رشا شعلان
الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 02:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غالباً ما تعبر استطلاعات الرأي العام في المجتمعات المتقدمة عن الاتجاهات الواقعية للمزاج الشعبي و الجمهور فهي تعد بمثابة تنبيه مستمر لمتخذ القرار السياسي عما إذا كانت سياستهم تسير في الطريق الصحيح أم عكس ذلك, علاوة على ماتستخدمه هذه الاستطلاعات من أدوات و آليات في جمع البيانات وعينات واضحة تمثل شرائح المجتمع المختلفة لتصل بنتائجها لأقرب درجة من الواقعية و الفاعلية... وجديربالذكر أيضا التأكيد على أن استقلالية مراكز استطلاعات الرأي العام عن الحكومةومراكز اتخاذ القرار تدليلا على أن عملها يهدف الصالح العام و يعمل لتدعيم المؤسسات الحكومية ومراكز صنع القرار, و من هنا تعتبر استطلاعات الرأي العام مؤشرا أساسيا على اتجاهات السياسات العامة في الدولة والمجتمع, و لنا من هذه المراكز تجارب ناجحة في اداء دورها وقدرتها على تقييم و تحليل اتجاه المزاج العام في المجالات المختلفة حتى أصبحت أقوى المراكز ويستعين بها كبرى الشركات و المؤسسات في استنباط الرأي العام ومعرفته اتجاهه و من أشهر هذه المراكز “Gallup – Pew research center” .
وعلى صعيد مجتمعاتنا العربية أصبحنا نهتم كثيرا باستطلاعات الرأي العام ودراسته نحو القضايا المختلفة و لكننا في الوقت نفسه نهتم بالشكل أكثر من المضمون ولمزيدمن التخصيص نجد الحالة المصرية على سبيل المثال في طبيعة الاستطلاعات المستخدمة مازالت تقيس المؤشرات الواسعة و العامة و تفتقد في مضمونها اهتمامات المواطن الأساسية. فإن أحدث استطلاع للرأي العام أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) في قياس رأي المصريين حول شخصيات 2014 وأفضل شخصية سياسية و أفضل حزب و أفضل وزير و أسوأ حدث في العام نفسه, عكست نتائج الاستطلاع أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحتل المرتبة الأولى كأفضل شخصية سياسيةلعام 2014 بنسبة 54%, جاءفي المرتبة الثانية رئيس الوزراء ابراهيم محلب بنسبة 3%, ثم عمرو موسى بنسبة 1% , بينما عبر حوالي 7% من المصريين بأنه لا يوجد شخصية سياسيةجيدة هذا العام.
بغض النظر عن النتائج و انعكاساتها و مؤشراتها و باعتبار مثل هذا المركز ربما يكون الأكثر احترافية في مصر في مجال بحوث الرأي العام, و لكن يكمن السؤال في أنه هل كل ما كان يشغل بال الرأي العام في مصر في نهاية عام 2014 هو أفضل شخصية سياسية على الإطلاق؟؟؟ ربما يكون ذلك جزء من حديث الجمهور و اهتمامه وجداله حول شخصيات 2014 و أحداثهاا لسياسية ولكن هناك بالتأكيد من قضايا حيوية رئيسية تشغل باله أكثر من ذلك على سبيل المثال رفع تعريفه المترو المقترحة أو غيرها... فمن المهم و الأهم أن يعرف متخذ القرار اتجاهات الجمهور والمستهلكيبن لمثل هذا القرار, وغير ذلك من قضايا اقتصادية واجتماعية, من يطلع على نتائج الاستطلاعات يعرف مثلا أن هذه الاستطلاعات تتم بأسلوب علمي يعتمد على العينة سواء كانت مقصودة أو عشوائية، أى أن من توجه لهم الأسئلة هم مجموعة محدودة من المواطنين قد لا يتجاوزون بضعة آلاف لا يزيدون ربما على أربع آلاف أو أقل. فكيف يمكن التعميممن هذه العينة والقول بأن الاتجاهات التى تتكشفها هى ما يسود بين عشرات الملايين من المواطنين فى بلد مثل مصر. وذلك مع افتراض أن العينة تكون ممثلة لكل المواطنين والمواطنات،بمعنى الذكور والإناث، والريفيين والحضريين، والمتعلمين وغير المتعلمين، والأغنياءوالفقراء، كلهم ممثلون داخل هذه العينة بنفس نسبة تواجدهم فى الوطن.
و من هنا نخرج ثانية من التخصيص للحالة المصرية للحديث عن طبيعة استطلاعات الرأي العام في العالم العربي بالتأكيد أنها تختلف شكلا و مضمونا عما تقوم به المراكزالمماثلة في العالم المتقدم مع مراعاة الأهداف و الأدوات وأليات التطبيق. ولعل هذاما يجعل أهمية الاستفادة من التجارب الناجحة و السابقة لنا من حيث دراسة المؤشرات الواقعية وعليها يتم استشراف إمكانات التحول فيه نحو تفاعل أكبر بين الجمهور من الناحية والدولة من ناحية أخرى، وبين الدور العملي و التطبيقي لاستطلاعات الرأي العام، ولمصلحة تحقيق أعلى قدر من الانسجام والتوافق الاجتماعي والسياسي نحو الاستقرار كعامل رئيسي للتنمية والتطوير و تجنب الصدامات و الفجوات بين الشعوب و الحكومات في مجتمعاتنا العربية.
وهنا تبقى الرسالة الأهم وهي أهمية تطوير الدور و الطبيعة الخاصة بأساليب قياس اتجاهات الرأي العام في بلدنا بصفة خاصة وذلك حتى تصبح بحق أداة معينة لصانع ومتخذ القرار و منذرا له في بعض الأحيان ليس فقط بما هو قائم و سائد من وضع اجتماعي و سياسي و لكن التنبوء بما قد يكون بناء على دراسة مؤشرات علمية حالية للوصول لنتائج مستقبلية نريد أن نخرج من عباءة القارئ لمعطيات الواقع إلى من يهم يستطيعون التنبؤ وتعديل و تطوير هذا الواقع و تقديم النصيحة المبنيةعلى سياق علمي حتى يتكامل عمل المؤسسات الحكومية و الغير حكومية في اتجاه يخدم مصلحة هذا البلد على كافة المستويات المؤثرة و المتأثرة بطبيعة ونتائج اتخاذالقرار السياسي ليس فقط لتغطي الجوانب السياسية في مراحل التحول الديمقراطي وإنما لتشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية.
#رشا_شعلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟