جلال حيدر
الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 08:30
المحور:
الادب والفن
يبحث عن القبور
تحت وحشة الظلام
يتسلل مثل سارية
من سماء إلى سماء
بكتفين عريضتين
يعانق أصوات الذئاب الجائعة
حين كانت الريح تحرك فساتين الصنوبر
لتشمر عن سيقان نساء بعيدات
سرعان ما يرقصن مثل فراشات
حول نحيبه المشع ..
بأذنين صغيرتين يتابع اختناق أغنية
بين تلك الصخور
حيث يعتلي كل يوم هذه الطبيعة
كسيد صغير
يصرخ في قاعة فارغة
مذهولا بالصدى الذي يأخذ شكل كلب في مخيلته
و بعينين بريتين قاسيتين كعوسجتين
كان يتصيد وجه حبيبته
و هي تحمل حذائها و تسير حافية لتعبر برك الماء
بين البيوت الصفيحية المنكمشة وسط رذاذ خفيف
و قد تضمخت قدماها الصغيرتان بحناء الأرض
كان يجرجر ذاكرته الهائجة
حين صادف قبرا
تغطيه أغصان الدردار
و قد نبت الفطر بجانبه
قبر دون شاهدة
نبت بجنبه الفطر
نزع قبعة الديس من فوق غيمة
ووضعها على القبر
ثم نظر مليا إلى الظلمة البغيضة
و نشب مدرته في جسدها الطري
سمع الكثير من الحكايا التي انزلقت أو سقطت
في مكان ما من هذا العالم
كبقع تركها جريح نازف لعدوه
ليظل طريدة الى الأبد
كانت تهرب الخيوط أو تغافله بسحرها الغامض
و بمدرة كان يغرزها في الظلمة
و يقتفي أثر الشواهد و الأسماء ..
كان يهدي للقبور قبعات من الديس
ليمشي الغيم مكشوف الرأس ..
جلال حيدر
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟