أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين ديناربوس - العين حق .. خرافة و خيال ...















المزيد.....

العين حق .. خرافة و خيال ...


ياسين ديناربوس

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 15:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العين حق !!!
ما رأيكم لو نجمع جيشا من “العائنين” – إن صح التعبير – و نوجه قوة أشعة أعينهم الضارة صوب إسرائيل، فنستأصل شأفة الصهاينة من أساسها و نمحوهم من هذا الوجود ؟
لماذا تستنكرون علي هذا القول ؟
أليست العين حق ؟
أليس باستطاعة العين إلحاق الضرر بالناس بمجرد رؤيتهم ؟
لماذا تستبعدون إذن إمكانية هزم إسرائيل بأعيننا الفتاكة ؟
من يؤمن بأن العين حق، يؤمن اضطرادا بأننا نستطيع أن ننتصر على إسرائيل بمجرد إمعان النظر في أسلحتها النووية .. و إلا فهو ينافي أبسط أبجديات علم المنطق، أو يعيش حالة من الشيزوفرينيا ..

خرافة “العين” تشغل حيزاً هاماً في الموروث اﻹ-;-جتماعي الثقافي و الكهنوتي، و هي لا تشذ عن القاعدة، شأنها في ذلك شأن معظم اﻷ-;-ساطير و الخرافات التي لا تنافي العقل و المنطق و حسب بل تضرب بعرض الحائط كل قوانين الطبيعة و علوم الفيزياء ..

يساعد على انتشار و تجذر خرافة “العين” و غيرها، اﻹ-;-ستعداد الفطري لدى اﻹ-;-نسان لتبني معتقدات “ما وراء طبيعية” بغية تفسير الظواهر الطبيعية التي يعجز عن إيجاد فهم و تفسير مادي منطقي لها ؛ فقد عبد اﻹ-;-نسان الشمس و القمر و الرعد و البرق عندما لم يجد تفسيراً لوجود هذه الظواهر و اعتبرها آلهة تستحق أن تعبد و تستلزم تقديم القرابين لها تحت إشراف و إمرة السحرة و المشعوذين ..
و نحن في هذا لا نختلف كثيراً عن إنسان ما قبل التاريخ ؛ إذ يتواجد بيننا اليوم كهنة يذوذون عن الخرافة و يحمونها تحت غطاء الدين حتى يتسنى لهم جمع اﻷ-;-موال في شكل أجور عن الرقى الواقية المزعومة، من العين الحاسدة المتوهمة ..
هكذا تتحول خرافة مثل “العين” إلى عقيدة إيمانية يصعب محوها أو حتى مناقشتها عقليا و منطقياً ..

إن التصور الشائع بين الناس عن قدرة العين على إلحاق الضرر باﻷ-;-شياء أو بالشخص المحسود هو تصور ميثولوجي خرافي ! يعطي لعيون الحاسدين سلطة على الناس و قدرة على التحكم في مصائرهم و أحوالهم، وهو ما ينافي صريح المنطق القرآني الذي أكد غيرما مرة بأنه لا سلطان لمخلوق على على مخلوق آخر !

الحسد كما جاء في القرآن الكريم هو مجرد تمني زوال النعمة عن الغير .. و لا قيمة لهذا الحسد إلا إذا انتقل من مرحلة التمني إلى مرحلة التطبيق الفعلي المادي؛ أي أن يشرع الحاسد في إلحاق الضرر بالمحسود ..

يقول رب العالمين : { و من شر حاسد إذا حسد }

أفهم من اﻵ-;-ية الكريمة أن الحاسد لا سلطان له إلا إذا حسد، أي أن رغبة و تمني زوال النعمة هي شعور يحتاج لتطبيق على أرض الواقع بدلالة وجود [ إذا ] في اﻵ-;-ية و هي أداة شرط تشترط الفعل العيني لوقوع شر الحاسد و إلا لكانت تستقيم اﻵ-;-ية بقوله تعالى [ من شر حسد الحاسد ] أو [ من شر عين الحاسد ] …

فمن حسد جاره على سيارته الجديدة لن يصيبها بسوء بمجرد الشعور بالحسد و إمعان النظر بالعين المجردة، حتى ولو بقي يحذق فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. لكن لو كان حسده شديدا ربما ستؤزه نفسه اﻷ-;-مارة بالسوء حتى يقوم بإحداث ثقب في إطارات السيارة باستعمال اداة حادة مثلا ..

و هنا يكمن شر الحاسد ..

شر الحاسد عمل فعلي ملموس خاضع لقوانين الفيزياء و سنن الكون التي سنها الخالق عز وجل و التي لا تبديل لها إلا بإذنه !

إن تدخل اﻹ-;-نسان في مجريات اﻷ-;-حداث لا يخرج عن قوانين الطبيعة التي يسير بها الخالق هذا الكون !

و كل ما يشاع عن شر حاسد بمجرد النظر بالعين فهو محض هراء و تخريف !

في نور القرآن أيضا، عندما حسد إبليس سيدنا آدم عليه السلام و تمنى زوال النعمة عليه، لم تكن ﻹ-;-بليس سلطة على آدم إلا حين قام بتتبعه و إغوائه فانتقل الحسد هنا من مرحلة التمني إلى مرحلة التطبيق و العمل؛ ولو كانت للعين قدرة على التأثير لكان حسد إبليس ﻵ-;-دم كافياً ﻹ-;-خراجه من الجنة ..

و يقول عز وجل :

{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ-;- إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ-;- يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ-;- وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ-;- وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ }

اﻵ-;-ية الكريمة هنا تبطل مفهوم الحسد و سلطة العين الشائعة بين الناس و تؤكد قدرة اﻹ-;-نسان على التغيير من نفسه و تنفي سلطة اﻵ-;-خريين على تغييره و بالتالي ليست لهم أدنى قدرة على إلحاق الضرر به.

حاول البعض اﻹ-;-ستدلال بالقرآن الكريم ﻹ-;-ثبات صحة اﻹ-;-عتقاد بالعين و ذلك من خلال اﻵ-;-يتين التاليتين :

الأولى قوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام في وصيته لأبنائه :

{ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }

فقد فُسِّرت دعوة يعقوب لأولاده بالتفرق بأنها حماية لهم من العين، لأنهم كانوا ذوي جمال وهيئة وكمال.

لكن التفسير المذكور غير تام إذ من الممكن أن يكون السبب وراء أمرهم بالتفرق هو حمايتهم من الأذى والملاحقة في حال دخولهم مجتمعين من باب واحد، ثم أنه لا يوجد أي شيء يدل على العين في اﻵ-;-ية لا من قريب ولا من بعيد.

الثانية قوله تعالى :

{ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وما هو إلاّ ذكر للعالمين}

و هنا حمل قوله “ليزلقونك بأبصارهم” على معنى: يهلكونك ويصيبونك بأعينهم.

ويلاحظ على ذلك: بأنّ دلالة الآية على الإصابة بالعين غير واضحة، وغاية ما تدل عليه، أن الذين كفروا لشدة غيظهم ينظرون إلى رسول الله نظرات ملؤها الحقد والغضب تكاد تصرعه، وهذا التعبير متعارف ومألوف ويراد به بيان حدة النظرة ولؤم صاحبها، دون أن يكون لها تأثير سلبي واقعاً، ونظيره ما يتردد على الألسنة في التعبير عن النظرة الحانقة:”يكاد يأكلك بعينيه”.

سؤال يطرح نفسه :

هل يعقل أن تكون العين بهذه الخطورة على اﻹ-;-نسان و يخلو القرآن الكريم الذي جعله الله تبيانا لكل شيء من أي تحذير صريح منها ؟

و بخصوص اﻷ-;-حاديث و الروايات في مسألة العين فهي ليست بحجة على كتاب الله، خصوصاً أن العين من القضايا ذات البعد اﻹ-;-عتقادي الذي يحتاج إلى أدلة تفيد اليقين و الوثوق، وهو ما لا يتأتى في قضايا اﻹ-;-يمانيات الغيبية إلا بآيات قرآنية قطعية الثبوت و قطعية الدلالة !

فاﻷ-;-حاديث التي يقال فيها أن [ العين من قدر الله ] و أن [ أكثر من يموت من اﻷ-;-مة بعد قضاء الله و قدره يموت بالعين ] هي في واقع الأمر روايات لا يقبلها العقل السليم، ﻷ-;-ن القدر فيها يصبح خاضعا لسلطة اﻹ-;-نسان مما يترتب عليه إهانة الذات العلية و انتقاص شرط من شروط اﻹ-;-يمان؛ ونحن ننزه الرسول الكريم عن هذه اﻷ-;-قوال المنسوبة إليه زوراً و تدليسا !

و عن باقي الأحاديث الواردة في العين كقوله عليه الصلاة والسلام [ العين حق] فينبغي تأويلها بمعنى أن الحسد حق، وهو كذلك.وقد عبّر عنه بالعين لأن العين سفير القلب، وغالبا ما يتكون الحسد بعد النظر، وكذلك فإنّ العين حق فيما تخبر عن حال صاحبها، ألا ترى الحاسد يعرف من عينيه والمحزون والخائف والكاذب والمتكبر والمسرور والمحب كل أولئك يعرفون من عيونهم، فالعين حق لا تكذب. إذن لا يمكن أن يكون في الحديث دلالة على تأثير العين في المعين، وإنما فيه دلالة على تكوُّن الحسد في قلب العائن، وظهور ذلك في عينيه.

و تجدر اﻹ-;-شارة إلى أن اﻹ-;-عتقاد بالعين ـ رغم شهرته ـ لم يحظ بإجماع إسلامي فقد أنكره أيضًا العديد من العلماء و الفقهاء منهم على سبيل الذكر لا الحصر :

أبو علي الجبائي و ابو القاسم البلخي و الحسين ابن أبي جعفر بن محمد الرافقي …

و يقول القرطبي في تفسيره (20/259) :

[ قلت : قال العلماء : الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ، فيتبع مساوئه ، ويطلب عثراته ]

إن اﻹ-;-عتقاد بالعين يصيب المنظومة الكونية باظطراب كبير، يستحيل معه ظبط إيقاع الكون ..

و يولد الشك و التوجس من أشخاص طيبين بريئين من هذه التهمة ..

كما يرسخ في اﻷ-;-ذهان اﻹ-;-عتراض على قضاء الله و قدره ؛ إذ يبحث الكل عن العين الضارة المسؤولة كلما أصابتهم مصيبة، متناسين قدرة الله و إرادته عز وجل ..

إن القاعدة العامة والسلوك المضطرد المشاهد على أرض الواقع هو تمتع أصحاب النعم بها و دوامها عليهم رغم كثرة الناظرين لهم، ولو كانت الإصابة بالعين حقيقة لما دامت نعمة على عبد، ولانقرضت البشرية منذ زمن بعيد، فتجاوز القاعدة العامة إلى أحداث ميسورة غير منضبطة هو الخروج عن المنطق العلمي ..

و نحن نقول أن اﻹ-;-حتجاج بحالات نادرة وشاذة ربما كانت الصدفة هي التي حكمت فيها توافق النظرة مع حدوث المكروه للمعين ليس بحجة على القاعدة العامة و لا يعدو أن يكون إلا انجرارا وراء الوهم و الظن .. و هو معارضة صريحة لمنهج القرآن الكريم والسنة الصحيحة الداعية إلى إعمال العقل وعدم التسليم لما اعتقده الآباء وتناقلته الأجيال دون نظر أو تفكير.

قال الله تعالى :

{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}

العين و هم كبير و خيال صنعه الفاشلون و جعلوا منها شماعة يعلقون عليها فشلهم و يبررون بها خيباتهم ..

رب العالمين يقول : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }

و المروجون لخرافة العين يحثونك على أن تواري نعم الله عليك بعيدا عن اﻷ-;-نظار ..

فأيهما تختار ؟

نور القرآن الكريم ..

أم ظلام الخرافة ؟؟

إن أصبت فمن الله سبحانه وتعالى وإن أُخطأت فمن نفسي والشيطان .

هذه وجهة نظري وليس ملزوم بها كل من قرأ مقالي.

#مقالات_ياسين_ديناربوس



#ياسين_ديناربوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة السحر
- خرافة تلبس الجان لجسم الإنسان


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين ديناربوس - العين حق .. خرافة و خيال ...