لزرق الحاج علي
الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 00:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
اليسار الجزائري يسار الحلول السهلة
- حين نلاحظ الهبوط الحاد في اليسار الجزائري من حيث الوزن الجماهيري والسياسي على غرار ما هو الحال بين نظرائه في العالم العربي والتي أعتقد أنها ترجع لعدة أسباب، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر، فالسبب المباشر يكمن في علاقة طردية بين صعود حركات الإسلام السياسي ومغازلتها للباطن الديني للشعوب من جهة، و الكسب الأناني للوعاء الإنتخابي والشعبي من جهة أخرى، يقابله الحملات المتوحشة من طرف هته الأخيرة على اليسار بأنه ضد الدين في حين أن اليسار حقيقةً والقوى التقدمية بصفة عامة هي ضد الإتجار الذي تقوم به حصريا حركات الإسلام السياسي ودعمها فوق كل هذا وذاك للمصالح الإمبريالية بل وتمثيلها لتلك المصالح التي يمكن أن نقول عنها أي شيء إلا أن تكون في مصلحة الشعوب والكادحين و بناء على ما سبق يأتي الحديث على الأسباب المباشرة التي في مقدمتها تراخي الغير مبرر عن قصد أو عن غير قصد من حركات اليسار على القيام بدورها الطليعي في خدمة المجتمع و بلورة وعيه نحو تحقيق مصالحه المشروعة و مواجهة الأنظمة المتواطئة في بيع البلاد للغرب عن طريق تهديم الاقتصاد الوطني الذي كان مفخرتنا في الجزائر سنوات الستينات و السبعينات و مفخرة أخواننا في العالم العربي في ذات المرحلة، و يأتي الدور على سبب آخر مباشر وهو الحملات الشرسة التي كان يقودها حليفان باطنيا متصارعان ظاهريا، ألا و هم النظام من جهة و حركات الإسلام السياسي من جهة أخرى عن طريق الاغتيالات و الاعتقالات التي زادت حدتها في مرحلة التسعينات و التي طالت قيادات كبار في اليسار على غرار الرفيق الشهيد عبد الرحمن شرقو و المسرحي عبد القادر علولة و غيرهم كثيرون.
- إن ما يعاب فعلا حسب رأيي على اليسار في الجزائر هو أنه لم يعد مراجعة حساباته بما يتلائم مع المرحلة، بل بقي يسير بعقلية الستينات و السبعينات في حين أن الكثير من الأمور تغيرت، بل حتى النظام في حد ذاته تغير فيما يتعلق بانتهاجه لسياسة الانفتاح السياسي المزعوم وفتح مجال إنشاء الأحزاب، فكان نتاجا على ذلك أن حركات اليسار تعيش في عالم غير الواقع الذي تعيشه الجزائر والجزائريين و بالتالي افتقارها لسياسة النقد والنقد الذاتي بمفهومه الواسع وليس بمفهومه الضيق (( غلطنا سمحولنا )) وكتحصيل حاصل على هذا الوضع أصبحت هته الأحزاب عبارة عن مقاهي فكرية يلتقي فيها المناضلون للكلام ولا شيء غير الكلام ثم ينصرفون لأمور حياتهم وبالتالي فرضوا على أنفسهم عزلة بفعل غياب الرؤية الواقعية و نظرتهم شبه البرجوازية لجموع الشعب الكادح، إلا أنه يجب أن يشار إلى ان النضال العمالي استمر بحيث شهدت البلاد إضرابات عمالية ناجحة إلى أبعد الحدود رغم عدم ارتباط نضالي بالنشاطات الحزبية واكتفت هته الأحزاب بالإشادة بهته الأعمال دون أن تكون لها القدرة الحقيقية على تنظيم العمال و تأطيرهم و القيادة الفعلية لهته الإضرابات فكان يبدوا بذلك أن بعض المناضلين يخشون أن تلطخ أيديهم بالوحل، لكن الإنتكاسات لم تتوقف عند هذا حد بل ظهر توجه عام عند هته القوى للتحالف مع التنظيمات ذات الخاصية الشوفينية وحتى الظلامية لا لشيء سوى لكسب قبول شعبي من خلال هته التوافقات حتى لا أسميها تحالفات لأن اليسار خرج خالي الوفاض منها بل زاد في خسارته، فكيف يمكن أن نسمي لقاء روما الذي حضرت فيه لويزة حنون التروتسكية و آيت أحمد احد القادة التاريخيين و زعيم جبهة القوى الإشتراكية و مهري الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني و آخرون و في المقابل قيادات الجبهة الاسلامية للانقاذ وخرجوا بتفاهمات والقهقهات تعلوا وجوههم وكأن الفيس حمل وديع يجب أن يهادن وله الحق في الوجود بل كان اعترافا ضمنيا بشرعيته التي كان هؤلاء الشخصيات يسعون لكسب رضاه، ويا ليتها كانت آخر الإنتكاسات في سيناريو الجري وراء كسب الجماهير عاطفيا لا فعليا ونضاليا ولكن لو تتبعنا النشوء الأول لهذا التنظيمات اليسارية لرأينا كيف أن جلها نشأ في العاصمة و منطقة القبائل و نرى كيف أن هته المناطق حاضنة طبيعية لهته الحركات في حين كان هناك إنعزال عن باقي مناطق الوطن و الدليل أن اليسار لم ينجح في خلق خلايا و مكاتب ولائية قوية بشريا ومن حيث النشاط في المدن الجنوبية ومدن الجنوب الغربي وحتى الجنوب الشرقي، قد يكون الأمر عاديا لو أن هته الحركات إنفتحت وتطورت كما تطورت داخل منطقة القبائل و لكن منذ التأسيس كان العنصر البشري الغالب هو العنصر الامازيغي مما جعل هته الأنظمة لا تنظر بعين الريبة للخطابات العنصرية و الشوفينية في حق العرب، بل تبررها تحت ذريعة ما يسموه الغزو العربي للمغرب والأمثلة على ذلك كثيرة فنجدها في بعض الأدبيات ككتابات كاتب ياسين والخلط الواضح بين الظلامية الإسلاماوية والعرب كحلف واحد ولا نجد ذلك في الكتابات بل حتى في التصرفات اليومية وخلال اللقاءات التي تجد فيها من يتحدث بعنصرية نحو العرب في حين أن الآخرين لا ينطقون ولا يدينون هذا الكلام بل في قرارة أنفسهم يؤيدونه، ففي حين تجدهم في كل وقت و حين يجرمون العميل فرحات مهني و لكن في كل واحد فيهم فرحات مهني صغير.
- يسارنا في الجزائر يسار الحلول السهلة ففي حين فشل في إنشاء قاعدة جماهيرية راج يجري وراء الحركة البربرية والإسلام السياسي من أجل كسب الشارع الذي لا يملكه، إن تحالفات من هذا النوع مشبوهة لدرجة الخيانة لسبب بسيط أن التناقض الإيديولوجي و الفكري بن هؤلاء الثلاثة لا يمكن إلا أن يضعها في حالة صراع لا في حالة وفاق، و بالتالي فإن ما سبق لا يمكن أن يعبر إلا عن حالة انهزامية مرضية في آن واحد، وبالتالي ليس هناك من داعي لتغطية الشمس بالغربال بل يجب أن يكون هناك نقد قاسي للتجربة السابقة و إعادة تصالح مع الذات بل و بناء من جديد.
#لزرق_الحاج_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟