مريم عوض مراد
الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 00:37
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
العنف ضد المدنيين ليس طريقا لتحرير فلسطين
شهدنا هذا الاسبوع عملية عنف بشعة, همجية, غير انسانية ومعادية لأي تعاليم دينية-;- واعني الهجوم على كنيس يهودي في القدس وقتل وجرح عدد كبير من المصلين التي قام بها شابان من شرقي القدس يوم الثلاثاء 18.11.2014.
بعد الصدمة الاولى مما سمعته وشاهدته على التلفاز وفي صفحات الاخبار الانترنتيه, حاولت جاهدة فهم المنطق الذي يدفع هؤلاء الشبان مواطني القدس الشرقية لمثل هذه العملية التي لا مصداقية لها حيث استهدفوا أشخاص أبرياء اثناء اداءهم مراسيم الصلاة وهم ينطقون كلمة الله على شفاتهم وهو الله ذاته وحده عز وجل الذي صرخوا اسمه وهم يقتلونهم في دم بارد. وراودني السؤال, هل حقا يعتقدون بان ارض فلسطين ستتحرر في هذه الطريقة؟ هل حقا اعتقدوا بان في موتهم سيحققون حلم الدولة الفلسطينية المتحررة من كل عدو ومارد؟
يجب ان نتعامل مع هذا الحادث الأليم بوضوح....
لا استطيع ان أفهم قيامهم بالتضحية في حياتهم بهذا الشكل الذي لا يخدم أي هدف وطني لوقف استمرار الوضع الحالي من اضطهاد, عنف, تحريض وعنصرية واهمال مبرمج لواقع أحياء القدس الشرقية واستمرار معاناة شعبنا الفلسطيني عامة وفي شرقي القدس خاصة كما يعترف المسؤولين الحكوميين أيضا. كذلك لا نتجاهل ممارسة العنف ضد الفلسطينيين ، الذي كان أبشعة قتل الفتي محمد أبو خضير التي فجرت احداث العنف الأخيرة في القدس الشرقية وما تبعها من سيطرة المستوطنين على منازل الفلسطينيين في سلوان وطرد عشرات السكان ،واستمرار عمليات البناء الاستيطانية في القدس والمناطق المحتلة، في الوقت الذي يجري التضييق على البناء الفلسطينيين سكان القدس وتهدم منازلهم بحجة البناء غير المرخص ، لكن البلدية لا ترخص وتقيم عراقيل لا يمكن تجاوزها لمنع البناء الفلسطيني في القدس. ولا يمكن ان نتجاهل ان الخدمات البلدية شبه غائبة عن الأحياء العربية، والفجوة الاقتصادية – الاجتماعية بين الأحياء العربية واليهودية كبيرة جدا ... عمليا، لم تبق سياسة حكومة نتنياهو أي بارقة امل للوصول الى حل سلمي مع الشعب الفلسطيني. انما تعمق حالة اليأس التي تجعل ابناء الشعب الفلسطيني يعتقدون بان هذه هي الطريقة الوحيدة لحل الصراع ولتحرير فلسطين من العدو الاسرائيلي بل والى اقامة دولة فلسطينية مستقله على ارض فلسطين التاريخية.
مثل هذه العملية لا تخدم أي قضية وطنية، بل شهدنا ادانات دولية للعملية ضد المصلين في الكنيس اليهودي استفاد منها المحتل الاسرائيلي... لا بد من الإلتزام بنهج نضالي سياسي يفضح ممارسات الإحتلال ..ليس من اجل الرأي العام العالمي او منظمات حقوق الانسان فقط, بل من اجل الحفاظ على انسانيتنا, اخلاقنا وديننا...فلا بد من ان هذا المنهج العنيف سيتداخل ويصبح جزءا من هويتنا المستقبلية كفلسطينيين. هذه الاعمال الهمجية وتأثيراتها المستقبلية المؤلمة والصعبة لا تقتصر على العدو, بل تشملنا ايضا نحن كشعب يريد بناء دولته المستقلة.
لا نتجاهل وجود حالة يأس نتيجة الممارسات الإسرائيلية من مصادرة الأرض والتضييق بالسكن ورفض الاعتراف بحل الدولتين / مما يدفع الشباب الى حالة يأس لا يرون الا بالعنف طريق لمواجهة محتل لا يتردد أيضا في استعمال عنفه وارتكاب الجرائم ضد ابناء الشعب الفلسطيني.
فلسطين التي ستقوم وتبنى على اساس الذي يشجع القتل ويتهرب من الحوار ويرفض الوصول الى حل الصراعات المختلفة عن طريق الحوار والضغط الدولي على اسرائيل فستكون هذه بداية نهايته ونهاية الشعب الفلسطيني بأكمله, ان العنف لن يتوقف عند اليهودي, بل سيكمل للمسيحي, للدرزي, للاسود, للاصفر, للمرأة, ولكل من لديه تفكير وطريقة مختلفة لمنهج العنف...
عمليات القتل هذه تربي شبابنا الفلسطيني على انه لا جدوى من الحوار وان العنف هو الطريقة الوحيدة لحل الصراعات بين بني البشر...
الخوف هو من السيناريو التالي: بعد الانتهاء من اليهود والاعلان عن اقامة الدولة الفلسطينية وتحريرها بطريقة العنف والارهاب, فهل سنشهد صراعات بين وجهات نظر او تنظيمات مختلفة (مثل فتح وحماس...والتاريخ الغير بعيد يشهد على كلامي). كيف سنقوم بحل الخلاف بوجهات النظر المختلفة في بيئة ومجتمع تربي ونهض ورضع حل الصراعات عن طريق العنف؟ طبعا ستكون الاجابة ايضا حل صراعات داخلية فلسطينية عن طريق العنف...هل سنشهد حالات عنف طائفية داخل المجتمع الفلسطيني ايضا؟ فهل لفلسطين كهذه نأمل ونحلم؟ هل لفلسطين كهذه اهدرت دماء شعبنا؟ هل انتظرنا اكثر من ستون عام من معاناة ومأسي لا تحصى كي نبني فلسطين ظالمة, دكتاتورية بل وحتى "دعشوية"؟
لذلك اسأل كل من يفرح ويسعد ويوزع الحلوى بعد عمليات القتل ضد يهود مدنيين:
بعد تحرير فلسطين من العدو الاسرائيلي عن طريق عمليات القتل و"الاستشهاد", من سيحرر فلسطين المستقبلية من الفكر العنيف و"الاستشهادي"؟
#مريم_عوض_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟