريخية والتنمية البشرية معاً (وتعطيل كل ما يتفرع عنها من حقوق مدنية وقواعد ديمقراطية .. إلخ) بحجة أنها شعارات دنيوية تستند لمبادئ العقل والتغير والتغيير والتطور والحرية التي تتعارض مع مخططات الرب الثابتة النهائية !؟
- لكن الديمقراطية شيء آخر !؟
- بلى هي شيء آخر. وهذا يستتبع من باب أولى النظر إليها بطريقة أخرى. وربما لهذا السبب تؤلف عملية تاريخية أكثر من أي شأن آخر. لأنها ليست مجرد عقيدة من منشأ فوق بشري (كالعرق أو الغيب أو التاريخ). وليست عقيدة جاهزة تمامية نلوذ بها لتغيير أوضاعنا مع بقائنا نحن كما نحن . وليست عقيدة نستبدلها بأخرى حين يصيبنا الإحباط والخذلان. وأنت تعلم أن العقائد والإيديولوجيات ينبغي أن تمثل الحقيقة اليقينية المطلقة بالنسبة لأتباعها حتى تكون موضع إيمانهم الذي يشكل عنصراً ذاتياً عاطفياً، وإلا لما منحوها هذا الإيمان أصلاً. وهذا يدفع كثيرين لجعلها ملاذاً يريحهم عناء البحث والسؤال. وربما يفسر عدوانيتهم وقدرتهم على (تخريب البصرة) باسم الحقيقة والعقيدة والمقدس. أما إذا تعرضت عقيدتهم لأي خدش فإنهم يخسرون كل شيء ويصبحون في العراء. وربما يحتمون بعقائد أخرى كانوا ألد خصومها بالأمس ليسيئوا إليها أيضاً (في حين أن بعضها يحمل أرفع الفضائل للبشرية!) .. وربما يسعى هؤلاء للعودة القهقرى تحت عباءتها مئات السنين ..!؟
.. وليست الديمقراطية للأسف بمنجى عن ذلك جميعاً. خصوصاً حين يتخذها البعض عقيدة وملاذاً بعد تصدع ملاذاتهم الأخرى. فيسعون لإفساد قضيتها وإساءة استخدامهما بحسب عادتهم مع العقائد دون استثناء ... وكل هذا يجعل الديمقراطية أوجب أن نخاف عليها ونحصن قواعدها وأهدافها، خصوصاً في مراحلها الأولى. لأنها شيء جديد غير مطروق من قبل. وهي ليست عقيدة نتوارثها بل طريقة نجترحها. وهي طريقة لتغيير (وضعنا الإنساني) وليس مجرد أوضاعنا فحسب. وأرجو عم إساءة فهم هذه الكلمة (أي الطريقة) أو الترخيص بها قياساً لنظرة التفخيم الوردية التي تخص العقائد والحقائق النهائية. لأن (الطريقة) تعني التنمية البشرية وتحسين كيفية التعامل مع المقدس والعقائد نفسها، بما في ذلك النظر للخالق والإيمان به والدعوة إليه. أي أنها تعني تحسين سوية العقل واحترام الحقيقة والحقوق والحرية وكل ما يخص الجنس البشري انطلاقا من طبيعته ومسيرته المجهزة بسنن التغيير والتغير والحرية. ولا ريب أن هذا الاستحقاق يخص الإفراد والمجتمعات، والأمم والجماعات، والأحزاب والنظام السياسي على السواء. وهو يدفعني لتوضيح حقيقة طالما أغفلها البعض وهي أن (إصلاح الطريقة) كان في قرارة التعاليم التي جاء بها خيرة الأنبياء والمصلحين لرفع شأن الإنسان وتبؤ مركزه ورسالته في العالم. غير أن الكثيرين ضلوا سبيل هذه الغاية بحثاً عن الدوغمائيات النهائية التي تريح كسالى (المؤمنين) دون أن ينفعهم إيمانهم شيئاً... وفي تاريخنا وحده آلاف الشواهد والمآثر التي تؤكد ذلك، ولا تتسع لها المجلدات، ولا تقدر بثمن لو يعلمون!؟
- لكم يسعدني اعتبارك الديمقراطية شيئاً آخر يختلف عما سبقه من العقائد والإيديولوجيات. وهذا شيء أتوقعه من أبي القاسم الشابي. لكني ألمح في حديثك شكوى من عيوب في التعاطي معها بين أهلك في سورية، فأرجو توضيح هذا الأمر؟
.. أطلق أبو القاسم تنهيدة عميقة وقال :
- أريد أن تكون على بينة أن الشام قرة قلبي. ومكانها فيه لا يوازيه إلا شوقي لفوزها في تحقيق تحول ديمقراطي يجعلها أمثولة الظامئين إلى الحرية في أمتها والعالم. وإن عدم حصول هذا لا سمح الله سيفتح أبواب جهنم على أهلها ومن حولها. لهذا سوف أبوح بنظرتي لأسس التحول الديمقراطي وشوائب مسيرتكم إليه التي عاينتها خلال زيارتي.
.. توقف أبو القاسم عن الحديث لحظات انتهزتها لموافاة موقعكم بهذه السطور توطئة لحلقة قادمة.



المحامي علي محمود العمر
عضو جمعية حقوق الإنسان في سورية







#علي_محمود_العمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات يوم للوطن والحرية - حلقة 1
- مذكرات يوم للوطن والحرية في دمشق - حلقة 2


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي محمود العمر - مذكرات يوم للوطن والحرية – حلقة 3