أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عثمان الزياني - حركة 20 فبراير: قراءة في كرونولوجيا التشكل والفعل وإمكانية العود الاحتجاجي















المزيد.....

حركة 20 فبراير: قراءة في كرونولوجيا التشكل والفعل وإمكانية العود الاحتجاجي


عثمان الزياني

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقديم:
في ظل زخم الثورات أو ما يمكن أن يصطلح عليه ب"ربيع الشعوب"،الذي عرفته مجموعة من الدول والذي كان يحمل في مضامينه شعارات من قبيل " إسقاط الأنظمة" و"إسقاط الفساد" ورفع شعار "ارحل"،وبفعل المشترك الجامع لهذه الشعوب وهو العيش تحت أنظمة سلطوية قمعية تتقن فنون ممارسة الاستبداد والتسلط ،تبلور أيضا المشترك الثوري و الفعل الاحتجاجي في الفضاء العمومي، وبدرجات متفاوتة من حيث الشكل و المفعولية، وأيضا من حيث قوة التأثير وحجم المطالب ،وفي الكثير من الدول التي تجمعها جوامع السلطوية والتسلط ،لم يكن المغرب يشكل الاستثناء أو بمنأى عن هذا السيل الجامح والفورة الاحتجاجية،حيث برزت في الشارع حركة20 فبراير كتعبير عن مخزون نفسي شعبي، ظل يرزح تحت نير ويلات المعاناة مع حالات السلطوية والفساد ،وانطلقت الحركة في رحابها تستجمع كل الإرادات المنكسرة لتصنع فعلا احتجاجيا رافضا لاستمرارية حالة "ستاتيكو-المعاناة والحرمان والقهر الاجتماعي بكل أشكاله وتلاوينه"،لينبعث الحراك الاجتماعي وتنكسر القيود والحواجز وتفتح أبواب التعبير عن حالات السخط والتذمر من عبثية تواتر سياسات عمومية لم تساهم إلا في تكريس اختلالات جسام في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،وشكل المجال العمومي مكانا رحبا لتعبيرات احتجاجية مختلفة من الدرجة والشدة واتخذت في أحايين كثيرة طابعا عنفيا تجاوز الكثير من القيود والمحاذير.
وأمام تعاظم وجسامة الحدث بمجمل تفاعلاته ومخاضاته وسياقاته وانتظاراته ورهاناته أيضا،فإننا نتأدى من خلال هذا التحليل الخوض في مجموعة من العناصر المرتبطة بحركة 20 فبراير ،انطلاقا من بدايات تشكلها والبحث في تصوراتها وشعاراتها ،والتفصيل في مكامن قوتها وضعفها ،والاهتداء أيضا إلى الكشف عن مدى إمكانية انبعاث حراكها في الشارع المغربي من جديد في ظل سياقات تطورها،وهذا ما سيتم التفصيل فيه وفق ما يلي:
أولا:كرونولوجيا بروز وتشكل حركة 20 فبراير.
لا ننكر أن ربيع الشعوب يشكل عنصر مثير في بروز وتشكل حركة 20 فبراير ،إلا أن ذلك لا يمكن أن يحجب عنا حقيقة ماثلة وقائمة وظاهرة للعيان،مقامها متمفصل في تبلور عنصر تميزها وخصوصيتها عن باقي الحركات الاحتجاجية المنبعثة في دول الربيع الديمقراطي ،وذلك بالنظر إلى أن حركة 20 فبراير هي نتاج أيضا معبر عن امتداد لسيرورة نضالية تاريخية مغربية ممتدة جذورها في الزمن الاحتجاجي المغربي، حتى وإن كانت تختلف من حيث المنشأ والباعث والسياق.
فقد ارتبطت ولادة حركة 20 فبراير بالفضاء الرقمي نتيجة تواصل مجموعة من الشباب في شبكة التواصل الاجتماعي ،التي تمنح الحرية أكثر في التعبير وإبداء الرأي وتسمح بتبلور النقاش السياسي المثمر والجيد،بعيدا عن إكراهات الواقع ،وتسمح بسرعة انسياب المعلومات وتبادلها بعيدا عن تعقيدات الزمان والمكان،فالبيئة الافتراضية أو الفضاء "الانترنيتي" شكل مجالا خصبا للتنسيق والحوار والتشاور،وأيضا لتتبع مسارات الثورة في باقي الدول وعلى رأسها تونس ومصر ،مما ساهم في إحداث نوع من "التثاقف الثوري" ليس فقط على المستوى الداخلي، وإنما بالارتباط بشباب بلدان الثورات،وخلق نوع من "المشترك الثوري"،بين مختلف شباب هذه الدول.
وبفعل هذا التواصل الافتراضي التفاعلي وتأكد سقوط "نظام بنعلي" في تونس، تولدت عنه قناعة لدى الشباب بأن هذه اللحظة تعتبر تاريخية ومفصلية وملائمة للخروج إلى الشارع لممارسة الضغط على النظام المغربي في سبيل تحقيق مطالب فئات عريضة من الشعب المغربي،وتحقيق مكاسب مرتبطة بالعدالة الاجتماعية وحفظ كرامة الشعب المغربي وإسقاط الفساد والمفسدين،وضمان الحرية،ومحاربة القهر والاستبداد والقمع بمختلف أشكاله وأنماطه.
وقد كانت النواة الأولى لتشكيل حركة 20 فبراير ،تتكون من فئة عمرية شبابية تتراوح أعمارها بين 19سنة و27 سنة،وهي عبارة عن مجموعة فيسبوكية أخذت اسم "حركة حرية ديمقراطية الآن"،والتي حولها الإعلام إلى حركة 20 فبراير.
وقد كان تاريخ 14 فبراير شهد صدور أول بيان عن الاجتماع الأول التمهيدي للشباب المبادر بطرح فكرة الاحتجاج و والذي تم فيه تحديد جملة من المطالب بشكل واضح ودقيق، وما تلى بعد ذلك من اجتماع للحركة بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والذي تم فيه اعتماد نفس البيان بعد مناقشته والتفصيل فيه،وفي أعقاب ذلك تم اعتماد الميثاق الأخلاقي للحركة يحدد بموجبه شروط الانتماء والالتزام ،وفي 20 فبراير تبلور الفعل الاحتجاجي وخروج أزيد من 20 ألف مغربي ،وسط اختلاف التقديرات بين الرواية الرسمية في شخص وزير الداخلية آنذاك الطيب الشرقاوي والذي حصر العدد في 37000 فقط،وتقديرات الفعاليات المدنية والحقوقية،والتي شملت مجموعة من أقاليم وعمالات المغرب،ورفع شعارات كثيرة تدعو إلى تغيير الدستور وإسقاط الحكومة وشعارات أخرى ذات مغزى اجتماعي/سياسي.
وتوالى بعد ذلك الفعل الاحتجاجي للحركة من خلال المطالبة بمزيد من الديمقراطية والتأكيد على استمرارية مختلف الأشكال النضالية السلمية في الشارع ،وبعد سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات جاء الخطاب الملكي ل 9 مارس ليحمل في طياته حزمة من محاور الإصلاح السياسي والدستوري،وليتم الإعلان عن تشكيل لجنة لتعديل الدستور، إلا انه على الرغم من ذلك خرجت الحركة في مظاهرات تعرضت فيها للتعنيف من لدن السلطات العمومية وكثرة الاعتقالات في صفوفها ،والملاحظ أن الحركة دائما كانت تؤكد من خلال بياناتها على أنها حركة سلمية وهي ضد العنف إلا أنها تنأى بمطالبها عن الحلول الترقيعية بقدرما ترنو في نضالاتها إلى إحداث تغييرات جذرية،حيث رفعت لافتات تطالب بالملكية البرلمانية وبدسترة الفصل بين السلطات وحل الحكومة والبرلمان واحترام حقوق الإنسان والحريات وإغلاق السجون السرية(معتقل تمارة السري) وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين(المعتقلين الإسلاميين) ،وإقرار منطق المحاسبة والمسؤولية وإسقاط الفساد والتنديد بلجنة المنوني ومهرجان موازين،واستمرار الحركة في التأكيد على رفضها للدستور واعتباره بمثابة دستور ممنوح، ورفض التعديلات المفروضة والتي لا تعبر عن مطامح الشعب المغربي.
ومع توالي الاحتجاجات ارتفع سقف المطالب إلى حد المطالبة بإسقاط النظام حتى وان كانت لم تلقى نوع من الدعم الشعبي الكبير وانحصرت في حالات معزولة والدعوة إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية ل25 نونبر2011،والتي أفرزت اكتساح حزب العدالة والتنمية لأغلبية المقاعد.
وعلى الرغم من التغيرات التي مست المسار التطوري لحركة 20 فبراير،بفعل ما تعرضت له من اهتزازات وتعثرات وتضييق وانسحاب شباب حركة العدل والإحسان، إلا انه بقيت وفية لفعلها النضالي السلمي مع إعطاء الأولوية للمطالب الاجتماعية دون التفريط في المطالب السياسية خصوصا مطلب "الملكية البرلمانية"،و"الجمعية التأسيسية".
ثانيا: في تقييم الفعل الاحتجاجي لحركة20 فبراير.
شكل الفعل الاحتجاجي لحركة 20،فبراير انعطافة تاريخية في مسار الاحتجاجات بالمغرب ،بفعل اختلاف السياقات ،أبرزها مرتبط بربيع الشعوب الذي عرفته جملة من الدول(تونس،ليبيا،مصر،اليمن،سوريا...)،واستطاعت بفعلها أن تحدث انقلاب على مستوى حقل السياسة،وساهمت في تبلور وعي سياسي جماهيري جديد يتجاوز مختلف الآليات التنظيمية الحزبية ،والتسلح بالعمل الميداني الممارساتي ،أي إنتاج معرفة سياسية واقعية تتشكل من قيم جديدة للتعبير عن المطالب الشعبية باستثمار الفضاء العمومي كقيمة تحاورية وتشاورية وتنسيقية لإنتاج الأفكار والتصورات التي تذهب في اتجاه تجسيد المغرب الديمقراطي،بعيدا عن "الإكراهات والقوالب الإيديولوجية" و"الانغلاقية التنظيمية" ،وانتصار لمبادئ الحوار وتكريس ثقافة الاختلاف التي تخدم العقل الجمعي الشعبي،والتنسيق والعمل الميداني المحكم الذي يستند إلى تيمات التضامن والتكافل ونكران الذات والمشاركة دون إقصاء أي طرف ، أي احترام أخلاقيات المناقشة والتداول في إيجاد بدائل حقيقية لمغرب المستقبل.
وقد استطاعت من خلال ديناميتها وحيويتها أن تشكل رافعة للدفع في اتجاه القيام بحزمة من الإصلاحات السياسية والدستورية،والتي تجسدت من خلال الخطاب الملكي ل9مارس 2011،وما استتبعه من تحقيق مكاسب سياسية تجلت في منعطف تعديل الدستور وإجراء انتخابات تشريعية نزيهة مكنت حزب العدالة والتنمية من الحكومة .
فحركة 20 فبراير شكلت قوة ضغط حقيقية من أجل الدفع نحو إجراء الإصلاحات وتقديم التنازلات من طرف النظام،وتفادي تكرار ما وقع في باقي الأنظمة السلطوية التي كان مالها الانهيار والسقوط. غير انه أمام هذا الوجه المشرق لحركة 20 فبراير ترتسم جملة من الاكراهات ومكامن الخلل والضعف،والتي تجسدت فيما يلي:
-إن البنية التكوينية لحركة 20 فبراير ،بحكم أنها جامعة للكثير من الأطياف السياسية والمشارب الإيديولوجية ،حيث جمعت بين الإسلامي والليبرالي واليساري والشيوعي والحداثي ،مما جعلها في مرمى سهام النقد من بعض القوى المحسوبة على التيار الحداثي خصوصا لوجود التيار الإسلامي ،وعلى مستوى آخر هذه التكوينة صعبت من مأمورية التنسيق وبناء مواقف موحدة ،حيث يظهر ذلك جليا من خلال حجم المطالب والسقف المطلوب ،سواء فيما يتعلق بخيار الملكية البرلمانية وما آثرته من نقاشات حولها بين مختلف الفعاليات المشكلة للحركة،وقد كان هناك حتى من يتجنب الخوض في نمط الحكم،وتم الاتفاق حول ضرورة وجود "دستور شعبي ديمقراطي" وتكريس "بناء ديمقراطي حقيقي" ،لكن تبقى الكثير من التفاصيل غير واضحة ومبهمة بفعل الاختلاف في المنطلقات والتصورات حول هذين المطلبين .
-لقد شكل انسحاب شباب العدل والإحسان عاملا حاسما في فقدان حركة 20 فبراير لوهجها وحيويتها،بفعل صراعات بينها وبين بعض التيارات المحسوبة على اليسار الجذري ،مما أل أيضا إلى بروز صراعات داخلية بين مكوناتها أثرت بشكل كبير في الأداء النضالي الاحتجاجي للحركة.
-إن حركة 20 فبراير وعلى الرغم من امتدادها الشعبي وقفت عاجزة في بلورة إستراتيجية نضالية احتجاجية ،وبالتالي تعذر تبلور برنامج نضالي في ظل المستجدات والمتغيرات الدولية والإقليمية وفروض متغيرات بلدان الثورات،مما أضفى نوع من الضبابية وعدم وضوح الرؤية على المدى المتوسط والبعيد ،مما جعلها تتخبط في كثير من الأحيان ،وحتى التخبط ظاهر وبين حتى على مستوى تكتيكات التحرك والاحتجاج ،ولم تستطع أيضا الانفتاح على مكونات مجتمعية أخرى للاحتجاج بفعل محدودية الاستقطاب والتعبئة وعدم تبني سياسة إعلامية تواصلية وغياب الخطاب الإقناعي.
-طغيان الطابع التعويمي لكثير من الشعارات المرفوعة من قبيل الملكية البرلمانية وإسقاط الفساد والانسلاخ عن التبعية للخارج ،والتي لا تزيد إلا غموضا والتباسا وحتى في رفع سقف المطالب وبلوغه حد الدعوة إلى إسقاط النظام والتركيز على البعد الاجتماعي في المطالب ينكشف تجلي عدم الوضوح والغموض.
-كما أن تبني النظام لخطاب إصلاحي شكل الخطاب الملكي ل 9 مارس منطلقه،ورفع الكثير من الشعارات التي تستهدف مختلف السياسات العمومية ،أفقد الحركة وهجها وبفعل أيضا آليات القمع والاحتواء والاختراق الممنهجة،وبالموازاة مع ذلك نهج السلطة لخطاب التخوين واعتبارها عميلة لجهات أجنبية تستهدف استقرار المغرب، خفت الفعل الاحتجاجي للحركة وتناقص بشكل كبير مع مرور الوقت،مما أدخل حتى بعض مكوناتها في حالة من الانتظارية القاتلة،على الرغم من تسجيل حالات من الانبعاث بين الفينة والأخرى،وفي ميادين مختلفة.
وقد برزت أيضا إشكالات كثيرة حتى على مستوى مستقبل حركة 20 فبراير من حيث بنيتها التنظيمية وأدائها الوظيفي وهويتها ، ومن حيث إمكانية انتقالها إلى ممارسة العمل السياسي كتنظيم قائم بذاته،أو الاشتغال بنفس المنطق المعمول به اللصيق بالعمل النضالي الميداني البعيد عن التنميطات الإيديولوجية والمذهبية والقيود التنظيمية والعمل وفق منهل ومنهج يستقي معينه من تحقيق مشروع ديمقراطي متكامل .
ثانيا:حركة 20 فبراير وإمكانية "العود الاحتجاجي".
لا شك أن الفعل الاحتجاجي لحركة 20 فبراير استطاع أن يزعزع جملة من اليقينيات والبراديغمات ،ويؤسس بالمقابل للينبغيات وما يجب أن يكون في نسق دولتي ساكن وراكد واستكان لراحته لردح من الزمن ،فواهم من يعتقد أن حركة 20 فبراير ماتت أو قضت نحبها ،فهي حاضرة في وجدان كل المغلوبين وفي مخيلة كل التواقين إلى التحرر من ربقة السلطوية والتسلط،فهي لن تموت مادامت حاضرة في العقل الباطني لكل المحرومين ،فهي قادرة على النهوض والاستنهاض حتى وإن خفت نجمها مادام هناك وقود يشعل فتيلها ،فالنفس لن تهدأ والقلب لن يهنأ مادام هناك ظالم ومظلوم وحقوق تهدر تحت مقصلة التعذيب والتضييق والاستلاب .
فحركة 20 فبراير ليست لحظة أو ذكرى للنسيان فهي عبرة لمن لا يعتبر،فقد تكون أخطأت المسير والمسار وسط ضربات السلطة ومناوراتها المحبوكة والمنسوجة لدحضها وردعها سواء المكشوفة منها أو المضمرة أو بفعل حسابات خاطئة للقائمين عليها، إلا أن الصحوة ممكنة مادام فعل الاحتجاج مكون نفسي داخلي مبطن يخرج للعلن وينبلج في الفضاء العمومي كلما بلغت حالات التذمر والإحباط والكبت السياسي والإقصاء الاجتماعي ذروتها ،فالفعل الاحتجاجي قد يخبو لحين بفعل قوة المناوئين وكثرة المتواطئين وكيد الغاصبين، لكنه سرعان ما ينبعث ويستجمع قوته وقدرته للنهوض ويكتسب المناعة أكثر ضد الاندثار والاضمحلال وتتقوى شوكته ومناعته في قهر الصعاب.
إن حركة 20 فبراير تدعمها إيديولوجيا الاحتجاج على الظلم والاستبداد والفساد والإقصاء والاستعباد الاجتماعيين، وهي حاضرة كمبدأ وكفكرة يعج بهما العقل السياسي المغربي الشبابي، الذي ينهل من معين ثقافي كوني تغذيه أقنية صبيب الانترنت،ثقافة الفايسبوك والتويتر ومختلف المواقع الاجتماعية العابرة للقارات والقاهرة لإحداثيات حدود الجغرافيا ،لتحدث تلاقحا تثاقفيا للاحتجاج ،وتخلق المشترك في التفكير و تقاسم الهموم والشجون والثوران على الأوضاع المزرية .
إن حركة 20 فبراير قائمة ومستمرة مادامت المتغيرات المثيرة للاحتجاج قائمة وماثلة خصوصا ،وأن تعثرات التنزيل السليم للدستور ماضية في سموها وسيادتها والفساد تقوت جذوته وشوكته بفعل الاستسلام والمثول لإملاءات ولاءات المفسدين،فكل الدلائل والوقائع تشير بأن الحكومة خسرت معركة محاربة الفساد قبل أن تبدأها ،وأيضا تحت سباب ماكينات صناعة العطالة والمعطلين لا تعرف الوقوف أو التوقف ودون الاستجابة لمطالبهم.
فحركة 20 فبراير لن تموت، بفعل انعدام الثقة في المؤسسات وبفعل انحطاط السياسة والسياسيين وبفعل الانتظارية القاتلة ،وعلى جميع المستويات وبفعل نكوص الفاعل في فعله وتكلسه في عقله وتواريه في القيام بواجبه وتنصله من مسؤولياته ،فهو فاعل مرفوع لخدمة رفعته وحظوته ومآربه.
إن حركة 20 فبراير ستنبعث حتما "كطائر الفينيق"لتحطم قيود وأسيجة الظلام الدامس والحالك وتفتح أبواب الأمل ولا يهم مسمى الفعل الاحتجاجي بتاريخه وشهره ،فالإحتجاج سيرورة مستمرة في الزمان والمكان ،ويبرز في الفضاء العمومي كلما توفرت الشروط الذاتية والموضوعية ،ومن الصعب التنبؤ بامتداداته وقوته ودرجة تأثيره والعبرة بالجيران فما هو حاصل هو تحصيل حاصل لسنوات من الاستبداد والحرمان والفقر وما حصل لم يكن متوقعا ،وكانت التكلفة كبيرة وباهظة بفعل الاستهتار واستكانة الأنظمة الفاسدة إلى السكون الخادع والاطمئنان الملغوم.
فلا يمكن أن تستكين حركة 20 فبراير في ظل هذه الانتظارية القاتلة وانحصار الأفق الديمقراطي حتى مع وجود دستور 2011،واستمرار العوز الاجتماعي ،وتوقف عجلة التنمية ،وانحصار أفق التنمية البشرية وارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع مستويات الفقر،فكل الرهانات مازالت متوقفة والحصيلة الحكومية لا تبعث على الخير .
على سبيل الختم:
إن حركة 20 فبراير مدعوة أكثر إلى تقويم ذاتي تستفيد من خلاله في إصلاح الأعطاب والأخطاء مع ضمان سلميتها ،وبلورة فعل احتجاجي مبني على خطاب إقناعي يسنده تسويق إعلامي/تواصلي محكم ،وأن تكون الحركة كشريك أساسي في بلورة مشروع ديمقراطي حقيقي متكامل قادر على أحداث قطيعة محورية مع الماضي بمختلف مثالبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،ومع ضرورة الانفتاح أكثر على مختلف المكونات والفعاليات السياسية والحزبية والمدنية والحقوقية،والتي يمكن ان تمكنها من عناصر القوة في الحوار والنقاش مع السلطات العمومية والتي يمكن أن تعطيها قوة الإقناع والضغط على مستوى صناعة السياسات العمومية ،وبلورة إصلاحات حقيقية بعيدة عن منطق المناورة والتحريف والتزييف.



#عثمان_الزياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهانات الدخول البرلماني:في استشراف ما يجب أن يكون
- زمن غدر السياسة ام سياسة الغدر
- في -موضة الحكامة- وشيء منها
- سيكولوجية كرسي السلطة في المغرب: بحث في القدرات الاستيلابية
- -يوم الجمعة- تاريخ وأد رموز الاستبداد العربي
- الاحزاب المغربية وحرب التزكيات
- تناقضات النقاش الدستوري في المغرب


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عثمان الزياني - حركة 20 فبراير: قراءة في كرونولوجيا التشكل والفعل وإمكانية العود الاحتجاجي