|
التغيير والاستمرار في السياسة العالمية عرض كتاب: الحرب والتغيير في السياسة العالمية/ روبرت غيلبن
عمار مرعي الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 19:35
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
أهمية الكتاب: الكتاب دراسة تحاول وضع إطار فكري – نظري يحلل مشكلة التغيير المستمرة في السياسة العالمية، واثر الحرب انطلاقا من منهجين للتنظير (اجتماعي واقتصادي). فهو يركز على تحليل اسباب اندلاع الحروب واثرها الذي يمكن ان تحدثه في النظام الدولي، ويعد الكتاب رحلة في مجال العلاقات الدولية هدفها الوصول الى تعريفات أو الخروج بمقولات لهذه العلاقات الدولية التي ينشأ منها النظام الدولي قارئا حالة الفوضى والصراع التي تقود إلى تغيير الوضع السياسي العالمي. أي يعد محاولة للوصول الى تعميمات او قوانين ثابته توضح متى تحدث الحروب ومدى حجم التغيير الذي يمكن ان تحدثه الحروب في السياسة العالمية لاسيما اذا كانت أطراف تلك الحروب من الدول الكبرى. وينطلق الكتاب من افتراض اساس يشير الى ان ( حرب الهيمنة هي الالية الاساسية لتغيير النظام في السياسة العالمية، فالنظام الدولي الجديد ينشا عن الصراع على الهيمنة بسبب تزايد انعدام التوازن بين التكاليف والموارد المتاحة للقوة المسيطرة).
كما يسعى الكاتب الإجابة عن أسئلة عديدة تظهر كلما حدث اضطراب نتيجة التطورات المعاصرة وهذه الأسئلة هي: "كيف يحدث التغيير على مستوى العلاقات الدولية، وما الظروف التي يحدث فيها؟ ما الأدوار التي تلعبها التطورات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية في إحداث التغيير في النظم الدولية؟ أين يكمن خطر الصراع العسكري الحاد في أوقات الاضطراب الاقتصادي والسياسي السريع؟ والاهم كله هل الإجابات المستقاة من تفحص الماضي صالحة للعالم المعاصر؟". ينطلق الكاتب من تفسيره للعلاقات الدولية على إنها شبيه بالنظام الاجتماعي والسياسي وهي المقولة التي يطرحها الكاتب (النظام الدولي ينشأ لنفس الأسباب التي ينشأ من اجلها أي نظام اجتماعي سياسي). ويقول بان الحرب او ما يسمى بحرب الهيمنة_ هي الحرب التي تحدد الدولة او الدول التي ستخرج منتصرة او مسيطرة وتحكم النظام الدولي- هي الالية الرئيسية للتغير طوال التاريخ. ومن ثم تعيد التسوية السلمية التي تلي حرب الهيمنة ترتيب الاسس السياسية والاقليمية وسواها للنظام، وهكذا فان دورة التغيير تكتمل في تلك الحرب. لذلك فان الحرب تحدد من يحكم النظام الدولي ومن الذي يخدم النظام الدولي الجديد مصالحه. فضلا عن كون الحرب تعد الوسيلة الرئيسية لحل انعدام التوازن بين هيكل النظام الدولي واعادة توزيع القوى.
ويضع إطار لفهم التغيير السياسي الدولي الذي يوجزه بعدد من الافتراضات وهي: 1- يكون النظام الدولي مستقرا (أي في حالة توازن) إذا لم تعتقد أي دولة بان من الأفضل محاولة تغيير النظام. 2- ستحاول دولة ما تغيير النظام الدولي إذا كانت المنافع المتوقعة تزيد على التكاليف المتوقعة (أي إذا كانت هناك مزايا محددة متوقعة) 3- ستسعى دولة ما إلى تغيير النظام الدولي عن طريق التوسع الإقليمي والسياسي والاقتصادي حتى تتساوى التكاليف الحدية لأي تغيير إضافي مع المنافع الحدية أو تزيد عليها. 4- عندما يتم التوصل إلى توازن بين التكاليف والمزيد من التغيير والتوسع ومنافعه يصبح هناك ميل لان ترتفع التكاليف الاقتصادية للمحافظة على الوضع الراهن بصورة أسرع من القدرة الاقتصادية على دعم الوضع الراهن. 5- إذا لم يحل انعدام التوازن في النظام الدولي سيتغير هذا النظام وينشأ توازن جديد يعكس إعادة توزيع القوى.
لكن هذه الافتراضات مرهونة بمصالح المسيطرين، اذ أن هناك صراع بين مجموعتين سياسيتين في تحديد هذه المصالح، أو أولوية هذه المصالح، التقليديون والحداثيون، حيث يذكر في الكتاب قائلا: "يرى الأولون وهم واقعيون سياسيون أساسا ان الأمن القومي والسلطة كانا في الماضي ولا يزالا في الحاضر الأهداف الأساسية للدول، غير ان الحداثيين يردون بأنه أيا تكن صحة ذلك في الماضي فان تحقيق الاستقرار الاقتصادي الداخلي وضمان رفاه السكان أصبحا أهم أهداف الدول في العالم المعاصر". ويرى (غيلبن) ان المجموعتين حرفا القضية لأنه لا يمكن وضع الأهداف في ترتيب هرمي فمصالح الدول تقوم أساسا على المقايضة "ان كل عمل أو قرار ينطوي على المقايضة". تشخص الدراسة ان علم السياسة أهمل مسألة التغيير السياسي واعتبرها طارئة وقتية في حين عندما نجري قراءة للتاريخ نجد ان فترات السلام دائما تكون اقل من حالة الاضطراب والفوضى التي تقود حتما إلى التغيير، واعتمد علم السياسة في تحليله على الساكن الذي من السهل أثبات مقولاته كما يقول (غيلبن)، لكنه لم يقدم دراسة جدية في تحليل المتحرك ويضيف (غيلبن) قائلا "من هذا المنظور فان الدراسات المنهجية للعلاقات الدولية مجال فتي وكثير مما يعتبر قوة محركة ما هو في الحقيقة سوى جهود لفهم سكونيات تفاعلات نظم دولية معينة".
يقسم (غيلبن) النظام الدولي إلى ثلاث جوانب أساسية : 1- الكيانات المتعددة والتي يمكن أن تكون عمليات أو هياكل أو جهات . 2- التفاعلات المنتظمة وهنا تتباين طبيعة هذه التفاعلات وانتظامها وشدتها والمربوطة بنظام اتصالات غير المتواترة بين الدول 3- أشكال السيطرة وفي هذا الجانب يذهب اغلب المهتمين (الكتاب) "ان من التناقض التحدث عن السيطرة على النظام". يقول (غيلبن) ان مفهوم القوة من اكثر المفاهيم ازعاجا في العلاقات الدولية وعلم السياسية على العموم. وان مفهوم القوة حسب (غيلبن) يشير الى القدرة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية للدول. ويحدد (غيلبن) ثلاثة اسباب لاندلاع الحروب بين الدول، ويعتبرها شروط مسبقة لاندلاع الحروب وهي : 1- سبب مكاني يتعلق بالقرب الجغرافي بين الدول نتيجة للاحتكاكات التي تجري والتي تزيد من حدة الصراعات لأسباب مختلفة قد تكون نتيجة لتقسيم الحدود او لاقتطاع جزء من الاراضي او لتابعية تجمعات بشرية او .... 2- سبب زمني يتعلق بخشية دولة او عدد من الدول الكبرى بان الوقت يعمل ضدها او يداهمها وان عليها التحرك بأقصى سرعة عن طريق خوض حرب استباقية تتسابق مع الزمن بهدف ان تسبقه لا ان يسبقها هو. 3- خروج مسار الاحداث والمتغيرات على الساحة الدولية عن نطاق السيطرة. ونتيجة لتكرار تلك الاسباب في اشتعال الحروب ذهب بعض العلماء والمختصين الى حتمية حروب الهيمنة وحدوثها بشكل دوري ووضعوا لذلك قانون سمي بقانون (دورة الحرب والسلم). اما أهداف الدول طوال التاريخ فإنها حسب (غيلبن) اخذت الصيغ الاتية: 1- السيطرة على الاراضي ، فقد سعت كل الدول الى توسيع سيطرتها على الاراضي ومن ثم السيطرة على النظام الدولي وان كان بشكل ضمني. 2- السيطرة السياسية على الدول الاخرى من خلال زيادة النفوذ على تلك الدول بالاكراه او التهديد او.. 3- السيطرة على الاقتصاد العالمي وممارسة النفوذ والتحكم به من خلال التقسيم الدولي للعمل. التغيير والاستمرار في السياسة العالمية : الافتراض الاساس الذي ينطلق منه (غيلبن) هو ان طبيعة العلاقات الدولية لم يشهد تغييرا جوهريا على مر الالف السنين. لكن الابحاث الحديثة في مجال العلاقات الدولية ترفض افتراض استمرار العلاقات او شؤون الدول على وتيرة واحدة من دون تغيير. وتفترض ان التغييرات المعاصرة الحاصلة في مجال التكنولوجيا والاقتصاد والوعي الانساني قد ادخلت تحولات واضحة على طبيعة العلاقات الدولية، ومن هذه التحولات ما يأتي: 1- فقد اتسع نطاق الفاعلون الدوليون اذ برز فاعلون اخرون الى جانب الدول القومية، كما ان اهداف السياسة الدولية ووسائل تحقيق الاهداف شهدت ايضا تغيرات حاسمة. 2- التراجع الملحوظ في دور الدولة – الامة. 3- حلت اهداف الرفاه محل الاهداف الامنية كأولى اولويات المجتمعات. 4- تراجعت القوة العسكرية كأداة فاعلة للسياسة الخارجية. ونتيجة لذلك اطلق عدد من علماء العلاقات الدولية ومنهم (هانس مورجانثو) الاعتقاد بان ( القوة العسكرية لم تعد الاداة العقلانية لفن الحكم والية التغيير السياسي الدولي). 5- الثورة التكنولوجية في مجال الحرب اثرت في تغيير طبيعة الحرب وفي طبيعة الاسلحة المستخدمة في الحروب. 6- ارتفاع نطاق مستوى الاعتماد المتبادل بين الدول او الاقتصادات الوطنية. وعلى اثر ذلك حدثة تحولات اقتصادية دولية يمكن حصرها فيما يلي: أ- اصبح بإمكان الدول الحصول على مكاسب اقتصادية عن طريق التعاون والتبادل الاقتصادي اكثر من المكاسب التي تحققها الحرب . ب- مع تزايد الاعتماد الدولي اصبحت الدول اكثر قلقا من فقدان الاستقلالية في بعض الجوانب مثل مسالة السيادة الوطنية، فضلا عن بروز مسائل وتحديات اخرى مثل كيفية الوصول او الحصول على اسواق خارجية لتصريف المنتجات او كيفية تامين امن الطاقة و... ت- تزايد انعدام المساواة بين الاغنياء والفقراء داخل الدول وفيما بينها. فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والانفجار السكاني ... وكل تلك الامور تعمق من نطاق الفجوة بين الدول وتزيد من احتمالات اندلاع الحروب بينها. كما ان لأسلحة الدمار الشامل بصمة تأثير في ميدان العلاقات الدولية يمكن توضيحها بالاتي: 1- اصبحت الغاية الاساسية للقوة العسكرية منع وقوع حرب كبرى لاسيما بين القوى الكبرى التي تمتلك اسلحة نووية، فاصبح الردع المتبادل بين الدول النووية المتخاصمة يفرض حدودا للعنف ويحمي العالم من خطورة نشوب حرب شاملة. 2- تمنح الاسلحة النووية الدولة النووية ضمانة لا تنتهك لاستقلالها وسلامتها المادية. 3- ان امتلاك الاسلحة النووية يحدد بدرجة كبيرة ترتيب الدولة في سلم هرمية الهيبة الدولية. دور التقدم التقني والتكنولوجي في ميدان العلاقات الدولية: يقول (غيلبن)" ان التقدم الذي طرا على الاتصالات والمواصلات وحد كوكب الارض من الناحية المادية. وكسرت انواع جديدة من الجهات الفاعلة العابرة للحدود الوطنية ولدولية المستجيبة للعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد احتكار الدولة في ادارة النظام الدولي وحكمه". ووضعت المشاكل البيئية العالمية بالإضافة الى القيود على الموارد وحدود النمو على اجندة العالم مجموعة من القضايا التي تتجاوز حلولها وسائل الدول المهتمة بذاتها. وبالتالي فان التطورات التكنولوجية والاقتصادية اكدت على ان الدولة – الامة لم تعد وحدة التنظيم الاقتصادي والسياسي الاكثر كفاءة وفاعلية على المستوى العالمي. أما عن انواع التغييرات الدولية التي تجري في النظام الدولي فإنها (بحسب غيلبن) تأخذ الاشكال الاتية: 1- تغيير الانظمة، أي تغيير طبيعة الفاعلين التي تكون النظام الدولي (امبراطوريات ، دول ، امم.. 2- التغيير الجهازي وهو التغيير الذي يطرا على شكل السيطرة على النظام الدولي او حكمه (أي تغيير في سلم تراتيبية القوى). 3- تغيير التفاعلات، أي التغيير في شكل التفاعلات المنتظمة بين كيانات النظام الدولي ، أي التغيير في التفاعلات السياسية والاقتصادية وسواها من التفاعلات بين الفاعلين الدوليين. ويشير (غيلبن) الى ان هنالك صنفين من التغييرات التي تحدث سواء على مستوى النظام الداخلي او على مستوى النظام الخارجي، ويوضح ابرز ملامح الاختلاف بين الصنفين على النحو الاتي:
الطريقة الرئيسة للتغير التراكمي المساومة بين المجموعات والطبقات. طريقة الرئيسة للتغير الثوري المساومة بين الدول
محددات التوسع والنمو للقوى الدولية ( محددات التوسع الاستعماري)هي: 1- الحواجز الطبيعية مثل الجبال والمناخ وطرق المواصلات و.. 2- ظهور قوة مضادة سواء كانت بتحالف قوى او دولة مواجهة واحدة. 3- توافر او عدم توافر الموارد والعوامل الطبيعية او التكنولوجية او الاقتصادية وغيرها من العوامل الاخرى. 4- تكاليف الحرب والتغييرات المترتبة عليها من تحدي التحولات الداخلية التي تطرا على المجتمع سواء في الضغوطات الاقتصادية من ارتفاع الاسعار او ... او الضغوطات العسكرية وما يسمى بقانون ارتفاع تكلفة الحرب. 5- ارتفاع تكاليف السيطرة السياسية للدولة المسيطرة نتيجة التغييرات التي تحصل في سلم تراتبية القوة وما يشكله ذلك من ارتفاع اعداد القوى المتحدية او تزايد قوتها مما يجبر الدولة المسيطرة على زيادة نفقاتها من اجل المحافظة على مكانتها المتفوقة. وفقا لقانون دورة القوى فان التكاليف التي تتكبدها الدولة المسيطرة للمحافظة على الوضع الدولي الراهن ستزداد بشكل كبير نتيجة وجود او بروز عدد من القوى المتحدية مما يؤدي في النهاية الى حصول ازمة مالية للدولة المسيطرة. في حين تقل تكاليف التي تتكبدها الدولة او الدول الصاعدة ، اذ تدرك تلك الدول ان بمقدورها الحصول على المزيد من المكاسب نتيجة لوجود فارغات وثغرات تتيح لها الاندفاع اكثر مما يؤدي الى حدوث تغييرات في طبيعة النظام الدولي، ونتيجة لذلك فان يحدث ما هو اشبه بالقانون الذي يحمل منطوقه انه كلما تزداد القوة النسبية للدولة او للقوى الصاعدة فانها تحاول تغيير قواعد حكم النظام الدولي. ورداً على ذلك تواجه الدولة المسيطرة هذا التحدي باجراء تغييرات على سياساتها من اجل اعادة التوازن الى النظام ولكنها اذا فشلت في ذلك فان انعدام التوازن سيقود الى اشعال الحرب بين تلك الدول المتحدية (الصاعدة) و لدول او الدولة المسيطرة. وهنالك امام القوة المسيطرة طريقتين للتحرك من اجل اعادة التوازن الى النظام وهما : الطريقة الاولى: تسعى الى زيادة الموارد المخصصة للمحافظة على التزاماتها وموقعها في النظام الدولي. وذلك يكون عن طريق اما الزيادة في نطاق الضرائب والرسوم التي تفرض على المواطنين. او عن طريق الجباية او الاتاوة التي تفرض على الدول الاخرى. لكن خطورة ذلك تكمن في امكانية حدوث توترات وتمردات ومقاومة سواء على المستوى الداخلي او على المستوى الخارجي. الطريقة الثانية : خفض التزاماتها القائمة والتكاليف المرتبطة بها بطريقة لا تعرض في النهاية موقفها الدولي للخطر، وهنالك عدة اساليب في خفض النفقات منها : 1- التخلي عن بعض الالتزامات مثل الانسحاب للدولة المسيطرة من بعض المواقع المكشوفة او المكلفة. 2- تقديم تنازلات الى دولة او دول اخرى من اجل موافقتها على تقاسم منافع الوضع الراهن معها مقابل التشارك في تكاليف المحافظة على ذلك الوضعن أي عقد تحالف يقوم على اساس تقاسم المغانم والمغارم مع دولة او دول اخرى. ولكن لهذا الاسلوب عدد من المحاذير او المخاطر على الدولة المسيطرة منها: أ- في حالة التحالف بين القوة العظمى والقوة الادنى يكون هنالك احتمال في ان تزيد التزامات القوة العظمى دون ان يصاحبها زيادة في التزامات الحلفاء. ب- ان منفعة التحالفات محكومة بقانون ( ارتفاع عدد الحلفاء يقلل من الفائدة التي تعود على كل منهم. وعندما يرتفع عدد الحلفاء يرتفع احتمال الخروج على التحالف من قبل بعض المتحالفين أي تزيد امكانية انقلاب الحليف على القوة المسيطرة (المتراجعة) والنكوص في العهود والمواثيق التي قطعاها وابرمها مع القوة المتراجعة). ت- ربما يشرك الحليف الصغير الحليف الكبير في نزاعاته التي لا يستطيع الحليف الكبير لفكاك منها دون تكاليف كبيرة يتحملها. 3- اتباع سياسة الاسترضاء ن التي تقوم على تقديم تنازلات من قبل الدولة المسيطرة(المتراجعة) الى الدولة او الدول الصاعدة من اجل المحافظة على القدر المتبقي من الوضع الراهن ومحاولة التقليل من حجم التغيير الذي يمكن ان يحدث في حالة لو تركة الدول الصاعدة من دون اتفاقات تلزمها وتحدد نطاق تحركها. بهذا فان سياسة خفض النفقات او تقديم التنازلات تعد مؤشرا على ضعف في القوة لان ذلك لم يتم طوعا بل تم اكراها استجابة للتهديدات او نتيجة لهزيمة عسكرية وبالتالي فان ذلك يعني حدوث خسارة اشد للهيبة واضعافاً للموقف الدبلوماسي.
الخاتمة: يؤكد الكاتب ان أمريكا لم تعد تمتلك القدرة على حكم النظام (النظام الدولي( رغما عن كونها لا تزال الدولة المهيمنة والأكثر هيبة، لكن (غيلبن) يشخص ان أمريكا في تراجع،كون تكاليف الاستمرار بقيادة النظام أصبحت تفوق قدرتها. . "سعت الولايات المتحدة، عبر التراجع السياسي والعسكري إلى خفض التزاماتها الدولية مثلما فعلت بريطانيا العظمى في العقود التي سبقت نشوب الحرب العالمية الأولى". لكن يقول بان الوضع المعاصر شاذ الى حد ما من حيث الطبيعة المتعددة لتحديد القوة المسيطرة في النظام الدولي. فموقع الولايات المتحدة يشهد تحديا اقتصاديا من اليابان واوروبا الغربية واعضاء منظمة اوبك. اما التحدي العسكري والسياسي يأتي من قبل الاتحاد السوفيتي (روسيا الاتحادية حاليا). كما يلاحظ توسع اشكال الحروب في العقد الذي تلى الحرب العالمية الثانية فظهرت حروب الوكلاء والحروب العصابات والحروب الاهلية ... من خلال قراءة الكتاب يمكن تسجيل عدد من الملاحظات وعلى النحو الاتي: 1- ان فكرة الكتاب توضح مدى التغيير الذي تحدثه الحروب في سير النظام الدولي، بالتحول والتغيير في التفاعلات والانظمة وسلم تراتيبة القوى الدولية صعوداً لقوى وهبوطاً لقوى اخرى. 2- اشار الكتاب الى مسالة مهمة وهي التنبؤ بمستقبل التحدي الذي يمكن ان يواجه الولايات المتحدة على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري، ووضح الالية او الكيفية التي يمكن للولايات المتحدة ان تتبعها لمواجهة ولمعالجة تلك التحديات. 3- الافتراضات التي يضعها الكتاب تجعل التغيير في النظام الدولي محصور في زاوية ضيقة، في حين ان هنالك حالات لم يتم وضع افتراض لها يمكن ان تحدث تغيير في النظام الدولي مثل مسالة التغيير الذي يمكن ان يحصل عبر الليات التنظيم الدولي، كالأمم المتحدة... 4- كما ان الاسباب التي يحددها الكتاب لاندلاع الحروب بين الدول تعد اسباب تخص سياسات الدول الاستعمارية، لكن في الوقت الحاضر استحدثت العديد من الاسباب التي ادت أو تؤدي الى اشعال الحروب بين الدول. 5- يشير الكتاب الى ان اهداف الرفاه الاقتصادي اخذت الاولوية في سلم تراتيبة الاهداف القومية للدول، مع تراجع للاهداف الامنية، لكن الواقع الدولي يؤكد على اهمية كلا الهدفين (الرفاه والامن) بسبب التغيرات التي حصلت في البيئة الدولية لاسيما بعد الثورة المعلوماتية والتكنولوجية واتساع نطاق التهديد الذي يمثله الارهاب الدولي. الكتاب: (الحرب والتغيير في السياسة العالمية) تأليف: روبرت غيلبن، ترجمة: عمر سعيد الأيوبي الناشر: دار الكتاب العربي 2009
#عمار_مرعي_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرض كتاب ( الحرب وضد الحرب: البقاء في فجر القرن الحادي والعش
...
المزيد.....
-
-فشلت الخطة-..ماذا فعل ثنائي أمريكي لم يتحقق حلمهما بالتقاعد
...
-
من بيروت.. وزيرة قطرية تكشف عن -رسائل- من لبنانيين مع استمرا
...
-
من قرية خضراء إلى أنقاض متناثرة.. مشاهد تظهر ما حلّ ببلدة لب
...
-
-سانا-: مقتل شرطي سوري وإصابة آخر بغارة إسرائيلية على مدينة
...
-
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح أعظم مشروع في القرن
-
هكذا أطفأ المصريون -نيران- الإسرائيليين -الثمينة-!
-
-سي إن إن-: جنرال في الناتو يضع قائمة بالأسلحة التي يمكن للو
...
-
إصابة مستشار سموتريتش في جنوب لبنان
-
الصحة اللبنانية تصدر تحديثا جديدا بعدد ضحايا الغارات الإسرائ
...
-
البوندستاغ يوافق على تخصيص 400 مليون يورو لدعم نظام كييف
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|