مقالة الربيع الصناعي

ياسر سليمان أبوغليون سحاب

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 20:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مقالة الربيع الصناعي
كنت في طفولتي أرسم طموحاتي وآمالي فوق جبل القرية التي ترعرعت فيها ، وعندما كبرت صدمني هذا الجبل ضمن أفقين : الجغرافيا والروح ؛ في تحوله لمصانع ومساكن وهروبه من الزراعة نحو العولمة ليس الربيع الجغرافي فقط بل حتى الربيع الروحي تبخرت فيه الطموحات والآمال وحل محله ربيع الاستعمار الثقافي الجديد.
لكل مهنة دخلاء لا يمتون لها بأدنى صلة كالصحافة مثلا ، فمن السهل جدا أن تجد وبالتحديد في العالم الثالث أمثال هؤلاء وقياسا على الصحافة أصبح للعمل الثوري دخلاء وأعياء لا يتقنون ألف باء الثورة يزعمون أنهم من طائفة الثوار وهم أبعد ما يكون عن الثائرين وهم الذين ينطبق عليهم وصف الميكافليون الجدد
فيما سبق خرج الاستعمار الكلاسيكي ممثلاً بالدولة الغربية واليوم يتبعه خروج استعمار ما بعد الدولة وهو استعمار الأفراد الفراعنة الجدد فزاعات الغرب الرئاسية المتسلطة على رقاب الناس والعباد ،الحرس القديم يخرجون من الأبواب ململمين متعلقاتهم ولكن يستميتون في العودة من النافذة بنصف نظامهم السابق ، وإن لم يكن بالإمكان ذلك فعلى الأقل عودة بعض أتباعهم والمحسوبين عليهم.
عالمنا اليوم عالم جديد بثوار ميكافليين لأقصى حدود الميكافلية ، يمتلكون قابلية الارتهان لكل شيء حتى للشيطان نفسه في سبيل تلبية الرغبة الطفولية الدفينة : الميكافليون الجدد يريدون تغيير النظام .
والتأصيل التاريخي يؤكد أن المهجريين العرب الأوائل لأرجاء العالم ، كانوا يمنون النفس بحدوث التغيير في بلدانهم ولكن ليس بالصورة التي نشهدها الآن.
هذا الربيع إن كان ربيعا نهضويا فما الشتاء المؤسس الذي جاء من قبله هل هو شتاء الفتنة في ويكيليكس شتاء الاستقطاب الأمريكي ونبؤءة كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة ومن قبلها نبؤءة هنتنجتون حول صراح الحضارات الذي أسماه أدوارد سعيد في إحدى مقالاته صراع الجهالات .
أليس الشتاء الذي سبق ربيعنا الصناعي المزعوم هو شتاء تدمير العراق وأفغانستان و التدخلات الأمريكية شرقا وغربا ؟
أليس هو الشتاء العقيم الذي عمل على تجنب حل الصراع العربي الإسرائيلي وإطالة أمده ؟
هنالك الكثير من الأدلة على صناعية هذا الربيع
ألقاء الضوء على مجريات العام الذي سبق الربيع العربي ما قبل عام 2011 يؤكد صناعية هذا الربيع فالشتاء الذي سبقه هو شتاء الفتنة والاستقطاب والمهزلة والتدمير
ومن المعلوم أن الربيع هو خلاصة نضج التجربة لدى الأمة والشعب هكذا وبكل بساطة بينما ما نشهده الآن خلاف ذلك تماما وبالتالي يأتي حدوثه لا طبيعياً ولا فطريا ، تماما على النقيض وحتما هذا ما حصل في الإطار العربي .

الربيع خلاصة ونتيجة فأين مقدمات الشتاء الذي سبقه هل هي :
استنساخ سايكس بيكو من جغرافي لثقافي
تقديم كعكة للإخوان مقابل انخراطهم في الاستقطاب الجديد حيال ايران واصطناع فزاعة السنة والشيعة ؟
الربيع المثالي الذي يدور في أذهاننا هل هو ربيع عودة فلسطين ورفاهية الاقتصاد والتعاون مع الشعوب المغلوبة على أمرها

ربيع نبت في منابت الويكي ليكس هذا السماد الفتنة فكانت المحصلة ربيعا صناعيا بامتياز يتقدم بنا خطوة
مظللة وهمية اسمها فضاءات الحرية وفي المقابل يعيدنا ثلاث خطوات للوراء ملقيا بكل البيض المتأتي نحو سلال سايكس بيكو لا الجغرافي بل في طبعته الجديدة الاثنية العرقية التفتيتية

وإن كنا نريد أن يبتعد بنا عن استنساخ سايكس بيكو الجغرافية أما أن يتمادى بنا لسايكس بيكو الاثني التفتيتي الانشطاري فهذا ما لايحتمل
ونشاهد تنقلات الشطرنج
الغربية وهي تتلاعب بالسياسيين الجدد أبناء الربيع الصناعي بناء على معادلة جديدة حوت وهذا من صميم المفارقة والتناقض – كل الثوار واليساريين وأدعياء الثورة على اختلاف ايديولوجياتهم ومرجعياتهم في قارب واحد هو قارب الميكافليين الجدد بامتداد الوطن العربي!!
ومن زاوية أخرى شهدنا المعادلة الصارخة خلافا لما ألفـــنــاه في الماضي فأصبحت الشعوب في مواجهة الحكام لا العكس وهذه معادلة جديدة نبعت من صميم المفارقة والتناقض فيوم أن تحدثت كونداليزا عن الفوضى الخلاقة كانت لحظة البذار الفعلية لهذا الربيع التافه
تغريبة أبوزيد الناتو العكسية من تونس الزنتان لمصر الكنانة فليبياالمختار فاليمن السعيد فسوريا الحبيبة فيها نوع من القفز الانتقائي بمعنى انتفاء صفة العفوية بل تظهر فيها عوامل الصناعة
وقياسا على ما يحدث فعندما يسحب الطفل اللعبة اتركها له فجأة حتما سيسقط على ظهره وهكذا الحال مع التيارات الإسلامية بعدالربيع الصناعي
شواهد الوسم الصناعي
- ما صرحت به كونداليزا حول الفوضى الخلاقة
والنتائج الفوضوية التي نراها الآن .

-تعميقه لسايكس بيكو في نقطة استنساخه الجديدة و تعميقه لسكين سايكس بيكو .

- من البلاهة انتظار قالب الحلوى ولم نقدم مكوناته فهذا انتصار عاطفي ونتائجه ينتظرها الكثير من الإشكاليات
- لا يحق لنا أن نحمل هذه العواطف ما لم نشاهد التقدم على صعيد فلسطين وقضايا الأمة ؟
- مخصصات البحث العلمي هل ازدادت أم تناقصت
-هل تقدمت مسارات الحسم في القضية المركزية فلسطين
- مدى بدء شوط الحداثة والتطور والدخول في ميادين الطاقة النووية السلمية
- مدى حصول تقدم في الإطار الاقتصادي
- هل تم إلغاء العسكرة العرفية في عالمنا العربي
- هل ألغيت حالة الطوارئ وصولا للمجتمع المدني
- هل هبت علينا رياح ما بعد الديمقراطية السياسية الشكلية وصولا للديمقراطية الاجتماعية وغيرها مما يناسبنا من ميادين الديمقراطيات التي لا تتجاوز ثوابت الأمة.
ياسر سليمان أبوغليون
الأردن سحاب

#ياسر_سليمان_أبوغليون_سحاب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات