أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى البوبلي - الرسّام جان ماري بوميرول














المزيد.....

الرسّام جان ماري بوميرول


يحيى البوبلي

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 01:35
المحور: الادب والفن
    


يستحوذ على بوميرول إعجاب كبير بفن التصوير الطبيعي الداخلي، حيث يرجع الصدى من بواقي العصور الماضية عبر كهوف خافتة الإضاءة. وغالباً ما تعبق المساحات القاحلة والمهجورة لهذا الفنان بعلامات من ماضيه الضائع.

عُرف جان ماري بوميرول، في أعماله المبكرة، بكونه سيداً للفن الإباحي، دامجاً الهلوسة والصور المروّعة بأسلوب لا نظير له. لكن الفنان أبدى، في فترة نضجه، افتتاناً واضحاً بالصور الطبيعية، خصوصاً المساحات المغلقة لشبكات المجاري والنفايات الصناعية ومحطات الصرف الصحي. وبعد، إن الدقة المدهشة وجودة الأداء التي أنعشت أعماله المبكرة لم تتركه، لكنها ازدادت مع تقدمه في العمر.

ولد بوميرول عام 1946، ودرس في أكاديمية الفنون الجميلة في بوردو. في وقت تخرجه، كان لديه ابن في الرابعة من عمره ليعيله، ولذلك ابتدأ مشواره المهني اللامع كمعلم لفن الرسم الميكانيكي ( تعلم تلاميذه كيف يرسمون البراغي والمسامير .. إلخ).

تم الانتهاء من هذه المهنة، لحسن الحظ، عندما سُرِّح من النظام التعليمي. في الحقيقة، كان على معلمي الفن أن ينجحوا بامتحانات يعقدها المجلس التعليمي لتحديد ما إذا كانوا مهرة بما فيه الكفاية لتدريس الفن. وفي الوقت الذي بدأت أعمال بوميرول الإباحية تُطبع ويُبحث عنها بشوق من قبل جامعي اللوحات، رسب في امتحان مدرسي الفن، حيث حصل على علامة F للوحة عري.

وقد شجعه رسوبه على تكريس نفسه بوقت كامل للرسم، مبدعاً بالنهاية عدداً ضخماً من اللوحات الإباحية التي ميّزته منذ وقتها كواحد من أعظم فناني فرنسا في هذا المجال.

تكشف لوحة ذاتية من هذه الفترة عن الفنان كمتنقّل وحالم؛ مسافراً في مقصورة قطار مثقلة بلقطات فوتوغرافية لذكرياته الأكثر خصوصية. تمثلت أساليب عمل بوميرول في جوهرها من خلال هذه اللوحة: تفضيله لحالة "الما بين" لأحلام اليقظة والكآبة:
يكتب بوميرول: "حسب ما أذكر، لطالما صحبني الملل بأمانة. هذه اللحظات الحزينة واللا مجدية، كفراغ سارّ، خلقت تلك الأوهام الغريبة التي تتجول بذاكرتي البصرية على الدوام. مع الوقت، نضجت هذه الحالة غير المألوفة بين الذاكرة والخيال لتصبح نوعاً من التأمل، وقد أصبحتُ متذوقاً عظيماً للعزلة، مفضّلاً ذلك الملل الذي يرافق كل رحلاتي في عالم لذيذ ومسرف وعابث".

على الرغم من الأرباح الكبيرة التي يمكن تحقيقها من الفن الإباحي، انتقل هذا الفنان تدريجياً لما بعد الأشكال الأنثوية، حيث وجد إعجاباً أكبر بالفضاءات الداخلية الخالية من العري:
"مع الوقت، أصبحت النساء في أعمالي الإباحية أكثر تشتتاً وبالنهاية اختفين، تاركاتٍ الأثر الأكثر خفوتاً لوجودهن. هذه اللوحات الداخلية، التي لم يعد يقطنها أحد، قدمت لي، بدلاً من الأشكال الحية، فراغاً غامضاً ينفتح على كل الاحتمالات".

"من هذه اللحظة، أصبحت مفتوناً بسلسلة من الأماكن تحرس ما فيها من أسرار. وقد سمح لي هذا التحول في أعمالي باستكشاف مخاوف الإنسان الأكثر بدائية: الضيق، الهوس، العزلة، الظلام، الحبس، مرور الوقت، الهجر، والموت".

تعتبر لوحة "أمل" التي رسمها عام 1983 مثالاً دقيقاً على أسلوبه الفني الجديد. يكشف ضوء الشمس المائل على الجدار حجرة فارغة كان فيها شخص بذل جهداً كبيراً لبناء مجسم سفينة من البلسم والصمغ. وعلى الحائط مجموعة من الصور الإباحية التي تمثل أعمال بوميرول المبكرة. وفقط عندما نصوب عيوننا باتجاه الباب المخطط نلاحظ المأزق الحزين لبطل اللوحة، ولماذا يمنحه المركب الشراعي أملاً خائباً يائساً.

وبعد سلسلة من "أعمال الحجرات" هذه، انتقل بوميرول لأماكن أكثر قتامة، حيث غادرت أية علامة لوجود الإنسان منذ زمن بعيد. تغيرات الفصول فقط تمنح إشارات باهتة على الحركة والحياة والتحول. في سلسلة "ينابيع ضوء النهار" التي رسمها الفنان عام 1994، تبدو الحركة آتية من الأضواء المختلفة للفصول التي تنسكب بالينبوع.

يقول بوميرول بفخر، متحرراً تماماً من الأشكال البشرية: "بإمكاني استكشاف الكهوف، الممرات، المخازن، الملاجئ، العلّيّات، وكل الأماكن المتوارية.. أبواب خشبية، وقد حرّرت أقفالها وتأرجحت مفتوحة على مغاسل مطبخ صدئة، أو سخانات غاز مطلية، أو حتى سرير عليه ملائات مبعثرة في منطقة مظللة ضيقة".

"هذه المتاهات قد أضيئت من خلال فتحات صغيرة نورها القاسي كشف عن الأجسام التي فيها بلا رحمة. عبر هذه الفتحات نستطيع أيضاً ملاحظة ما يحيط بالبناء؛ الأرض المبهمة والنفايات الصناعية، المستنقعات وأسطح المنازل البعيدة. كل هذه الصور الطبيعية تم تغطيتها بالثلج أو أوراق الخريف في الضوء الذهبي لآخر النهار".

في الوقت الحالي، يعيش بوميرول في باو في البيرينيه، ليس بعيداً عن جان بيير أوغارتي (بالتأكيد أقام الرجلان معارض معاً). تطور منظوره أكثر، وآخر أعماله تمنح فضاء مفتوحاً بشكل أكبر، كأكواخ صيادي السمك والشواطئ.

من نظرة أولى قد تبدو تلك الأعمال بلا رؤية على الإطلاق. ولكن عندما ينظر إليها في سياق الأعمال الكاملة لبوميرول، نجد علامات استمرارية لا يمكن إنكارها. القارب على سبيل المثال، الذي تُرك في لوحة أمل نصف مبنيّ في حجرة، يظهر الآن في المياه، حقيقة لم يحلم بها.

ويستمر الفنان بالتجوال على الشواطئ، باحثاً عن العلامات المحفزة لذكرياته الضائعة. كتب مؤخراً: "بعد أن تجولت وحيداً لفترة طويلة، داخل أماكن غامضة، استطعت أن أنبثق للعالم الخارجي. ومرة أخرى، كشف لي تيار ثري من الذكريات عن لوحات جديدة. لقد أعدت اكتشاف تلك الفضاءات في عقلي، التي افتتنت بها مرة بالماضي".

"وقد ولدت هذه الأعمال عبر سلسلة من المسودات السريعة، أو من رسومات آتية من الذاكرة (ليست دقيقة تماماً ربما) حيث تمكنت مجموعة من التفاصيل من النجاة بدقة متناهية. مرور الوقت يجعل الذاكرة أكثر انتقائية، متخلصةً من كل الزوائد لتعيد بناء أكثر الأشياء أصالة ومعنى".


المقال مترجم عن موقع:
www.johncoulthart.com



#يحيى_البوبلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش واللغة
- قصة السريالية
- لوحات جيسلاف بيكسينسكي: الكوابيس المدهشة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى البوبلي - الرسّام جان ماري بوميرول