أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالخالق نجم البهادلي - ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3)















المزيد.....

ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3)


عبدالخالق نجم البهادلي

الحوار المتمدن-العدد: 4666 - 2014 / 12 / 19 - 08:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للاطلاع على ما سلف من المقال، يرجى الاطلاع على الآتي:
ضمير الشر بين الدين والإنسانية (1) منشور تحت الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446283
ضمير الشر بين الدين والإنسانية (2) منشور تحت الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446470

ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3)
4. الانتقائية والتبرير: يحاول المتطرفون المتدينون دائماً إيجاد مبررات لسلوكهم وتصرفاتهم، وسيكون القرآن مصدرهم الأول، ثم السنّة النبوية ثم شيوخهم. فيحاولون التقاط كل ما من شأنه أن يوفر غطاءاً شرعياً وأخلاقياً للبشاعة التي يقومون بها. وإن لم يجدوا فإنهم يطوعون القرآن والسنّة بما يتماشى مع سلوكهم. بمعنى أنهم يقومون بالفعل أولاً ثم يجدون ما يبرره. على سبيل المثال، فإن السنّة النبوية تُشير صراحة إلى حرمة دم المسلم، ولأنهم يقتلون غيرهم من المسلمين، فيبرروا ذلك بأن هؤلاء مشركين أو مرتدين أو أية صفة أخرى.
ولعل هؤلاء القتلة –داعش مثلاً- وهابيين سلفيين، وعمر بن الخطاب هو رمز عظيم بالنسبة لهم. وكأني بعمر أراد فضحهم قبل أن يولدوا، حين قال: "لو أن دابة عثرت بأرض العراق لخشيت أن أسأل عنها يوم القيامة، لِمَ لَمْ تذلل لها الطريق يا عمر". عمر بن الخطاب يحسب لدابة أن تعثر بالعراق الف حساب، وأنظر ماذا يفعل من يدعي أنه من أحفاد عمر في شمال العراق، من قتل وتهجير وسبي وتمثيل بالجثث. لم يقل عمر مسلم أو غير مسلم، بل قال دابة. وبالتأكيد فإن قيمة الدابة لا يمكن أن تقارن بقيمة الإنسان. دائماً اسأل نفسي، ماذا لو كان عمر حاضراً الآن؟ ماذا كان سيفعل بهؤلاء؟ أليس هو من أمر بضرب أبن أمير لأنه أهان مسيحياً من أهل مصر! وزيادة على ذلك، فإن عمر بن الخطاب يفند دعوى هؤلاء القتلة بتطبيق القرآن والسنّة في وقتنا الحاضر. عندما جاءه "المؤلفة قلوبهم" يطالبون بنصيبهم من بيت المال، وفيهم آية "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم"، كما أن سنّة النبي أنه كان يعطيهم سهمهم من بيت المال. ولكن عندما جاءوا عمراً نهرهم ولم يعطيهم الأموال، وقال لهم "كان الإسلام ضعيفاً فأعزه الله". وهذا بعد عشرة سنوات فقط من وفاة النبي. بعد عشرة سنوات أعاد عمر قراءة القرآن وتفسيره لما يصلح لزمنه. فماذا سيقول عمر عندما يسمع هؤلاء يتحدثون في القرن الواحد والعشرين عن الجواري "ملك اليمين" وبيع الناس في الأسوق؟ بدعوى أنها وردت في القرآن.
إن الفكر الذي يقوم على اساس التبرير –إعطاء اسباب منطقية غير واقعية- لن يرتقي لمستوى ضمير المبادئ. فالمبادئ تعني في بعض الأحيان خطوطاً حمراء لا يمكن تجازوها. وفي أحيان أخر، تعني خطوطاً حمراء لا يمكن التنازل عنها. ولكن الفكر التبريري يسمح بالممنوع، ويمنع المسموح، وفي كل مرة يجد ما يبرر به ذلك.
5. السلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة: خطورة التدين تكمن في أن المتدين عندما يتماهى مع الله، فأنه يمنح نفسه حقوقاً وامتيازات تجعله فوق البشر الآخرين "مع الملائكة والصديقين". وإن كل ما يقوم به لا يرقى إليه الشك، ولا يمكن أن يكون شراً. وهنا بالتحديد يكمن الشر، بمعنى، ضرورة وجود معيار خارجي يُقيّم الشخص سلوكه من خلاله. وأفضل معيار هو القانون الذي يحكم الدولة، وبغض النظر عما إذا كان هذا القانون دينياً أو مدنياً. والذي هو في أسوء حالاته، سيكون أفضل من المعياري الشخصي. ولكن المتدين يرى أن ذاته هي القانون الذي يجب أن يسود. وعلى الآخرين أن يغيروا من ذواتهم ليتصلوا بقانونه الشخصي. ولسان حاله يقول: أنا الله في الأرض. وخير مثال على ذلك، ما قام به الخميني من إطالة سنوات الحرب العراقية الإيرانية. بلا شك، يتحمل صدام وزر بداية الحرب وسنواتها الثلاث الأولى. لكن خميني أثقل ضميره بإطالة هذه الحرب خمس سنوات أخرى. وهو من يتحمل دم الضحايا في السنوات التي كان يرفض فيها وقف الحرب. كان يعتقد إنه ظل الله في الأرض وإن قراراته ما هي إلا ترجمة لإرادة الله. إنه يستمد سلطته من الله.
ومثال آخر، عن تنظيم داعش، فبالنسبة لهم ليس مهماً الابتئاس الذي يعاني منه الآخرين ماداموا مخالفين لتعاليم الله، حياتهم وأموالهم وأعراضهم غنيمة لنا ولمن يتفق معنا في كل شيء. نأخذ حياة من نريد، وأموال من نريد واستعباد من نريد. الله منحنا هذا الحق، وهل توجد أي سلطة فوق سلطة الله؟
يمنح التدين صاحبه سلطة متخيلة – فردا كان أو جماعة أو تنظيم- على افراد المجتمع الآخرين. وهو سيمارس هذه السلطة بناءاً على قناعة شخصية وخبراته الخاصة. على النقيض من القانون المدني الذي يفترض به أن يحكم المجتمع. فمن ميزات القانون المدني أنه تم وضعه من قبل خبراء في القانون والمجتمع. يضاف إلى ذلك، إن القانون المدني يخضع لمراجعات مستمرة، ويتم تعديله وفقاً لحاجات المجتمع الحالية وبما يتناسب مع الحياة العصرية. وهو في أسوء حالاته أفضل من فرض اسلوب حياة كان سائداً قبل 1400 سنة، كما يفرض ذلك تنظيمي القاعدة وداعش اللذان ولدا من رحم الوهابية.
6. التدين السلبي: تكاد تتفق معظم المذاهب الإسلامية على أن المسلم يجب أن يكون تابعاً –بطريقة ما- لرجل دين (شيخ أو إمام أو مجتهد أو مؤسسة دينية) يستفتيه في سلوكه وتصرفاته، وفي ما يستجد من أمور الدنيا. من وجهة نظري، لا بأس بذلك إذا أقتصر الاستفتاء على العبادات فقط. لكن المصيبة تكمن في أن المُستفتى يحشر أنفه بكل تفاصيل الحياة وخصوصاً عند التعامل مع الآخرين. فيصنف الآخرين على أنهم أخوة أيمان أو مشركين أو مرتدين أو ملحدين ... وغيرها من التصنيفات التي تضع الآخرين في مستويات دنيا بل ومنحطة أيضاً. ولن يتردد شيوخ السوء في إطلاق فتاوى القتل، تحت مسمى "الجهاد". يرسل هؤلاء الشيوخ الشباب لقتل الآخرين وذبحهم، وليشيعوا الفوضى والخراب. وبالمقابل ليس فيه أية منفعة ترتجى. إن الشيخ المتطرف لو كانت لديه ناقة يعتز بها أو فرساً، ستكون حياتها أكثر قيمة بالنسبة له من حياة الآخرين. وبما أن هذا الشيخ له أتباع ومريدين فإنهم سيتبعونه كما الأعمى الذي يقوده كلبه. لقد تخلى هؤلاء الأتباع عن عقولهم وتركوا مهمة التفكير لرجل الدين. يأخذون منه ما تجود به قريحته. سيجردون عقولهم من وظيفتها الاساسية وهي التفكير. ويكتفون بتفكير الشيخ الذي يصبح من القداسة بالنسبة لهم أنه الآمر بأمر الله، ولا يمكن أن يدلهم على ضلالة ابداً. متناسين الآية التي تقول "...إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا". كما لا يخطر لهم على بالٍ قول المعري "أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ فاتّبعْهُ، فكلّ عقلٍ نبي".
ربما يكون أغلب رجال الدين ممن يخافون الله، ولكن إذا كان 1% منهم فقط يضمر شراً للآخرين. فإن هذا الواحد سيكون صوته هو الأعلى، وهو من يستقطب انفعالات المراهقين والشباب. لقد لاحظت من خلال تتبعي لبعض هؤلاء الشيوخ، وجود تنافس بينهم لاستقطاب الاتباع من الشباب. ووسيلتهم المثلى هي التشنيع بالآخر المختلف ووصفه بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان، في أغلبها كذب. ويبررون كذبهم بالمصلحة العامة للإسلام والمسلمين. والويل كل الويل لرجال الدين المعتدلين أو المصلحين – رغم قلة عددهم- من شيوخ الفتنة، حيث سيكون المعتدلون هدفاً سهلاً ومغرياً لشيوخ الفتنة. ولفهم استراتيجيات تفكير رجال الدين بصورة عامة، من السهل تخيلهم بالتجار، فكل تاجر لديه بضاعة ويحاول تسويقها بمختلف الطرائق والسبل. فهي مصدر رزقه وسبيل عيشه. وعندما يطرح المعتدلون أفكاراً ورؤى جديدة، فإنهم يشكلون تهديداً لتجارة شيوخ الفتنة. وبالتأكيد فإن شيوخ النفاق والفِرقة لن يسكتوا على ذلك. فهم من يُغذي هذا تفكير التنافر والتباعد. إنهم شيوخ يعتاشون على تحويل الاختلاف بين الناس والأديان والمذاهب إلى خلاف. يتسابقون لطرح فتاوى جهنمية (بالمعنى الحرفي للكلمة). ولعل اشد الفتاوي التي أطلعت عليها قرفاً وإشمئزازاً، تلك التي تقول: "يجوز أكل لحم الإنسان الشيعي على أن لا يكون مشوياً".
من الثابت إن 95% من الناس لا يملكون معرفة معمقة عن دينهم، ويعتمدون على الشيوخ والملالي لاستقبال المعرفة الجاهزة. وإذا كان هؤلاء الشيوخ متأزمين أصلاً، فكيف سيكون شكل الأتباع؟ إذا كانت نفوس الشيوخ ممتلئة شراً فكيف ستكون نفوس الأتباع.
7. العدو الوهمي: يخلق المتدينون أعداءً يتخيلوا أنهم يهددون تدينهم. واغلب ضحايا هذا التخيل هم من الاشخاص المختلفين عنهم. حتى داخل المذهب الواحد. فالاختلاف بالنسبة للتدين، وكما أسلفت، يعني خلاف. وسيحاول المتدين وبكل الوسائل إثبات نفسه أولاً وتحطيم الآخر ثانياً. ولا يدخر وسيلة إلا ويستعملها. وتتدرج هذه الوسائل من المحاجات "الممحاكات" وحتى استخدام الاسلحة المتاحة. وأسوأ ما يمكن أن يقوم به المتدين هو ما يفعله عندما يكون لديه سلاح. وجماعة الاخوان المسلمين في مصر شاهد عيان وحي، وكذلك تنظيمي القاعدة وداعش سيئي الصيت. فإذا اجتمع السيف مع الدين ستعاد علينا الصفحات المظلمة من تاريخنا نحونا شعوبنا والشعوب الأخرى.
يتبع جزء رابع وأخير



#عبدالخالق_نجم_البهادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضمير الشر بين الدين والإنسانية (2)


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالخالق نجم البهادلي - ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3)