أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بيتر إسحق إبراهيم - ليتني كنت أصم














المزيد.....

ليتني كنت أصم


بيتر إسحق إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


تسألني دوماً يا صديقي لماذا لا أكف عن ترديد "ليتني كنت أصم", حسناً أعتقد بأني سأخبرك اليوم أخيراً, في الحقيقة أنا لا أعرف على وجه اليقين هل هي مشكلتي الشخصية كوني لا أتحمل الضوضاء أم أن الضوضاء من حولي لم تعد محتملة, لكني في أغلب الأحيان أرجح كفة الاحتمال الأول حيث أرى الحياة من حولي تسير سيرها المعتاد دون شكوى أو تذمر من أحد, فقط يزداد الضوضاء والضجيج يوماً بعد يوم, وإني لأتعجب ممن حولي أيما عجب, كيف يتعايشون مع مثل هذا الوضع الصعب؟, لماذا لا يشتكي أحد؟.

مع الوقت يا صديقي تجد الضوضاء سبيلها إلى نفسك, تتغلغل بداخلك, تخترق أعماقك فتفقدك سلامك الداخلي, حتى تصبح الضوضاء جزء منك, لكن هذا ليس بالشيء الخطير بالمقارنة بما يحدث بعد ذلك, أن تصبح الضوضاء جزء منك ليس بالأمر الخطير حقاً, على الأقل مازلت تحتفظ ب"منك", تحتفظ بكينونتك أو جزء منها وإن كانت تعمها الفوضى, المأساة حقاً يا صديقي تظهر عندنا تصبح أنت جزء من الضوضاء, تتماهي كينونتك مع الضوضاء حتى تتلاشى, هذه هي المأساة الحقة, نقطة اللا عودة, ربما لهذا السبب توقف الناس عن الشكوى, أصبح الضوضاء هو مادة تكوينهم وهم مادة تكوينه, فكيف لهم أن يشتكوا منه؟!, كيف لهم أن يستشعروه بالأساس؟!.

مازلت أذكر قصة كانت تروى لي على عهدي بالكنيسة, ذلك القديس الذي يدعى سمعان الذي فقأ عينه حين رأى ساق إحدى الفتيات اللاتي جئن إليه لتصليح حذائها, دائماً ما كان يشار إلى أنه ما فعل هذا إلا تنفيذاً لوصية الرب "فإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَأَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.",لكني دائماً ما كنت أتساءل أي إنسان عاقل قد يقدم على مثل هذا الفعل؟, وإلى وقت قريب كنت أستنكر هذه القصة وهذا الفعل, ربما يرجع هذا إلى الاسلوب والطريقة التي قصت بها علينا, محاربة الخطيئة وإماتة الشهوات ومحبة الرب وما إلى ذلك من العبارات الرنانة التي لم أستسيغها يوماً, لكني الآن أشعر بأنني أفهم سمعان على نحو أعمق, فالأمر يتعدى مجرد نظرة إلى ساق عار لفتاة جميلة, فتلك النظرة لن ترمي به إلى جهنم على أي حال وإلا كان الله ظالماً, لكنه شعر بالتهديد, هنالك شيء يحوم حول كينونته ويهددها, شيء يهدد سلام نفسه, هذا الشيء يحاول التسلل إلى داخله عبر عينيه, وإن نجح في التسلل هذه المرة ربما يتكرر الأمر في مرات أخرى حتى يتماهى مع ذلك العالم الذي يكره, لذا فقد قطع الطريق على هذه الأشياء التي تهدده, وفقأ عينه, هكذا ببساطة.

ربما الأن يمكنك فهم لما قد قصصت عليك قصة سمعان, ولما أحمل في يدي مسدس, فلكل شيء سبب, أو هكذا نأمل, وإن لم تفهم فدعني أخبرك بإني قد قررت أن أحذو حذو سمعان, وأنا وإن كانت مشكلتي في أذني فقد قررت أن أقضي عليهما, وعليك الآن أن تساعدني في هذا الأمر, لقد أصبحت الضوضاء جزء من نفسي لكني لن أسمح بأن أصير جزء منها, هذه فرصتي الأخيرة للنجاة فأرجو أن تساعدني, خذ المسدس وصوب الآن داخل فتحة أذني, ستنطلق الطلقة لتثقب أذني وتخرج من الأخرى بعد أن تثقبها أيضاً, لا لن أموت بالتأكيد.. لا تقلق.. فقط ساعدني.. هيا.. الآن.. اطلق............................................................................................................

انتهى



#بيتر_إسحق_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضيق البراح
- ليلة شتاء تكفي لشخصين
- الموت يرقص
- الارتواء من بحيرات السراب
- غٌربة
- هُدى


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بيتر إسحق إبراهيم - ليتني كنت أصم