أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شلومو ساند - أنا لست تشارلي Je ne suis pas Charlie















المزيد.....

أنا لست تشارلي Je ne suis pas Charlie


شلومو ساند

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 14:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(البروفسور زاند يدرس التاريخ في جامعة تل أبيب)

قراءة القرآن هي أمر مثير للتقزز. عندما ظهر الإسلام، أعلن عن نفسه من خلال رغبته في اخضاع العالم،
طبيعته هي الإخضاع.
ميشيل ويلبيك، 31 أغسطس، 2001.

لا شيء يمكن أن يبرر القتل وبالطبع ليس القتل الجماعي بالدم البارد. إن الذي حصل في باريس في بداية يناير هذا العام هو جريمة فاحشة ولا تغتفر. قول هذا لا يعتبر أصيلا بشكل خاص، إذ يعتقد ويشعر الكثيرون كذلك وبحق. ولكن السؤال الأول الذي تبادر إلى ذهني أمام هذه المأساة المروعة هو عما إذا يجب أن يؤدي نفوري العميق من القتل إلى التضامن مع عمل المقتولين. هل "أنا شارلي" لأنهم كانوا أسمى تعبير عن حرية التعبير كما أعلن الرئيس الفرنسي؟ هل "أنا شارلي" ليس فقط لكوني ملحد علماني بل لعدائي الأساسي ضد العناصر القمعية في الثلاث ديانات التوحيدية الغربية؟

عندما رأيت في الماضي الكاريكاتورات في Charlie Hebdo - إعتقدت أن بعض منها سيئ الذوق، والقليل منها مضحك حقا. ولكن المشكلة ليست في كونها مضحكة أم لا. لاحظت في معظم رسوماتهم حول الإسلام في العقد الأخير كراهية متلاعبة هدفها كسب المزيد من القراء، بالطبع القراء من غير المسلمين. عندما نسخت مجلة "شارلي" الكاريكاتورات التي ظهرت في المجلة الدانماركية شعرت بالإشمئزاز منها. ففي العام 2006، حينما رأيت الكاريكاتورة التي يظهر فيها محمد يرتدي عمامة على شكل قنبلة إعتبرت ذلك تحريضا خالصا. لم تكن هذه كاريكاتورة ضد الإسلاميين بل كانت كاريكاتورة ربطت بحماقة بين الإسلام والإرهاب. وهذا بالضبط مثلما أن تربط بين اليهودية والمال.

يطرح البعض حجة أن "شارلي" هاجمت جميع الأديان دون تمييز. هل هذه هي الحقيقة؟ صحيح أنها سخرت من المسيحيين وفي بعض الأحيان من اليهود ولكنها، أبداً، لم توعز لنفسها الصحيفة الدانماركية ولا "شارلي" بنشر كاريكاتورة يظهر فيها النبي موسى مرتديا الكيباه والتزيتزيت كصراف صاحب وجه ماكر في ركن إحدى الشوارع، ومن الأفضل أن هذا هو الحال. من الجيد أنه في الحضارة التي تسمى اليوم "اليهودية المسيحية"، لا يمكن بث اليهودفوبيا كما كان الحال في الماضي القريب. أنا مع حرية التعبير ولكنني في المقابل ضد التحريض العنصري. أعترف بأنني أتقبل بطيب خاطر عدم منح ديودونيه (Dieudonné) المعادي للسامية منصات علنية لكي يعرض "إنتقاده" و"نكاته" ضد اليهود. ولكنني أرفض بشكل قاطع المساس به، ولكن إذا، قام نذل أحمق بإغتياله، سأصدم بشدة ولكنني لن أرفع شعار "أنا ديودونيه".

نشر في باريس في العام 1886 كتاب "فرنسا اليهودية" لمؤلفه إدوار درومون (Drumont). عندما وقع هجوم البؤساء الثلاث في العام 2015 ظهرت في فرنسا رواية "فرنسا المسلمة" لمؤلفها ميشيل ويلبيك (Houellebecq)، عنوان الرواية هو "الإستسلام". كتاب درومون الذي كان كتابا نظريا، تصدر قائمة المبيعات في أواخر القرن التاسع عشر. الكتاب الثاني والذي هو رواية تصدر قائمة المبيعات قبل نشره. حاز الكتاب الأول مع ظهوره على إستقبال حار ورحب من قبل الصحافة، وهكذا أيضا الكتاب الثاني. هنالك العديد من الإختلاف بينهما، من جملة أمور أخرى، يعلم ويلبيك أنه في بداية القرن الواحد والعشرين من الممنوع التلويح بالتهديد اليهودي ولكن من المسموح والمقبول به بيع الكتب، والكثير منها، حول التهديد الإسلامي. آلان سورال، والذي هو في آن واحد إسلاموفوب ويهودفوب، لا يزال لا يفهم ذلك، ولذلك تم إقصاءه إلى الهامش، وهكذا أفضل. في المقابل، تمت دعوة ويلبيك بإحترام كبير للنشرة الإخبارية عشية ظهور كتابه، كتاب يساهم في حشن مخزون الرعب ضد الإسلام وسيطرته القريبة على العالم.

شبح مريض يحوم فوق آوروبا، شبح العنصرية الخطيرة. هنالك فرق جوهري بين المساس بديانة، أو أية ديانة أخرى سائدة، وبين المساس والتحريض ضد ديانة أقلية مسيطر عليها. لو وجد اليوم من يحتج في فضاءات الحضارة "اليهودية المسلمة"، في السعودية، أو إمارات الخليج، على سبيل المثال، ضد الديانة المسيطرة التي تعذب ملايين العمال وملايين النساء، لكان من الواجب علينا حماية المضطهدين الملاحقين. ولكن، كما نعلم، بدلا من تشجيع "وولتريين" أو "روسويين" في الشرق الأوسط، يتآخى حكام الغرب ويدعمون الأنظمة الدينية الأكثر قمعية.

في مقابل ذلك، في فرنسا أو الدنمارك، أو في ألمانيا أو إسبانيا التي يعيش فيها الملايين من العمال المسلمين في أسفل السلم الإجتماعي يجب توخي الحذر عند إنتقاد الإسلام، ناهيك عن محاولة الإستهزاء منه بفظاظة. قلبي مع المسلمين الذين يعيشون في غيتوات المدن الكبرى وضواحيها، خصوصا اليوم بعد هذه المجزرة الفظيعة في باريس. وبإستثناء ضحايا الجريمة النكراء سيكونوا هم أيضا الضحايا الثانويين لهذه المجزرة. كان وسيظل نموذجي الأخلاقي تشارلي الأصلي. أقصد تشارلي شابلن العظيم الذي لم يسخر يوما من الفقراء، والمعدمين، كان قلبه معهم دائما.

علاوة على ذلك، لكل نص كما هو معلوم يوجد سياق. الحقيقة المزعجة هي أن العديد من الجنود الفرنسيين لا يزالون يتجولون في آفريقيا منذ أكثر من عام من أجل "محاربة الجهاديين"، ولم يظهر أية نقاش جدي حول الفائدة أو الضرر من ذلك في الحيز الفرنسي العام. شرطي الإستعمار في الأمس، المسؤول بشكل كبير عن الإرث المشوه للحدود والأنظمة، طلب منه إعادة فرض "العدالة" مرة أخرى بمساعدة قوة شرطته الإستعمارية الجديدة.

جنبا إلى جنب مع الشرطي الأمريكي، المسؤول عن الدمار الكبير في العراق والذي لم يبدي أي أسف على ذلك، يشارك الشرطي الفرنسي في التحالف الذي يقاتل داعش، التنظيم المقيت والمريب. إلى جانب السعوديين المستنيرين، وغيرهم من "مؤيدي حرية التعبير" في الشرق الأوسط، يقوم هذه الشرطي بحراسة حدود التقسيم الغير منطقية التي فرضها قبل مائة عام بسبب مصالحه الإستعمارية. قامت فرنسا مع الأمريكيين بقصف أولئك الذين يهددون آبار النفط الغالية التي يتمتعون من ثمارها. هل تقوم فرنسا بهذا من دون أن تعي بأنها ستجلب الإرهاب إلى المدن الكبرى؟

وربما الغرب المستنير ليس ضحية ساذجة وبريئة كما يحب أن يقدم نفسه؟ وبدون شك، يجب أن تكون قاتلا قاسيا ومنحرفا كي تقوم بإطلاق النار وقتل أناس غير مسلحين، بغض النظر عن معتقداتهم وأفعالهم. ولكن يجب أن تكون منافقا أو أحمقا لكي تغمض الأعين أمام المعطيات المختلفة التي تحوط بهذه المأساة.
يجب أن تكون أعمى أيضا كي لا تفهم أن الوضع الصراعي سيزداد سوءا إذا تصرفنا كقطيع كبير بدل أن نبحث معا، ملحدين ومؤمنين عن طرق حياة مشتركة من دون بث الكراهية الرهيبة للآخر.



#شلومو_ساند (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ننتمي لشعب


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شلومو ساند - أنا لست تشارلي Je ne suis pas Charlie